لم يلتفت نتنياهو كعادته للشارع الإسرائيلى والذى يتعامل معه كأداة لتحقيق طموحاته السياسية ، فانطلق يستعرض الخرائط الجديدة لمرحلة ما بعد الضم فى حين انطلق من الإسرائيليين من يرفض الفكرة من الأساس.
اتفق صناع القرار في إسرائيل على الأهداف السياسية والأمنية المطروحة فى فترة الكورونا وما بعدها ومن أهمها:
- استقرار نظام الحكم والمحافظة على الصيغة التي تجمع وتدمج بين الفئات المتعددة للجمهور في إسرائيل.
- الاستعداد لفترة طويلة من التعايش مع وجود الكورونا، بما في ذلك احتمال تفشٍّ جديد للوباء (موجة جديدة) .
- استقرار أمنى على مختلف الجبهات للمواجهة، ومنع استغلال الوضع من الأعداء لمحاولة زعزعة الوضع الأمني – السياسي لإسرائيل
- استغلال الفرص التى تنطوى عليها أزمة الكورونا للدفع قدماً بأهداف سياسية، وأمنية واقتصادية.
وبينما يتركز الاهتمام في أنحاء العالم على أزمة انتشار فيروس “كورونا” وإدارتها، رأى نتنياهو أن الفرصة قد حانت لإسرائيل “ظاهرياً” لبدء تطبيق سيادتها على الأراضي الفلسطينية ضمن خطة السلام المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تمنح إسرائيل 30% من أراضى الضفة تحت غطاء ذات الأزمة رافعًا شعار ” التوقيت هو كل شئ” !!.
لم يلتفت نتنياهو كعادته للشارع الإسرائيلى والذى يتعامل معه كأداة لتحقيق طموحاته السياسية ، فانطلق يستعرض الخرائط الجديدة لمرحلة ما بعد الضم فى حين انطلق من الاسرائيليين من يرفض الفكرة من الأساس.
بحسب نتائج استطلاع للرأى العام الاسرائيلى أجراه معهد دراسات الأمن القومى فى نهاية عام 2019 تأرجح موقف الجمهور اليهودى فى إسرائيل من فكرة الضم بين لامبالاة، وبين تأييد يزداد اتساعاً مع الوقت، فكان حجم تأييد ضم كل أراضى الضفة الغربية هو 7%، بينما الذين أيدوا ضم كل المنطقة “ج” كان 8%، وأيّد 13% ضم كل أراضى المستوطنات، و26% أيدوا ضم كتل المستوطنات.
في بدايات عام 2020 جاءت نتائج الرد على سؤال: “ما هو الخيار الأفضل لإسرائيل؟” على النحو التالي:
أيّد استمرار الوضع القائم 14%، بينما أيّد تسويات مؤقتة للانفصال عن الفلسطينيين 23%، أمّا السعي لاتفاق شامل فأيّده 36%، ضم كتل المستوطنات أيّده 17%، وأعرب 9% من الذين شملهم الاستفتاء عن تأييدهم لضم الضفة الغربية كلها إلى دولة إسرائيل. في حين جاءت نتائج أحدث الاستطلاعات فى يونيو 2020 كالآتى: 33% من الجمهور الإسرائيلي يؤيّد الضم، ويعارضه 44%، وفقط 4% يرون إنه يجب أن يكون أولوية في عمل الحكومة، فيما رأت الغالبية الساحقة إن عليها الاهتمام بالاقتصاد والصحة أولًا.
لقد اعتقدت إسرائيل أنه بإضافة انشغال العالم بوباء الكورونا إلى الانطباع العام بأن الصراع الفلسطينى- الاسرائيلى لم يعد مركزيًا فى اهتمامات الإقليم، وإنه مع اختيار التوقيت المناسب للضم ستكون احتمالية هبوب عاصفة الاحتجاجات والمقاومة بعده ضعيفة جداً، ولكن حدث ما لم يوضع فى الحسبان؛ إذ ولدت عاصفة داخلية كان من الصعب إخمادها فى هذا التوقيت ..!
ربما شعر الإسرائيليون كالفلسطينيين “وليس تماماً” بالإغلاق، حظرالتجوُّل، الحواجز والبطالة بأعداد كبيرة وربما ساعد ذلك في نشأة “قليل” من التعاطف مع الفلسطينيين !
فانطلق الآلاف من الإسرائيليين نحو تدشين حملات ضد الضم تحت مسميات مختلفة منها : “الثورات تبدأ على شبكة الانترنت” ، “النضال ضد الضم”، أما أبرزها وأكثرها فعالية فكانت حملة ” الشعب ضد الضم “، التى روجوا لها ولفعالياتها على صفحات التواصل الاجتماعى وصمموا لها لافتات خاصة تحمل شعار تلك الحملة . خرج أصحاب الحملة فى مسيرات احتجاجية هاتفين ” لماذا الشعب ضد الضم ؟ لأن الضم ضد الشعب” ، واتخذوا من ساحة متحف تل أبيب منبرًا للتعبير عن احتجاجهم برسم اللوحات الأرضية الضخمة تحمل شعاراتهم، مع رسم لوحات ملونة على الأشجار، مع رفع شعارات وإلقاء الكلمات والأغاني. شارك فى هذا الحدث فنانون ونشطاء اجتماعيون وأسر عادية ليس لها أية انتماءات حزبية.
كتب المفكر “شاؤول أرييلى” الخبير فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى معضدًا إياهم : “مرة أخرى نجد أن الحكومة المنفصلة عن شعبها فتسمح لـ 4٪ من الجمهور أن يقرروا مصير 96٪ الباقية ، ليس هذا فحسب، ولكنها تقرر مصير إسرائيل، ومصير أطفالنا، ومصير علاقاتنا مع جميع دول العالم، ومصير اقتصادنا. لم يكتفوا بضم 30٪ من الأراضى، إنهم يريدون المزيد من البؤر الاستيطانية، والمزيد من الطرق، والمزيد من الجنود لحمايتهم في قلب الأراضي الفلسطينية، والمزيد من الأموال والموارد التي سيدفعها الجمهور الإسرائيلي مقابل أحلامهم الوهمية.سنواصل النضال حتى نوقف الضم حتى يستوعب هؤلاء المنفصلين عن الشعب أن “الضم ضد الشعب ، والناس ضد الضم.” هذه هي القصة كلها .
كما حذر المحامى الإسرائيلى “مايكل سفارد” من أن ضم “إسرائيل” أراضٍ من الضفة الغربية المحتلة سيكون له تداعيات كارثية على المقيمين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وعلى ممتلكاتهم داخل المناطق التي سيتم ضمها. وكان رده على من يقول بأن الضم “واقع” على الأرض بطبيعة الحال: ” إن هذا “خطأ شائع، لأن الضم سيترك آثارا عميقة على الفلسطينيين ليست موجودة على أرض الواقع حاليا” .
توقع سفارد، في حوار أجراه مع موقع “ميدل إيست آي” إن عدم تنفيذ “إسرائيل” للضم في هذا التوقيت، يعني عدم طرح الموضوع من جديد لمئة عام أخرى.
وكتبت المصورة الشهيرة “نوعام ريفكين”: ” إن دور المنتخَب تمثيل ناخبيه ..وحسب. إن الغالبية العظمى من ناخبي “كاحول – لافان” تعارض الضم من جانب واحد ..قولًا واحدًا”. وانتقدت ريفكين قيام الوزيرة الجديدة “عومر يانكلوفيتش” ( وزيرة شئون الشتات وعضوة ائتلاف “كاحول – لافان” عن كتلة حصانة إسرائيل، وهي الوزيرة الحريدية الأولى فى تاريخ إسرائيل) بجولة في “جوش عتصيون “والإعلان رسميًا عن دعم الضم من جانب واحد، بدلاً من التعامل مع ما هو مهم – كأزمة كورونا والعاطلين عن العمل والعاملين لحسابهم الخاص وأصحاب الأعمال الذين لا يستطيعون النوم ليلاً بسبب القلق على حياتهم ومعيشتهم وأطفالهم، وخاطبتها قائلة :
“أعيدى النظر فى أولوياتك ..الناس يؤيدون الاستجابة للعاطلين عن العمل، الناس يدعمون أصحاب الأعمال الحرة وعمالهم ، إن مشروع الضم أحادي الجانب الذي تدعمينه سيتم على نفقتهم لذا “الشعب ضد الضم لأن الضم ضد الشعب”.
ردا على سؤال: “لماذا أنتم ضد الضم؟” أجاب أحد المحتجين من بئر سبع : “الشعب ضد الضم في جميع أنحاء البلاد، لأن العاملين لحسابهم الخاص والعاطلين والمرضى في كل مكان هم أول من يدفع ثمن هذا الضم المجنون – أكثر من 50 مليار شيكل، سيواجه الجنود ابناؤنا فى جميع أنحاء البلاد الانتفاضة التي ستندلع، وعندما يكون هنا فصل عنصرى، لن يتمكن أي منا من النظر في المرآة.
وقال أحدهم : “في دولة الفصل العنصري هذه، لا يمكن تحقيق السلام لنا أو لهم، ولا العدالة”. وأضاف : تخيفني خطة الضمّ وأظن أنها ستؤدي إلى اضطرابات و وربما إلى حرب”
وقالت أخرى :”آذينا بعضنا بما فيه الكفاية يمكننا أن نفعل معًا أكثر بكثير مما نفعل بشكل منفصل.
ونادى أحدهم فى مكبر صوت بالعدالة للفلسطينيين والسلام للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني”.