منذ اليوم الأول في بداية الحرب الجارية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة، بعد الهجوم المفاجئ للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل ورد تل أبيب العنيف على القطاع، اتجهت الأنظار بشكل مباشر لإمكانية توسع دائرة الصراع إلى دول الجوار، واتساع رقعة الحرب لتكون حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط.
ومن اليوم الأول، ظهر سيناريو الحرب الإقليمية بسبب الصراع في غزة، خاصة فيما يسمى محور المقاومة الذي يضم دول إيران ولبنان وسوريا إلى جانب جماعات الحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق.
نبذة عن محور الممانعة
هو محور المقاومة، يسمى أيضاً محور المقاومة والممانعة، ويشير إلى تحالف عسكري سياسي غير رسمي مناهض للغرب وإسرائيل، يضم دول إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وفلسطين، وكذلك الميليشيات الموالية للحكومة السورية، والميليشيات الشيعية العراقية التي هي جزء من الحشد الشعبي، وحركة أنصار الله اليمنية (الحوثيون) التي تعتبر جزءًا من التحالف، وبعض الجماعات الأخرى التي تحسب على التحالف أيضًا.
تداعيات الحرب في غزة على محور الممانعة
تعددت السيناريوهات المحتملة نتيجة الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ومن أبرز هذه السيناريوهات هو وقوع حرب إقليمية شاملة في المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي العنيف على القطاع، وتحديدًا مع دول محور الممانعة وعلى رأسها إيران التي هددت بدخول الحرب حال استمرار الحرب في غزة حتى لو كان ذلك بشكل غير مباشر، ويمكن تقسم التداعيات الإقليمية لعملية طوفان الأقصى إلى تداعيات حدثت بالفعل، وأخرى متوقع حدوثها خلال الأيام المقبلة.
إيران
اتجهت الأنظار منذ اليوم الأول للحرب في قطاع غزة إلى إيران، كونها عدوًا رئيسيًا لإسرائيل وكذلك فهي داعمة للفصائل الفلسطينية، وإمكانية تدخلها في الحرب بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، والتي حذرت إسرائيل من التصعيد، إذا لم توقف الاعتداءات على الفلسطينيين.
وفي تصريح رسمي للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قال فيه: لن يتمكن أحد من إيقاف المسلمين حول العالم وقوى المقاومة إذا استمرت جرائم إسرائيل في غزة، ويجب أن نرد على ما يحدث في غزة.
وفي تصريح أخر، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبدالهيان: إذا لم تتوقف الاعتداءات فأيدي جميع الأطراف في المنطقة على الزناد.
من هذا المنطلق فان السيناريو الحالي يشير إلى أن إيران تحذر إسرائيل من دخولها في الحرب، ولكن ربما يكون الموقف الإيراني في إطار المناورة والتلويح باستخدام القوة وإظهار دعمها للفلسطينيين، ففي نهاية الأمر لن تتدخل طهران في الحرب بشكل مباشر الا في حال مهاجمة الأراضي الإيرانية، لكنها تظل داعمة للفصائل الفلسطينية وربما تتدخل في الحرب بشكل غير مباشر.
وفيما يتعلق بالتدخل الإيراني، فان إسرائيل وأمريكا تخشيان من تدخل إيران في الحرب، وذلك من ضمن الأسباب التي دفعت واشنطن إلى تحريك قواتها في الشرق الأوسط لتكون رسالة ردع لإيران
سوريا
وقعت بالفعل مناوشات عسكرية بين فصائل مسلحة بالأراضي السورية والجيش الإسرائيلي في منطقة الجولان المحتلة، حيث أطلقت الفصائل صواريخ وقذائف على مواقع عسكرية إسرائيلية منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، وبدورها ردت تل أبيب بقصف جوي ومدفعي على مواقع عسكرية في سوريا، ويندرج هذا الأمر في إطار سيناريو توسيع الحرب لدوائر إقليمية منها سوريا.
هذا بعيدًا عن حالة التصعيد العسكري القائمة بالفعل بين سوريا وإسرائيل، بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة على الأهداف السورية بحجة ضرب أهداف إيرانية بشكل مستمر، وتحدث كل يوم تقريبًا، خاصة استهداف المطارات السورية وعلى رأسها مطاري دمشق وحلب، وهذا ربما يكون دافع أكبر للدخول مباشرة في الحرب مع إسرائيل بدعم إيراني.
لكن السيناريو الحالي في سوريا يشير إلى أن بشار الأسد غير معني بالتدخل في الحرب والتصعيد مع إسرائيل الآن، لكن يبقى التدخل السوري في الحرب قائمًا بسبب الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة.
لبنان
كانت الحدود اللبنانية الإسرائيلية، هي الساحة الأخرى شبه الموازية للحرب في قطاع غزة نسبيًا منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، حيث شهدت منطقة الحدود اشتباكات عسكرية عنيفة بين عناصر حزب الله والجيش الإسرائيلي، حيث يجرى إطلاق صواريخ وقذائف هاون بشكل مستمر من الأراضي اللبنانية على مواقع إسرائيلية، وبدورها ترد تل أبيب لتستهدف المواقع العسكرية لحزب الله وللجيش اللبناني أيضًا.
وكانت الحدود اللبنانية الإسرائيلية في حالة استنفار منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، وسط تحذيرات دولية من توسيع رقعة الصراع في هذه المنطقة المشتعلة تحديدًا، فعلى الجانب اللبناني أعلن حزب الله حشد كامل قواته وتهديد إسرائيل بضرب مواقعها العسكرية بشكل مباشر بسبب عدوانها على قطاع غزة، وهو ماحدث بالفعل، أما إسرائيل فقامت بحشد قوات عسكرية كبيرة على المنطقة الحدودية مع لبنان، وإطلاق تحذيرات للمستوطنين بالمنطقة بعدم الخروج مطلقًا ودخولهم للملاجئ في أحيان كثيرة، كما قامت بإخلاء بلدات كاملة على الحدود مع لبنان.
وكان هناك تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يقول فيه: على إسرائيل أن تستعد للحرب في الشمال بشكل كبير، لقدرات حزب الله في لبنان تفوق قدرات حركة حماس عشرات المرات.
ودوليًا، كان المجتمع الدولي أيضًا في حالة استنفار بسبب خطر توسع الحرب على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فكان من ضمن الأسباب التي أعلنت عنها واشنطن تحريك قواتها في المنطقة هو ردع لبنان إلى جانب إيران أيضًا، كذلك قامت واشنطن بإغلاق سفارتها في بيروت وسحب طاقم السفارة محذرة من السفر إلى لبنان في هذه الأيام، فعلت ذلك أيضًا بريطانيا التي أطلقت تحذير لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان مطلقًا في تلك الفترة.
وتشير التقديرات وفقًا للأحداث الحالية إلى أن سيناريو الحرب يبقى قائمًا وتستمر المناوشات والتصعيد العسكري على حدود لبنان وإسرائيل مادامت الحرب جارية في قطاع غزة، وربما تشهد المنطقة تطورًا للعمليات العسكرية بين الجانبين رغم إعلان تل أبيب التركيز على قطاع غزة.
العراق
تبقى العراق واحدة من الساحات الخطيرة والمحتملة لتوسع دائرة الصراع نتيجة للحرب في غزة، ليس فقط بسبب العداوة التاريخية بينها وبين إسرائيل، بل بسبب وجود الجماعات المسلحة بها بشكل كبير وخاصة تيار الحشد الشعبي.
فكان هناك تصريح لرئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية فالح الفياض، يقول فيه، إن بلاده ستقوم بكل الواجبات تجاه الفلسطينيين، سواء على صعيد المساعدات أو على المستوى العسكري.
وكذلك كان هناك خطاب لزعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، أكد فيه أن التيار الصدري في العراق يتفق مع جميع الأطراف الإقليمية في اتخاذ ما تراه مناسبا في الرد على إسرائيل.
وشهدت العراق حوادث خطيرة من الواضح أنها ذات صلة بالحرب في غزة، منها استهداف قواعد عسكرية أمريكية، وعلى الجانب الأخر، كان هناك قصف لطيران مجهول على منطقة الحدودية العراقية السورية في منطقة معبر البوكمال تحديدًا بعد يومين فقط من بدء عملية طوفان الأقصى.
وتشير هذه التطورات إلى سيناريو إمكانية تحول العراق لساحة حرب بسبب استهداف القواعد الأميركية وربما البعثات الدبلوماسية الغربية من قبل الجماعات المسلحة في العراق في إطار الحرب الإسرائيلية على غزة، وتشير التقديرات إلى إمكانية دخول حركة النجباء والحشد الشعبي في الصراع مع إسرائيل بسبب الحرب في قطاع غزة
اليمن
اتخذت جماعة الحوثيون في اليمن موقفًا من حرب غزة منذ بدايتها، مشيرين إلى احتمالية التدخل بشكل مباشر في الصراع حال استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل ضد الفلسطينيين.
وجاء في تصريح لزعيم جماعة الحوثي في اليمن عبد الملك الحوثي: هناك خطوط حمراء عندما يتعلق الأمر بغزة، ونحن مستعدون للتنسيق مع جماعات أخرى والتدخل، نحن في تنسيق تام مع إخوتنا في محور الجهاد والمقاومة لفعل ما نستطيع، وإذا تدخلت أمريكا بشكل عسكري مباشر، فنحن مستعدون للمشاركة ضد إسرائيل، حتى على مستوى القصف الصاروخي والمُسيرات، والخيارات العسكرية بكل ما نستطيع.
وبالفعل استهدفت جماعة الحوثي في اليمن أهداف أمريكية في البحر الأحمر خلال الأيام الماضية، مما دفع إلى وضع القوات الأمريكية في المنطقة في حالة تأهب.
والسيناريو الحالي وفقًا للتصريحات المباشرة من قادة الحوثيين يشير إلى إمكانية تدخلهم في الحرب ضد إسرائيل وأمريكا بسبب العدوان على قطاع غزة، لكن حال التدخل سيكون التدخل الحوثي محدودًا وبإيعاز من إيران، عن طريق الضربات الصاروخية واستهداف المصالح الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.