تتزامن إحتفالات الشعب المصري بانتصارات السادس من أكتوبر مع إحتفاله بمولد النبي الكريم ﷺ، وهو ما جعل لتلك الإحتفالات قيمة دينية ومعنوية كبيرة، حيث تعني الخدمة العسكرية للشباب المصري الكثير في مفاهيمنا الشعبية. تعني الرجولة، وتعني البطولة، وتعني إعادة التأهيل للشاب ليكون ناجحاً في حياته العملية، وتعني الولاء والإنتماء للجيش الذي يشعر المصريون نحوه بالأمان والفخر والقوة الضاربة للعدو من زمن الملك مينا موحد القطرين وحتى الآن.
فى ظل التحديات التى تواجه الدولة المصرية فى هذا العصر، تتطلب الضرورة تدريس ملاحم جيشنا العظيم وبطولات الشهداء فى تاريخ مصر قديماً وحديثاً لأولادنا فى المدارس، بداية من مينا موحد القطرين ومروراً بنصر أكتوبر، وانتهاءً بانتصار مصر على الارهاب، وعلى كل التحديات القائمة التى تتهاوى أمام إرادة المصريين.
فقد انتصرت الدولة المصرية فى كل معاركها عبر التاريخ والتي تُقدر ب 955 معركة، ولم تنهزم سوى فى 12 معركة وفق تقرير مجموعة 73 مؤرخين، ولم تخسر حرباً فى يوم من الأيام وهذا بالطبع سرّ بقائها وقوتها إلى أن تقوم الساعة بإذن الله، مع الوضع فى الاعتبار الفرق بين المعركة والحرب، قد تكون الحرب عدة معارك ينهزم المنتصر فى بعضها ثم يحقق هدفه وينتصر.
ومن قديم الزمان والجيوش لها ظهير شعبي يقوى من أزر الجنود وثقتهم بأنفسهم وبطولتهم وقيادتهم ورئيسهم وخاصة عند المواجهات الكبيرة والتي أحياناً يكون لها خسائر مادية أو خسائر فى الأرواح، حيث يمثل الظهير الشعبي للجيش جزء من القوة المعنوية الهائلة وخاصة فى ظل الحرب الشاملة ضدنا، والتي لا تقتصر على المواجهة الأمنية أو العسكرية فقط!، إنما تمتد لتشمل الحرب الإعلامية والنفسية والتأثير على الجنود عبر الإشاعات والمكائد الإعلامية، وكذلك الضغوط النفسية على الشباب عبر الإعلام الفضائي والرقمي!
فكان العربي قديماً يُخرج خلفه نساءه وأمواله أثناء الحرب وكإنو يتغنون بغناء بعاث (مثل الغناء الوطني الان) وكان ذلك وسيلة من وسائل ما يُسمى الظهير الشعبي، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين بالشعراء وقت الحرب لصد هجوم العدو الإعلامية والتشكيك فى جيش المسلمين. وكان يقول لهم” اهجوهم وروح القدس تؤيدكم “، وكان هذا أيضاً صورة من صور الظهير الشعبي للمقاتل وقت المعارك،،،
وفى معركة أحد أشيع أن رسول الله قد استشهد!! وكانت هذه شائعة خبيثة من قريش بقصد ارباك المسلمين وهزيمتهم نفسياً!! وأثّر ذلك على المقاتلين لدرجة تركهم للقتال، والبعض الاخر أخذ يقاتل دون التمييز بين صفه وصف الأعداء، فقتل بعض المسلمين خطئاً!!
أراد الله أن يلقنهم درساً فى ضرورة الحفاظ على القوى المعنوية عند الشدائد فقال تعالى: ” أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) ال عمران
واستطاع رسول الله أن يلملم الجراح وحشد الجند وأعاد لهم الثقة والأمل وخرج خلف العدو فى موقعة حمراء الأسد وانتصر. وكان يقول للجند أروهم منكم قوة!!
كان الظهير الشعبي المصري للجيش فى حرب أكتوبر، حماسة وإخلاصاً وتأييداً معنوياً، ودفئاً عاطفياً، شعر كل جندي على الجبهة بهذه المشاعر من ملايين المصريين مسلمين ومسيحيين، فتحولت هذه القوى المعنوية إلى قوة عظيمة نصر الله بها هذه الأمة على عدوها المتفوق عليها عسكرياً!
وبنفس الأدوات من الحماسة السلبية يمكن أن تهزم الجندي معنوياً فينهزم حتماً فى أرض المعركة!!
فإياك من نقل الأخبار الكذوبة المسربة التى تؤثر على الحالة المعنوية لابنك المقاتل!
ولهذا أوصانا القرآن الكريم عند لقاء العدو بالثبات وذكر الله والصبر وعدم التنازع والاختلاف (يعنى علينا دعم قواتنا بكل ما أوتينا من قوة)
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 45، 46].
ويقيني أن هذا الوطن العظيم يطرح تنمية وحضارة وعزة كما يطرح أبطالاً كالجبال الرواسي فى ثباتهم أمام التحديات وكالأسود الضواري أمام أعدائهم وقت اللقاء!!
فأبطال مصر اليوم هم أبناء وأحفاد أبطال مصر فى حرب أكتوبر المجيدة.
ومن أهم الأيام في ذاكرة تاريخنا الحديث يوم العاشر من رمضان 1393هـ، السادس من أكتوبر 1973 م، حين حققت الأمة نصرها الحقيقي على الصهاينة في تاريخها الحديث.
هذه الحرب العظيمة الخالدة، كانت حدثاً فاصلاً في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، عادت من خلالها تعلن عن نفسها من جديد، وتؤكد أنها قادرة بفضل الله تعالى على تجاوز جراحها، وتحقيق آمالها، متى اتضح الهدف؟ واجتمعت الأمة حول ثوابتها؟، صادقة في نياتها، عازمة على تسطير مجدها.
فابعثوا الجندية فى قلوب الشباب من جديد،،،
واسمحوا لي أن أختم هذا المقال بما قاله رسولنا الكريم (صلي الله عليه وسلم عن خير أجناد الأرض).
وإذا شهد رسول الله لجيش مصر العظيم وشهدت قناة الجزيرة بشهادة تعارض شهادة رسول الله فإنها لا شك شهادتها شهادة زور وبهتان، إنها تمثل هي ومن ورائها وكل من يروج لها شخصية مسيلمة الكذاب.
لأن رسول الله لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحي. فمصر رغم أنه لم يدخلها الإسلام الا بعد انتقال الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى، (فتحت عام ٢٠هجرياً) إلا أن بقاء مصر بموقعها الجغرافي وإيمان أهلها وجلدهم ورباطهم واخلاصهم لدين الله هو بقاء للأمة الإسلامية والعربية.
وهذا سر وصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهل مصر وجيش مصر. وهو يستنبئ التاريخ الي يوم القيامة، تقريراً لحقيقة ارادها الله رغم أنف كل حاقد او غادر. حقيقة لأنهم في رباط إلى يوم القيامة.
والأحاديث الواردة فيها الصحيح وفيها الضعيف سنداً الصحيح متناً، فضلاً عن العمل بالحديث الضعيف في فضائل لأعمال والمناقب.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
- ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما.
- إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال أبو بكر لم يا رسول الله؟ فقال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.
- ستفتح عليكم مدينة يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحما.
- وقوله صلى الله عليه وسلم وذكر مصر فقال: ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته.
- أوصيكم بأهل البلدة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم ذمة ورحما.
- مصر أطيب الأرضين ترابا وعجمها أكرم العجم، فإن لهم ذمة ورحما.
- أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة.
- الله الله في أهل المدرة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم نسبا وصهراً.
- من أتعبته المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي.
- قسمت البركة عشرة أجزاء فجعلت تسعة في مصر وجزء بالأمصار.
- اتقوا الله في القبط، لا تأكلوها أكل الخضر.
- وقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بقبط مصر فقال: إنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة.
- تكون فتنة اسم الناس فيها – أو خير الناس فيها – الجند الغربي، قال عمرو بن العاص فلذلك قدمت عليكم مصر. (الجند الغربي يعني جند مصر باعتبار مصر غرب الجزيرة العربية، ونص القران الكريم وهو سوق قصة موسي وهو بمصر (وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الي موسي الامر وما كنت من الشاهدين).
- الاسكندرية إحدى العروسين.
- مصر خزائن الله في الأرض والجيزة غيضة من غياض الجنة.
- وحين أتى بعسل بنها دعا رسول الله فيه بالبركة.
- وقوله عليه الصلاة والسلام: وقد أتي بثوب من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان: لعن الله هذا الثوب ولعن من عمله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم: يعنى بقوله معافر مصر.
وقوله صلى الله عليه وسلم (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة). (حديث صحيح راجع ما ذكرته دار الافتاء بالأدلة ترجيحاً لتصحيحه)
والمرابط هو المجاهد الواقف على حدودها، ومن وقف مرابطاً ومجاهداً على حدود مصر فإنه مرابط على حدود وحمي الاسلام والمسلمين لصد أي غارة جديدة على الدين أو الأرض أو الأمة , فمصر هي حمي الإسلام بشهادة الرسول صلي الله عليه وسلم والتاريخ يؤكد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، فالجندي المصري هو الذي صد هجوم التتار والصليبيين، وانتصر عليهم ولولا ذلك لهلكت الأمة العربية والإسلامية وانحسر الاسلام!!
هذه المعاني فهمها صحابة رسول الله جيداً وسجلوها للتاريخ:
ونختم بالصلاة والسلام على النبي الأميَّ صاحب الذكرى العطرة، وعلى آله وصحبه وسلم، والتي تتزامن مع إنتصارات الجيش المصري في السادس من أكتوبر لتجتمع الأعياد الوطنية والدينية للشعب المصري.