تشهد الساحة الصومالية خلافات حادة مع إقتراب الانتخابات التشريعية المقرر أن تجرى فى ديسمبر 2020 والانتخابات الرئاسية فى فبراير2021 وسط إستقطاب سياسى بين الرئيس الصومالى الحالى محمد عبدالله فرماجو والمعارضة السياسية، وعدد من الولايات الفيدرالية. على الرغم من حسم الخلاف حول طريقة الانتخاب وإنتصار المعارضة بإقرار النظام العشائرى المعروف بـ “4.5”، إلا أن المعارضة اتهمت الرئيس بالالتفاف على النظام الديمقراطى والتدخّل فى انتخابات برلمانات الولايات لضمان وصول حكام ونواب موالين له، تمهيدًا لفوزه فى الانتخابات الرئاسية من خلال تشكيل اللجان الانتخابية الإقليمية والفيدرالية المشرفة على إختيار نواب البرلمان من عناصر المخابرات والموظفين والموالين له.
تأتى الانتخابات فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وغير المسبوقة فى الصومال منذ غياب الدولة المركزية فى تسعينيات القرن الماضى، بسبب سوء إدارة فرماجو واعتماده على المعونات والمنح الدولية والإقليمية فضلًا عن جائحة فيروس كورونا التى فاقمت الأوضاع الاقتصادية وتسببت فى مواجهة العديد من البنوك خطر الإفلاس جراء عدم توفر السيولة المالية، فضلًا عن إضطراب الأحوال الأمنية بفعل ما تقوم به حركة الشباب المجاهدين الصومالية وإعلانها الولاء لتنظيم القاعدة، والسيطرة على مناطق بالصومال، حتى باتت تشكل الخطر الأكبر الذى يهدد أمن الصومال ودول الجوار.
الإطار الدستورى للانتخابات وإمكانية التأجيل
على الرغم من وجود دستور اعتبره البعض قاعدة راسخة تمهد لحدوث الإستقرار السياسى فى الصومال، إلا أن هناك إشكاليات حالت دون تحقق ذلك، بسبب غياب مؤسسات مهمة كالمحكمة الدستورية، واللجان القضائية، والنقابات العمالية، ومؤسسات مكافحة الفساد، فضلًا عن طبيعة الانتخابات فى الصومال التى تسمح بالتدخل الأجنبى، والتأثير على سير العملية الانتخابية، حيث تجرى الانتخابات البرلمانية بطريقة غير مباشرة أشبه بالنظام القبلى العشائرى، وقد اتفق قادة كافة الولايات مع الرئيس الصومالى وعمدة مقديشيو فى 17 سبتمبر 2020 على صيغة توافقية تتضمن عقد الانتخابات وفقًا لنظام “4.5”، والتى تم إعتماها من البرلمان فى السادس والعشرين من سبتمبر 2020.
وفقًا لتعديلات تضمنت توسيع قاعدة المشاركة لتحييد أزمات شراء الأصوات والولائات القبلية، وذلك بأن تنتخب قاعدة الناخبين المقدرة بنحو 90 ألف ناخب على أساس قيام كل 301 فرد من العشيرة بانتخاب مقعد واحد فى مجلس الشعب (الغرفة السفلى للبرلمان 275 مقعدا)، بعدما كان عددهم 101 فى السابق، بينما السيناتور الواحد فى مجلس الشيوخ (الغرفة العليا للبرلمان الفيدرالى54 مقعدا) سينتخبه نحو 80 شخصا من برلمانات الولايات الإقليمية، فيما سيختار أعضاء المجلسين بدورهم رئيس البلاد الذى سيقود الصومال فى السنوات الأربع المقبلة، وتم تحديد 4 دوائر انتخابية فى كل من الولايات الخمسة بعدما كان عددهم إثنين، فضلًا عن تشكيل إدارة مفوضية الانتخابات الصومالية المستقلة العملية الانتخابية بالتعاون مع الولايات والعشائر ومنظمات المجتمع المدنى.
وقد نصت المادة 53 من قانون الانتخاب الجديد على تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر فى حال لم تتوافر الظروف الأمنية أو حدثت كوارث طبيعية وإنسانية، وهو ما يمكن إستخدامها من قبل الحكومة كذريعة لتأجيل الانتخابات خاصة فى ظل الموجة لثانية لفيروس كورونا فضلًا عن سحب إثيوبيا قوة قوامها 3000 جندى من الصومال للمشاركة فى حرب التيجراى، بما يفسح المجال أمام حركة الشباب للقيام بعمليات إرهابية لتأجيل الانتخابات إن استشعرت الحاجة لذلك، إلا أن العواقب التى قد تشهدها البلاد فى حال إقدام الحكومة الحالية على تأجيل الانتخابات وتمديد فترة ولايتها ستكون سلبية خاصة فى ظل رفض المعارضة وولايتى بونت لاند وجوبا لاند تأجيل الانتخابات، فضلًا عن تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية على إجراء الانتخابات فى موعدها والالتزام الكامل بالاتفاق السياسى حول الانتخابات وعدم السماح بتهديد المسار الانتخابى، وهو ما قد يعزز إحتمالية إقامة الانتخابات فى موعدها المُقرر.
أزمة لجان الانتخابات وإتهام فرماجو بالسعى للتزوير
فى إطار محاولة الرئيس فرماجو الفوز فى الانتخابات القادمة قام بتعيين لجنتى الانتخابات الفيدرالية المكونتين من 25 عضوا، إضافة إلى لجنة إدارة انتخابات المقاعد النيابية من أرض الصومال. أما من جانب الولايات فقد عينت ثلاث ولايات موالية لفرماجو، لجانها الانتخابية الإقليمية والمعنية بتنظيم انتخابات المقاعد النيابية للبرلمان الفيدرالى وهى غلمدغ، وهيرشبيلى وجنوب غرب الصومال فيما لم تعين ولايتى جوبلاند وبونتلاند لجنتيهما، وقد رفضت المعارضة الصومالية هذه اللجان الانتخابية وشككت فى نزاهة واستقلالية أعضائها، وأنها تضم عناصر من المخابرات الصومالية، وموظفين بمكتبى فرماجو وفهد ياسين رئيس المخابرات، إضافة إلى مخالفة الرئيس فرماجو للدستور وتعيينه أعضاء اللجنة الانتخابية الممثلة لأرض الصومال، بدلاً من ترك إختيارها لرئيس مجلس الشيوخ، وفق الاتفاق السياسى الأخير بالسماح للمنحدرين من أرض الصومال باختيار ممثليهم فى مجلس النواب.
الأطراف الفاعلة فى المشهد السياسى الصومالى
أعلن عدد من المرشحين خوضهم سباق الانتخابات الرئاسية إلا أن خمسة من بينهم لهم فرص أكبر فى الفوز بمنصب الرئاسة:-
الرئيس محمد عبدالله فرماجو
![الصومال](https://nvdeg.org/wp-content/uploads/2020/12/فرماجو-1-300x169.jpg)
• تم انتخابه فى 2017 وتنتهى ولايته فى يناير 2021، بأغلبية ساحقة من البرلمان الصومالى لكن رصيده الشعبى تضاءل، بعد فشله فى تحقيق وعوده الانتخابية وتردى الوضع الأمنى والمعيشى. يحظى فرماجو بدعم من عدة دول إقليمية أبرزها قطر، والتى تدعمه للفوز بالرئاسة لضمان سيطرتهاعلى المشهد السياسى بالصومال عبر وكلائها بنظام الحكم، وفى مقدمتهم رئيس الاستخبارات فهد ياسين _مراسل قناة الجزيرة السابق_ الذى عينه فرماجو رئيساً للمخابرات العامة، كما يحظى فرماجو بدعم من تركيا التى أتاح لها التوغل فى القرن الأفريقى باستخدام ورقة الجيش الصومالى حيث تعتزم قاعدة “تيركسوم” التركية أن تتولى تدريب ثلث قوات الجيش الوطنى الصومالى، فضلا عن الدعم الإثيوبى من قبل آبى أحمد الذى استطاع تطويع الصومال لضمان هيمنته على منطقة القرن الأفريقى وضمان دعم الصومال فى حربه على التيجراى، وفى المقابل تقف كينيا والإمارات والسعودية ضد الرئيس فرماجو ولا يدعمان فوزه بالرئاسة.
طاهر محمود جيلى
![طاهر محمود جيلى - صورة أرشيفية](https://nvdeg.org/wp-content/uploads/2020/12/طاهر-جيلى-300x169.jpg)
• حصل جيلى على درجة البكالوريوس فى الشريعة والقانون من جامعة الأزهر الشريف، ثم حصل على درجة الماجستير فى العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، وقد تم تعيينه سفيرا لدى المملكة العربية السعودية عام 2013م، وقام جيلى ببناء علاقات وطيدة مع قيادات الحكومة السعودية أثناء وجوده فى المملكة، ويتمتع جيلى بعلاقات جيدة مع السعودية والإمارات ومصر.
محمد عبد الرحمن على (سيرين)
• يتولى سيرين رئاسة حزب المؤتمر الصومالى، ويتمتع بعلاقات إقليمية ودولية متميزة مع السعودية ومصر والإمارات، ويعتقد الرجل بأهمية إقامة علاقات قوية مع السعودية، وعودة الصومال إلى حضنها العربى والارتباط بالأمن القومى العربى، كما أن له علاقات وطيدة مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
عبد الرحمن عبد الشكور ورسمه
![عبد الرحمن عبد الشكور ورسمه - صورة أرشيفية](https://nvdeg.org/wp-content/uploads/2020/12/abdishakur-300x169.jpg)
• ترشح ورسمه فى الانتخابات الرئاسية عام 2017، وكان من المتحالفين مع الرئيس فرماجو، لكنه أصبح من أشد المعارضين له، وله علاقات قوية مع الحكومة الكينية حيث لعب دورًا فى توقيع مذكرة التفاهم بين الصومال وكينيا عام 2009 والتى نصت على إنهاء النزاع بين البلدين بشأن الحدود البحرية، ولكنها شهرت به، وهذه تعد من أهم نقاط ضعفه ومعروف عنه إنتقاده لقطر ورغبته فى عودة الصومال إلى محور الاعتدال فى المنطقة بقيادة مصر والسعودية والإمارات.
حسن على خير
![الصومال](https://nvdeg.org/wp-content/uploads/2020/12/حسن-على-خير-300x168.jpg)
• شغل خير منصب رئيس الوزراء الأسبق، وتم سحب الثقة البرلمانية منه على خلفية رفضه خطة تمديد بقاء فرماجو فى الحكم وقد أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، ومن المعروف أنه يرفض الوجود القطرى فى الصومال كما أن عزله من قبل الرئيس فرماجو ساهم فى حصوله على تأييد بعض قوى المعارضة.
الولايات الفيدرالية
تتكون الصومال من ست ولايات فيدرالية وهى جوبالاند، وجنوب غرب الصومال، وجلمدغ، وهيرشبيلى، إلى جانب صوماليلاند وبونت لاند، وكلها إدارات معترف بها باستثناء صوماليلاند التى أعلنت إنفصالها عن جمهورية الصومال ولم تحظى بالاعتراف الدولى رسميًا. تتسم علاقة الحكومة المركزية بالتوتر مع ولايتى جوبالاند وبونت لاند بسبب عدم إعتراف الحكومة الاتحادية بنتائج الانتخابات الرئاسية التى أجريت فى جوبالاند نهاية شهر سبتمبر 2019، والخلاف حول طريقة تقاسم المعونات المالية التى تحصل عليها الحكومة الاتحادية من المنظمات الدولية والدول الداعمة للصومال، فضلًا عن تلقى ولاية بونتلاند دعم من الإمارات لمواجهة الحكومة الفيدرالية، وتلقى ولاية جوبا لاند تمويل من كينيا، أما علاقة الحكومة مع الولايات الأخرى: جنوب غرب الصومال وهيرشبيلى وجلمدغ، فهى علاقة قوية نظرًا لوجود شخصيات على رأس السلطة فى الولايات الثلاثة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الحكومة الاتحادية.
حركة شباب المجاهدين
![حركة شباب المجاهدين - صورة أرشيفية](https://nvdeg.org/wp-content/uploads/2020/12/image-resizer-2-300x163.jpg)