الأقلية العربية وتواجدهم في المجتمع الإسرائيلي:
يُعاني عرب الداخل من التهميش داخل المجتمع سواء سياسياً أو اجتماعياً، غالبية العرب يتم اعفاؤهم من الخدمة العسكرية وهذا على عكس وضع الدروز هناك فهم مًلزمون بتأدية الخدمة مثلهم مثل اليهود. دائما ما يُعانون من تحريض اليمين الإسرائيلي عليهم كونهم يُشكلون خطر على هوية الدولة والشكل الديموجرافي للدولة بسبب نسبة المواليد من العرب.كما أنهم أحد مصادر القلق فيما يخص الأمن الإسرائيلي بعد أن شاركوا في الاحتجاجات والأعمال داخل المدن التي يعيش بها اليهود والعرب وتضامنوا مع المقاومة في كلٍ من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح. وحول هذا استخدم الرئيس الإسرائيلي ريفلين مصطلح ” الحرب الأهلية” في إشارة لما يحدث داخل مدن مثل اللد وحيفا ويافا وغيرها من مدن مختلطة بها عرب ويهود.
قانون القومية وبدء احتجاجات الاقلية العربية في الداخل الإسرائيلي:
ما يحدث الأن في فلسطين من تداعيات أمنية وعسكرية، ومحاولات تهجير مواطني حي الشيخ جراح من فلسطينيين، لم تكن وليدة هذه الأحداث، بل بدأت منذ أن أقر الكنيست الإسرائيلي بما عُرف بـ “قانون القومية” في يوليو 2018 والذي أطلق عليه من جانب العرب بقانون الفصل العنصري، وقد نص في أهم بنوده بأن “إسرائيل هي الدولة القومية لليهود. وأن اللغة العبرية هي لغة الدولة الرسمية، كما نص على دعم تطوير المستوطنات اليهودية” مما أدى إلى المزيد من التهميش للأقلية العربية سياسياً واجتماعياً وعلى كافة مناحي الحياة. وقد خرجت العديد من الاحتجاجات من جانب الفلسطينيين على هذا القانون باعتباره من أخطر القوانين التي تم سنها مؤخراً.
وجاءت أحداث حي الشيخ جراح لتؤكد على الرغبة الإسرائيلية في تنفيذ بنود قانون القومية في التوسع الاستيطاني على حساب العائلات الفلسطينية. وهذا بعد أن أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل قراراً بموجبه يتم تهجير العائلات العربية المقيمة وإحلال اليهود محلهم[1].
وكرد فعل على هذا القرار قام العديد من الشباب الفلسطيني بالإعتصام داخل الحي لوقف عمليات التهجير، وبناءً على ذلك قامت القوات الإسرائيلية بحملة اعتقالات واسعة واستهداف المواطنين بالأسلحة النارية وقنابل الغاز، واستمرت هذه المواجهات حتى أخر ايام شهر رمضان وقيام الفلسطينين بالذهاب إلى المسجد الأقصى للصلاة هناك، فتوسعت المواجهات بينهم وبين القوات الإسرائيلية، حتى وصلت إلى منطقة باب العامود وباحات المسجد الأقصى فأطلقوا عليه الأعيرة النارية وقنابل الغاز والصوت والرصاص المطاطي، ما أدى إلى اصابة المئات من المرابطين عند المسجد[2].
وقد كانت ذروة الأحداث في يوم 10 مايو 2021 وخاصة في حي الشيخ جراح وباحات المسجد الأقصى، بعد أن قام بعض من أعضاء الكنيست باقتحام حي الشيخ جراح، فأسفرت المواجهات عن إصابة العديد من الفلسطينين. وبعد هذه المواجهات أعلنت بعض وسائل الإعلام عن وقف القرار الخاص بمصادرة البيوت العربية وارجاء هذا القرار إلى أجل غير مسمى.
أسباب المواجهات التي اندلعت في البلدات العربية والمدن المختلطة في إسرائيل :
1- الخوف من المس بحرية العبادة: يعتبر العرب المس بالرموز الدينية والقيم الأخلاقية والدينية خطوة استفزازية يمكنها وحدها إشعال احتجاج واسع، خاصة عندما يدور الحديث عن صراع يتعلق بموقع رمزي جداً مثل المسجد الأقصى.
2- محاولة إسرائيل عرض الصراع القانوني حول أملاك حي الشيخ جراح شرقي القدس كنزاع على العقارات مثل أي نزاع آخر، إلا أن الجانب الفلسطينى تعامل مع هذا النزاع من منظور التطهير العرقي واقتلاع عائلات فلسطينية من بيوتها بدعم من الدولة.
3- الأحداث التي جرت على درج باب العامود في بداية شهر رمضان كانت علامة أولية ودافعاً أساسياً للاحتجاج الذي اندلع في القدس. حيث يعتبر المسجد الأقصى في وعي الفلسطينيين رمزاً للسيادة والوجود الوطني في القدس.
4- وجود الشباب كان ظاهراً جداً في الاحتجاجات التي جرت في الأسابيع الأخيرة في الشيخ جراح وفي البلدات العربية داخل إسرائيل. شباب وفتيات يلفون أنفسهم بأعلام فلسطين، أطلقوا هتافات تدين الاحتلال وضد حكومة إسرائيل، إلى جانب هتافات تأييد للنضال الوطني الفلسطيني ، كان هذا الأمر بارزاً في قرار أعضاء لجنة المتابعة ورؤساء السلطات المحلية الانضمام إلى الاحتجاج، وفي الدعوات لزيادة المسيرات والإضراب في القرى العربية.
5- انطلاق الاحتجاج في المدن المختلطة يشكل رسالة لضعف تماسك الجبهة الداخلية، حيث أخفقت اسرائيل في جعل الوجود اليومي اليهودي – العربي وسيلة للتعاون وتخفيف التوتر. نتيجة للتمييز الهيكلي بالنسبة للسكان العرب. واحتجاج العقارات الذي تعزز مؤخراً في يافا واقتحام أوساط يمينية لأحياء في اللد والرملة، زاد التوتر. ليس مفاجئاً من أن سكان هذه المدن الذين يعانون في معظمهم من وضع اقتصادي – اجتماعي صعب، قد أظهروا تضامنهم مع النضال في الشيخ جراح.
6- تنامى تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الشباب ، وقد أوضحت مواجهات الشيخ جراح والمسجد الأقصى التى تم توثيقها ونشرها بشكل واسع في الشبكات مدى خطورتها ، إلى جانب دعوات للانضمام إلى الاحتجاج، التي استجيب لها على الفور حتى من قبل الذين يجهلون جوهر الاحتجاج.
وقام فلسطيني الداخل بالاحتجاجات والمواجهات مع القوات الإسرائيلية التي فعلت ضدهم نفس الإجراءات والاعتقالات، في اللد وحيفا والناصرة بصورة خاصة، وذلك بعد استشهاد فلسطيني في اللد خلال مظاهرة خرجت تضامناً مع أبناء غزة ورفض الإجراءات والسياسات العنصرية. ونتيجة لتلك المواجهات والتظاهرات والقمع الإسرائيلي قامت دعوات للقيام بعمل إضراب شامل في كافة المدن التي يسكنها العرب وعلى كافة المستويات.
وقد كانت الدعوة للإضراب في يوم الثلاثاء 18/5/2021 باعتباره “يوم الغضب” ضد العمليات العسكرية الموسعة والتصعيد في الأراضي العربية المحتلة، والتي وجهتها اللجنة العربية داخل الخط الأخضر، حيث التزمت كافة القوى والاتحادات الفلسطينية بالإضراب الشامل.
بناءً على تطور الأحداث في معظم انحاء المدن الفلسطينية والتهميش والتحريض الذي يتعرضون له من قِبل سواء الشرطة أو المستوطنين، سيكون هناك المزيد من المواجهات خاصة بين العرب والمستوطنين، مواجهات فردية مثل حالة الطعن في تل أبيب التي قام بها مستوطن يهودي ضد شاب فلسطيني خلال فترة الاحتجاجات. كذلك سيكون هناك المزيد من حملات الاعتقالات حتى لو لم يتم الإعلان عن كافة هذه الحملات إعلامياً.
——————————————————
الهوامش