تندلع الحروب بين الدول لصد اعتداء قد وقع على دولة من دولة أو دول أخرى، وتكون حربًا مشروعة للدفاع عن الكرامة وسيادة الأرض، واستعادة أرض محتلة مسبقًا كما هى الحروب بين العرب وإسرائيل. ومن الخطأ أن يُنظر لإسرائيل على أنها دولة محاربة رغم تفوقها فى حرب ٦٧ وهزيمتها فى حرب ٧٣. فالحرب فى إسرائيل حسب رؤية أديب أسرائيلى كبير (أهارون ميجد-١٩٢٦)، أسلوب ومنهج تكتيكى مستمر بغرض بقاء الدولة فى حالة توحد واستنفار دائم خشية قيام حرب أهلية بين مكوناتها الطائفية وحالة الكراهية والحقد بين هذه الطوائف المختلفة التى تزيد عن ٧٧ طائفة.
وبعد حرب ٦٧ واحتلال سيناء أفرز العقل اليهودى خط بارليف المنيع، على ضفة قناة السويس حيث أجمع الخبراء أن اقتحامه لا يتم إلا بقنبلة نووية، وكانت المفاجأة أن القنبلة النووية المصرية هى نتاج العقل المصرى، باقتحام هذا الخط بجسور شيدها الرجال فى ساعات قليلة عبرت فوقها الآليات العسكرية والمقاتلين، وكان هذا التواصل المادى تواصلا مع العقل المصرى المتفوق منذ القدم والذى أفرز الحضارات والأهرامات، ومعجزات علمية أثرت ثقافات وحضارات العالم حتى اليوم .

ومع معجزة نصر أكتوبر الذى تم بتوفيق من الله (الله أكبر)، وحنكة وذكاء العقل المصرى، وبعدها كانت معجزة عقلية أخرى أدارت معركة السلام، واستعادت كامل الأراضى المحتلة حتى آخر شبر. بعيدًا عن التفاصيل فإن كل الدراسات والبحوث الإسرائيلية المتداولة عن الإنسحاب من الأراضى المحتلة بموجب معاهدات واتفاقيات سلام تشير إلى الندم والغباء الذى كان من جانب الموقعين من قادة إسرائيل_حسب رؤيتهم_ وهناك دراسات صادرة عن مراكز البحوث بأن “مناحم بيجن” رئيس الحكومة آنذاك الذى وقع على الانسحاب من سيناء قد أصابه المرض والوهن، والتشتت العقلى فى أواخر أيام عمره جراء الندم على توقيعه قرار الإنسحاب من سيناء، وعاش آخر أيام حياته وحيدًا، فى حجرة بناها بنفسه من الطوب فى حديقة منزله بتل أبيب سماها “بيت الأحزان” على غرار بيت أحزان سيدنا يعقوب (عليه السلام) حين عاش سنوات فراقه وحزنه على فقد سيدنا يوسف (عليه السلام).
إذن تفوق العقل المصرى عامة، وبعقلية الزعيم الراحل محمد أنور السادات خاصة، الذى تفوق بفكره على الجميع، ولازالت عقليته وسيرته وفطنته، تُدرّس عالميًا وخاصة بإسرائيل وأمريكا حتى اليوم. وتذكر الأدبيات اليهودية أن حوالي 20٪ من مجموع الفائزين بجوائز نوبل كانوا يهودًا، ولولا خشية مانحيها من أن يعتبروا من محبى السامية بأمر مبالغ فيه لكان الحجم الحقيقى يصل إلى ٦٠٪ أو ٧٠٪ وأن هناك عقل يهودى عالمى فائق القدرة.”(١).
وقد جاء فى إحدى الدراسات الأدبية اليهودية إنتاج السلاح السرى اليهودى – الذى يفوق كل سلاح آخر فى العالم سيكون “أشعة الموت” ليس قنبلة ذرية، إذ أن قنبلة من هذا النوع موجودة فى الغرب والشرق، وقريبًا ستكون أيضا فى يد دول عربية وتكفى واحدة منها أن تدمر إسرائيل وتهلك سكانها، لكن “أشعة الموت” خلال ثوانٍ معدودة يمكنها أن تدمر بقوتها جيوش كبيرة وعظيمة”. (٣)
ومن هنا كان التصور بامتلاك هذا السلاح حفظا لوجود إسرائيل بين الدول العربية، ومن هنا نرى الدعم المستمر والدائم لإسرائيل من أمريكا والشتات اليهودى بشتى أنحاء العالم متمثلا فى النقاط التالية:-
● إعاقة وإفشال تطوير وصنع وسائل الحرب التى تمثل خطرًا على سلامة إسرائيل.
● فرض عقوبات على الدول التى تشكل خطرًا على إسرائيل.
● تخريب وهدم معاهد ومعامل التطوير فى الدول التى تمثل خطرًا على إسرائيل .
● إحلال وتطوير وسائل حرب سرية مصنوعة خصيصا للدفاع عن إسرائيل. (4)
ومن هنا يتم توظيف عقول اليهود فى شتى أنحاء العالم بكل شرورها للدفاع عن وجود وقوة إسرائيل بالمنطق، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل معاهدات واتفاقيات السلام التى تمت بين مصر وإسرائيل وبموجبها تم استرداد كل الأراضى المصرية المحتلة كانت إبّان أكثر الحكومات الإسرائيلية تشددًا وتطرفًا (جولدا مائير- اسحاق شامير- مناحم بيجن – موشيه ديان – شمعون بيريز) وعلى الرغم من آراء وتشدد الحاخامات ومنهم:-
الحاخام “زفى كوك ” (5) الذى كان يردد دائما ” كل هذه الأرض_فلسطين _ هى لنا جميعا ويمنع التفريط بها للغرباء “، (6) وأن على العالم كله أن يعتاد على فكرة أن إسرائيل سوف لن تسلم بوصة واحدة من المناطق المحررة “. (7) بعد إتفاقية ١٩٧٩ وقف الحاخام “زفي كوك” معلنًا ومحذرًا: “أن من الخطيئة والجرم تسليم أراضى إسرائيل تراث آبائنا للأغراب، وأن من يفكر بتسليم أرض إسرائيل للأغراب يفتقر إلى الإيمان؛ لأن التوراة نصت على عدم تسليم أراضينا للأغراب إلى الأبد، ولهذا يجب على كل وزير فى حكومة إسرائيل وكل عسكرى أن يمنع ذلك بكل جرأة وقوة، وسوف يجد العون من السماء وأن من يرتكب مثل هذا العمل إنما ينتهك تعاليم التوراة ويلحق الضرر بأمن إسرائيل”. (8)
