تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مساء 30/11/2021، للتلفزيون الرسمي في تركيا، في حديث حول أوضاع الاقتصاد التركي، وأزمة تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار، أسبابها وتوقعاته للخروج من الأزمة، بالإضافة لحديثه عن زيارة ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان الأخيرة لتركيا، وعن مدى تحسن العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أنه أعلن عن زيارة سيقوم بها إلى دولة الإمارات العربية في فبراير المقبل 2022، مشيرًا إلى رؤيته لمستقبل العلاقات مع كل من مصر والمملكة العربية السعودية، وأنه مثلما اتخذوا خطوات إيجابية مع الإمارات سيسعون بمثلها نحو مصر والسعودية.
وقد بدأ اللقاء وسعر الليرة التركية 13.26 أمام الدولار، ليصل في غضون ساعة ونصف إلى 13.81أمام الدولار الواحد، هذه ليست المرة الأولى التي يتسبب فيها خطاب للرئيس التركي برفع سعر الدولار، لأردغان سوابق كثيرة، أقربها الارتفاع عقب تصريحات أدلى بها خلال رحلة عودته من تركمانستان الإثنين الماضي29/ 11/ 2021، تراجعت بعده الليرة التركية ما يزيد عن 4٪ مقابل الدولار في تعاملات ضعيفة ومتقلبة، مقتربة من المستويات المتدنية القياسية التي سجلتها الأسبوع الماضي.
ويمكن إيجاز أهم ملامح خطاب الرئيس التركي في التالي:
أ- السعي لزيادة معدل النمو الاقتصادي غير مستقر وسنخرج من هذه الدوامة، متوقعًا أن يبلغ نمو اقتصاد بلاده خلال العام الجاري 10٪ كحد أدنى.
ب- العمل على خفض سعر الفائدة لخفض التضخم خلال الفترة القادمة، مضيفًا أن تركيا تواجه مضاربات في الفائدة والعملات الأجنبية، وهم يسعون لمنعها.
ت- ترغبة الحكومة في توفير قروض بقيمة 10 مليارات دولار لأكثر من 11 ألف شركة نشطة في تركيا في أقرب فرصة، وذلك لإيجاد50 ألف فرصة عمل جديدة.
ث- تجهيز حزمتين مهمتين للدعم، مضيفًا أن الحكومة ستمنح المؤسسات التي يقل عدد موظفيها عن 50 موظفاُ، فرصة للحصول على قرض بقيمة 100 ألف ليرة، وذلك لتوفير فرص عمل جديدة.
وقد تحدث عن سياسته الاقتصادية التي أشار فيها لعدم إرتياحه لمعدلات الفائدة المرتفعة، مؤكدًا تخليه عن السياسات النقدية القائمة على معدلات فائدة مرتفعة وتحوله إلى استراتيجية نمو تقوم على الاستثمارات والتوظيف والإنتاج والصادرات.
يأمل أردوغان من خلال سياسته تلك إلى تحقيق نمو اقتصادي قبل انتخابات 2023 القادمة، حتى لو كان هذا النمو على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل معدلات التضخم المرتفعة، حيث سجلت تركيا نسبة 21.3% كمعدل للتضخم السنوي فيها لهذا العام، فيما بلغ معدل التضخم خلال شهر نوفمبر الماضي بزيادة قدرها 3.31% وفقاً لما أعلنه معهد الإحصاء التركي صباح اليوم الجمعة 3 ديسمبر 2021.
الأوضاع في الداخل التركي:
بعيدًا عن أزمة ارتفاع أسعار الإيجارات والتي عانى منها الطلاب مع بداية العام الدراسي بداية سبتمبر الماضي، هناك أزمات كبرى في الداخل التركي لا تعترف بها حكومة العدالة والتنمية، أو ترفض تصديق وجودها، وتزعم أنها أزمات مفتعلة لتشكيك في إنجازات الحكومة كالتالي:
ارتفاع الأسعار: نشر اتحاد نقابات العمال التركي، بحثًا بعنوان “خط الجوع والفقر” نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل شهري، موضحًا فيه انعكاس الزيادة في العملة الأجنبية اعتبارًا من نوفمبر 2021، على أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي والوقود، وتكاليف مدخلات الإنتاج، فضلاً عن ارتفاع معدل الزيادة في السلع والخدمات الأساسية، وهو ما ترتب عليه تدهور الظروف المعيشية لملايين الأسر ذات الأجور المنخفضة والدخل الثابت.
ووفقًا للبحث، ارتفع تضخم أسعار الغذاء الشهري إلى 3.18 % في نوفمبر وإلى 26.82 % على أساس سنوي، و ارتفع الإنفاق الشهري على الغذاء (حد الجوع) لأسرة مكونة من أربعة أفراد إلى 3 آلاف و 191 ليرة و 55 قرش. بما فيه الإنفاق على الغذاء، والملابس، والسكن (الإيجار، والكهرباء، والمياه، والوقود)، والنقل، والتعليم، والصحة، وقد حدد البحث “تكلفة المعيشة” للموظف الواحد 3 آلاف 902 ليرة و 57 قرش شهريًا في شهر نوفمبر.
أزمة الخبز: في الوقت الذي يطالب فيه أعضاء من حزب العدالة والتنمية الشعب التركي بتحمل ارتفاع الأسعار، والاكتفاء بالسلع الأساسية، ومساندة الحكومة لمدة أقلها 6 أشهر، ارتفعت أسعار الخبز ثلاث مرات في أقل من 4 أشهر فبينما بلغت 2.5 ليرة تركية خلال سبتمبر الماضي، وصل سعر الخبز نهاية نوفمبر الماضي إلى 4 ليرات، وهي زيادة غير رسمية لم تقرها الحكومة أو حتى تتدخل لمنعها في حال كانت أزمة مفتعلة من أصحاب المخابز، الذين يعانون من ارتفاع أسعار القمح ومواد الخبز بصفة عامة، بالتزامن مع أجور منخفضة للعاملين، فيما ظهرت دعوات للاستهلاك العادل بين المواطنين حتى لا يحدث عجز في السلع الرئيسية.
عجز الدواء: بينما كان الرئيس التركي يتفاخر بالمساعدات التي قدمتها ومازالت تقدمها، تركيا لدول العالم المختلفة خلال جائحة كورونا، تعاني بلاده في الداخل من أزمة نقص دواء كبيرة نتيجة لفقدان نحو 645 صنفاً من الأدوية التي تستوردها تركيا من الخارج وتلك التي تصنعها في الداخل بعد استيراد موادها الخام، وذلك على خلفية تسجيل الليرة التركية لمستوياتٍ قياسية منخفضة في قيمتها أمام العملات الأجنبية.
استقالات الأطباء: أعلنت نقابة الأطباء والجمعية الطبية التركية، إحصائيات لعدد الأطباء الذين استقالوا من العمل خلا أخر عام ونصف في القطاع الصحي العام، والذي بلغ نحو 8000 طبيب من المراكز الصحية التي تديرها وزارة الصحة التركية، بالإضافة للأطباء العاملين في القطاع الخاص، نتيجة لتدني رواتبهم بعد تسجيل الليرة التركية لمستويات منخفضة في قيمتها أمام العملات الأجنبية.
أخيراً…. من المفترض أن يعلن الرئيس التركي خلال الشهر الجاري الأرقام النهائية للحد الأدنى للأجور، متجاهلاً، ارتفاع الأسعار، ومعدلات التضخم، وعدم استقرار سعر الليرة، أردوغان سبق أن ألمح خلال اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب الأربعاء الماضي، إلى بعض أرقام الحد الأدنى، وقد أشار أردوغان خلال الاجتماع إلى أن ثمة زيادة قادمة لرواتب الأطباء الاختصاصيين بقيمة 5 آلاف ليرة، والعاملين ألفين و500 ليرة في محاولة منه لتهدئة الأوضاع حول سعر صرف الليرة الذي إرتفع بعد حديثه مساء الثلاثاء عن توقعاته الاقتصادية والتنموية التي ستشهدها تركيا بحلول نهاية العام، بداية العام الجديد على أبعد الاحتمالات.