نجحت الوساطة القطرية فى إحراز تقدم كبير فى عودة العلاقات المصرية التركية ،حيث تصافح الرئيسان السيسى وأردوغان على هامش إفتتاح كاس العالم بالدوحة لتسجل قطر بتلك الوساطة أهم إنجازاتها الدبلوماسية خلال هذا القرن ، وستشكل هذه المصافحة بداية لعهد جديد فى المفاوضات وإعادة العلاقات بين البلدين وحل الخلافات فى وجهات النظر بين البلدين .

سبقت تلك المصافحة التاريخية خطوات هامة من الجانب التركى للوصول لنجاح الوساطة القطرية فى لقاء الرئيسين السيسى وأردوغان  ، تمثلت فى عدة خطوات منها :-

  • تعيين السيد صالح موتلو شن فى يونيو 2022 م القائم بالأعمال التركية بالقاهرة (بدرجة سفير) والذى لعب دوراً هاماً فى إعادة العلاقات بين البلدين حيث عمل السفير التركى منذ تولية المسئولية على إحياء القواسم التاريخية المشتركة بين مصر وتركيا من خلال زيارة الأثار الاسلامية بالقاهرة وإبراز دور التنمية والحداثة التى شهدتها الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو ،كما استطاع السفير التركى بالقاهرة بنقل صورة مصر الحقيقية فى عهد الجمهورية الجديدة ومدى إنتشار الأمن والأمان فى ربوع مصر المختلفة بجولات وزيارات متعددة بين مساجد مصر الحديثة ومساجدها ومتاحفها الأثرية والعاصمة الإدارية الجديدة والطرق والإنشاءات الحديثة التى شهدتها مصر فى عهد الرئيس السيسى .
  • مشاركة وزير البيئة التركى فى موتمر المناخ بشرم الشيخ وإهداء الوزير التركى لهدية رمزية لوزير الخارجية المصرى سامح شكرى رئيس المؤتمر ومشاركة تركيا بجناح لوزارة البيئة التركىة لعرض جهود الدولة التركية فى الحفاظ على البيئة .
  • تصريحات إعلامية من كبار المسئولين الأتراك عن أهمية الدولة المصرية وضرورة عودة العلاقات وطىء صفحة الماضى وإحياء القواسم التاريخية المشتركة بين البلدين .
  • غلق تركيا للقنوات الفضائية المعادية لمصر ومنع الإخوان المقيمين بتركيا من ممارسة أى أعمال سياسية .
  • تصريحات الرئيس أردوغان برغبتة بنقل مستوى المحادثات بين مصر وتركيا من المستوى الوزارى إلى مستوى أعلى  فى المحادثات  لأن الوحدة السابقة بين الدولتين مهمة للغاية.

دلالات المصافحة :-

  • تعد المصافحة بين الرئسين بداية لعهد جديد فى المفاوضات وإعادة رفع التمثيل الدبلوماسى بعد تسع سنوات من الجفاء والقطيعة بين مصر وتركيا ،فى أعقاب ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو وتبنى أردوغان لمواقف مناوئة لمصر وإنحيازة لجماعة الأخوان الإرهابية ،وتوفيره دعماً سياسياً ،إقتصادياً ،إعلامياً للجماعة المحظورة ورغم إستمرار بعض أوجة الخلاف بين الجانبين فى اللقاءات الإستكشافية التى جرت بالقاهرة وأنقرة ،إلا أن هذة المصافحة أعطت إشارة الضوء إلى تذليل النقاط الخلافية بين وجهات النظر المصرية والتركية .
  • تقريب وجهات النظر المصرية والتركية بشأن الأزمة الليبية حيث تعد ليبيا أحد أهم نقاط عدم التوافق المصرى والتركى ونجحت اللقاءات الأمنية بين البلدين فى الفترات السابقة فى منع حدوث صدام عسكرى مصرى تركى محسوم للدولة المصرية حيث تعتبر ليبيا العمق الإستراتيجى للدولة المصرية كما ألتزمت تركيا بالخط الاحمر الذى حددة الرئيس السيسى (سرت – الجفرة )،كما ستعمل مصر وتركيا على توافق معسكرى الشرق والغرب بلبيا وإعادة مسار الإنتخابات الليبية إلى المسار الصحيح وتسليم إدارة ليبيا إلى حكومة منتخبة تمثل الشعب الليبى الشقيق .
  • منحت مصافحة الرئيسين المصرى والتركى على هامش مونديال قطر فتح المفاوضات حول التدخلات التركية فى سوريا وضرورة تسليم الشمال السورى للحكومة السورية مع الأخذ فى الإعتبار شواغل تركيا من المنظمات الإرهابية التى تنطلق من سوريا بدعم منظمة العمال الكردستانى والتى كان أخرها تفجير شارع الإستقلال بأسطنبول حيث نفذت الإرهابية (أحلام البشير) تفجير شارع الأستقلال والذى أسفر عن مقتل 6 مواطنيين وإصابة حوالى 83 أخرين .

الخطوات المقبلة

  • فى ضوء ما سبق ففى التقدير إسهام هذة الخطوات فى تحقيق ما يلى :-
  • رفع التمثيل الدبلوماسى وعودة العلاقات بين مصر وتركيا ،كما ستعمل تركيا على إعادة أجندتها بالمنطقة العربية ومراعاة شواغل الدولة المصرية يمناطق أمنها القومى بلبيا وأثيوبيا  .
  • مبادرة مصر للتفاهم وفتح قنوات الأتصال بين اليونان وقبرص وتركيا بشأن غاز شرق المتوسط وذلك برعاية القاهرة الدولة الأكبر فى الحدود المائية بغاز شرق المتوسط حيث ترغب تركيا فى وساطة مصرية مع اليونان الحليف للدولة المصرية للجلوس إلى مائدة المفاوضات مع تركيا لإعادة النقاش حول الجرف القارى التركي ،حيث فرضت معاهدة لوزان 1923م حدود بحرية ضيقة لتركيا فى سواحلها المائية بالبحر المتوسط بتنازل تركيا عن عدد من الجزر لإدارة اليونان وهو الأمر التى ستعمل القاهرة على إيجاد نقاط توافق بين اليونان وتركيا .

ج- مبادرة تركيا لمنح مصر عضوية مراقب بمنظمة الدول التركية حيث  يبلغ العدد الإجمالي لشعوب الدول الناطقة بالتركية داخل المنظمة حوالي ( 150 مليون نسمة) يعيشون في جغرافيا تتجاوز مساحتها ( 4.5 ) كيلو متر مربع. يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول المنظمة ( 1.5 ) تريليون دولار وترغب تركيا فى أن تكون مصر بوابة أفريقيا للمنظمة الحديثة .

د- تزايد  الإستثمار التركى بمصر من ناحية زيادة عدد المصانع التركية، حيث وقعت شركة (أرشيليك ) التركية لصناعة الاجهزة الكهربائية المنزلية استثمارات تبلغ 100 مليون دولار الشهر الجارى لإنشاء مصنع بمصربطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون جهاز سنوياً، ويوفر 2000 فرصة عمل مباشرة، بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير للخارج  لتكون بدية لمزيد من الإستثمارات التركية الراغبة فى الإستثمار بمصر وأنتظرت الوقت المناسب لعودة العلاقات بين البلدين ، توافق مصرى تركى لتحديث بنود إتفاقية التجارة الحرة الموقعة فى 2006 والتى دخلت حيز التنفيذ 2007 ورفع التبادل التجارى بالعملات المحلية بعيدأ عن الدولار الذى يشهد إرتفاعاً على العملة التركية والمصرية .

ختامًا:

أن قوة الدولة المصرية وعصر الجمهورية الجديدة بعد 30 يونيو إستطاعت أن تفرض رؤيتها على جميع القوى الإقليمية المناهضة لها فى السابق لتعيد الدولة المصرية رسم المنطقة من جديد بأبعاد وطنية مصرية عربية خالصة ،كما أن عودة العلاقات بين مصروتركيا من الأهمية التاريخية لتجاوز تسع أعوام من القطيعة والفتن السياسية بين البلدين وذلك لأن المصالحة وأعادة العلاقات تصب فى مصلحة الأمتين المصرية والتركية ، كما سيشهد التعاون فى الفترة القادمة قوة ومتانة فى العلاقات وتعاون بينهم فى مناطق التماس الأمن القومى المصرى والتركى .

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version