يعتبر الشباب في كل أمة بمثابة عمودها الفقري، وقلبها النابض، ويدها القوية التي تبني وتحمي، وهمزة الوصل التي تربط بين الحاضر والمستقبل، ومن هنا وجبت العناية بهم، والحرص على حسن تربيتهم وإعدادهم باعتبارهم وقودًا لحركات التغيير في كل المجتمعات.
1- يعتبر الشباب بمثابة الكتلة الحرجة التي تحمل أهم فرص نماء المجتمع وصناعة مستقبله، ويشكلون التحدي الكبير في عملية تأطيرهم وإدماجهم في مسارات الحياة الاجتماعية والوطنية والإنتاجية النشطة ويعد الشباب المصري قوة دفع هائلة للتغيير، وأحد العوامل الأساسية في نمو وتنمية الدولة بأكملها، ويُعرف جيل الشباب في مصر بأنهم الأشخاص الذين يندرجون تحت المرحلة العمرية (29-18) سنة، وهذه الفئة تشكل نحو 30 مليون نسمة، أو ما يقرب من ثلث السكان في مصر، ومن ثم فإنها تمتلك مجتمعاً فتياً.
2- ولعل حرص مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم الوطنية على القيام بدور في تنمية روح الانتماء والولاء لدى الشباب يستهدف تكريس مفهوم المواطنة المستند إلى الحقوق والواجبات، وتهيئة شباب منتٍم ومحبٍ لوطنه وثقافته، ومشارك في تنمية الوطن وتطوره مشاركة كاملة وبناءة وفاعلة، ومساهم في خلق مجتمع آمن وتأهيل النشء والشباب وتنميتهم روحيًا وخلقيًا وثقافيًا وعلميًا وبدنيًا ونفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وتمكينهم من المشاركة السياسية الفاعلة من خلال العمل مع الوزارات والمؤسسات والأفراد. وذلك بهدف تحقيق ما يلي:-

– تنمية وتعزيز قيم الانتماء والولاء والمواطنة والحقوق المدنية لدى الشباب.
– تعزيز وتوسيع وتطوير مشاركة الشباب في جميع مجالات الحياة.
– تنمية الشباب وتمكينه سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا.
– تحسين نوعية البرامج والخدمات المقدمة للشباب وتسهيل وصولهم وحصولهم عليها.
3- و يأتي اهتمام الدولة بالشباب مواكبًا لاتجاه عالمي يرمي إلى التعرف على أوضاع تلك الفئة واتجاهاتها وقيمها ودورها في المجتمع، ولعل السبب الرئيسي لهذا الاهتمام يرجع أساسًا لما تمثله فئة الشباب على وجه الخصوص من قوة للمجتمع ككل، ويتيح الاستثمار في فئة الشباب، فرصة غير مسبوقة لتسريع وتيرة النمو والحد من الفقر، وسيكون لنجاح أو فشل الاستراتيجيات تحديدًا في مجالات التعليم والصحة ورعاية النشء والشباب والرياضة تأثيرًا حاسمًا على هذا الفوج من الشباب، خاصًة في ضوء تبني استراتيجية واضحة وهادفة لتنمية الانتماء والولاء لديهم قائمة على حب الله والوطن.
4- وتعتبر التنشئة الاجتماعية بوسائطها المختلفة (الأسرة – المدرسة – جماعة الرفاق – أماكن العبادة – وسائل الإعلام – الثقافة) من أعظم العمليات شأنًا فى حياة الشباب؛ لأنها تلعب دورًا أساسيًا فى تكوين شخصياتهم، ويقع على عاتقها مسئولية تعزيز الانتماء والولاء لديهم، بالإضافة إلى أن الآفاق التنموية للدولة ونجاح التغيرات السياسية والاجتماعية ترتبط بشروط التنشئة الاجتماعية السليمة للشباب، حيث تساهم عملية التنشئة الاجتماعية في التوفيق بين دوافع الفرد ورغباته ومطالب واهتمامات الآخرين المحيطين به، وبذلك يتحول الفرد من طفل متمركز على ذاته ومعتمد على غيره، إلى فرد ناضج يتحمل المسئولية الاجتماعية ويلتزم بالقيم والمعايير الاجتماعية السائدة، فيضبط انفعالاته ويتحكم في إشباع حاجاته وينشئ علاقات اجتماعية سليمة مع غيره.

5- ويعتبر الانتماء والولاء العنصران الفاعلان في مضاعفة قوى الدولة الشاملة لأي دولة تسعى لتحقيق أهداف أمنها القومي ومصالحها الحيوية، فدعم قيم الانتماء والولاء هو أحد دعامات الأمن القومي التي تؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على مصلحة الدولة وتقدمها في الحاضر والمستقبل وتحفيز الشباب على العطاء من أجل دفع عجلة التنمية، كما يمثل الانتماء والولاء ركائز ودعائم قوة المجتمع التي تؤثر على الأمن القومي للدولة.
فالانتماء والولاء هما المحرك لسلوك الأفراد واتجاهاتهم نحو أهداف محددة، وقد يكون الانتماء والولاء لدين أو لوطن أو لجماعة أو لشخص ما أو لمبدأ، وتتعدد وتتنوع مجالات الانتماء والولاء التي ينتمي الفرد إليها ولها، وهي بمثابة كيانات تأخذ شكل دوائر متقاطعة ومتداخلة، قابلة للتدرج والانتشار، فينتقل الفرد فيها من دائرة محلية ضيقة إلى دائرة أوسع، وهكذا، وتختلف درجات الانتماء والولاء بين الأفراد نتيجة لتباين مستويات النضج الفكري من ناحية، والاتزان العاطفي من ناحية أخرى، ويتضمن مفهومي الانتماء والولاء، معانٍ كثيرة في مقدمتها الحب لكل من: (الوطن، والدين، والأسرة، والذات، والجماعة، والعمل) والشعور بالفضل والإخلاص لهم، وشعور الفرد بأنه جزء من كلٍ، وفي نفس الوقت تمسك الفرد بحقوقه وعدم التفريط فيها.
6- ويشير ضعف الانتماء والولاء إلى الاغتراب وما يصاحبه من مظاهر السلبية واللامبالاة نحو المجتمع، والأنانية، وانتشار الفساد والجريمة بكافة أشكالها, وغالبًا كلما زاد عطاء المجتمع لإشباع حاجات الفرد كلما زاد انتماء الفرد إليه والولاء له, والعكس صحيح إلي حد ما، ويعتبر ضعف الانتماء والولاء لدى الأجيال الجديدة أمر يمس صميم الأمن القومي للدولة ككل، وذلك لما لهذه الظاهرة من نتائج وخيمة على كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المختلفة، ولذلك فإن تنمية قيم الانتماء والولاء لابد وأن تتصدر قائمة اهتمامات الدولة شعبًا وحكومًة وأفردًا.
ويتوجب على جميع قوى المجتمع بكافة مؤسساته الحكومية والأهلية والمجتمع المدني التكاتف لتنمية الانتماء والولاء لدى الشباب، باعتبارهم عماد الدولة وعصب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبسواعدهم يبنى مستقبل الدولة.
