تُعتبر منظمة ” لاهافا ” وهو اختصار للعبارة العبرية ” למניעת התבוללות בארץ הקודש” ( لمنيعات هتبوللت بإريتس هكوديش) ” منع الإندماج في الأرض المقدسة”، منظمة إسرائيلية متطرفة، أسسها الناشط اليميني الراديكالي ” بن تسيون جوڤستين” عام 2019 . وكان الهدف منها وهو ما ورد في أحدى منشوراتها ” إنقاذ الفتيات من شعب إسرئيل اللواتي تم إغرائهن بتكوين علاقة أو زواج مع غير اليهود”. وكرست المنظمة جَهدها لمنع النساء والبنات اليهوديات من الاختلاط مع العرب، خاصة الفلسطينيين، وتعمل على تقديم مساعدات عملية وقانونية للنساء اليهوديات اللائي يرغبن في إنهاء علاقة عاطفية مع العرب من غير اليهود وخاصة الفتايات في سِن المراهقة. وتم تعيين فريق علاجي للعلاج النفسي من الأطباء للتعامل مع هؤلاء الفتيات، ومن ثَم فإن المنظمة الإسرائيلية اليهودية ” لاهافا ” تدعو لرفض الفلسطيني خاصة، والعربي عامة، وتقوم بالكثير من الأعمال الإرهابية وتدعم مزاعمها وتوجهاتها العنصرية بما جاء في العهد القديم.
تلقن المنظمة في نشطاءها ومنتسبيها تعاليم الحاخام “مئير كاهانا” ( 1932 – 1990 ) الذي أسس حزب “كاخ” المعادي للفلسطينيين والعرب، وقد اتهم ناشطيها بارتكاب حوادث عنف وتحريض على العرب، كما أنها تقوم بإقناع اصحاب الشركات بتوظيف اليهود فقط دون العرب. ويُقام النشاط الرئيس للمنظمة يُقام ليلة الخميس في القدس؛ حيث يقوم نشطاء المنظمة بتوزيع منشورات بأهم الشركات التي تقوم بتوظيف العرب، بوصف ذلك نوعًا من التشهير بها.
ودائمًا ما يقنعون الشباب بأن هناك الكثير من البنات اليهوديات متزوجات من عرب مسلمين متهمين بقتل يهود، على الرغم من أنهم يعتبرون يهودًا وفقًا للشريعة اليهودية. وقد اعتمدوا على هذا الأمر على ما جاء في العهد القديم بشأن وقائع قصة النبي إبراهيم؛ فقد اعتبر العهد القديم ابناء إسحاق هم اليهود فقط لإنهم من السيدة سارة اليهودية ” الحرة”، بينما أبناء إسماعيل غير يهود لإنهم من نسل هاجر المصرية ” الأمة”.
وفي عام 2015 طلب عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست إعلان هذه المنظمة منظمة إرهابية، ولكن الجهات الأمنية رأت أنه من الأفضل عدم التطرق إلى هذا الأمر في هذا التوقيت . في يونيو 2021 ، أعلن وزير الأمن الداخلي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكنيسيت ، بعد موافقة النائب العام، إعلان منظمة لاهافا منظمة إرهابية، وقدمت شكوى إلى مسجل الجمعيات ضد الجمعية التي تمول منظمة “لاهافا” لحظرها أيضًا ، وجاء رد المنظمة مؤكدًا عل مرجعيتها الدينية: : ” أننا نقوم بعمل مقدس استنادًا على كتابك المقدس وليس إرهاب”.
العهد القديم ومعاملة الآخر من غير اليهود.
تعتمد هذه المنظمة على فقرات من التراث الديني اليهودي، العهد القديم والتلمود، التي تحدد التعامل مع الآخر. والجدير بالذكر أن الكُتب الدينية اليهودية تمتلىء بالعديد من الموضوعات التي تُحدد التعامل مع غير اليهود. يوجد في كتاب “التلمود” فصولًا كاملة تُحدد تلك العلاقة وكيفية التعامل مع غير اليهود في السِلم وفي الحرب.
وقد اعتمدت المنظمة على العهد القديم دون غيره، لأنه يحتوي على الكثير من القصص التي تضم علاقات بين يهود وغير يهود مثل قصة دينة وشكيم ( تكوين 34 : 1) ، وكذلك قصة بنات موآب التي وردت في ( العدد 25: 1)، ولكن المنظمة تركز على الفقرة التي تُعزز مكانة اليهود دون غيرهم من الأمم ” مَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكَهَا، وَطَرَدَ شُعُوبًا كَثِيرَةً مِنْ أَمَامِكَ: الْحِثِّيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، سَبْعَ شُعُوبٍ أَكْثَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْدًا، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. بْنَتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ، وَبِنتْهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ” ( تثنية7 : 1 – 3 ) وكذلك ما ورد في ( ملوك أول 11: 1 – 2)
الموقف من المنظمة بين الحاخامات والعلمانيين:
احتج الكثير من الحاخامات على إدراج هذه المنظمة كمنظمة إرهابية، مثل الحاخام الأكبر لمدينة القدس، شلومو عمار، وغيره، منطلقين في رفضهم على أن المنظمة تعتمد عل ما ورد في الشريعة عن تحريم وخطورة الزواج المُختلط (سفر الخروج 34 : 12 – 16 ، تثنية 7: 3). وفي المقابل رفض العلمانيون هذه المنظمة، بدعوى أنه لا ينبغي لدولة إسرائيل أن تفكر بهذا الشكل، وأن تمادي هذا المنظمة فيما تقوم به سيضر بالدولة.
المنظمة والانتخابات القادمة:
تلعب انتخابات عام 2022 دورًا مهمًا في توظيف تلك المنظمة ومنتسبيها بوصفها واحدة من الأذرع في البرامج الانتخابية ، فنجد نفتالي بينيت، والذي كان يقود ائتلاف أحد عناصره فصيل عربي إسلامي، قد وجه إصبع الاتهام والتنديد بضرورة اعتبارها منظمة إرهابية هي وغيرها ممن يمارسون أعمال العنف والتطرف ضد الفلسطينيين.ويعلق يائير لابيد عليها قائلًا ” أنها منظمة ليست جديرة بحمل العلم الإسرائيلي” . بينما عن بيني جانتس فكان موقفه غير واضح وصريح مثل بينيت ولابيد حيث أنه قال بأنه يثق في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وتحقيقاتها وتحرياتها، وأنها ستصنف تلك المنظمة . في المقابل رد عليه زعيم المنظمة عبر تويتر بقوله أنه استقبل الرئيس الفلسطيني أبو مازن في مقر إقامته، ولكن لم نجد له موقفًا واضحًا تجاه المنظمات العربية التي تُحرض على العنف ضد اليهود.
ختامًا: التطرف والارهاب موجودان داخل إسرائيل ، ولابد لإسرائيل التي تزعم أنها دولة ديمقراطية أنه تواجه التطرف الكائن بين منتسبيها من اليهود، وأن تردعه بدلًا من أن تتهم الفلسطينيين بالأرهاب وتقوم بحملات لملاحقتهم، الأولى أن تقوم بحملات ضد الإرهاب داخلها.