كما جرت العادة في الحملات الانتخابية تلعب وسائل الإعلام دور الوسيط بين الناخبين والمسؤولين المنتخبين، ووفق آخر الدراسات التي أجرتها العديد من الشركات الإسرائيلية على عينة من الناخبين، اتضح أن معظم الناخبين لديهم مصادر رئيسية فيما يتعلق بالحملة الانتخابية، وإذا ما اتخذنا من انتخابات الكنيست الـ 24 نموذجًا، سنجد أن الأهم والأكثر شيوعًا وتأثيراً على الجمهور الإسرائيلي في تلك الانتخابات كانت المواقع الإخبارية الأكثر قارئية على الفضاء الإلكتروني، شبكات التواصل الاجتماعي، تطبيق تيك توك الذي بات لأول مرة في تلك الانتخابات مصدر مهم للدعاية والتأثير على اتجاهات الناخبين خاصة من جيل Generation Z وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية، حيث يهتم أكثر من أي جيل آخر بالسياسة إلا أن الطريق الفعال الذي يشكل مواقفه يختلف عن السبيل للأخبار وقد أدرك الساسة الإسرائيليين ذلك وحاولوا النفوذ إلى قلوبهم بأي سبيل ممكن ، وهو ما دفع نتنياهو لتدشين حسابه على تيك توك .
وفيما يلي استعراض لعينة من أهم القضايا محل الاهتمام الإعلامي قبيل الانتخابات والتي كان لها انعكاس على تفويت الفرصة على نتنياهو ليتكرر نفس سيناريو الجولة الثانية من الانتخابات، وذلك على النحو التالي :
• عينة من أبرز القضايا الخارجية محل التناول قبيل الانتخابات:
1-لقاء نتنياهو والسيسي قبيل الانتخابات:
دائما ماتحظى العلاقات الإسرائيلية مع مصر تحديدًا بالترويج للحملات الانتخابية للمرشحين البارزين وذلك باعتبارها قوة عظمى إقليمية، وأول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل.
وقد لعب موقع walla الذي يتصدر وفق بيانات المسح التي تجريها كبرى الشركات الإسرائيلية أكثر المواقع الإخبارية متابعة وقارئية على الفضاء الإلكتروني فدائما ماكان الإعلامي والصحفي باراك رافيد معلق الشؤون السياسية يتعمد الانفراد بنشر الأخبار الحصرية المثيرة للضجة والتي تتعلق في الأساس بنشاط نتنياهو الخارجي قبيل الانتخابات ففي ضوء التركيز على علاقات نتنياهو مع مصر، نشر تقريرًا بتاريخ 3 فبراير 2021 تحت عنوان” نتنياهو يرغب في زيارة مصر قبل الانتخابات”، فللوهلة الأولى يبدأ تحليل أي خطاب من العنوان حيث بدا للقارئ أن نتنياهو يحاول استغلال مصر في الانتخابات للمتاجرة بالعلاقات الجيدة بين البلدين.
وقد اعتمد الكاتب في التقرير على الاستمالات العقلانية بالاستناد إلى مصادر إسرائيلية مطلعة “مجهولة المصدر” كشفت كواليس الزيارة ، حيث قالت إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وضع شرطًا لزيارة نتنياهو إلى مصر بأن يقدم بادرة طيبة حيال القضية الفلسطينية على سبيل المثال التصريح بالالتزام بحل الدولتين ..فيما فرد الكاتب مساحة لاتتعدى سوى سطر فقط من التقرير المطول لرد مصادر في حاشية نتنياهو برفض الادعاء بأن الرئيس السيسي قد اشترط ذلك في اللقاء.
وفي رد فعل القراء على التقرير .. فقد استحوذ على تعليق 712 قارئ أغلبهم من المنتمين لمعسكر يسار وسط، تبعًا لانتماءات الموقع حيث تمحورت معظم التعليقات حول الحديث عن خبث نتنياهو وذكاء وحكمة المصريين وأنهم لم يستقبلو هذا المحتال إلا فقط بعد الانتخابات الإسرائيلية، وكذلك تأكيد القراء على أهداف نتنياهو الرامية من وراء زيارته إلى مصر قبيل الانتخابات حيث يعلم بيبي كيف يرضي المصريين ويشيد بالفلسطينيين فقط لإرضاء المصريين وبالطبع إذا زار مصر قبل الانتخابات فإنه سيستهدف عرب إسرائيل وينساهم بعد الانتخابات.
2- إثارة قضية زحالقة المسجون في مصر:
وفي محاولة من الإعلام المحسوب على تيار يسار وسط لإقحام مصر مرة أخرى في الدعاية ضد نتنياهو لإفشال حملته الانتخابية؛ حيث ليس المقصد مصر بالأساس بل الهدف الرامي هو فقدان نتنياهو أصوات عرب إسرائيل الذي يعول عليهم تحديدًا في تلك الانتخابات.
على خلفية الحملة التي خاضها حزب الليكود الحاكم ضد القائمة المشتركة، في الوسط العربي لمحاولة تجنيد الدعم في دوائر معينة لصالح بنيامين نتنياهو، رفع حزب الليكود في شعاراته الموجهة ضد القائمة المشتركة على لوحات إعلانية شعار:“ماذا فعلت القائمة المشتركة؟” الجواب “ولا اشي”. كما استهدف نتنياهو قبيل إجراء الانتخابات مباشرة عرب إسرائيل بفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يؤكد لهم تعهد بتشغيل خط طيران بين تل أبيب ومكة لتسهيل أداء مناسك الحج عليهم.
وفي محاولة من الإعلام المحسوب على تيار اليسار وسط إلى إفشال تلك الدعاية الانتخابية التي روجها نتنياهو ليظفر بأصوات من الوسط العربي نشر موقع ynet ثان أكبر المواقع الإخبارية الأكثر قارئية لتبعيتها لكبار الصحف وهي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” تقريرًا قبل إجراء الانتخابات بيومين تحت عنوان “أسرة إسرائيلي قابع في السجن المصري:” نتنياهو غير مستعد للاجتماع معنا”، جاء توقيت التقرير قبل يومين من إجراء الانتخابات، حيث استهدف فقط جمهور عرب إسرائيل وذلك بإعادة قضية معاذ زحالقة ، عربي إسرائيلي من قرية كفر قرع ، مسجون في مصر منذ 2011 بعد إدانته بتهريب أسلحة.
وظف التقرير الاستمالات العاطفية بالاستشهاد بتوجيه أسرة معاذ زحالقة أصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء بعدم السعي للإفراج عن معاذ زحالقة والتأكيد أن محاولات الدولة لمساعدة الأسرة في الإفراج عن نجلهم لم تكن جادة، ودون جدوى، في حين جاهد نتنياهو لأجل إطلاق سراح المواطنة الإسرائيلية نعمة يسسخار من السجون الروسية، والتي تم العفو عنها من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
3- الإمارات وحملة نتنياهو الانتخابية :
ومن أبرز القضايا التي حظيت كذلك باهتمام إعلامي واسع سواء على المواقع الإخبارية أو تعليقات المحللين على صفحاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي كان استغلال نتنياهو للعلاقات مع الإمارات في حملته الانتخابية وذلك من خلال اعتزامه السفر إلى أبوظبي قبيل الانتخابات والذي تأجل عدة مرات فيما كان المرة الأخيرة قبل أيام من إجراء الانتخابات والتي تم إرجاءها بعدما رفضت الأردن منح طائرة نتنياهو الإذن بعبور مجالها الجوي إلى الإمارات، مما أجبر نتنياهو على تأجيل رحلته إلى الإمارات التي كان سيلتقي خلالها ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومن بعدها لم يأني نتنياهو حيث سعى بكل ما أوتى من قوة بمغازلة الناخبين بالدعم المادي الإماراتي له، حيث تطرق في مقابلته الحصرية مع القناة 13 العبرية قبل عشرة أيام من الانتخابات إلى إعلان الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي بأنه ينوي الاستثمار في إسرائيل بعشرات المليارات من الدولارت وذلك لقناعته بالطريق الذي يقوده وهو ما أثار غضب القيادات الإماراتية .. وقد استغل الإعلام المحسوب على اليسار ذلك بإبراز انتقادات قيادات الإمارات لزج نتنياهو بهم في حملته الانتخابية.. فيما جندت صحيفة “يسرائيل هيوم” الداعمة لنتنياهو البروفيسور إيال زيسر أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب للرد على الشامتين من الإعلام المحسوب على اليسار بدعوة هؤلاء المعلقين من بعض وسائل الإعلام في إسرائيل الذين شمتوا بسبب تأجيل زيارة رئيس الوزراء إلى الإمارات العربية المتحدة، وكذلك بسبب “الأزمة” مع الأردن ، بالتمهل والتأكيد على أنه على الرغم من الكتف البارد من جانب إدارة بايدن ، و مصالحتها تجاه الإيرانيين، فإن العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج تزداد قوة. وفي خضم المشاورات حول تشكيل الحكومة المقبلة واحتمالية أن يحظى حزب راعم المنتمي لجماعة الإخوان بتأييد حكومة نتنياهو ، تعمل المواقع المحسوبة على تيار اليمين الوسط والحريديم من التحذير من تلك الخطوة التي قد تتسب في خسارة تحالفتهم مع مصر، الإمارات، والأردن والبحرين والمغرب الذين تقاتلون بشدة ضد التطرف الديني المستوحى من جماعة الإخوان المسلمين.
————————————————————————
الهوامش:
(1) נתניהו רוצה לבקר במצרים לפני הבחירות. א–סיסי מתנה זאת במחווה לפלסטינים
https://news.walla.co.il/item/3415809
(2) نتنياهو يبذل جهودا للحصول على أصوات العرب
i24NEWS 20 فبراير 2020
(3) משפחת ישראלי שנמצא 10 שנים בכלא המצרי: “נתניהו לא מוכן להיפגש איתנו
https://www.ynet.co.il/news/article/ryK1OWHNu
(4)נתניהו: “אפחית את שיעורי המס לעסקים קטנים, הכסף יבוא מהצמיחה“
https://www.israelhayom.co.il/article/860515
מערכת ישראל היום פורסם ב13.03.2021
(5) חייבים להתעשת: המשבר הפוליטי פוגע בביטחון ישראל
https://www.mako.co.il/news-columns/2021_q1/Article-4b9e99be5338871027.htm
פרופ‘ אפרים ענבר N12| פורסם 01/04/21
https://nvdeg.org/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-2021/