أبناء القوات المسلحة يضربون المثل في الفداء لإنقاذ مصر من أعداء الداخل والخارج

احتفالية المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية بالذكرى 49 لانتصارات أكتوبر:

«لست أتجاوز إذا قلت إن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر سنة 73، حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياح خط بارليف المنيع، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة، بعد أن أفقدت العدو توازنه، كما قلت، في 6 ساعات»، جاءت هذه الكلمات في أحد أشهر الخطابات الراسخة في وجدان كثير من المصريين، عندما وقف الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تحت قبة البرلمان، يوم 16 أكتوبر 1973، ليلقي خطاب النصر المجيد، الذي أعاد لمصر والأمة العربية عزتها وكرامتها، ليؤكد بكل ثقة أن «هذا الوطن يستطيع أن يطمئن، ويأمن بعد خوف؛ لأنه قد أصبح له درع وسيف».

وتحل هذه الأيام الذكرى الـ49 لأحد أهم وأعظم الانتصارات في التاريخ المصري الحديث، لم يكن انتصاراً عسكرياً فحسب، بل إنه كان بمثابة عبور من مرارة الهزيمة والانكسار إلى النصر المجيد، الذي فتح الباب أمام مرحلة جديدة من البناء والتنمية، وهي الذكرى التي تتجدد معها روح الأمل والثقة في أبناء القوات المسلحة، الذين يضربون أروع الأمثلة في التضحية والفداء، للدفاع عن مصر وإنقاذها من شرور الفتن والمؤامرات، التي يحيكها لها الأعداء، ليس فقط في الخارج، وإنما أيضاً من أعداء الداخل، الذين يتاجرون بمصالح الوطن ومستقبل أبنائه، تنفيذاً لأجندات مشبوهة، للمساس بأمن واستقرار مصر، وبالتالي زعزعة استقرار المنطقة العربية ككل.

وبمناسبة الذكرى 49 لانتصارات أكتوبر المجيدة، أقام المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية، برئاسة اللواء محمد عبدالمقصود، احتفالية لتكريم عدد من أبطال انتصارات أكتوبر من قادة القوات المسلحة، عرفاناً بدورهم في تحقيق النصر الذي أعاد للأمة كرامتها، من ضمنهم اللواء محسن النعماني، وزير التنمية المحلية ومحافظ سوهاج الأسبق، وكيل اول المخابرات العامة، واللواء علي حفظي، رئيس جهاز الاستطلاع ومحافظ شمال سيناء الأسبق، ومستشار مدير أكاديمية ناصر للدراسات العليا، واللواء دكتور مصطفى حامد سليمان، من قوات الصاعقة وأحد أبطال معركة «أبو عطوة» جنوب الإسماعيلية، كما حضر الاحتفالية الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

اللواء محمد عبدالمقصود: تحقيقات لجنة «أجرانات» تكذّب الادعاءات المعادية ونسعى لبناء جيل جديد من الباحثين

في بداية الاحتفالية، ألقى اللواء محمد عبدالمقصود، رئيس مجلس أمناء المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية، كلمة تقدم فيها بالتهنئة للشعب المصري وجميع أبناء القوات المسلحة بمناسبة الذكرى 49 لانتصارات أكتوبر المجيدة، وأكد فيها حرص المنتدى على الاحتفال بهذه الذكرى سنوياً، بمشاركة عدد من قادة وأبطال الجيش المصري الذين سطروا ملحمة الانتصارات بأرواحهم ودمائهم، معرباً عن ترحيبه بالحضور، قائلاً: «نستضيف اليوم قادتنا الذين علمونا ودربونا وزرعوا فينا قيم الولاء والانتماء، وكان لهم فضل كبير علينا لتعزيز القيم الوطنية، وفي مقدمتها قيمة الوفاء لهؤلاء القادة».
وقال اللواء «عبدالمقصود» إن القوات المسلحة كان لها الفضل الكبير في استعادة كرامة الشعب المصري، واستعادة الدولة المصرية، واعتبر أن أي كلمات لن يمكنها أن تفي بحق القوات المسلحة على دورها في التصدي لمحاولات التأثير على الدولة المصرية، مشيراً إلى أن مصر تعرضت لمؤامرة خطيرة في عام 2011، تنبه لها الجيش مبكراً، وتمكن من إنقاذ الدولة المصرية، وأضاف أن المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية يسعى لبناء جيل جديد من الباحثين في الشؤون الإسرائيلية، لإحياء القيم الوطنية المستوحاة من انتصارات أكتوبر المجيدة.
ولفت رئيس المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية إلى الإدعاءات التي ترددت خلال الفترة الأخيرة، بغرض التشكيك في انتصار الجيش المصري خلال حرب أكتوبر 1973، وأكد أن تحقيقات لجنة «أجرانات»، التي أمرت الحكومة الإسرائيلية بتشكيلها لمساءلة القادة العسكريين بعد الهزيمة التي مُني بها «الجيش الذي لا يُقهر»، خلصت إلى أن ما حققه الجيش المصري في السادس من أكتوبر، كان «نصر عظيم بكل المقاييس»، بحسب شهادات عدد من قادة الجيش الإسرائيلي، وأعلن «عبدالمقصود» عن تكليف وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم بترجمة تقرير لجنة «أجرانات»، بحيث تكون النسخة المترجمة جاهزة العام المقبل، بمناسبة الذكرى الـ50 لانتصارات أكتوبر المجيدة.

اللواء علي حفظي: «ملحمة أكتوبر» تضمنت 5 معارك فاصلة لاسترداد الأرض واستعادة شرف العسكرية المصرية

ومن جانبه، قال اللواء علي حفظي، رئيس جهاز الاستطلاع ومحافظ شمال سيناء الأسبق، ومستشار مدير أكاديمية ناصر للدراسات العليا، إن ذكرى انتصارات أكتوبر «مناسبة من أعظم المناسبات، من الصعب أن نجد ما يماثلها في تاريخنا المعاصر»، مشيراً إلى أن «ملحمة أكتوبر»، كما يحب أن يطلق عليها، كان لها هدفان رئيسيان، يتمثل الهدف الأول، وهو مطلب لمصر كلها قيادةً وشعباً وجيشاً، في استرداد الأرض، بينما يتمثل الهدف الثاني في استعادة شرف العسكرية المصرية، نتيجة ما حدث في 5 يونيو 1967، بسبب «خطأ سياسي وعسكري» في تلك المرحلة.

واستطرد اللواء «حفظي» أن «ملحمة استرداد الأرض» استمرت على مدار 22 سنة، من يوليو 1967 حتى مارس 1989، حتى رفع العلم المصري على طابا، مشيراً إلى أن هذه الملحمة شهدت 3 مراحل، الأولى وهي مرحلة الصراع العسكري، استمرت لمدة 6 سنوات من 1967 حتى 1973، وشهدت المرحلة الثانية، التي استمرت 9 سنوات، صراعاً سياسياً تفاوضياً مع ترتيبات عسكرية، من أجل انسحاب القوات المعادية من شبه جزيرة سيناء، ثم المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي مرحلة التحكيم الدولي حتى الانسحاب من طابا، واستمرت لمدة 7 سنوات.

وأوضح أن مرحلة الصراع العسكري، بين هزيمة يونيو 1967 ونصر أكتوبر 1973، شهدت 5 معارك، تمثلت المعركة الأولى في إعادة بناء الجيش المصري، وسط ظروف بالغة الصعوبة، حيث كان يتعين على القوات المسلحة المصرية تعزيز قدراتها للدفاع عن الوطن ضد أي اعتداءات، وفي نفس الوقت إعادة بناء وحدات الجيش من جديد، بينما تمثلت المعركة الثانية في حرب الاستنزاف، والتي استمرت لنحو 1000 يوم، منها حوالي 500 يوم قتال فعلي على الأرض، وشهدت تنفيذ أكثر من 4000 عملية عسكرية ضد القوات المعادية، وذلك بهدف توجيه مجموعة من الرسائل للجانب المعادي، مشيراً إلى أن هذه العمليات طالت مناطق في العمق الإسرائيلي، ونقلت «رسالة خوف» إلى الضفة الشرقية من القناة، واستمرت هذه المعركة حتى مبادرة «روجرز» في يوليو 1970.

المعركة الثالثة، التي تحدث عنها اللواء علي حفظي، تمثلت في استحداث سلاح جديد في الجيش المصري، وهو قوات الدفاع الجوي، خاصةً بعدما أصبح الجانب المعادي لديه تفوق غير عادي في القوات الجوية، التي كان يعتبرها «الذراع الطولى»، وخلال أقل من 4 سنوات، كان سلاح الدفاع الجوي من أكثر الأسلحة تفوقاً، من خلال بناء «حائط الصواريخ»، بهدف حماية الجبهة الداخلية، إضافة إلى حماية القوات أثناء مرحلة عبور القناة واقتحام خط بارليف، ثم تمثلت المعركة الرابعة في التخطيط الدقيق للعمليات العسكرية وخطة الخداع الاستراتيجي، التي شاركت مختلف قطاعات الدولة في تنفيذها إلى جانب القوات المسلحة، وصولاً إلى المعركة الخامسة، التي تمثلت في العبور إلى الضفة الشرقية من القناة.

وبالنسبة لـ«ملحمة استعادة شرف العسكرية المصرية»، أوضح رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أنها استمرت حوالي 22 يوماً، من 6 إلى 28 أكتوبر، وتضمنت تحقيق العديد من الانتصارات على طول قناة السويس، من خلال الضربات الجوية المباغتة، التي استهدفت النقاط الحصينة للعدو على خط بارليف، بالإضافة إلى استخدام سلاح المدفعية لقطع خطوط الإمدادات شرق القناة، كما نجحت قوات الدفاع الجوي في التصدي للطائرات المعادية ومنعت اقترابها من القناة، وتم استخدام خراطيم المياه لإنشاء 60 فتحة في خط بارليف، سمحت بتدفق الدبابات والمدفعية الثقيلة إلى سيناء.

اللواء محسن النعماني: انتصار أكتوبر عسكري بدعم شعبي وأطراف معادية حاولت إعادة المؤامرة ضد مصر في 2011

وتحدث اللواء محسن النعماني، وزير التنمية المحلية ومحافظ سوهاج الأسبق، في كلمته، عن دوره في حرب أكتوبر، حيث كان يشغل موقع رئيس عمليات كتيبة مشاة ميكانيكي بالجيش الثالث الميداني، وقال إن «مصر كادت تضيع في 1967»، ولكنها انتفضت لتحقق هذا الانتصار الكبير في 1973، خلال 6 سنوات فقط، مؤكداً أن «ما حققته القوات المسلحة في 6 أكتوبر 1973 كان بدعم من الشعب المصري»، واعتبر أن التاريخ يحاول أن يعيد نفسه، بقوله إن «ما حدث في عام 2011 يُعد معركة مكررة لما حدث في أعوام 1948 و1956 و1967»، مشيراً إلى أن مصر تتعرض لاستهداف دائم من جانب القوى المعادية، وأن القوات المسلحة قادرة على مواجهة أعداء الداخل، بنفس قدرتها على دحر أعداء الخارج.

وأشار اللواء «النعماني» إلى عدد من المشاهد التي عاشها أثناء الحرب، والتي تعكس القيم الوطنية التي يتحلى بها أبناء القوات المسلحة، مشيراً إلى أنه شاهد أحد الجنود في كتيبته وقد سقط على الأرض نتيجته إصابته خلال المعارك، وعندما هرع إليه محاولاً إنقاذه، صاح الجندي المصاب قائلاً: «خليك مكانك يا افندم، احنا جايين ندافع عن مصر، مش جايين ندافع عن نفسنا»، كما أشار إلى مشهد آخر للواء محمد الفاتح كريم، وكان برتبة عقيد في ذلك الوقت ويتولى قيادة لواء مشاة ميكانيكي بالجيش الثالث، وهو الذي قاد معركة السيطرة على «جبل المر» في سيناء، حيث كان يهرع إلى مساعدة الجنود في حمل معداتهم أثناء صعود الجبل، الذي أطلق عليه اسمه بعد المعركة.

 

اللواء مصطفى حامد: معركة «أبو عطوة» كشفت الأكذوبة ويجب ربط المناطق الحدودية بالعاصمة لتعزيز قيم الانتماء

كما أعرب اللواء الدكتور مصطفى حامد سليمان، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، عن اعتزازه بالقيم الوطنية التي يستلهمها الشعب المصري وأبناء القوات المسلحة من ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، متمنياً أن تستمر هذه الروح، ودعا إلى ربط المناطق الحدودية بالعاصمة، لتعزيز انتماء أبناء هذه المناطق للوطن، مشيراً إلى أنه بعد تخرجه من الكلية الحربية شارك في حرب اليمن، وأثناء حرب يونيو 1967 كان ضمن القوات المصرية الأردنية المشتركة، والتي كانت تتواجد غرب الأردن في ذلك الوقت، وتمكنت من تنفيذ عمليات نوعية داخل العمق الإسرائيلي.

أما عن دوره في حرب أكتوبر 1973، فقال إنه قبل أيام قليلة من الحرب تم سحب مجموعته من قوات الصاعقة، إلى إحدى الوحدات غرب القاهرة، بالقرب من مدينة 6 أكتوبر حالياً، قبل أن يتم استدعاء المجموعة مرة أخرى للتعامل مع القوات المعادية التي استطاعت عبور قناة السويس إلى الجهة الغربية، حيث دارت معارك عنيفة في منطقة «أبو عطوة»، جنوب الإسماعيلية، وتم وقف تقدم العدو باتجاه الإسماعيلية عند قرية «الضبعية»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين كانوا يرتدون ملابس خاصة بالجيش المصري، أو ملابس الفلاحين، إلى أن تم اكتشافهم وقتل عدد كبير منهم.

 

الدكتور عويضة عثمان: جيش مصر خير أجناد الأرض وجيلنا يعيش عزيزاً مرفوع الرأس بفضل انتصارات أكتوبر

ووجه الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، التحية إلى أفراد القوات المسلحة، الذين أكد أنهم «يدافعون عن الوطن بأرواحهم ودمائهم، لنحيا بكرامة»، وقال إن «جيلنا يعيش عزيزاً مرفوع الرأس»، بفضل انتصارات أكتوبر المجيدة، في وقت كان يُشاع أن العدو «قوة لا تُقهر»، مشيراً إلى أن «جند مصر خير أجناد الأرض»، كما ثبت في روايات عدد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال نبي الله يوسف عن مصر: «لم يدخلها غريب إلا أكرمته»، وأكد على أهمية إرساء قيم الولاء والانتماء وحب الوطن، واختتم بقوله إن «مصر ستبقى دائماً محفوظة بعناية الله تعالى».

ووجه اللواء محيي نوح، من قادة قوات الصاعقة، التحية إلى أرواح جميع الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم فداءً لوطنهم، مشيراً إلى أنه شارك في حرب اليمن ضمن إحدى مجموعات الصاعقة، وعن حرب 1967، قال إن الجندي المصري لم تكن أمامه فرصة للقتال، ومع ذلك خاض معارك شرسة ضد القوات المعادية خلال حرب الاستنزاف، مشيراً إلى أن وحدته نفذت 92 عملية ما بين إغارة وكمائن، وعمليات خلف خطوط العدو، وفي العمق الإسرائيلي، مما كان له أكبر الأثر في كسر الحاجز النفسي للمقاتل المصري، الذي استطاع أن يحقق المستحيل، وفي المقابل كانت بمثابة رسائل ردع للجانب المعادي.

وفي نهاية الاحتفالية، قام اللواء محمد عبدالمقصود بإهداء درع المنتدى المصري لتنمية القيم الوطنية إلى كل من اللواء محسن النعماني، واللواء علي حفظي، والدكتور عويضة عثمان، واللواء مصطفى حامد، واللواء محيي نوح، واللواء مجدي فؤاد محمد صادق، من مركز الدراسات الاستراتيجية، واللواء علي صالح، مساعد وزير الدفاع الأسبق، وإلى روح الدكتور إبراهيم البحراوي، أستاذ الدراسات الإسرائيلية، والمهندسة عبير عصام، رئيس مجلس إدارة الشركة الراعية للاحتفالية.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version