• طويت زيارة اردوغان للقاهرة فى الرابع عشر من فبراير الجارى عقد كامل من القطيعة السياسية بين البلدين ، ليشهد يوم الزيارة سطوع جديد لشمسً دافئة مشرقة بنورها الساطع بين القاهرة و اسطنبول العاصمة التاريخية لتركيا .

ولقد كتبنا كثيراً خلال السنوات الماضية عن أهمية إستمرار العلاقات والقفز على جميع الخلافات بالجلوس على مائدة واحدة لحل أى خلافات شارده أو وارده لان ذلك المنطق السليم للخلافات داخل العائلة الواحدة    ( المصرية  والتركية )  فما يجمع البلدان أكثر بكثير مما يفرقهما .

المجلس الأعلى للعلاقات الاستراتيجية

  • وقع الرئيسان السيسى وأردوغان على إتفاق لتأسيس المجلس الأعلى للعلاقات الإستراتيجية برئاسة روساء البلدين لينعقد بصفة دورية كل عامين بالتناوب بين القاهرة وأنقرة وسيعقد الإجتماع الأول خلال الزيارة المقبلة للرئيس السيسى لأنقرة فى مايو المقبل  .كما  سيعمل المجلس الإستراتيجى الأعلى على التعاون المشترك بيت  مصر وتركيا فى المجالات السياسية والدبلوماسية و الاقتصاد والتجارة، والنقل والطيران والسياحة و الصحة، الصناعات الدفاعية والعسكرية و الثقافة والتعليم والعلوم التكنولوجية.
  • كما تم تكليف وزراء خارجية البلدين، بالتنسيق مع الوزراء الآخرين المعنيين، بإتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإعداد مذكرات التفاهم والإتفاقيات اللازمة لتفعيل التعاون في هذه المجالات للتوقيع عليها فى الزيارة المقبلة .
  • كما سيحدد المجلس الأعلى شكل التعاون والتكامل فى العهد الجديد من العلاقات بين البلدين (عهد المصالح المشتركة ) لتشهد العلاقات السياسية توافقاً وعملاً مشترك فى مناطق تماس الأمن القومى المصرى، لتكون ليبيا هى أولى تلك  الملفات التى ستشهد تعاون وتوافق فى الرؤى المشتركة  لذلك تنتظر الدولة المصرية من تركيا تعاون مثمر وصاحب أثر وإستقرار فى الدولة الليبية وذلك بتفعيل خارطة الطريق التى تم الإتفاق عليها للشأن الليبى وتسليم إدارة ليبيا إلى حكومة منتخبه من أبناء الشعب الليبى لتحدد الحكومة الليبية المقبلة أهدافها ومصالحها العليا بأيد أبناء ليبيا  ، كما تنتظر مصر من تركيا أيضاً تعاون مشترك فى إعادة إعمار ليبيا سواء بالغرب أو الشرق الليبى وذلك لعودة الرخاء والتنمية للدولة الليبية  .

كما ستشهد الزيارة الرئاسية المقبلة آلية تعاون مصرى تركى  فى أفريقيا بشكل عام وفى القلب منها مناطق النزاع فى السودان والصومال ودول حوض النيل  وذلك لأهمية العمق الأفريقى الإستراتيجى للدولة المصرية التى أسست منظمة الوحدة الإفريقية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر والذى أصر على أن يكون  المقر فى اديس ابابا  حفاظاً على العلاقات الأخوية بين مصر واثيوبيا  فى ذلك الوقت .

إتفاقيات زيارة مايو المقبلة لأنقرة

من الأهمية إستثمار القاهرة وأنقرة لقوة عودة العلاقات بالزيارة الرئاسية المقبلة لتركيا لتتضمن تفعيل المجلس الأعلى للتعاون الإستراتيجى برئاسة الرئيس السيسى والرئيس اردوغان وذلك بالعمل على توقيع الأتفاقيات التالية :-

 (أ) إتفاقية تعاون فى الصناعات الدفاعية التركية مشتملة على خطة تدربية مشتركة بين البلدين

(ب)  إتفاقية تعاون بين القطاع الخاص المصرى والتركى فى صناعة الطائرات المسيرة .

(ج)  برتوكول تعاون فى التعليم التكنولوجى الجامعى بين وزارة التعليم العالى المصرية والتركية  .

(د) برتوكول تعاون فى التعليم التكتولوجى قبل الجامعى بين وزارة التربية والتعليم المصرية والتركية  .

 (د) إتفاقية تعاون بين الأرشيف العثمانى ودار المخطوطات المصرية .

زيارة أردوغان لمقام سيدنا الإمام الشافعى :-

أرشيفية

إستحوذت زيارة الرئيس أردوغان لقبر الإمام الشافعي بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة على إهتمام كبير وتحليلات متعددة ولكن نرى أن زيارة أردوعان لضريح  إمامنا الشافعى  ترجع لما يلى  :-

1-القيمة الكبيرة لمولانا الإمام الشافعي أحد أئمة الفقه السني الكبار ، كما أن زيارة العتبات المقدسة فى القاهرة هو تقليد عثمانى قديم منذ دخول السلطان سليم الأول للقاهرة .

2- وجود مقابر العائلة الملكية أو مقابر أسرة محمد على باشا، أو كما يطلق عليها حوش الباشا فى مقابر الإمام الشافعي، وهي تضم مجموعة من المدافن تعود للأسرة الملكية العلوية بجوار مسجد الإمام الشافعي، ويعود تاريخ إنشاء مقابر “حوش الباشا”، إلى عام 1816 حيث بناها الوالى  محمد على باشا، ولكنه لم يدفن بها حيث دفن بجامعه الشهير فى قلعة صلاح الدين.. ومدفون بالمقابر بعض ولاة مصر مثل إبراهيم باشا وعباس حلمي الأول وغيرهم ، كما أن  دلالة الزيارة أيضا هو إبراز الأهمية الدينية والسياسية والتاريخية للمنطقة فى العلاقات التاريخية بين مصر وتركيا فالبنسبة لتاريخنا  المشترك  ، فأسرة محمد علي وفترة حكمهم لمصر جزء مهم وصاحب أثر كبير فى الدولة المصرية الحديثة ، كما  أن هذه الزيارة كان مرتباً لها منذ عام ٢٠١٢، وكان وقتها قد أبدت مؤسسة (تيكا) التركية رغبتها في ترميم مسجد وضريح الإمام الشافعي والجامع الأزهر  في إطار التعاون المشترك والحفاظ على الإثار والقواسم التاريخية المشتركة بين البلدين  .

إنتصار السيسى والوالدة باشا :-
أرشيفية

يزخر تاريخ العلاقات المصرية التركية بسيدات عظيمات ساعدت على نمو العلاقات ووصولها إلى مستوى عالى فى وقت قياسى وكانت الوالدة باشا والتى كانت واحدة من تلك النساء حيث كانت  من أعظم نساء القرن العشرين والتى لقبت بأم المحسنين وسيدة التعليم الأولى ممن ذكرهم التاريخ ووقف عند أعمالها كثيراً  .

و لقد شهدت زيارة الرابع عشر من فبراير لقاء هو الأول بين السيدة انتصار السيسى والسيدة أمينة اردوغان إستطاعت السيدة إنتصار السيسى  فى ذلك اللقاء كسيدة مصرية من ترك إنطباع وأثر كبير فى نفس السيدة أمينة اردوغان والتى تحدثت عن وصف السيدة إنتصار بأنها  بالغة التأثير على ضيوفها و سيدة لبقة وحسنة المعشر واللقاء  ، وقد جاء المؤرخين بهذا الوصف ايضا على الوالدة باشا مما جعلنا نضعهم فى منزلة واحدة فى تاريخ وعودة العلاقات المصرية التركية .

لذلك من المتوقع أيضاً خلال الزيارة القادمة لتركيا ان تشهد مصر وتركيا تعاون كبير فى مجلات الإغاثة والعمل الإنسانى المشترك بين البلدين برئاسة السيدة إنتصار السيسى والسيدة أمينة اردوغان

تركيا فى العقل والوجدان المصرى :-

  • تظل لتركيا وأسطنبول مكانة خاصة فى العقل والوجدان المصرى فعندما ينظر المصريون إلى تركيا فأنهم ينظرون إلى الدورالتاريخى الذى قامت به القاهرة فى دعم الدولة العثمانية منذ دخول العثمانين مصر عام 1517 م بقيادة السلطان سليم الأول الذىأتى للقاهرة سلطاناً وخرج منها خليفة للمسلمين يدعى له على منابر العالم السنى هو ومن بعده من سلاطين  الدولة العثمانية أكثر من  أربعمائة عاماً حتى سقوط الدولة العثمانية  وذلك عندما تنازل أخر الخلفاء العباسين فى القاهرة ” محمد المتوكل على الله ” عن حقة فى الخلافة للساطان وسلمة  راية الخلافة والأمانات المقدسة لرسولنا الكريم صلى الله علية وسلم والتى أستقر بها فى قصر طوب قابى بأسطنبول ،حيث كانت الخلافة  الإسلامية فى القاهرة رمزية فى العهد المملوكى .

2- كما  أن لتركيا مكانة خاصة فى  مصر فعندما ننظر إلى عمارة إسطنبول الإسلامية فأننا تتذكر المهندسين والفنيين المصريين الذينإصطحبهم السلطان سليم معه لإحداث نهضة معمارية فى أسطنبول .

3-  كما أن المصرين عندما ينظروا  لتركيا الحديثة فأنهم يتذكروا المسئولية التاريخية لمصر فى إحتضان عدد من الأدباء وعلماء الدينالترك الذين أتوا إليها بعد سقوط الخلافة وإنشاء الجمهورية التركية الجديدة  ليقضوا حياتهم  بالقاهرة ويدفنوا فى أرضها .

  • كما أن  التاريخ المشترك بين مصر و  تركيا تجده حافل بالنماذج  والمواقف الداعمة للدولة العثمانية تاريخياً وأدبياً وعسكرياً أيضاًفى معارك عديدة  شهدت محاربة الجندى المصرى بجانب التركى وإستشهادهم جنباً إلى جنب .
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version