د/ مروة إبراهيم
تلقي هذه الورقة الضوء على أبرز ما تناولته الصحف الإثيوبية، ولا سيما المعارضة، حول أوضاع إثيوبيا داخليًا وخارجيًا من نواح شتى.
أولا:على المستوى الداخلي
أ- اجتماعيًا
1- خلافات دينية تهدد وحدة المجتمع الإثيوبي
تعد الكنيسة الارثوذكسية الاثيوبية التوحيد الأم ተዋሕዶ (EOTC) واحدة من أقدم الكنائس الشرقية في العالم، وكانت تتبع الكنيسة المصرية الأرثوذكسية منذ نشأتها في تعاليمها ومذاهبها، ولعبت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الإثيوبية، من خلال ممارستها الدينية والروحية الهادفة، غير أنها انفصلت عنها في منتصف القرن العشرين تقريبًا، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تدب النزاعات والانشقاقات والخلافات الدينية والإثنية، التي من شأنها زعزعة وحدة المجتمع الإثيوبي؛ أبرزها انفصال كنيسة تيجراي الارثوذكسية التوحيدية المستقلة منذ أكتوبر 2024م عن الكنيسة الإثيوبية الأم. وقد تناولت صحيفة “أديس ستاندرد” في 2-9 بعض الخلافات والمعارضات الشديدة، منها ما شنته مؤخرًا الإدارة المؤقتة لتيجراي، بسبب قرار مجمع الكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية بإنشاء أبرشية جديدة تتمتع بالحكم الذاتي لست مقاطعات في جنوب تيجراي كانت تابعة سابقًا لأبرشية مايتشو. وقد وصف رئيس الإدارة المؤقتة، الفريق تاديسي وريد، قرار المجمع بوضع المقاطعات تحت إشراف أبرشية شمال وولو بأنه “قرار سياسي بعيد عن الوظيفة الدينية”. وأعرب عن موقف الإدارة خلال كلمته في مهرجان إينواري السنوي في أكسوم، قائلًا: “لن ينسى التاريخ الظلم والأذى الذي ألحقته الكنيسة بشعب تيجراي، الذين كانوا أول من اعتنق ونشر الإيمان الأرثوذكسي في أنحاء البلاد”.
2- دمار واسع النطاق بسبب هطول الأمطار
استاءت صحيفة” أديس استاندر” في خبر نشرته بتاريخ 5-9 حول أوضاع المواطنين وعدم استقرارهم، بسبب هطول الأمطار الغزيرة المختلطة بالبرد والرياح في مناطق وقرى متفرقة في إقليم أمهرة، مما أودى بحياة كثير من الأشخاص وتدمير مساحات شاسعة من الأراضي والمحاصيل الزراعية والمنازل وغير ذلك، وفقًا للمزارعين والمسؤولين المحليين.
كما نشرت صحيفة “ذا ريبورتر” خبرا حول معاناة المواطنين؛ حيث إن 37 مليون إثيوبي يفتقرون إلى المياه اللازمة للخدمات الأساسية، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
ب-اقتصاديًا
1-غموض وراء استقالة مفاجئة لمحافظ البنك المركزي الإثيوبي
تعجبت الصحف الإثيوبية، نحو “ذا ريبورتر” و”أديس استاندرد”- في 3-9 من استقالة محافظ البنك المركزي الإثيوبي، الذي أعلن مفاجئة رحيله بمحض إرادته، بعد سبع سنوات من الخدمة في مناصب اقتصادية رفيعة، وتساءلت حول أسباب هذه الاستقالة غير المتوقعة، ولا سيما وسط إصلاحات سوق الصرف الأجنبي، وهو قرارٌ فاجأ الكثيرين في القطاعين المالي والحكومي. وجاءت التبريرات التي نشرتها الصحف: “إنه سيترك منصبه الحكومي سعياً وراء فرص مهنية أخرى”. وقد أصدر البنك تحذيرًا شديد اللهجة لمجتمع الأعمال والمواطنين المغتربين بالتوقف عن استخدام سوق الصرف الأجنبي غير الرسمي كجزء من إجراءات أوسع نطاقًا للحد من تدفقات العملات غير القانونية.
جـ- أمنيًا
1-هجمات وقتل ومظاهرات تزعزع الأمن والاستقرار
نشرت صحيفة “أديس ستاندرد” في أول سبتمبر تصريحات مكتب أمن تيجراي، الذي أدان الهجوم بالقنابل اليدوية في جنوب تيجراي، ووصفه بأنه “محاولة تخريب”، وحذر من أنه يعكس جهودًا متعمدة من قبل جماعات معادية لزعزعة استقرار المنطقة. وقد جاء الهجوم في أعقاب مظاهرات في مايتشو ضد استبدال الإدارة المؤقتة للحاكم الإداري الرئيس لمنطقة جنوب تيجراي. ووفقًا لما أورده الخبراتهم المكتب القوى الساعية إلى السلطة عبر “وسائل غير قانونية” تحت ستار الإقليمية والمحلية بتقويض السلام. وقال: “هذه العناصر المارقة، التي ادعت سابقًا أنها قوات حفظ سلام، بدأت الآن في تنفيذ نواياها الخبيثة، مستغلةً ثقة الشعب بها”، وشدد المكتب على أن جميع الجناة سيواجهون العواقب.
وفي سياق عدم الاستقرار الأمني، نشرت الصحيفة نفسها خبرا آخر بتاريخ 3-9 جاء فيه “مقتل أكثر من 25 شخصًا، ولا يزال 21 آخرون في عداد المفقودين في هجوم مسلح شنه مسلحون من فانو. وقال جيريمو هولوكا، النائب عن المنطقة: “إن الهجوم نفذته عناصر مسلحة من فانو “ارتكبوا جرائم ضد المدنيين”. وقال أبيرا أحد سكان آبي دونجورو: “إن المهاجمين، الذين وُصفوا بأنهم “مسلحون من أمهرة فانو”، أطلقوا النار في منطقة هوما جاليسا. وأضاف لصحيفة أديس ستاندرد: “قُتل 26 شخصًا على الفور، ولا يزال مكان 21 آخرين مجهولًا”. وأكد ساكن آخر، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، وقوع الهجوم. وقال: “جاء مسلحو فانو في وقت مبكر من يوم الجمعة ونفذوا عمليات قتل ضد السكان المحليين”. وأضاف أن “الهجوم نُفذ بالأسلحة النارية والسواطير”.
ثانيا – على المستوى الخارجي
أ- مناشدات إثيوبيا للسد مقابل تحذيرات مصر
نشرت الصحف الإثيوبية قبل أيام من الافتتاح المتوقع لسد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، أخبارا عن مناشدة رئيس الوزراء للسد، ولا سيما لنهر أباي ዓባይ- وهو أحد روافد النيل الرئيسة، ووفقًا لما أكدته “ذا ريبورتر الأمهرية” في 3-9 في عناوينها بتصريحاته: “نحن لا نحد من النيل، بل من الآباي.” مؤكدًا أن “مصدر النيل عندنا”‹ዓባይ ምንጩ እኛ ጋ ነው› واصفًا بأنه نهاية “أعظم تحد تاريخي” لإثيوبيا، وكما ورد في سياق “أديس استاندر” على حد قول رئيس الوزراء: “أنه يغذي ما يصل إلى 86% من مياه النيل، قد جرف على مر القرون ليس فقط تربة البلاد الخصبة، بل ذهبها أيضًا، تاركًا إثيوبيا دون مكافأة على تضحيتها، معلقًا: “أن أعمال التجريف في السد كشفت عن “آثار ذهب في الرواسب المتراكمة”، وهو اكتشاف يرمز لثروة إثيوبيا المستغلة منذ فترة طويلة، التي جرفها النيل الأزرق، دون أي تقدير”!
ووفقًا لما تناولته الصحيفة أكد في تصريحاته قائلا: “ليس لدينا نية لتخزين مياه أكثر مما هو مُصمم؛ حتى لو أردنا ذلك، فلن يتمكن السد من استيعابها”، مُضيفًا أن إثيوبيا لم تستخدم حصتها العادلة من النيل الأزرق بعد، كما أعلن آبي عن تسمية الخزانንጋት “نيجات”، أي “الفجر”.
وأضافت الصحيفة: في غضون ذلك أطلقت مصر حملة دبلوماسية جديدة لمواجهة سياسات إثيوبيا المتعلقة بموارد النيل، فأجرى وزير الخارجية محادثات هاتفية مع نظرائه في السودان وجنوب السودان وجيبوتي وأوغندا وكينيا والصومال، مجددًا “رفض مصر القاطع للإجراءات أحادية الجانب التي تنتهك القانون الدولي في حوض النيل الشرقي”. في مقابل هذا ذكرت الصحيفة انتقاد الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، المهندس أشبير بالشا، جهود مصر. وفي مؤتمر صحفي عُقد في أديس أبابا، اتهمها بـ”التعجيل بخلق العراقيل” بعد تأكيد إثيوبيا قرب اكتمال سد النهضة. ووصف السد بأنه “عدوّة ثانية” و”صفقة منجزة”.
كما تناولت الصحيفة في خبر آخر بتاريخ 5-9 رفض مصر والسودان مشاركة دول حوض النيل الأخرى في محادثات سد النهضة، وإصرارهما على المفاوضات الثلاثية فقط، وأكدت الصحيفة على تحذير الحكومتين من أن “الخطوات الأحادية” التي اتخذتها إثيوبيا لملء وتشغيل السد “ستترتب عليها عواقب وخيمة على دولتي المصب، وتمثل تهديدًا مستمرًا للاستقرار في حوض النيل الشرقي وفقًا للقانون الدولي. كما أشارت الصحيفة إلى العلاقات الثنائية الأوسع بين مصر والسودان، وحدد السودان أولوياته في إعادة الإعمار، بينما أعربت مصر “عن استعدادها للعمل المشترك لدعم مختلف القطاعات في السودان” ورحبت بفرص تلبية احتياجات التدريب السودانية في مجالي الزراعة والري.
ب- مخاوف إثيوبيا من زيارة الوفد العسكري المصري للصومال
تصدر عناوين الأخبار وصول وفد من القوات المسلحة المصرية إلى مقديشو في مهمة استطلاعية، تمهيدًا لنشر قوات مصرية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال (AUSSOM). وقد استقبل الوفد، بقيادة اللواء إسلام رضوان، ضباط من بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال (AUSSOM) والقوات المسلحة الوطنية الصومالية (SNAF). وأجرى الوفد لاحقًا محادثات مع قيادة بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الصومال، منهم الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس البعثة. وقال مسؤولون كما أوردت صحيفة “أديس استاندر”: “من المقرر أن يقوم الفريق بتفقد المرافق الرئيسة في مقديشو والمناطق الأمامية لتقييم الترتيبات اللوجستية ونشر القوات المصرية القادمة”. يأتي هذا الانتشار عقب إتمام القوات المصرية تدريبًا متخصصًا استعدادًا للعمليات في الصومال. ورحبت وزارة الدفاع الصومالية بهذا التطور، ووصفته بأنه إنجاز بارز في التعاون الأمني الثنائي”. وقالت الوزارة في بيان لها: “تؤكد هذه الخطوة التزام مصر القوي بدعم أمن الصومال وتعزيز قدرات الجيش الوطني الصومالي في إطار عمل قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي الجديد”.
في المقابل أعربت الصحيفة عن قلق إثيوبيا من تدخّل مصر، فصرح سفير إثيوبيا لدى الصومال، سليمان ديديفو: أن دور مصر لا يُشكّل تهديدًا مباشرًا، “طالما أنها لا تحاول تحدي قواتنا”. مضيفًا: “إذا كان لهم [المصريون] أي فائدة، فسيكون ذلك في الدول المجاورة مثل فلسطين وليبيا والسودان”.
جـ-ارتفاع عدد قتلى المهاجرين عبر جيبوتي واليمن
على الرغم من ارتفاع عدد الوفيات والاختفاءات على طول الطريق الشرقي الخطير، الذي يربط القرن الأفريقي بشبه الجزيرة العربية، فقد ارتفعت تحركات المهاجرين بشكل حاد في النصف الأول من عام 2025م، حسبما أفادت المنظمة الدولية للهجرة. وسلطت الصحف الإثيوبية الضوء على تزايد هجرة الإثيوبيين عبر ذلك الطريق، لأسباب أمنية ونزاعات وصراعات. ونشرت صحيفة “أديس ستاندرد” في 2-9 تحليلًا مفصلًا عن تقرير المنظمة الدولية للهجرة، التي أقرت بارتفاع معدلات قتلى المهاجرين، ومعظمها في صحراء أوبوك في جيبوتي، بسبب الحرارة الشديدة والنزول القسري في البحر. وشملت الحوادث ايضا حالات غرق وإطلاق نار من قبل المهربين في اليمن وسرقات في شمال الصومال، غير أنه: “لا يزال المهاجرون الإثيوبيون يعتمدون بشكل كبير على المُهربين، وقد حذّر المسؤولون الإثيوبيون مرارًا وتكرارًا من أن الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر يُدمّران حياة الناس ويُشكّلان تهديدًا مُتناميًا للأمن القومي.
وقد تناولت الصحيفة نفسها في خبر آخر بتاريخ 2-9 تفاصيل انقلاب قارب يحمل مواطنين إثيوبيين كانوا في طريقهم إلى اليمن، مما أسفر عن مقتل 68 من أصل 154 مهاجرًا كانوا على متنه، بينهم 14 امرأة. وذكرت الصحيفة: “تعكس هذه الحادثة الأخيرة معاناة المواطنين الضعفاء الذين خاطروا بحياتهم سعيًا وراء الضروريات الأساسية. وعلقت الصحيفة: “بينما ننعي من فقدناهم ومن في عداد المفقودين، يجب علينا أيضًا التركيز على أولئك الذين واجهوا الرحلة الخطيرة نفسها، وعادوا إلى بلادهم، ويعملون الآن كمدافعين عن حقوق الإنسان لمنع الآخرين من المعاناة من المصير نفسه”. وقد سلطت الصحيفة الضوء على قصص الصمود في إثيوبيا، تقودها المهاجرات والعائدات اللواتي تعرّضن للاستغلال والتهميش خلال عملهن في الشرق الأوسط، وبالرغم من ذلك، فقد أصبحن الآن في طليعة المنظمات التي تقودها الناجيات، من خلال تثقيف المهاجرين، وتسهيل إعادة إدماج العائدين، وتعزيز التنمية المجتمعية وأنظمة الدعم.
د- مخاوف من تجدد الصراع على الحدود الكينية الإثيوبية
أشارت صحيفة “أديس استاندرد” في 5-9 إلى انزعاج السكان المحليين من ارتفاع حالات المضايقات وعمليات الترويع المتكررة، والاعتقالات التعسفية، التي استهدفت التجار الكينيين من قبل القوات الخاصة الإثيوبية المنتشرة على طول نهر ناكوا، مما أثار مخاوف من تجدد الصراع في المنطقة الحدودية. ووفقًا لتقرير من توركانا الشمالية، عززت القوات الخاصة الإثيوبية وجودها على طول طريق كيبيش- كانجاتن، الأمر الذي من شأنه تقويض التجارة عبر حدود البلدين والثقة الهشة بينهما.