في إطار زيارة هي الأولى من نوعها بعد سنوات من التوتر شهدته العلاقات بين القاهرة وأنقرة، قام وفد دبلوماسي تركي برئاسة نائب وزير الخارجية التركي السفير سادات أونال بلقاء وفد الخارجية المصرية برئاسة السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية المصري، حيث عُقدت محادثات بين الطرفين على مدار يومي 5-6 مايو، لتكون أول اجتماع دبلوماسي بين الدولتين بعد قطيعة استمرت ثمان سنوات. كان الحوار بين الوفدين جادًّا ومفتوحًا، وقد شمل أهم قضايا الخلاف بين مصر وتركيا وسبل عودة العلاقات الرسمية بين الدولتين.
زيارة
وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو – أرشيفية
انتهى الاجتماع الذي وصفه بعض المراقبين بأنه اجتماع عاصف بين الوفدين لكثرة المواضيع الخلافية الناتجة عن سياسة تركيا الخاطئة في السنوات السابقة تجاه مصر وأمنها القومي والعربي.
وفي قراءة جادة ومعمقة للمباحثات الثنائية التي دارت بين الدولتين في القاهرة نشير إلى ما يلي:
1-أن ترتيب المحادثات على مدار يومين يعطينا مؤشرًا واضحًا إلى أن المحادثات كانت جادة ومباشرة، وليست محادثات بروتوكولية.
2- خلا البيان الختامي للمحادثات بين الطرفين من أية عبارات تشير بأنها كانت مباحثات بناءة، كما يوصف عادة مثل هذا النوع من المباحثات، وتم الاكتفاء باستخدام صيغة “مناقشات صريحة ومعمقة بين الوفدين”
3-لم يشر البيان إلى جولة ثانية من المفاوضات” في تركيا مثلا” وإنما تحدث عن تقييم للخطوات المستقبلية.
ردود الأفعال التركية: –
أتت ردود الأفعال التركية على لقاء القاهرة بشكل سريع، حيث علَّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تلك المباحثات، بأن بلاده تتطلع لاستعادة الوحدة ذات الجذور التاريخية مع مصر.
كما صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو عن إمكانية عقد لقاء على مستوى وزراء الخارجية لوضع خطوات لتطبيع العلاقات بين البلدين .
وبتقييم تلك التصريحات يتضح:
1- أن الجولة الأولى من المفاوضات بين الوفدين التركي والمصري أعطى قبلة الحياة لعودة العلاقات بين الدولتين.
2- تسعى تركيا للبناء على تلك الزيارة، واستكمال عقد اللقاءات في القريب العاجل على مستوى أعلى من التمثيل بين البلديين؛ لذا نتوقع الإعلان عن عقد لقاءً قريبًا بين وزيري الخارجية التركي والمصري لاستكمال ما تم من مناقشات جادة بين الوفدين في القاهرة.
3- تصريح رئيس الدولة التركية يؤكد جدية وإصرار تركيا على عودة العلاقات مع مصر، وطي صفحة الخلاف الذي شهدته السنوات السابقة، وأيضا استعداد تركيا لقبول الشروط المصرية من أجل إعادة العلاقات والمصالحة المصرية التركية.
مستقبل العلاقات المصرية التركية – أرشيفية
مستقبل العلاقات المصرية التركية: –
لا شك أن زيارة الوفد التركي مثلت منعطفًا هامًّا في عودة العلاقات التركية المصرية، فلأول مرة يجلس ممثلو الدولتين وجهًا لوجه للنقاش حول القضايا الخلافية، والحديث كذلك عن الشكل الذي ستعود على أثره العلاقة بين مصر وتركيا.
وقد حرصت مصر على إبلاغ الجانب التركي بكل ما يؤرِّق الدولة المصرية من التصرفات التركية، وفي مقدمتها رغبة مصر في وضع حد للتدخلات التركية في ليبيا والدول العربية، وقد أكد ذلك تصريحات الجانب التركي بأنه يمكن عقد لقاءات ثلاثية بين مصر وتركيا وليبيا، لوضع خريطة تعاون لبناء ونهضة الدولة الليبية، كما يمكن الحديث بعد ذلك عن لقاءات تخص الشأن السوري والشأن العراقي لحل الخلافات الثنائية بين سوريا والعراق وتركيا، وهو الأمر الذي تسعى الخارجية المصرية لفرضه على تركيا، لأن عودة العلاقات مع القاهرة يجب أن يكون في إطاره الدول العربية وليست مصر فقط.
ختاماً: -فإن لقاء القاهرة نجح في تقريب وجهات النظر بشكل مرضي في البداية، كما نجح اللقاء في فتح ملفات الخلافات بين الدولتين، ونستطيع البناء على اللقاء الأول لمرحلة قادمة في نمو العلاقات، وإزالة الخلافات بين مصر وتركيا؛ ليشهد المستقبل تعاونًا مثمرًا لمصلحة الدولة التركية ومصر.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version