اللواء الدكتور/ طارق جمعة مهدي
يشكل تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، المتمركز في أفغانستان، الذراع الرئيسي لتنفيذ هجمات إرهابية متطورة على المستوى العالمي ففي يناير 2024، شهدت إحدى عمليات التنظيم تفجيرًا انتحاريًا مزدوجًا خلال حفل تأبين الجنرال الإيراني قاسم سليماني في كرمان، مما أسفر عن مقتل ما يقارب 95 شخصًا وإصابة مئات آخرين وبعد ذلك بأشهر قليلة، شنت جماعات مسلحة هجومًا مروعًا على حشد يحضر حفلاً موسيقيًا في قاعة كروكوس سيتي في موسكو، مما أدى إلى سقوط 145 ضحية وإصابة أكثر من 551 شخصًا هذه الهجمات وغيرها تُظهر أن التمويل واللوجستيات التي يديرها مكتب الصديق وغيرها من المكاتب المالية الإقليمية تشكل عنصرًا حاسمًا في بقاء وتنفيذ عمليات التنظيم الإرهابية
يُعتبر مكتب الصديق، الذي ينشط ضمن المديرية العامة للولايات التابعة لداعش، المحور الرئيسي الذي يقود شبكة التمويل العالمية، ويعمل على جمع وتحويل الأموال عبر شبكة معقدة من الوسطاء الماليين والجهات الداعمة في مناطق مختلفة من آسيا وأفريقيا وأوروبا تتعدد طرق تمويل مكتب الصديق، حيث يعتمد على التبرعات الرقمية، والشركات الخدمية غير المُسجلة، وعمليات الابتزاز والاختطاف والسرقة وعلى الرغم من حملات القمع المكثفة من قبل الأجهزة الأمنية الدولية، استطاع المكتب التكيف وتوسيع شبكته العالمية، مما يجعله واحدًا من أهم عوامل القدرة على تنفيذ الهجمات الإرهابية في المستقبل
المكتب المالي الصديق: العمود الفقري للتمويل
أ. الهيكل التنظيمي والوظائف الرئيسية
ينشط مكتب الصديق ضمن إطار تنظيمي واسع يمتد ليشمل عدة ولايات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، ويعد الميسر المالي الأساسي للعمليات الإرهابية في مناطق مثل أفغانستان وباكستان والهند وبنجلاديش وجزر المالديف والفلبين. ومن خلال اعتماد تقنيات مالية حديثة وشبكات تحويل متطورة، يقوم المكتب بتوجيه الأموال إلى مرؤوسيه عبر قنوات متعددة، منها شركات خدمات مالية غير مسجلة وشبكات حوالة عالمية وحتى نقل الأصول الافتراضية
تشير تقارير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن مكتب الصديق يستخدم العديد من الأدوات المالية المعقدة، بما في ذلك العملات المشفرة مثل مونرو، التي تُفضلها الجماعة بسبب تقنياتها في حماية الخصوصية وإخفاء هوية المتعاملين هذا الاستخدام الذكي للتكنولوجيا الحديثة يجعل من تتبع الأموال أمراً بالغ الصعوبة على الجهات الأمنية الدولية، مما يعزز من قدرة التنظيم على البقاء والصمود أمام محاولات القمع
ب. القيادة والإدارة السرية
وفقًا لمصادر عدة، يُدار المكتب من قبل شخصية غامضة تُعرف باسم تميم الكردي، والذي يُزعم أنه يقيم في أفغانستان منذ عام 2020. وعلى الرغم من قلة المعلومات المتوفرة حول هذا الشخص في الأدبيات المتخصصة، فإن دوره يُعد محورياً في توجيه العمليات المالية والتنسيق بين مختلف الفروع الإقليمية لتنظيم الدولة الإسلامية إذ يسعى تميم إلى تأمين تدفق الأموال عبر شبكة عالمية من الوسطاء والمتبرعين، مما يضمن استمرارية تمويل العمليات الإرهابية في مواجهة الضغوط الأمنية الدولية
ج. التجارب السابقة والمرونة التنظيمية
على مدار السنوات الماضية، تعرض مكتب الصديق لعمليات قمع واعتقالات متتالية في عدة دول، منها أفغانستان وباكستان والصومال وسوريا وتركيا ورغم هذه الضربات القوية، أظهر المكتب قدرة ملحوظة على التعافي وإعادة تنظيم شبكاته المالية، بفضل اعتماده على مصادر دخل خارجية متنوعة وقاعدة متبرعين عالمية كان للمكتب سابقًا نشاطات غير مشروعة مثل الابتزاز والاختطاف والسرقة، لكنه حال دون استمرار هذه الأنشطة بتحويل مهامها إلى جماعات تابعة، ليعود في النهاية تدفق الأموال إلى المكتب الإقليمي بعد تقليص النشاط المباشر في تلك المجالات
مصادر الإيرادات والتدفقات المالية العالمية
أ. القيود المحلية والبحث عن مصادر خارجية
لا يتمتع تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان بقدرة كبيرة على توليد الإيرادات من الموارد المحلية، وذلك لعدم سيطرته على مساحات واسعة مثلما هو الحال في بعض فروعه الأفريقية ففي السابق، كان للتنظيم سيطرة على مناجم في مقاطعة ننكرهار في شرق أفغانستان، حيث كان يجني أرباحًا ضخمة من تهريب معادن مثل التلك والرخام واللازورد إلا أن العمليات الأمريكية لتطهير هذه المناجم، واستيلاء طالبان على المقاطعة لاحقًا، قللت بشكل كبير من قدرة التنظيم على استغلال هذه الثروة
نتيجة لذلك، اعتمد مكتب الصديق على مصادر دخل خارجية أكثر سراً، مثل الابتزاز والسرقة والاختطاف من أجل الفدية وقد لوحظ في عام 2020 أن عملاء التنظيم كانوا يستحوذون على حصة متزايدة من أسواق التبغ غير المشروعة في باكستان وأفغانستان، وهو ما يدل على تنوع مصادر الدخل واستمرارية البحث عن بدائل تمويلية خارج نطاق السيطرة المحلية
ب. شبكة التمويل العالمية والاعتماد على الوسطاء
يعمل مكتب الصديق بمثابة مركز مقاصة، حيث يقوم بتجميع وتحويل الأموال بين مختلف فروع التنظيم المنتشرة عالميًا. يعتمد المكتب على شبكة معقدة من الوسطاء الماليين في عدة دول، يستخدمون طرقاً متطورة لتحويل الأموال باستخدام شبكات حوالة رقمية وتبادل العملات المشفرة وقد أدت حملات القمع المتزايدة والتحولات الجيوسياسية إلى انتشار هذه الشبكات وجعلها أكثر تعقيدًا وتوزيعًا جغرافيًا
يُعد مكتب الكرار، الذي يتخذ من الصومال مقراً له، أحد المصادر الرئيسية التي يُعتمد عليها في تمويل مكتب الصديق. ففي تقارير متعددة من الأمم المتحدة، تبين أن مكتب الكرار كان يرسل مبالغ ثابتة تصل إلى 25 ألف دولار أمريكي شهريًا من العملات المشفرة إلى مكتب الصديق، مما يجعله شريكًا استراتيجيًا ومصدرًا رئيسيًا لإيرادات التنظيم
كما لعبت تركيا دورًا مهمًا كمركز عبور للعديد من التحويلات المالية العالمية لداعش، إذ كان يُستخدم عدد من التطبيقات المالية المحلية ومنصات تبادل العملات المشفرة لنقل الأموال ومع ذلك، فإن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات التركية مؤخراً قد أجبرت هذه الشبكات على البحث عن مسارات تحويل بديلة في ظل تشديد الرقابة
ج. التدخل الدولي والتحولات الجيوسياسية
تشير التقارير إلى أن التدخلات الدولية وتحركات السلطات في دول مثل تركيا وطاجيكستان وأوزبكستان أدت إلى ظهور قنوات تحويل مالية جديدة ففي بعض الحالات، أجبرت هذه الضربات التنظيم على توسيع شبكته العالمية والبحث عن وسطاء في دول تعاني من ضعف الرقابة التنظيمية، مثل جزر المالديف، التي أصبحت عقدة مهمة في تبادل العملات المشفرة ونقل الأموال كما أظهرت حالات اعتقال أفراد في إسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة كيف أن شبكة مكتب الصديق تمتد لتشمل عدة قارات، مما يعكس الطبيعة العالمية لتدفق الأموال من مصادر مختلفة
ومن الأمثلة البارزة، اعتقال مواطن أردني في إسبانيا بتهمة تحويل 200 ألف يورو عبر بلوكتشين ترون، واعتقالات في ألمانيا تتعلق بالمشاركة في شبكات جمع التبرعات وتحويلها إلى حسابات مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية هذه الحالات تؤكد أن مكتب الصديق يعمل ضمن بيئة دولية متعددة الأوجه، حيث تتداخل الأنشطة غير المشروعة مع الأنظمة المالية التقليدية في محاولة لتأمين تدفق الأموال بغض النظر عن التدقيق الدولي
التحديات والردود الدولية
أ. الضغوط الأمنية وحملات القمع
مع استمرار حملات القمع الدولية، يواجه مكتب الصديق تحديات كبيرة في الحفاظ على استمرارية عمليات التمويل ففي ظل الاعتقالات المتكررة والعمليات الأمنية التي تستهدف الوسطاء الماليين، يسعى المكتب إلى التكيف من خلال تغيير أساليبه واستغلال التقنيات الحديثة التي يصعب تتبعها تُعد العملات المشفرة مثل مونرو من أبرز الأدوات التي يستفيد منها التنظيم، حيث تتيح له إخفاء هوية المتبرعين والمعاملات المالية بفضل تقنيات التشفير المتقدمة
إضافة إلى ذلك، قامت السلطات في دول عدة، مثل اليابان، بتكثيف جهودها لمراقبة عمليات غسل الأموال باستخدام العملات المشفرة ففي أكتوبر الماضي، تم إلقاء القبض على 18 مشتبهًا باستخدام مونرو، بعد رصد معاملات مالية تصل إلى 670 ألف دولار أمريكي مرتبطة بعمليات شراء ببطاقات ائتمان مسروقة هذا المثال يظهر مدى التنسيق بين الجهات الأمنية الدولية والمحلية لمحاولة تتبع التدفقات المالية غير المشروعة
ب. التحولات التنظيمية والتحديات التقنية
تعتمد شبكة التمويل التي يقودها مكتب الصديق على مجموعة متنوعة من التقنيات المالية الحديثة، ما يجعلها صعبة التتبع والتعقب فالتعامل بالعملات المشفرة، مع استخدام شبكات الحوالة الرقمية والتطبيقات المالية، يشكل تحديًا كبيرًا للسلطات التي تسعى لتعقب تلك العمليات ومع ذلك، بدأت بعض المؤسسات المالية ومنصات تبادل العملات المشفرة مثل Binance بالتعاون مع الجهات التنظيمية في عدة دول، بتقديم تقارير دقيقة حول المعاملات المشبوهة، مما يُعد خطوة إيجابية نحو كشف شبكات التمويل غير المشروعة
من ناحية أخرى، يُعد الاعتماد على الوسطاء الماليين في الدول التي تفتقر إلى أنظمة تنظيمية متماسكة عاملاً رئيسيًا في نجاح شبكة مكتب الصديق فقد أثبتت التجارب الأخيرة أن بعض الدول، مثل جزر المالديف وطاجيكستان، تشكل بيئة خصبة لتحويل الأموال دون رادع تنظيمي فعّال، مما يُتيح للتنظيم الاستمرار في جمع التبرعات والتمويل بطرق غير تقليدية
توصيات لتعطيل شبكة التمويل
أ. تعزيز التعاون الدولي والتنظيم المالي
تعطيل شبكة مكتب الصديق يتطلب تعاوناً دولياً مكثفاً بين وكالات إنفاذ القانون ومؤسسات تنظيم العملات المشفرة والبنوك العالمية ينبغي على الجهات الأمنية تبني أساليب جديدة للكشف عن التحويلات المالية المشبوهة، خاصة في الدول التي تفتقر إلى أنظمة تنظيمية صارمة وتأتي هذه الجهود في إطار العمل المشترك مع منصات استخبارات البلوك تشين مثل TRM Lab التي تسعى إلى تتبع الأنشطة المالية المرتبطة بتمويل الإرهاب
ب. تطوير آليات الرقابة على العملات المشفرة
نظرًا لاستخدام التنظيم للعملات المشفرة التي توفر درجة عالية من الخصوصية، يجب على شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات المالية تعزيز أنظمتها الرقابية يمكن لمنصات تبادل العملات المشفرة التي تعمل على نطاق عالمي أن تلعب دور الوسيط الأساسي بين السلطات المحلية والدولية، من خلال تقديم رؤى دقيقة حول الأنشطة المالية المشبوهة وإبلاغ الجهات التنظيمية عند اكتشاف معاملات غير قانونية
ج. تشديد العقوبات ومراقبة الوسطاء الماليين
يعد تشديد الرقابة على الوسطاء الماليين، مثل خدمات تحويل الأموال وشبكات الحوالة الرقمية، خطوة ضرورية لتعطيل شبكة التمويل ففي حالات عديدة، يعتمد مكتب الصديق على وسطاء ماليين في دول مثل تركيا التي شهدت مؤخراً حملات واسعة النطاق للقضاء على عمليات تمويل الإرهاب إن تفعيل إجراءات مراقبة صارمة لهذه الجهات يمكن أن يحد من قدرة التنظيم على استغلال القنوات التقليدية والحديثة لنقل الأموال
د. تعزيز التوعية وتبادل المعلومات
يجب أن يكون هناك تبادل مستمر للمعلومات بين الوكالات الأمنية الدولية والمحلية حول أساليب تمويل الإرهاب الحديثة يلعب التحليل المفتوح للمصادر دورًا مهمًا في رصد الأنشطة المالية غير المشروعة، ويسهم ذلك في بناء قاعدة بيانات مشتركة يمكن استخدامها لتعقب التدفقات المالية المشبوهة عبر الحدود ومن خلال تعزيز التعاون مع الهيئات التنظيمية في الدول ذات الأنظمة التنظيمية الضعيفة، يمكن توسيع دائرة الرقابة ومنع تحويل الأموال بطرق ملتوية
خاتمة
يشكل مكتب الصديق جزءًا لا يتجزأ من شبكة التمويل العالمية لتنظيم الدولة الإسلامية، حيث يُعتبر الرابط الحيوي الذي يربط بين مختلف فروع التنظيم المنتشرة في آسيا وأفريقيا وأوروبا ومن خلال اعتماد أساليب تحويل مالية متطورة تشمل العملات المشفرة وشبكات الحوالة الرقمية، استطاع المكتب تخطي العقبات التي فرضتها حملات القمع الدولية ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، أظهر مكتب الصديق مرونة تكتيكية قادرة على إعادة تنظيم شبكته وتأمين مصادر التمويل اللازمة لتنفيذ هجماته الإرهابية
تتطلب مواجهة هذا التحدي الأمني العالمي تعزيز التعاون الدولي وتطوير آليات رقابية حديثة لمراقبة التحويلات المالية غير المشروعة إن التحرك السريع لتضييق الخناق على الوسطاء الماليين، وتحسين الرقابة على العملات المشفرة، وتبادل المعلومات بين الهيئات الأمنية يمكن أن يُشكل رادعًا قويًا أمام تمويل الإرهاب وفي هذا السياق، يعد تشديد العقوبات والإجراءات التنظيمية في الدول التي تُعد نقاط عبور رئيسية، مثل تركيا وطاجيكستان وجزر المالديف، أمرًا بالغ الأهمية
باختصار، يشكل مكتب الصديق تجسيدًا للأساليب المبتكرة التي يتبعها التنظيم الإرهابي في تأمين التمويل اللازم لهجمات دموية لا ترحم ومن خلال تحليل شامل لهذه العملية المالية المعقدة، يظهر أن مواجهة تمويل الإرهاب ليست مهمة سهلة، بل تتطلب استراتيجيات متعددة الأبعاد تشمل تعزيز التعاون الدولي، وتطوير التقنيات الرقابية، وتشديد الإجراءات التنظيمية في كافة أنحاء العالم وفي ظل استمرار هذا التحدي، يبقى التعاون والتنسيق بين الدول والهيئات الدولية هو السبيل الوحيد للحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على الاستمرار في نشر الفوضى والعنف
من هنا، يتضح أن إعادة هيكلة الشبكات المالية الإرهابية والحد من مصادر تمويلها يمثلان خطوة حاسمة في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، لا سيما عندما تستند تلك الجهود إلى استراتيجيات ذكية ومتطورة تجمع بين التكنولوجيا والتحليل الاستخباراتي والتنسيق الدولي الوثيق وفي ظل استمرار التهديدات الأمنية المتزايدة، يبقى فرض الرقابة على شبكات التمويل السرية أحد أهم الأولويات التي يجب على المجتمع الدولي العمل عليها بشكل متكامل وحازم
وفي نهاية المطاف، تُعد مواجهة مكتب الصديق وغيرها من الأجهزة المالية الإرهابية تحديًا كبيرًا يتطلب إرادة سياسية وتنفيذية عالمية، لتأمين مستقبل يخلو من العنف والإرهاب إن تعزيز الإجراءات الرقابية، وتوسيع التعاون بين الدول، وتطوير تقنيات تتبع الأموال بذكاء، جميعها عوامل يمكن أن تسهم في تقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تمويل عملياتها الدموية. ومن خلال ذلك، يظل الهدف الأسمى هو حماية الأمن العالمي وضمان سلامة الشعوب في مواجهة التهديدات المتجددة التي يشكلها الإرهاب الدولي
مكتب الصديق لم يعد مجرد جهة محلية، بل تحول إلى شبكة مالية عالمية معقدة تُعتمد فيها تقنيات متطورة وأساليب مبتكرة لتحويل الأموال وفي ضوء هذه الحقائق، يظهر جلياً أن مواجهة الإرهاب تتطلب نهجاً شاملاً ومتكاملاً يشمل الإجراءات الأمنية والرقابية على حد سواء، إلى جانب دعم وتعاون المجتمع الدولي في كشف كل خيوط شبكات التمويل غير المشروعة