د/ مروة إبراهيم

تُقدم هذه الورقة تحليلًا لما تناولته الصحف الإثيوبية، سواء الموالية للحكومة أو المعارضة، في أوائل شهر أغسطس من تقييم شامل للأوضاع الاجتماعية والأمنية والسياسية، إضافة إلى رصد علاقات إثيوبيا خارجيًا، وتظهر هذه الورقة مدى التباين في تناول لتطورات بما يعد مؤشرًا مهمًا على ديناميكيات المشهد السياسي والإعلامي في البلاد.

على المستوى الداخلي

اجتماعيًا

انتهاك حقوق الإنسان

يُعد التهديد والترهيب الذى تمارسه قوات الأمن ظاهرة مثيرة للقلق في العديد من البلدان حول العالم، وتشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان الأساسية وتقوض أسس الحكم الرشيد والمجتمعات الديمقراطية. واستمرارًا في مواجهة الصحف المعارضة عدم اهتمام الحكومة بالقضايا الوطنية، نشرت صحيفة “أديس إستاندر” في أول أغسطس إعلان المدير العام لمركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إثيوبيا، أتو يارد هايلي مريم، استقالته من منصبه “بسبب التهديد والترهيب من قبل قوات الأمن”. وقد أثار هذا الخبر ردود فعل متابعي وسائل التواصل الاجتماعي حول موقع الصحيفة على الفيسبوك، التي أذاعت الخبر نفسه،  وقد أعرب البعض عن استيائهم الشديد إزاء هذا الخبر موضحين فشل المسؤلين في مواجهة مثل هذه القضايا بعبارة : “إثيوبيا دولة ميؤس منها”.

وفي نفس الصدد نشرت الصحيفة خبرًا حول حث منظمة حقوق الإنسان (Human Rights Watch)  إلى رفض مشروع قانون إصلاح منظمات المجتمع المدني؛ وتدعو حلفاء إثيوبيا إلى إدانة مشروع القانون، وحثّت مجلس نواب الشعب الإثيوبي على الرفض، حيث حذرت من أن مشروع القانون “يمنح الحكومة الاتحادية صلاحيات واسعة ويقيد بشدة المجال المدني”.

الجفاف يضرب إثيوبيا: تداعيات كارثية على حياة المواطنين

تتعرض إثيوبيا حاليًا لموجة جفاف شديدة، وهي ظاهرة متكررة في عدد من المناطق رغم معاناة بعض المناطق الأخرى من تأثيرات موسم الأمطار، وتتفاقم تأثيراتها مع مرور الوقت، مسببة أضرارًا جسيمة للمواطنين وأغراضهم المعيشية، وفي هذا السياق أكدت الصحف المعارضة، نحو: “أديس إستاندر”  معاناة أكثر من ٣٢ ألف شخص من نقصٍ في الغذاء بسبب قلة هطول الأمطار ببعض المناطق، بينما نفق أكثر من ١٢٠٠ رأسٍ من الماشية، وفقًا لما صرّح به أتو واسيهون فيفياليو، رئيس المكتب الزراعي في المنطقة، للصحيفة.

في المقابل تصدرت في الوقت نفسه الصحف الموالية للحكومة، نحو: “العلم” “إينا الإثيوبية” أخبارًا: أن رئيس الوزراء أطلق حملة وطنية لزراعة 700 مليون شتلة في يوم واحد ضمن مبادرة “الإرث الأخضر”، هذا وقد أعلنت وزارة الزراعة الإثيوبية أن البلاد سجلت رقما قياسيا جديدا، ضمن الحملة الوطنية لغرس الأشجار، مؤكدة على هذا الإنجاز الذي يعكس التزام إثيوبيا بتعزيز التنمية المستدامة خلال موسم الأمطار الحالي!

أمنيًا

تصاعد النزاعات والصراعات الداخلية

يأتي الصراع الدائر في منطقة أوروميا وتيجراي وغيرهما وما ينتج من عواقب وخيمة على المجتمع، من أبرز الأخبار التي تتصدر الصحف المعارضة شهريًا، من قتل أو جرح الكثير من الأشخاص وعدم الحصول على الرعاية الصحية،  وصرحت “أديس استاندر” في خبر “أن كثيرًا من النساء الحوامل توفين، بسبب نقص خدمات الرعاية الصحية. كذلك نشرت “ذا ريبورتر” على الفيسبوك دراسة حول الاعتداءات على النساء في أقاليم كثيرة، نحو صيداما وعفر وجامبيلا. وفي سياق آخر متصل،  وأكدت “أديس استاندر” في 2-8 فى خبر بعنوان “إدارة تيجراي المؤقتة وحزب الوحدة يتبادلان الاتهامات بشأن الهجوم على الحدود”، وفي الإطار نفسه نُشر خبر آخر بعنوان: “لا تعويض ولا عدالة: ملاحظة مصادرة الأراضي لرئيس أوروميا تتحدى النظام الدستوري وتهدد حقوق الملكية”، ويؤكد المحللون “أنه من الضروري تقيد الحكومة بالتزاماتها الدستورية وأن تعارض نشاط أي أعمال تنتهك الحقوق الأساسية للمواطنين”. وفي السياق نفسه تناولت الصحيفة حث مجلس حقوق الإنسان الإثيوبي عن قلقه العميق إزاء الأحداث والخطابات التحريضية ذات البعد العسكري التي تنفذها هيئات مختلفة. وفي بيان صدر له أشار إلى أن الصراع المسلح بين قوات الأمن الحكومية والقوات المسلحة لتيجراي في شمال إثيوبيا أسفر عن خسائر كبيرة من قتلى وجرحى وأضرار في الممتلكات. في المقابل أعلنت الشرطة الإثيوبية ضبط أربعة بنادق كلاشينكوف و298 طلقة ذخيرة خلال تفتيش مفاجئ لسكن جامعي في أديس أبابا في إطار خطة أمنية أعدتها للحفاظ على السلام والأمن!

على المستوى الخارجي

جيبوتي وصفقات نشر القوات مع إثيوبيا والصومال

تلعب جيبوتي، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الفريد عند مفترق طرق البحر الأحمر وخليج عدن، دورًا محوريًا في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي المضطربة. ويعكس توقيع جيبوتي لصفقات نشر القوات مع دول مثل إثيوبيا والصومال التزامها بتعزيز التعاون الأمني الثنائي والإقليمي. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تنسيق الجهود لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة وتأمين الحدود والممرات التجارية. وفي هذا الصدد تناولت الصحف الإثيوبية ومواقع التواصل الاجتماعي توقيع إثيوبيا وجيبوتي اتفاقًا جديدًا يحدد مبادرات السلام والأمن المشتركة للعام المقبل، وقد أكد اللواء تيشوم في تعليقاته على الأهمية الاستراتيجية للشراكات الإقليمية، واستدامة العلاقات الثنائية الطويلة الأمد.

إعلان رئيس أرض الصومال استعداد حكومته لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية

وفي نفس السياق وقعت الصومال وجيبوتي صفقة نشر القوات، وتناول موقع “أديس ستاندر” على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ردود فعل توقيع هذه الصفقة التي ستسمح بنشر إضافي للقوات الجيبوتية لتعزيز جهود تحقيق الاستقرار في الصومال ، وفق بيان مشترك صادر عن وزارة الدفاع الصومالية التي أشادت بهذه الخطوة بدعم الأمن في الصومال. كذلك نشرت صحيفة العلم الإثيوبية إعلان رئيس أرض الصومال، استعداد حكومته لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية في مدينة بربرة، وعرض صفقة تتعلق بموارد معدنية استراتيجية في إطار مساعي للحصول على اعتراف رسمي من الولايات المتحدة.

مصادر تسليح غير مشروعة للحركات المسلحة بالصومال

تُعد قضية تدفق الأسلحة غير المشروعة للصومال معقدة ومتعددة الأوجه، وبالرغم من خضوع الصومال لحظر أسلحة فرضته الأمم المتحدة لفترات طويلة، بسبب الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار، تحاول الحكومة الصومالية بدعم دولي تسليح قواتها بشكل مشروع لمواجهة التهديدات، فإن السوق السوداء وشبكات التهريب، بالإضافة إلى قدرة الجماعات المسلحة على الاستيلاء على الأسلحة أو شرائها، تُعد مصادر رئيسة لاستمرار تدفق الأسلحة غير المشروعة إلى البلاد. وفي هذا السياق استعرض موقع “أديس استاندر” أخبارًا حول وضع الصومال ومعاناتها حول خطر الاتجار بالأسلحة، واستمرار تدفقها في جميع أنحائها، علاوة على تفاقم معدل الجرائم هناك، على إثر ما وقع مؤخرًا في بونتلاند، مما “زادت المخاوف التي طال أمدها من أن الأسلحة المخصصة لاستخدام الدولة قد يتم تحويلها إلى المليشيات والفصائل السياسية والجماعات المتطرفة مثل حركة الشباب وداعش – هوى”. ” وقد حذر الخبر من عدم استقرار صوماليلاند، وإشارته إلى أنها أصبحت معرضة بشكل متزايد للآثار غير المباشرة للحسابات الدولية الخاطئة، وأثار هذا الخبر رواد الفيسبوك الذين عبروا عن استيائهم الشديد مشيرين إلى أن معظم الأسلحة التي تدخل الأراضي الصومالية تأتي من إثيوبيا، والهدف منها فرض العقوبات!

إشعال النزاع بين أقاليم إثيوبية والصومال

تناولت صحيفة “أديس ستاندرد بتاريخ 1-8 تحليلًا إخباريًا حول: مواجهة هيكل الإقليم الصومالى الجديد معارضة شرسة من الأحزاب العاملة في المنطقة، نحو: الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين (ONLF)، وجبهة تحرير أورومو (OLF)، وحزب أورومو الفيدرالي (OFCO) وجيش تحرير أورومو المسلح (OLA) من منطقة أوروميا، وحزب شعب عفار (AFP) من منطقة عفار. وقال بيان الأحزاب: “لاحظنا أن المقاطعات والمناطق التي وافق عليها حزب شعب عفار، انتهكت الحدود الإدارية لدولة عفار الإقليمية الوطنية وانتهكت سيادتها الإقليمية واتبعت نهجًا خطيرا”. وحث الخبر الحكومة الحالية إلى وقف “أي محاولة لخلق صراعات” بين الشعوب الشقيقة لصرف انتباه الجمهور عن التحديات التي يواجهونها والوفاء بالتزاماتها الدستورية بدلاً من ذلك. في المقابل نظم الكثير من السكان احتجاجات، زاعمين أن حكومة ولاية الصومال الإقليمية “توسع أراضيها” تحت ستار تغيير الهيكل الإداري. وأثار هذا الخبر ردود فعل غاضبة من قبل رواد موقع “أديس ستاندر” على الفيسبوك وحذروا حزب العفر من أن هذا التعديل يعد دعوة للحرب”.

استشراف لموقف مصر من سد النهضة

جسّد تصريح بدر عبد العاطي موقفًا مصريًا صارمًا برفض حضور افتتاح السد، وتأكيدات القيادة المصرية على حماية الأمن المائي كـ “خط أحمر”، وأن أية خطوات إثيوبية يجب أن تتم في إطار القانون الدولي وبالتوافق مع حقوق دول المصب. وقد صمتت الصحف المعارضة إزاء هذه التصريحات، في المقابل تداولتها الصحف الموالية للحكومة بعناية شديدة، نحو: صحيفة “أديس أدماس” و”العلم” التي علقت آخر الخبر، قائلة: “تعترض مصر علي بناء سد النهضة الإثيوبي، إذ  تعتبره يقلص من حصتها التي وضعت أبان المستعمر الأنجليزي والبالغ اكثر من 55 مليار متر مكعب، متجاهلًا بقية دول حوض النيل البالغ عددها 11 دولة .”

وفي هذا السياق كانت صحيفة إيه بي سي الأمهرية ኢቢሲ አማርኛ ዜና قد أكدت في خبر لها أن”سد النهضة الإثيوبي الكبير مشروعٌ ضخمٌ شُيّد تحت ضغوطٍ قارية ودوليةٍ عديدة، ولكن بدعمٍ شعبي. إن إثيوبيا تدرك أن هناك دولاً بعيدة وقريبة تتقدم بأيديولوجيتها الاستعمارية، على عكس ما يقولون: “مبروك!”. وقال مفتاح محمد، الباحث في الشؤون الأفريقية بمعهد الشؤون الخارجية: “إن الاحتجاجات التي اندلعت بعد أن أعلن آبي أحمد للجمهور أنه سيتم السماح للمصريين بحضور حفل تدشينه كانت مثالاً على ذلك، وإن مصر، التي تعد في طليعة تمثيل الدول العربية، تمكنت من التواصل مع قادة مختلف الدول المؤثرة للحفاظ على مواقفها. وشهدت السنوات الأخيرة محاولات للضغط عبر نشر معلومات مضللة وتحريف الحقائق بشأن سد النهضة، أنه من المتوقع أن تسعى مصر خلال الفترة المقبلة للضغط على الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي”.

كذلك في السياق نفسه نشرت صحيفة “العلم” مقالًا يتطرق للصراع القادم الذي لا يكون حول سد النهضة فقط، بل حول من يملك المفاتيح البحرية، ورأى الكاتب أن التحذيرات المصرية التي أطلقتها علنية وواضحة، تحمل دلالات مهمة من التقدير الاستراتيجي المصري للمخاطر التي لا تتوقف عند أزمة سد النهضة، وقد يكون تمهيدًا لتحرك دبلوماسي أو أمني مصري مضاد”، خاصة إذا تجاوز حدود المراوغة السياسية. وتطرق الكاتب لسيناريوهات محتملة، بخلاف المواجهة العسكرية المباشرة بين إثيوبيا وإريتريا، هناك سيـناريـو التفاهمـات المغلقـة، عبر وساطة إماراتية أو صينية، تمنح إثيوبيا منفذًا رمزيًا أو تحت إشراف دولي.

كذلك تناول موقع “أديس ستاندر” على الفيسبوك، خبرًا حول؛ “وزراء الخارجية المصريون والسودانيون يناقشون جهود تحقيق السلام في السودان، وفي نهاية الخبر ورد إعلان تحالف التأسيس السوداني، وهو ائتلاف بقيادة قوات الدعم السريع شبه العسكرية  (RSF).

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version