انتهت الانتخابات الإسرائيلية الرابعة على التوالى فى أقل من عامين ، لينتقل المشهد إلى بيت الرئيس “ريفلين” لإجراء المشاورات والنظر فى التوصيات حتى يقع الاختيار على من سيُكلف بتشكيل الحكومة.
وقد شهدت هذه الجولة من الانتخابات أضعف نسبة تصويت مقارنة بسابقاتها وعزف الناخبون على اختلاف توجهاتهم عن الأدلاء بأصواتهم ، وفضّل الأغلبية هذه المرة البقاء فى البيوت أو الخروج للمتنزهات والحدائق على المشاركة الفعالة، كما برز انقسام الإسرائيليون إلى ليكوديين وغير ذلك، حيث جاءت معدلات التصويت متسقة مع أصوات المحتجين على سياسات نتنياهو، المطالبين برحيله منذ أكثر من سبعة شهور معلنة : “الأغلبية لاتريد نتنياهو”.
انتخابات
بنيامين نتنياهو – صورة أرشيفية
1- الليكوديون
كشفت النتائج هذه المرة أن الناخب الليكودى مازال يصوت لنتنياهو على الرغم من درايته التامة بالاتهامات الموجهة ضده، ورغم إدراكه عدم قدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة، حيث اضطر لتقاسم الحكم مع “بينى جانتس” بعد الانتخابات الثالثة، ما يعنى أنه فشل وفشل منافسوه كذلك.
ولكن لماذا امتنع الناخب عن الذهاب لمراكز الاقتراع هذه المرة؟ رغم تحذير “نتنياهو” مرارًا وتكرارًا من ضعف الإقبال على التصويت ومن بقاء الليكوديون فى منازلهم، ومحاولته جذبهم بكل الطرق الممكنة؛ برسائله عبر وسائل التواصل الاجتماعى ودعوة المشاهير لمواقع الجماهير مثل المطربة “عيدن بن زاكين”، إلا أن نتائج الفرز أشارت إلى خسارته مالايقل عن 250ألف صوت مقارنة بالانتخابات السابقة حيث انخفض الإقبال بحوالى 4-5٪، خاصة فى معاقل الليكود مثل: عسقلان وطبريا والقدس وكريات شمونة ، وجاءت النتائج كالآتى :
انخفضت نسبة الإقبال في عسقلان من 63٪ في انتخابات 2020 إلى 59٪ في الجولة الحالية. وانخفضت النسبة في بئر السبع من 62٪ إلى 57٪، أشدود من 66٪ إلى 62٪ ، في سديروت من 65٪ إلى 60٪ ، طبريا من 61٪ إلى 56٪، القدس المحتلة من 63٪ إلى 59٪ وفي كريات شمونة من 61٪ إلى 57٪.
وكانت أبرز الأسباب التى ذكرها الناخب الليكودى فى بعض لقاءات البرامج التلفزيونية والإذاعية:
– شعور الناخب بالمطاردة خاصة بعد إرسال الليكود رسائل طوارئ على هواتفهم تحتوى على تحذير شديد اللهجة من ضعف التصويت.
– شعور الليكوديون العام بعدم وجود خصم قوى او تهديد حقيقى.
– شعورهم بقلق المسؤلين من الاخفاق يوم الانتخابات دون القلق بشأنهم أو بشأن مستقبلهم خاصة بعد أزمة كورونا.
جدعون ساعر – صورة أرشيفية
2- غير ليكوديين
من ناحية أخرى حاول الناخب فى معسكر يسار الوسط هزيمة الإحباطات السائدة فى المجتمع بصفة عامة ، وحافظوا على نسبة إقبال جيدة إلى حد ما فى تل أبيب وجفعاتيم وجوش دان ودفع حزب العمل وأزرق أبيض ، ميرتس ، يش عتيد ، إسرائيل بيتينو ، أمل جديد ، بحملات مكثفة فى هذه المناطق ، ورغم ذلك ظلت نسبة الانتخابات أضعف من السابق ومرتفعة عما يروجه الليكود.
بلغت نسبة المشاركة فى هرتسليا 65٪ مقابل 66٪ فى الجولة السابقة ، جفعتايم 69٪ مقابل 70٪ ، في رمات هشارون 72٪ مقابل 73٪ ، وفى رامات هشارون 74٪ مقابل 76٪ في المرة السابقة.
وكانت أبرز أسبابهم رفضهم للإنقسام والتفكك ، واعتقادهم أن المشاركة لن تزيد الأمر إلا سوءًا ، حيث اعتبر البعض أن هذه الانتخابات الأكثر مللًا فى تاريخ اسرائيل.
3- الحريديم
المتدينون سواء بمرجعية غربية أو شرقية “يهدوت هاتوراه ، شاس” على نفس الموقف من نتنياهو ، والحقيقة أن عالم التوراة والمتدينين لا ينتمي إلى مجتمع معين أو زعيم بعينه إلا عندما تتفق مصالحهم.
اليهود “الحريديم” – أرشيفية
وهو ما قاله بوضوح الصحفى الحريدى “بينى رافينوفيتش” عندما سئل عن رأى اليهود المتدينيين فى نتنياهو: “منذ سنوات كنت سعيدًا بهذا الرجل الذى سيتحمل المسؤولية وسيخرجنا من الحياة السياسية، لكن الآن نحتاج للتخلص منه بنفس القدر؛ لنستطيع العيش بشكل طبيعى فى هذه البلاد ، دون التحدث كل يوم عن الكراهية والتحريض، “نتنياهو” لا يناضل للحفاظ على اسرائيل أو حتى الإبقاء على منصب رئيس الوزراء، إنه يحارب حتى لا يدخل السجن “.
يدرك الحريديم أن نتنياهو ضحى بهم لأسباب سياسية أثاء أزمة الكورونا ، فمات منهم الحاخامات والمتدينيون ، ويوضح ذلك قرار نتنياهو بمنع بينت ووزارة الدفاع من تنشيط الهيئة الوطنية لعلاج الأوبئة “راحَل” فى القطاع الحريدى، وهى هيكل محترف تابع لوزارة الدفاع، كما يعارض دائمًا نشر مناقشات الحكومة فى هذا الإطار.
ولكن لماذا عزف الناخب الحريدى عن المشاركة ؟
– يرى بعض الحريديم خاصة من الشباب ، أن طول مدة المنصب أعانت نتنياهو على الفساد وجعلته يتغلغل فى كافة مجالات الحياة، ومشاركتهم ستعينه أكثر.
– البعض يرى أن “بيبى – نتنياهو” يعرف كيف يحل أى مشكلة باتباع أساليب غير أخلاقية أو مالية ، ولكى تعيش جميع شرائح المجتمع بسلام لابد أن نقول وداعا لنتنياهو.
– يتحدث الجمهور الحريدى كثيرًا خاصة الأرثوذكس هذه الأيام؛ أن الاحزاب الدينية أصبحت لاتمثل مصالحهم الحقيقة، بل هى التى تمنعهم من الاندماج الحقيقى فى المجتمع الاسرائيلى ولا نجد للدولة بصمة فى هذا الإطار.
وقد عكست نتائج الانتخابات أن قائمة الاحزاب الكبرى ومواطنوها أعلنوا بوضوح أن مشكلتهم ليست مشكلة أيديولوجية مع الليكود ولكن مشكلتهم الحقيقة مع نتنياهو، ورأى المواطن أن ذهابه لصناديق الانتخابات ، أصبح يعنى التصويت بنعم أو لا لنتنياهو وفقط.
لا أحد يستطيع التنبؤ بأية نتيجة مستقبلية وما نراه على الشاشات لايعكس بأى حال رغبة الجمهور الحقيقة ، أو كونها عبئًا معنويًا أو اقتصاديًا عليه ، لكنها تعكس فراغ نتنياهو إلا من الوعود، فهو يعرف كيف يعد لكنه لايعرف كيف ينفذ ما يعد به الجماهير.
– هناك مزيج من الظروف تداعت على الناخب؛ فالناس مشغولون قبل أيام على عيد الفصح، اختلط ذلك بغضب شديد نحو السياسيين والأحزاب الدينية لأنها لا تلبى احتياجات الجمهور أو الجمهور المتدين خاصة بعد أزمة كورونا.
– تكرار الانتخابات أصابت الناس بالخيبة والإحباط وخرج بعضهم من تأييده التقليدى للتيار الدينى.
الخلاصة
فى ضوء ما سبق، يرى الباحث أن استمرار الأوضاع السائدة داخل المجتمع الإسرائيلى على هذا النحو، ستؤدى إلى المزيد من الصراعات خاصة حال إجراء انتخابات جديدة، والحل لمنع هذا التكرار ، والذى سيؤدى لتقويض إسرائيل من الداخل، فى تشريع سارى المفعول فور تشكيل الكنيست على أية حال ، لايسمح بموجبه لأى شخص متهم بأى نوع من الجرائم ، شغل أى مقعد فى الكنيست أو تشكيل حكومة، ودعوة النخبة السياسية فى إسرائيل لتشريع قوانين خاصة بأزمة كورونا وقوانين للحد من الحملات الانتخابية التى لانهاية لها ، والتحرك الجاد فى ملفات نتنياهو القضائية ، للحد من التحامل على النظام القضائى والعدالة نتيجة موقفها من ملفات رئيس الوزراء ، وبما يدعم قدرة النظام السياسى على استعادة ثقة المواطن.
* المصادر:
– راديو 103 إف ام العبرية.
– إذاعة كان ريشت بيت العبرية.
– موقع ولّا الإخبارى – متابعة انتخابات 2021.
– متابعات بعض المدونات ، سوشيال ميديا ، فيس بوك، باللغة العبرية.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version