فازعبد الرحمن محمد عبد الله “عيرو”، زعيم حزب وطني المعارض في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت يوم 13 نوفمبر 2024م، وسط أجواء تنافسية محتدمة في الداخل، وتوترات عشائرية متنامية، وانقسامات داخلية عميقة في النسيج الاجتماعي، وقد تنافس في الانتخابات ثلاثة مرشحين رئيسيين: المرشح الأول هو موسى بيحي عبدي من حزب “كلمية” الحاكم، وعبد الرحمن عبد الله عيرو من حزب وطني، وفيصل علي ورابي من حزب أوعيد، وأظهرت النتائج فوزعيرو بعد تحقيقه أغلبية الأصوات، متغلبًا على الرئيس موسى بيحي عبدي بفارق واضح، 64% مقابل 34%؛ مما يمثل تحولًا سياسيًّا مهمًّا في الإقليم، فمن هو عبدالرحمن عيرو؟ وما التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه عيرو وحكومته وتداعياته علي المنطقة ؟
من هو عبدالرحمن عيرو؟
هو الرئيس الحالي لإقليم أرض الصومال لفترة تمتد إلى ٥ سنوات، وهو الرئيس الرابع حسب الانتخابات الرئاسية المباشر، والرئيس السادس في المجمل منذ انفصال الإقليم 18 مايو 1991، هو سياسي صومالي وُلد عام ١٩٥٥ في هرجيسيا عاصمة أرض الصومال، في عائلة مكوّنة من 7 فتيات و3 أولاد، وهو حالياً متزوج ولديه 5 أبناء، ينتمي إلى عائلة أبو بكر لوجي من عشيرة موسى عبد الله من هبر يونس، ومؤسس حزب ” وطني” المعارض عام ٢٠١٢.
رئيس أرض الصومال عبدالرحمن عيرو- أرشيفية
أكمل تعليمه الابتدائي في مدينة بربرة، وتابع تعليمه الثانوي في هرجيسا بمدرسة في مدينة الشيخ وأكملها عام 1977، وبعد ذلك، انتقل إلى العاصمة الصومالية الفيدرالية مقديشو، حيث التحق بكلية سيدام ومنها حصل على درجة البكالوريوس في المحاسبة، ثم بالجامعة الأمريكية حيث تخصص في ماجستير إدارة الأعمال وحصل علي دبلوم في حل النزاعات من جامعة الهرم.
عمل عيرو بين عامي 1978 و1981 في منظمة تسمي التنمية الاجتماعية في مقديشو، وبين عامي 1981 و1988 شغل منصباً دبلوماسياً في وزارة الخارجية الصومالية بإدارة التعاون الاقتصادي، وعمل مستشار للسفارة الصومالية في موسكو ثم تولي منصب نائب السفير والقائم بالأعمال.
ثم انتقل بعد انهيار الحكومة الصومالية عام 1996 إلى فنلندا، التي كانت عائلته تقيم فيها منذ سنوات عدة وحصل على جنسيتها وظل مقيماً فيها حتى عام 1999.
وعمل مساعد في المنظمة الدولية للهجرة في فنلند خلال عامي 1997 و1998، وفي عام ١٩٩٩ عاد إلى إقليم أرض الصومال، وأصبح عبد الرحمن عيرو أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية المعارض UCID مع فيصل علي وارابي منافسه في الانتخابات الرئاسية هذا العام عام 2000، وأصبح عبد الرحمن عيرو أحد الأعضاء المنتخبين من منطقة الساحل في بربرة خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في أرض الصومال في سبتمبر 2005 ، لكن في عام ٢٠١١ وإثر خلاف تفجّر مع وارابي، أسّس عيرو «الحزب الوطني» – أو حزب «وداني» (الوطني) – المعارض الذي يميل إلى اليسار المعتدل ويحمل رؤية تقدمية في قضايا الأقليات والحريات كما يدعم المزيد من اللامركزية.
وانتخب عام ٢٠٠٥ رئيسا للبرلملن وتولى المنصب لمدة 12 عاما حتى 2 أغسطس 2017 عندما استقال، وهي أطول فترة لرئيس برلمان بتاريخ الإقليم، معلناً أنه يتهيأ لدور أكثر أهمية كرئيس لأرض الصومال، وحقق مراده بعدما ترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وقد ركزت حملة عبد الرحمن عيرو الانتخابية على رؤيته لإعادة توحيد المناطق المتنازع عليها، خاصة في الشرق، وتحقيق إصلاحات اقتصادية جذرية، وأكد على التزامه بتنويع الاقتصاد وبناء اقتصاد مستدام ومتين، لا يتأثَّر بالتغيرات الخارجية، وأكد على أهمية الحوار بين القبائل المختلفة؛ لضمان التماسك الداخلي، ووعد بتطوير البنية التحتية، وكذلك التزم بتقوية شبكات التعليم والرعاية الصحية، مع التركيز على إدارة الموارد الطبيعية بمسؤولية، ولذلك يُعد فوزه تحولًا في النهج السياسي بالإقليم.
التحديات التي تواجه حكومة عيرو داخليًا وخارجيًا
هناك العديد من التحديات التي تواجه حكومة أرض الصومال الجديدة، نذكرمنها ما يلي:
أولًا: التحديات الداخلية
١-النزاعات العشائرية
يشكل نظام العشائر في أقليم أرض الصومال نظام قانوني وسياسي، فهو لايشكل بنية اجتماعية فحسب، حيث توجد مجموعة من العشائر، كل منها بمثابة وحدة أساسية للهُوية والحكم، وينقسم نظام العشائر في الإقليم إلى خمس عشائر رئيسية، وتتمتع هذه العشائر بسلطة كبيرة على التعيينات السياسية، وعادة ما تتولى العشائر الأكبر حجمًا مناصب رئيسية مثل رئاسة الأحزاب السياسية وقيادتها، ويتمتع الزعماء التقليديون وشيوخ العشائر بسلطة كبيرة في هذا الهيكل، نتيجة لذلك، غالبًا ما يجد أعضاء العشائر الأقلية أنفسهم مستبعدين من المناصب رفيعة المستوى حتى داخل البرلمان، وذلك سبب نزاعات عشائرية خاصة علي الحدود السياسيَّة لإقليم أرض الصومال حتى اللحظة؛ إذ لا تزال مدينة لاس عنود، عاصمة منطقة سول الواقعة شمال الصومال، تشكّل بؤرة نزاع مستمر بين قوات هرجيسا والمليشيات العشائريَّة المُسلحة الموالية لحكومة مقديشو المعروفة ب SSB وذلك لشعور أعضاء العشيرة بالاستبعاد والتهميش، وتُشكل مدينة لاس عنود تأثيرًا جيوسياسيًّا وأمنيًّا في الأقاليم الشماليَّة، لموقعها المتميز حيث تفصل الحدود الجغرافيَّة بين ولاية بونتلاند وأرض الصومال؛ ما جعلها منطقة صراعات سياسيَّة وعسكريَّة منذ قرابة عقدين.
وأصدر مجلس الأمن الدوليّ بيانًا في 7 يونيو 2023م، أدان فيه الخسائر التي لحقت بالمدنيين جراء تصاعد الاشتباكات بين إقليم أرض الصومال والقبائل العشائريَّة، ودعا مجلس الأمن قوات الأمن التابعة لأرض الصومال إلى الانسحاب الفوري من مدينة لاس عنود، فيما أعلن الإقليم حقها في حماية منطقة سول وعاصمتها باعتبارها جزءًا من حدودها، ويمكن لاستمرار هذه النزاعات الحدوديَّة أن يُنذر بتأجيج المشهد الداخلي خاصة بعد إعلان زعماء عشيرة دولباهانت المحلية عزمهم تشكيل دولة اتحادية تحت الصومال تسمى SSC-Khaatumo، وفي ١ نوفمبر الماضي جري قتال بين القوات المدنية المعروفة ب ssb مع قوات خاتوم في منطقة قورلوجود والتي أسفرت عن مقتل قائد ميليشا خاتوم عبدي مدوبي ونائبه، وهو من شأنه أن يؤدي إلي تأجج المشهد الداخلي بالإقليم، كما يمكن أن يؤدي انتشار السلاح في سول إلى إتاحة السبل أمام حركة الشباب وداعش للحصول علي موطئ قدم في إقليم أرض الصومال، خاصة أنهم متمركزون في بونتلاند، القريبة من منطقة سول ذات الموقع الإستراتيجي على البحر الأحمر، فإن الاستقرار في أرض الصومال بدوره له آثار أمنية إقليمية، وقد يؤدي ذلك إلي تقويض الصورة النمطية التي تحاول حكومة الإقليم تصديرها إلى العالم الخارجي والتي تفيد بأنَّ صوماليلاند أكثر أقاليم القرن الإفريقي استقرارًا.
٢-سوء الأوضاع الاقتصادية والتنموية
يُعد الوضع الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه عبدالرحمن عيرو في ولايته، حيث يكشف الواقع الاقتصادي والتنموي في إقليم أرض الصومال الانفصالي عن وجود فجوة تنمويَّة واضحة بين شرق الإقليم وغربه، فبينما تحظى المناطق الغربيَّة بالازدهار والأمن وتوافر الخدمات الأساسيَّة؛ فإنَّ الأقاليم الشرقيَّة يعتريها التهميش، فهي أقل تطورًا وتفتقر إلى معظم الخدمات الأساسيَّة، وأدي ذلك إلى زيادة حالة الغضب والسخط من جانب عشائر المناطق الشرقيَّة، وبخاصة عشائر “سول” و”سناج”، وما يُمكن أن يترتب على حالة الغضب تلك من تآكل شرعية حكومة أرض الصومال وتراجع النزعة الانفصاليَّة في الإقليم.
يعاني إقليم أرض الصومال الانفصالي كذلك من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض التحويلات المالية من الخارج، وارتفاع أسعار الوقود، وهي أزمة تفاقمت إلى حد بعيد نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، كما يعاني الإقليم من تدهور الأوضاع الأمنية وانتشار الفساد وغياب المساءلة والشفافية التي من المتوقع أن يقطع الرئيس الجديد أشواطًا في معالجتها.
وهناك تحدي محوري أمام حكومة عيرو والذي بدوره له تأثيرات على الاقتصاد والمشاريع التنموية بالإقليم، وهو صعوبة الحصول على المُساعدات الخارجيَّة، أو القروض التي توفرها المُنظمات الدوليَّة، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، لمُساعدة الحكومات على مواجهة الاختلالات في موازين المدفوعات ودعم مشاريع الإعمار والتنمية؛ وذلك بسبب غياب الاعتراف الدوليّ بإقليم أرض الصومال وبالتالي لا يتمتع الإقليم بعضوية هاتين المنظمتين أو غيرهما من المُنظمات الإقليميَّة المانحة.
التحديات الخارجية
بالإضافة إلى التحديات الداخليَّة المذكورة، تواجه حكومة إقليم أرض الصومال تحديات أخري على الصعيد الخارجي
١-السعي للإعتراف الدولي
على الرغم من مرور ثلاثة عقود على انفصال إقليم أرض الصومال، فلم ينال حتي الآن الاعتراف الدوليّ، علي الرغم من انخراطه في علاقات تجاريَّة واقتصاديَّة مع أطراف دوليَّة عدة، لكن لايعد ذلك كافيًا لجعل هذه الأطراف تعلن اعترافها بشرعية الإقليم، ومن جهة أخري يرى الاتحاد الإفريقي أنه ملزم تجاه الصومال بدعم استقراره والحفاظ على وحدة أراضيها، كما أنَّ الاعتراف باستقلال الإقليم من شأنه أن يفاقم التوتر في منطقة القرن الإفريقي التي تُعاني بالأساس من استقرارٍ هشّ، ومن ناحيةٍ أخرى، قد يشجّع اعتراف الاتحاد الإفريقي بأرض الصومال الأقاليم الأخرى الساعية إلى الانفصال، مثل إقليم بيافرا في نيجيريا، وإقليم تيجراي في إثيوبيا، وغيرها من الأقاليم الأخرى، في حين أن الحكومات الغربيَّة لن تبادر بمنح الاعتراف لإقليم أرض الصومال ما لم يسبقها الاتحاد الإفريقي باتخاذ هذه الخطوة.
وبدأت حكومة الإقليم بدول الجوار لانتزاع اعتراف منها باستقلالها، كخطوةٍ أولى تُحفّز من خلالها الدول الأخرى على إعلان اعترافها بالدولة الانفصاليَّة، ومن أجل ذلك بادرت حكومة أرض الصومال السابقة برئاسة موسي بيحي في يناير 2024م، بتوقيع مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، وبحسب ما ورد في النصوص المُعلنة من المذكرة، وافقت سُلطات الإقليم على السماح لأديس أبابا بالوصول إلى 20 كيلو مترًا من سواحلها لمدة 50 عامًا؛ كما سيتيح الاتفاق لإثيوبيا إمكانية استئجار قاعدة عسكريَّة بالقرب من ميناء بربرة الواقع على خليج عدن، مما سيُمكِّن أديس أبابا من الوصول إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب بين جيبوتي واليمن، في مُقابل ذلك، تعترف الحكومة الإثيوبيَّة بأرض الصومال كدولةٍ مُستقلة، وحصول حكومة الإقليم الانفصالي على حِصَّة قدرها 20% من الخطوط الجويَّة الإثيوبيَّة.
وعلي صعيد أخر نجد هناك دعم غربي لانفصال الإقليم و الاعتراف باستقلاله ويتمثل ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تصريحات ترامب عن عزمه للاعتراف بالإقليم فور وصوله للسلطة وكذلك يوجد دعم بريطاني من خلال وزير الدفاع البريطاني الأسبق غافين ويليامسون وعضو البربمان البريطاني عن حزب المحافظين وهو أقوى داعمي استقلال الإقليم في البرلمان البريطاني، وقام بزيارات عديدة للإقليم وحصل على “جنسية شرف” من الإقليم، ونري أن ذلك الدعم لرغبتهم في الوصول إلى خليج عدن وتسهيل عمليات واشنطن وحلفائها في البحر الأحمر ومما سيعزز حضورهم في المنطقة، حيث أطلق تحالف “حارس الازدهار” بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا عملية عسكرية لحماية السفن من هجمات الحوثيين على خلفية تصعيد النزاع في الشرق الأوسط منذ العام الماضي.
٢- العلاقات الخارجية
يشكل ملف مذكرة التفاهم مع إثيوبيا أكثر القضايا تعقيدًا، فعلى الرغم من إبداء “عيرو” دعمه للمضي قدمًا في الاتفاق الأولي مع إثيوبيا الذي تم التوقيع عليه في الأول من يناير 2024 الذي بموجبه تمنح أديس أبابا حق الوصول إلى البحر الأحمر، في مقابل اعترافها بأرض الصومال، لكن لا يزال الالتزام بتنفيذه غير واضح، حيث أفادت بعض التقارير بأن “عيرو” قد يكون أكثر انفتاحًا على الحوار مع الحكومة الفيدرالية الصومالية.
ومع تهنئة الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” بنتيجة الانتخابات وإبداء الانفتاح بشأن التفاهمات المستقبلية بين الجانبين لأجل تعزيز الوحدة والتنمية في البلاد، قد يشيرذلك لوجود إمكانية لاستئناف المفاوضات الثنائية بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وأرض الصومال وقد تسببت مذكرة التفاهم في تفاقم حدة التوترات الإقليمية بين الصومال وإثيوبيا، حيث أدانت الحكومة الصومالية الاتفاق بمعارضة شديدة باعتباره انتهاكًا لسيادة ووحدة البلاد. في حين لاقى الاتفاق ردود فعل مضادة في أرض الصومال نفسها؛ حيث استقال وزير الدفاع احتجاجًا عليه بعد أسبوع واحد فقط من توقيع الاتفاق، واعتقلت السلطات الصحفيين وحتى الوزراء السابقين بسبب حديثهم ضد الاتفاق المقترح، ومعارضة قبائل غادابورسي في منطقة أودال الغربية في أرض الصومال للاتفاق، على جانب آخر، كانت هناك مظاهرات لدعم الاتفاق في المناطق الحضرية التي تهيمن عليها عشيرة إسحاق التي يندرج منها الرئيس السابق موسي بيحي وكذلك هرجيسا وبركو.
ويُرجح أن يظل الاتفاق المبرم مع إثيوبيا محل إعادة نظر في فترة ولاية عيرو، وذلك وفق لتصرياحته بأنه سيسلك استراتيجية أخرى لنيل الاعتراف الدولي، تقوم على تهدئة الخطاب السياسي تجاه مقديشو، وإرسال رسائل تطمينية لها، بغية حثها على الاعتراف بـ(أرض الصومال) دولةً مستقلة، مقابل الوصول لصيغة قانونية جديدة معترف بها دولياً تحكم العلاقة بين المنطقتين، مثل صيغة الاتحاد الفيدرالي على سبيل المثال، وقد يتم إعادة النظر في الاتفاقية وفقًا للتسريبات التي أعلنت عن وجود مقابلات سرية جرت في مدينة نيروبي بين عيرو وأعضاء من الحكومة الفيدرالية الصومالية، والتي يعتقد أنها موّلت حملته الانتخابية، وتعهد بأنه سيلغي مذكرة التفاهم، وهي لقاءات لم تعلن عنها مقديشو أو حملة عيرو حتى الآن.
ونتوقع فشل التحركات الإثيوبية في تحييد مسار السياسة الداخلية التي يتبناها عيرو، إلا في حال واحدة فقط، وهي رفض الصومال أي تفاهمات مستقبلية تمنح أرض الصومال الاعتراف بالاستقلال عنها، في هذه الحالة فقط من الممكن أن يُضطر عيرو للعب بورقة إثيوبيا في مقابل اتفاق التعاون العسكري المبرم بين مصر والصومال، ولذلك نقترح أن تقوم مصر بمبادرة لتسوية الخلافات بين الصومال و إقليم أرض الصومال حتي يتوصلوا لصيغة للتفاهم بينهم.
٣-ملف حركة الشباب الإرهابية
شنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الفترة الأخيرة العديد من الهجمات على المناطق الحدودية مع بونتالاند وخاصة أثناء انعقاد الانتخابات الأخيرة حيث أبلغ عن سماع أصوات انفجارات قريبة من مقر عملية الاقتراع، ولذلك تُعتبر المواجهة مع حركة الشباب الإرهابية والتي تسيطر على أجزاء كبيرة من الصومال واحدًا من أكبر التحدّيات التي تنتظر الحكومة المقبلة للإقليم، حيث استغلت الحركة حالة عدم الاستقرار السياسي والانقسامات المريرة في صفوف القوى الأمنية لتعزيز نفوذها، وأعلن مؤخرًا عن مناقشات راهنة بين حركة الشباب الصومالية وجماعة الحوثي اليمنية؛ إذ تسعى الأخيرة إلى التوصل لاتفاق بموجبه تقوم الجماعة بتوفير الأسلحة المتقدمة كالطائرات من دون طيار والصواريخ المتطورة لحركة الشباب مقابل توسيع نفوذ الجماعة على عمليات الشحن في مضيق باب المندب، وقد يؤدي ذلك إلي احتمالية أن تحل عناصر حركة الشباب محل عصابات القرصنة؛ ومن ثم تفاقم حركة التجارة المأزومة بالفعل في منطقة البحر الأحمر.
يعتبر الصراع القائم في لاس عانود بيئة خصبة لحركة الشباب وتنظيم داعش، لتمديد نفوذهما من إقليم بونتلاند إلى أرض الصومال التي ظلت بعيدة عن خطر الجماعات الإرهابية، واستغلالهم حالة الفوضى وانعدم الأمن في هذه المنطقة بالاندماج مع المليشيات المحلية التي تشترك معها في النسب والقرب العشائري، مما سيشكل خطر كبير وتحدي أمام عيرو وحكومته، في حين يظهر البرنامج الانتخابي لعيرو ميله إلي عدم استخدام القوة العسكرية وتبني نهج أكثر تصالحًا واستعداده للحوار والتسوية مع إدارة خاتومو لحل الصراع بطريقة سلمية فمن الضروري المضي قدمًا في ذلك الملف لإنهاء الصراعات الداخلية وعدم ترك الساحة للجماعات الإرهابية.
في النهاية توجد العديد من التحديات الشائكة أمام الرئيس الجديد وحكومته، في ظل تزايد التهديدات الأمنية، وتفاقم حدة الاستقطاب والتشرذم على أسس عشائرية، وانعدام الثقة العميق بين المجتمعات المحلية، ويبقي التحدي الأكبر في سعيها الدائم للحصول على الاعتراف الدولي.