دفعت الحرب الروسية الأوكرانية العديد من الدول لتغيير توجهات سياستها الخارجية، وتعزيز سبل تقوية دفاعاتها ضد أي اعتداء محتمل، وقد كانت فنلندا والسويد من بين الدول التي أعلنت صراحة عن رغبتها في إنهاء سياسة الحياد العسكري التي تتبعها، و الدخول تحت مظلة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وما يوفره الحلف من حماية ودعم لأعضائه. ويتوجب على الدول الراغبة في الانضمام للحلف الحصول على موافقة الدول الثلاثين العضوة فيه بالإجماع وفق المادة العاشرة من معاهدة تأسيس الحلف الموقعة في واشنطن 1949. فيما ترفض تركيا العضوة في الحلف منذ 1952م، عضوية البلدين بحجة أنهم بمثابة “دور ضيافة” للمنظمات الإرهابية.

الداخل التركي:

تسعى الصحف التركية الموالية للحكومة على شغل الرأي العام الداخلي من خلال تصدر عناوين تبرز أهمية تركيا ودورها المحوري في الحلف، وبحث إمكانيات المكسب والخسارة من طلب الانضمام، لشغل الرأي العام الداخلي عن تراجع قيمة الليرة خلال شهر مايو الجاري، حيث هبطت الليرة التركية ما مقداره 10.4896٪ منذ بداية الشهر حسب بيانات إنفستنج التاريخية، لتصل إلى 16.27 للدولار الواحد، حيث تناور الحكومة التركية في مسألة قبول أو رفض عضوية البلدين في حلف الناتو، عبر التصريحات المتباينة للمسئولين الأتراك، والتي تبعث بأمل الموافقة كما في تصريحات إبراهيم قالين المتحدث باسم الرئاسة التركية، “إن تركيا لم تغلق الباب أمام انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي لكنها تريد التفاوض مع دول الشمال وتشديد الإجراءات على ما نعتبره أنشطة إرهابية، خاصة في ستوكهولم”. أو التي تؤكد الرفض التام دون تنازل فنلندي سويدي كما في تصريحات الرئيس التركي ووزير خارجيته.

المتحدث باسم الرئاسة التركية… أرشيفية.

مبررات تركيا للرفض:

1- تعتبر فنلندا والسويد بؤرتين للإرهابيين الفارين من تركيا، وتحافظان على اتصالات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، بالإضافة إلى العلاقة مع وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا وأتباع الداعية فتح الله جولن. وتأوي الدولتين الاسكندنافيتين انفصاليين منتمين للأقلية الكردية، سبق أن قدمت تركيا للدولتين طلبات قوبلت ب”الصمت” لتسليم أكثر من 33 شخصًا من المنتمين لحزب العمال الكردستاني ولحركة جولن.

2- تدعم الدولتين فرض قيود على تصدير الأسلحة إلى تركيا بعد الغزو التركي لشمال سوريا، في أزمة سبق وأن هددت الوجود التركي نفسه في الناتو.

وزير الخارجية التركي، وسكرتير عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج… أرشيفية

أهداف تركيا؟

وتهدف تركيا إلى تحقيق مكاسب هامة من رفضها “الموقت” لطلب البلدين كالتالي:

1- رفع أو تخفيف القيود المفروضة على تصدير الأسلحة إلى تركيا، بعد غزو الجيش التركي لشمال سوريا عام (عملية نبع السلام أكتوبر2019)، حيث أعلنت فنلندا والسويد وألمانيا ودول أوروبية أخرى أنها لن تصدر أي أسلحة إلى تركيا يمكن استخدامها في سوريا.

2- الضغط على فنلندا والسويد لوقف الأنشطة الكردية المعارضة لتركيا لديهم.

3- مساومة أعضاء الحلف لرفع القيود التي تم فرضها على أنقرة نتيجة شراء منظومة “S-400” الدفاعية الروسية، وتسهيل تقديم معدات عسكرية متطورة لتركيا.

4- بالرغم من استبعادها من برنامج الطائرات المقاتلة “F-35”. تأمل تركيا في الحصول على تنازلات من الولايات المتحدة مقابل موافقتها على طلب الانضمام في إشارة إلى إمكانية الاكتفاء بتسلم طائرات “F-16” وأنظمة تطويرها.

5- رفع العقوبات الأمريكية على قطاع الصناعات الدفاعية التركية.

ختاماً

– تدرك تركيا جيدًا أن استمرارية الرفض سيعرض موقفها الدولي للكثير من الانتقادات بعد أن اكسبتها الحرب الروسية الأوكرانية أهمية إقليمية بفضل موقعها الجيوستراتيجي في المنطقة، وأن دول الحلف الساعية للتوسع وقبول أعضاء جدد لن تصمت أمام استمرارية الرفض. وهو ما قد يترتب عليه فرض المزيد من العقوبات المحتملة. – بالإضافة إلى أن الموقف الروسي المغاير لتوقعات الحلف وأعضائه يشجع تركيا على التفاوض ومحاولة جني المزيد من المكاسب دون تردد أو قلق من إغضاب روسيا التي تحرص تركيا على علاقة جيدة معها حتى اللحظة.

 

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version