إعداد: حسين محمود التلاوي
ذكر تقرير لمعهد المركز الإفريقي أن هناك تعاونًا متزايدًا بين حركة الشباب الصومالية وجماعة أنصار الله اليمنية المعروفة باسم “جماعة الحوثي”. وأوضح تقرير المعهد التابع لوزارة الدفاع الأمريكية أن هذا التعاون المتزايد بين الجانبين يعمل على تمكين كلتا الجماعتين المسلحتين ويساهم في زيادة التهديدات البحرية والبرية على جانبي خليج عدن.
وذكر التقرير الأمريكي أن هذا التعاون المتصاعد يزيد المخاطر التي تهدد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وخليج عدن، وغرب المحيط الهندي، ويعمل في الوقت نفسه على “تعزيز القدرات التخريبية لكلتا الجماعتين”، ومن المؤشرات على ذلك تصاعد أعمال القرصنة؛ فبينما وقعت آخر عملية اختطاف مسجلة عام 2019، وقع 47 حادثًا مرتبطًا بالقرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي منذ نوفمبر 2023. ويؤكد التقرير أنه ما دام التحالف قائمًا بين الحوثيين وحركة الشباب، فإن حركة الشحن عبر قناة السويس ستبقى في خطر دائم.
وأضاف التقرير أن الأمم المتحدة أفادت في فبراير 2025 بوجود أدلة ليس فقط على وجود اتصالات بين الحوثيين وحركة الشباب، وإنما على اجتماعين على الأقل عام 2024 تعلقا بنقل العتاد العسكري والتدريب من الحوثيين إلى حركة الشباب مقابل زيادة عمليات القرصنة وتهريب الأسلحة. وتوضح الأمم المتحدة أن مثل هذا التعاون كان مستبعدًا في السابق بسبب الاختلافات الأيديولوجية بين الجانبين، لكن عنصرًا مهمًّا يتعلق بالتنسيق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة جعله ممكنًا.
يشير التقرير إلى أنه على الرغم من سابق العداء بين تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والحوثيين، فقد أسس الطرفان عام 2022 ما يشبه ميثاق عدم اعتداء؛ شمل التعاون في المجال الأمني والاستخباراتي، وتوفير ملاذات آمنة لبعضهما بعضًا، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية اليمنية.
فوائد التحالف بالنسبة للحوثيين
يذكر التقرير أن الحوثيين جنوا الكثير من الفوائد جراء التحالف مع حركة الشباب الصومالية؛ حيث تدر عمليات القرصنة وحدها نحو 180 مليون دولار شهريًّا على الحوثيين يدفعها وكلاء شحن نظير سماح الحوثيين بالمرور الآمن للسفن.
كذلك أسفر تعاون الحوثيين مع حركة الشباب وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن تسهيل وصول الحوثيين إلى بحر العرب وغرب المحيط الهندي. بالإضافة إلى ذلك، تمنح شبكة حركة الشباب من المقاتلين، والمتعاطفين، والمهربين عبر الصومال وشمال كينيا تمنح الحوثيين مزيدًا من الفرص للحصول على شحنات الأسلحة (التي جاء الكثير منها من إيران) من المحيط الهندي في زوارق صغيرة بمحاذاة الساحل أو برًّا إلى خليج عدن حيث قد تكون لديهم فرصة أفضل للوصول إلى الشواطئ اليمنية.
فوائد التحالف بالنسبة لحركة الشباب
طورت حركة الشباب من نوعيات الأسلحة لديها من خلال التعاون مع الحوثيين؛ فمن خلال المساعدة في الحفاظ على طرق التجارة الحوثية مفتوحة وزيادة عمليات القرصنة قبالة السواحل الصومالية، حصلت حركة الشباب على أسلحة متقدمة وتدريبات من الحوثيين، بما في ذلك الطائرات المسيرة المسلحة.
وذكرت الأمم المتحدة أن الحركة تلقت تعليمات فنية من الحوثيين وشحنات أسلحة من اليمن في الفترة ما بين يونيو وسبتمبر ٢٠٢٤، وقد استخدمت حركة الشباب هذه الأسلحة في هجماتها ضد قوات الاتحاد الأفريقي في سبتمبر ونوفمبر من العام نفسه. كذلك اكتشفت الأمم المتحدة أن حركة الشباب أرسلت أكثر من مجموعة من العناصر إلى اليمن لتلقي التدريبات على يد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية؛ بما في ذلك تكنولوجيا الطائرات دون طيار.
وفي أغسطس ٢٠٢٤، ألقت سلطات بونتلاند القبض على 7 أشخاص يُشتبه في انتمائهم لحركة الشباب، واستولت على 5 طائرات انتحارية مسيرة. وكانت حركة الشباب قد استخدمت الطائرات المسيرة لسنوات من أجل جمع المعلومات الاستخبارية، والاستطلاع، وإنتاج أفلام دعائية، لكنها لم تستخدم طائرات مسيرة مسلحة. لذلك يعتقد الخبراء أن هذه مجرد بداية لأسلحة أكثر تقدمًا قد تأتي بعد التدريب على يد الحوثيين. وقد أظهرت حركة الشباب بالفعل قدرات أكبر ونشرت طائرات مسيرة في عام ٢٠٢٥؛ حيث تمكنت منذ مطلع العام من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي سيطرت عليها الحكومة الصومالية في السنوات السابقة.
علاقة الحوثيين بتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال
وفي تقرير لمعهد ديل كارنيجي للسلام، ورد أن علاقة الحوثيين بتنظيم الدولة الإسلامية في الصومال قد شهد تطورًا لافتًا منذ عام 2021 على الأقل، وكانت تركز في البداية على نقل الأسلحة الصغيرة. ولكن بين عامي 2015 و2022، انخرط عضوا تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال، “عبد الرحمن محمد عمر” و”عيسى محمود يوسف”، اللذان شملتهما العقوبات الأمريكية، في تهريب الأسلحة من اليمن؛ ما يشير إلى وجود روابط سابقة مع الحوثيين. ويذكر التقرير أن أنشطة التهريب هذه كانت مدفوعة بحاجة تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال إلى السلاح لدعم عملياته في ولاية بونتلاند الصومالية، وأيضًا برغبة الحوثيين في جني الإيرادات، لاسيما بعد دخول الصراع في اليمن مرحلة من الهدوء بدءًا من أبريل 2022.
وعلى الجانب الميداني يذكر تقرير ديل كارنيجي أن الشريط الساحلي الصومالي الذي يسهل اختراقه أصبح أساسيًّا لضمان وصول الإمدادات الإيرانية إلى الحوثيين، وكذلك المعدّات الصينية التي تتيح لهم تطوير برنامج الصواريخ والطائرات المسيّرة المدعوم من إيران.
ويوضح التقرير أن قسمًا كبيرًا من المعدات يدخل عبر الصومال وجيبوتي. وبينما تشمل طرق التهريب إلى اليمن المناطق الساحلية حول موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، والمخا في محافظة تعز، والشحر والمكلّا في محافظة حضرموت، وبلحاف وبئر علي في محافظة شبوة، ونشطون وسيحوت في محافظة المهرة، تشمل من الجانب الصومالي ميناء بوصاصو في ولاية بونتلاند، وسواحل بوروا وهوبيو وبراوي ومركا وقندلة، إضافةً إلى ميناء بربرة في إقليم أرض الصومال (صوماليلاند).
ويضيف التقرير أن الحرس الثوري يعتمد على شبكات القرصنة الصومالية وحركة الشباب وتجّار الأسلحة في اليمن والصومال من أجل إيصال الإمدادات إلى الحوثيين. ومن بين الشخصيات التي تتولّى تنسيق عمليات الحوثيين في الصومال، “أبو محمد المرتضى” و”أبو إبراهيم الهادي”، اللذَين لا يشرفان فحسب على صفقات التهريب، بل أيضًا على توسيع نطاق التعاون مع فيلق القدس.
ومن أوجه التنسيق بين الحوثيين وبين حركة الشباب الصومالية تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال أن الروابط بين هذه الأطراف سمحت بتنويع أساليب الدخول إلى المناطق البحرية الصومالية، ومنحها درجةً من الإنكار المعقول للمسئولية؛ فعلى سبيل المثال، زعم القيادي الحوثي “عبد الملك العجري” في نوفمبر 2023 أن حركة أنصار الله استولت على ناقلة “سنترال بارك”، لكن الواقع أن القراصنة الصوماليين مَن نفّذوا هذه العملية بالتنسيق مع الحوثيين؛ ما يُظهر أن الفريقَين يتعاونان ويمارسان نفوذًا مشتركًا في المنطقة.
ويؤكد تقرير صادر عن معهد رُسي البريطاني المستقل وجود تنسيق بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية؛ وهو ما أدى إلى زيادة أنشطة التهريب للمعدات العسكرية الصغيرة، والأسلحة الخفيفة، مع وجود مؤشرات على أن المورد واحد؛ وهو إيران. ويذكر تقرير المعهد البريطاني أن هذه الزيادة ترافقت مع تقرير للمخابرات المركزية الأمريكية يقول إن هناك مباحثات لتسليم الحوثيين طائرات مسيرة إلى حركة الشباب. ويضيف التقرير أن الحوثيين يحاولون توسيع شبكة علاقاتهم لتشمل روسيا؛ حيث يكثفون الاتصالات معها.