د.وفاء أبو المكارم .. أ.سعد عبد العزيز … أ.نيفين ابو حمدة

 شهد عام 2023م أحداثا عاصفة في إسرائيل على عدة مستويات، فألقت بظلالها على المجتمع الإسرائيلي بمحتلف أطيافه. بدأت هذه الأحداث بماسمي في حينه بـ”التعديلات القضائية” التي وقف ورائها الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف بمشاركة سموتريتش وبن جفير ورئاسة بنيامين نتنياهو، ليخدم مصالحه ويثبت أركانه، فأحدث انشقاقا كبيرا وصدعا عميقا في المجتمع، الأمر الذي أنذر في حينه بنشوب حرب أهلية، بعدما نظمت المظاهرات المناوئة لها واتسع نطاقها، وبعدما شاركت فيها فئات وجماعات ومستويات سياسية وعسكرية واجتماعية لم تظهر من قبل على المشهد العام، مثل بعض العسكريين والطيارين وقوات الاحتياط، الأمر الذي شكل تهديدًا على كفاءة الجيش الإسرائيلي وجاهزيته. من هنا جاء تحذير وزير الدفاع جالانت بأن هذا الانقسام يلقي بظلال سلبية على أداء المؤسسات العسكرية والأمنية، فأقاله رئيس الوزراء نتنياهو من منصبه كوزير دفاع في حينه، ثم اضطر بعد ذلك وبتأثير الرأي العام إلغاء قرار الإقالة.

حينما شارف عام 2023م على الانتهاء، وكردة فعل على عملية المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر المسماة بـ”طوفان الأقصى”، شنت إسرائيل عدوانا مكثفا على قطاع غزة في عملية عسكرية لم تعتمد فقط على العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني في غزة وإنما على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، كما جاء في تقارير المنظمات الدولية والرسمية وغير الرسمية.

فعلى الرغم من أن حراك الشارع الإسرائيلي نجح في تحجيم خطة حكومة نتنياهو للسيطرة على القضاء بحجة الإصلاح القانوني، وخروج أحكام المحكمة العليا منتصرة للفرد، إلا أن الأزمة السياسية والاجتماعية التي خلفتها أحداث 7 أكتوبر وتداعياتها قد تكون أعمق تاثيرا وأخطر تفاعلا، وتستمر لسنوات طويلة، بعدما زاد الشعور بانعدام الأمن عند رجل الشارع العادي، نتيجة انهيار ماسمي بـ”تفوق الجيش الإسرائيلي وقدرته على حماية المواطن والتصدي لأي تهديد”، خاصة أن هذا العدوان تجاوز الأرقام المعتادة في عدد أيام القتال، وحجم تعبئة الاحتياط، ونطاق القتال في الساحات، فضلا عن التكاليف الاقتصادية، وعدم وضوح الرؤية فى ميعاد انتهائها.

فعلى الصعيد السياسي كان عام 2023م أسوأ عام في تاريخ إسرائيل، في ظل حكومة تتبنى أجندة سياسية دينية متطرفة، على عكس ماوعد به نتنياهو فور توليه رئاسة الحكومة بأن إسرائيل ستكون دولة عُظمى ومزدهرة وحتمية الوجود، فيما تعهد وزراء حكومته بتشجيع التعليم الديني وتعزيز الأمن وإجراء ثورة في النظام القضائي.

حرصت هذه الحكومة اليمينية المتشددة على تطبيق أجندتها في إحكام قبضة الاحتلال ودعم المستوطنين اليهود بشكل غير مسبوق، فرصدت المليارات لتوسعة المستوطنات القائمة وإنشاء مستوطنات جديدة، وسنت قانونا يلغي حظرا سابقا بالبناء اليهودي في المنطقة “سي” من الأراضي الفلسطينية.

خلقت هذه الحكومة، بتوجهاتها اليمينية المتطرفة، توترات كثيرة وأزمات عديدة في القضاء والتعليم والإعلام والمؤسسة الأمنية والقضايا الدينية، ليتأجج التوتر بين المتدينين والعلمانيين، والليبراليين والمحافظين، واليهود وفلسطيني 48، مما خلق استقطابًا داخليًا ومشاكل خارجية حتى مع الغرب. وفي ضوء ذلك أصبحت إسرائيل أمام أزمة خطيرة جراء التخبط السياسي والانقسام الداخلي.

وسعت حكومة نتنياهو بخطى حثيثة إلى إبرام اتفاقية تطبيع مع الرياض، مستغلةً رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في إحراز إنجاز سياسي يدعمه في الترشح لفترة رئاسية جديدة، ولكن ذلك لم يتحقق بسبب ممارسة حكومة نتنياهو المتطرفة، والتي وترت أيضا العلاقات بين إسرائيل والدول العربية الأخرى.

وعلى المستوى العسكري تواجه حكومة نتنياهو أسوأ الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية والأمنية منذ إقامة الدولة. من هنا ينظر المحللون إلى أن مستقبل نتنياهو السياسي بات منتهيا، قياسا على ما جرى في أعقاب هزيمة إسرائيل في أكتوبر 1973م، وفشل حرب لبنان عام 2006م.

فجرت عملية “طوفان الأقصى” غضب الشعب الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو، وبلغ الغضب مداه بعد أكثر من 100 يوم من العدوان على قطاع غزة دون إلحاق الهزيمة بحركات المقاومة الفلسطينية أو استعادة جميع الأسرى الإسرائيليين أحياء من القطاع، لتنظم المظاهرات وتتعالى الأصوات المنادية باستقالة نتنياهو وإحالته للتحقيق بسبب مسؤوليته عما حدث، فضلا عن قضايا الفساد المتهم فيها. كما أن حلفاءه في الائتلاف الحاكم سيتخلون عنه ليحملوه مسؤولية الفشل، رغم أنه فشل عسكري واستخباراتي وأمني في المقام الأول.

وهكذا تبدو حكومة نتنياهو على شفا الانهيار بعد انخفاض شديد في شعبيتها، لتصبح الأجواء مؤهلة أكثر للتخلص من هذه الحكومة وتوجهاتها اليمينية الدينية المتطرفة. فهل ستتمكن المعارضة من الفوز في الانتخابات القادمة؟

يتحدد مصير حكومة نتنياهو في الفترة القريبة؛ لأن أعضاء المعسكر الرسمي بيني جانتيس وجدعون ساعر وجادي أيزنكوت قد يُنهون تحالفهم مع حكومة الطوارئ، وإن كانت هناك أسباب أخرى تدفعهم للبقاء، على رأسها أن ترك الدولة لكل من نتنياهو وسموتريتش وبن جفير يُعد مراهنة خطيرة تزيد من تفاقم أزمات إسرائيل داخليا وإقليميا ودوليا.

وعلى الصعيد الاجتماعي يقدر المحللون الإسرائيليون أن عام 2023م هو الأصعب من حيث حجم التحديات، لينذر بتوقف دورة الحياة وإضعاف الاقتصاد، والإضرار بصورة إسرائيل في العالم، مع محاولة السيطرة على وسائل الإعلام، وتكميم الأفواه، واستعداء المجتمع المدني والمحليات، وتوزيع الميزانيات بشكل يُعمق الفساد والتمييز بين فئات المجتمع. وجاءت عملية المقاومة الفلسطينية لتكشف عن أن رد فعل الحكومة لم يكن على مستوى الحدث على الجبهة الداخلية، لتسود حالة من الارتباك والاضطراب على مستوى المؤسسات والأفراد.

وقد قدمت “إسرائيل” الحدث على أنه حرب تخوضها ضد ماتسميه “الإرهاب الإسلامي المتطرف” الذي يستهدف وجودها واستقرارها وأمنها، من هنا لابد من استكمال هذه الحرب  بدعوى تحقيق أهدافها. إلا أن هذا الموقف لم يصمد طويلًا أمام طول مدة احتجاز الرهائن وموت بعضهم، والخسائر البشرية غير المسبوقة من القتلى والمصابين.

بات الشارع الإسرائيلي ينتقد، وبصوت عال، تخلى الدولة عن الرهائن، والدفع بجنود غير مؤهلين لعملية عسكرية لم تحقق الحد الأدنى من أهدافها، وينتقد من ناحية أخرى سياسات الحكومة اليمينية التي تدفع الأموال إلى ناخبيها هي فقط، مثل الحريديم والمشاريع الاستيطانية.  من هنا خرج ذوو الرهائن والجنود ورافضو سياسات الحكومة ومعارضو نتنياهو في مظاهرات دورية للمطالبة بإيقاف الحرب وإعادة أبنائهم واستقالة نتنياهو، لنجد ميدانا خاصا لكل فئة، ولكل فئة مطالبها. من هنا استشرفت بعض مراكز الدراسات المعنية باستطلاع رأي الجمهور الإسرائيلي، بأن الواقع سيكون أكثر فرقة وانقسامًا بعد انتهاء هذه العملية العسكرية ضد سكان غزة. ويتوقع البعض استمرار الاحتجاجات الحاشدة نتيجة تزايد المطالبات بمحاسبة المسؤولين عن سلسلة الاخفاقات والتعويضات فضلًا عن المطالبة بإقالة نتنياهو التي بدأت قبل نهاية الحرب.

وعلى الصعيد الاقتصادي زادت معدلات الفقر خلال هذا العام، فبات الحد الأدنى للأجور لايكفي تلبية احتياجات الأسرة المتوسطة. وفي ضوء الأحداث العسكرية تم نقل أسر إسرائيلية من أرض المواجهات العسكرية، وتم تعويض الناجين وأسر المصابين بشكل عشوائي، وارتفع عدد متلقي التعويضات بقيمة تزيد عن 650 مليون شيكل. ومما لاشك فيه أن تدهور الحالة الاقتصادية للمواطن قد تكون الدافع الأساس في الكثير من أحداث الاحتجاجات عام 2024م، اعتراضًا على الحالة الاقتصادية المتردية، أو الهجرة العكسية بأعداد كبيرة للعمل.

وعلى مستوى فلسطيني 48 شهد عام 2023م ارتفاعًا غير مسبوق في ضحايا ظاهرة العنف والجريمة في الوسط الفلسطيني داخل إسرائيل، حيث لقى 244 شخصًا مصرعهم. ورغم انخفاض وتيرة حوادث العنف والقتل بسبب أحداث 7 أكتوبر، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها هذا القطاع منذ سنوات مستمرة. وقد لجأت حكومة إسرائيل لاستخدام قانون الطوارئ في زمن الحرب، ففرضت إجراءات تعسفية وقمعت حرية التعبير، واعتقلت اي شخص للاشتباه فى معارضته للعدوان على غزة، وفصلت طلابا من الجامعات وموظفين في المستشفيات وقطاع التعليم للسبب نفسه، لتثبت لنفسها أنها قادرة على إحكام قبضتها وضبط الشارع الذي يعاني من الجريمة والعنف. ويقدر المحللون أن فلسطيني الداخل باتوا يشكلون جبهة قابلة للاشتعال، وأنهم يمثلون أحد التحديات التي تواجه إسرئيل فى الفترة القادمة.

من اللافت للانتباه أن الساسة الممثلين لفلسطيني 48 آثروا عدم التفاعل مع حالة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ لأن ذلك يعني بالنسبة لهم فتح ملف الهوية والمصير، إلا أن بعضهم أدان العدوان على غزة بعد مقدمة عامة عن رفض الأعمال العدائية ضد المدنيين بشكل عام، وذلك بهدف الحفاظ على التوازن بين تضامنهم مع أصولهم الفلسطينية والحدود التي وضعتها إسرائيل للتعاطي مع هذا الموقف.

وعلى مستوى التعديلات القضائية، التي كان يتطلع إليها نتنياهو وأعضاء حكومته اليمنية المتطرفة، تحطمت طموحاتهم في النجاة على صخرة المحكمة العليا التي رفضت التغيرات القضائية فيما يتعلق بقانون التعذر وحجة المعقولية، والتي كانت بمثابة طوق نجاة لهم، على حساب الفرد العادي وقضاياه واهتماماته.

وحتى نهاية عام 2023م تكبد الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة العدوان على غزة خسائر كبيرة قدرها خبراء بـ60 مليار دولار، تشمل الميزانية العسكرية والمساعدات المقدمة للقطاعات الاقتصادية المتضررة، نتيجة استدعاء قوات الاحتياط الذي يقدر عددهم بنحو
360 ألف، يكلفون الميزانية 3 مليارات دولار، ومن ناحية أخرى يقدر التراجع في الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بسبب العدوان نحو 2%.

وفي ضوء التداعيات الاقتصادية للعدوان على غزة توقع “بنك إسرائيل المركزي” عجزًا قدره 30 مليار دولار في ميزانية الدولة، الأمر الذي يعني تخفيضا في الميزانية، وزيادة في الضرائب تصل إلى أكثر من 18 مليار دولار، كما كشفت المسودة المعدلة لميزانية 2024 أن عجز الميزانية من المتوقع أن يرتفع من 2.25 بالمئة إلى 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. وقد صوّت أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر (كابينت) على ميزانية 2024، بزيادة 55 مليار شيكل (15 مليار دولار) كمبلغ إضافي للإنفاق على العدوان. ويشمل التمويل الإضافي، إلى جانب الميزانية العسكرية، تعويض جنود الاحتياط وتعويضات المتضررين من الحرب، وعشرات آلاف الإسرائيليين النازحين من المناطق الحدودية، وزيادة في ميزانية الرعاية الصحية والشرطة، وحزمة مساعدات العمال وأصحاب الأعمال، المقدرة أعدادهم بـ760 ألف عامل غير قادرين على العمل في وظائفهم، وتمكين الشركات الصغيرة من الصمود.

 

هكذا يكون من أبرز المؤشرات الاقتصادية في بداية عام 2024م، ونتيجة للأحداث التي وقعت في عام 2023م، ارتفاع العجز في الميزانية وانخفاض في النمو الاقتصادي، ومن المتوقع أن تتعمق هذه المؤشرات أكثر وأكثر كلما طال أمد الحرب.

من هنا يرى خبراء اقتصاد أن الحرب ستؤدي إلى تغييرات في النظام الاقتصادي في إسرائيل ليس فقط على المدى القصير في 2024، وإنما على المدى الطويل أيضا، خاصة أن وزارة المالية الإسرائيلية قدّرت أن تكلفة الحرب قد تبلغ مليار شيكل في اليوم الواحد، أي ما يعادل 267 مليون دولار تقريباً، من هنا توقع محللون أن ترتفع ميزانية الجيش من 4.6 في المئة إلى 6 في المئة من الناتج المحلي، الأمر الذي سيلقى ظلالا سلبية على مخصصات التعليم العالي والرفاه الاجتماعي والأمن الداخلي.

وقد أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقرير صدر بعد أيام على العدوان الإسرائيلي، إلى أنّ البيانات الاقتصادية تظهر ضعف الشيكل وسوق الأوراق المالية، وفقدان ثقة المستثمرين في سندات الحكومة الإسرائيلية، وارتفاع معدلات البطالة، بعدما أفادت وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية، أنّ 46 ألف عامل طُردوا أو منحوا إجازة منذ اندلاع الحرب.

وهكذا شكل العدوان على غزة عبئا كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلي، مستنزفا موارد الميزانية، من خلال تكلفة استدعاء قوّات الاحتياط وتأمين ما يلزمها من عتاد وذخيرة وطعام وإقامة، ودفع تكاليف العلاج وتعويضات مادية للجرحى العسكريين والمدنيين، إضافة إلى تعويضات لعائلات الجنود والضباط القتلى، فضلا عن دفع بدل سكن وتعويضات للنازحين من المستوطنات المحيطة بقطاع غزة وفي الشمال الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، فضلا عن تكلفة إعمار المنازل والمناطق المتضررة شمالاً وجنوباً، أضف إلى ذلك تضرر القطاع السياحي بعد التراجع الحاد في حركة السيّاح، وتحول عدد من الفنادق إلى مراكز إيواء للنازحين الإسرائيليين من مناطق المواجهات، وتراجع حركة الملاحة الجوية، بعدما أعلنت بعض الشركات وقف رحلاتها الجوية إلى تل أبيب بعد تعرض مطار بن غوريون ومحيطه لسقوط صواريخ، وتضرر حركة الملاحة البحرية التجارية في ميناء إيلات بعد توقّف بعض شركات النقل البحري المتجهة إلى إسرائيل.

وهكذا كان عام 2023م، بما شهده في بداياته من انقسامات جعلت إسرائيل تعيش على صفيح ساخن وتنذر بحرب أهلية وماانتهي به من عدوان إسرائيلي غاشم على غزة، يقدم لما يمكن أن يحدث في عام 2024م، سياسيا بانتهاء نتنياهو وسقوط حكومته في ضوء اخفاقاتها المتعددة والمتكررة على مستويات عدة، فضلا عن بروز شخصيات سياسية أخرى يمكن أن تشغل الفراغ السياسي المتوقع مثل بني جنتس وشركائه العسكريين في المجلس الوزاري المصغر (كابينت).

وفي عام 2024م تُشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي سينخفض بنسبة 1.1 نقطة، مئوية ليبلغ نحو 1.6%. وإنّ الأثر المالي للحرب يقدر بنحو 150 مليار شيكل ما يساوي 40 مليار دولار تقريبًا خلال عامي 2023-2024، على افتراض انتهاء القتال العنيف خلال الربع الأول من العام الحالي، هذا بخلاف الخسائر الاقتصادية التي بلغت 60 مليار دولاء حتى نهاية عام 2023م.

كما أن النتيجة المباشرة والفورية للحرب الحالية قد تكون مزيجًا من بيئة أمنية مليئة بالتحديات، وزيادة الإنفاق الأمني، فضلًا على الضرر الذي يلحق بالاستهلاك الخاص، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كل هذا في ظل حاجة ضرورية وملحة للحكومة لتعويض الجمهور الإسرائيلي لتبعات الحرب الاقتصادية، ودعاوى مستمرة لضرورة وقف هذه الحرب التي باتت تُشكل عبئًا على المجتمع الإسرائيلي.

ستظل مصر خلال الفترة القادمة، كما كانت في العام الماضي، في مرمى الساسة الإسرائيليين، فقد تكشفت الخطط الإسرائيلية والأطماع في سيناء، إلا أن الموقف المصري كان حاسما لم يقبل المساس بسيادته المطلقة على سيناء، وأن المحتل مسئول عن الشعب الذي يحتله، لايبيده ولايرحله إلى مكان آخر.

من المتوقع أن يشهد عام 2024م المزيد من الخسائر الاقتصادية في ضوء إصرار نتنياهو وحكومته على استمرار العدوان على غزة. وبدأت حالة جديدة من الاستقطاب تتشكل ملامحها في المجتمع الإسرائيلي بين فريقين رئيسين، فريق يرى ضرورة إطلاق سراح الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية أحياء حتى لو كان الثمن توقف العدوان، وآخر يرى ضرورة القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة حتى لو كان الثمن هو التضحية بهؤلاء الأسرى. من هنا نظمت مظاهرات داعمة لاستمرار العدوان تحول دون دخول مساعدات إلى فلسطيني غزة. ومن ناحية أخرى تبحث الحكومة الإسرائيلية عن ذريعة تجعلها تنسحب من غزة مع الحفاظ على ماء وجهها بعيدا عن الاعتراف بالفشل والإخفاق العسكريين، فنسمع بين الحين والأخر سحب لواء أو كتيبة للدفع بها إلى الجبهة الشمالية لمواجهة حزب الله، من هنا من المتوقع رفع درجة التصعيد على الجبهة الشمالية خلال الفترة القادمة.

ونجحت المقاومة الفلسطينية- التي توصمها إسرائيل وبعض الدول الغربية الأخرى بالإرهاب- في أن تفرض أجندتها ومطالبها، بوصفها طرفا يمثل ندا للطرف الإسرائيلي في المفاوضات حتى لو كان ذلك عبر الوسيطين المصري والقطري، والجميع كان في انتظار رد الطرف الفلسطيني المقاوم، بغض النظر عن القبول او الرفض، وهكذا تشكل طرف فلسطيني مقاوم أمام طرف إسرائيلي معتدي، في حالة ندية تامة، طرف يفاوض ويطلب وأخر يقبل أو يرفض.

ونجحت المقاومة الفلسطينية في الأحداث التي شهدها نهاية عام 2023م وبداية عام 2024م في أن تقدم نفسها ممثلة للشعب الفلسطيني، بعدما نجحت في أن تجعل القضية الفلسطينية متصدرة المشهد السياسي العام، ليس فقط في الوطن العربي وإنما في العالم كله، لتنظم المظاهرات الحاشدة في كبرات العواصم الكبرى داعمة للشعب الفلسطيني.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version