أعلنت الولايات المتحدة يوم الأحد الماضى عن اعتزامها إجراء مناورات عسكرية فى بحر العرب وخليج عمان بمشاركة سفن ووحدات بحرية تابعة لكل من اليابان وفرنسا وبلجيكا، وتشمل السفن المعنية حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديجول”، وكذلك السفينة الهجومية البرمائية الأمريكية “يو إس إس ماكين آيلاند”. كما ستشارك الفرقاطة البلجيكية “HNLMS Leopold I” والمدمرة اليابانية JS” Ariake”، بالإضافة إلى طائرات من الدول الأربع.
وتأتى هذه الخطوة فى ظل محاولات الإدارة الامريكية للرئيس جو بايدن الدخول فى مفاوضات لإعادة صياغة الاتفاق النووى الإيرانى الأمر الذي تتحفظ عليه طهران مطالبة الولايات المتحدة بالانضمام غير المشروط للاتفاق النووى الموقع عام 2015 حتى تعود إيران بالتعهد بكامل التزاماتها بموجب الاتفاق.
توقيت المناورات الأمريكية… منطقة على صفيح ساخن
تأتى المناورات الامريكية فى وقت تنمو فيه التصعيدات الإيرانية فى المنطقة، ففى العراق لا تزال الميليشيات المدعومة إيرانياً تستهدف المصالح الامريكية هناك، كما أن الحرب في اليمن تشتد ضراوة يوماً بعد يوم، فجماعة الحوثى المدعومة إيرانياً قد حققت بعض الانتصارات الميدانية المهمة فى محافظتى تعز ومآرب وقامت في الأيام السابقة باستهداف المملكة العربية السعودية بعدة صواريخ باليستية وطائرات مفخخة بدون طيار استهدف بالأساس مطار أبها ومنشأة نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية مما كبدها خسائر مالية كبيرة ومثل تهديداً لأمن واستقرار المملكة التى تعهدت الولايات المتحدة بحمايتها.
حلفاء متعددون
بالنظر إلى المناورات الأمريكية المزمع عقدها نستشف أن الولايات المتحدة تريد أن تبعث لطهران برسالة مفادها أن الولايات المتحدة لديها حلفاء متعددون وقادرون على مساندة الولايات المتحدة لدرء أى اعتداء إيراني وتعزيز الأمن في المنطقة، كما تريد الولايات المتحدة التأكيد من خلال مشاركة عدة دول مختلفة كاليابان وفرنسا وبلجيكا على عمق وقوة تحالفاتها الدولية.
إيران
الرئيس الأمريكى “جو بايدن” – صورة أرشيفية
المناورات في بحر العرب: الأهمية والأهداف والدفع نحو اتفاق نووى جديد
ذكرت الولايات المتحدة أن الهدف الرئيسى من المناورات الكبرى المزمع عقدها فى بحر العرب هو التدريب على حرب محتملة فى هذه المنطقة وتكمن أهمية هذه المناورات فى أنها تبعث برسالة إلى إيران مفادها أن الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام تدابير قاسية فى حال فشل الطريق الدبلوماسى الذى تدفع واشنطن نحوه، كما تحاول الولايات المتحدة أيضاً الإيعاز إلي إيران أنه لا يعنى تغير الإدارة الامريكية من الرئيس السابق دونالد ترامب الذي سعى إلى حل عسكرى ضد إيران إلى إدارة الرئيس جو بايدن أن الأخير قد رفع يده من على الزناد، فالولايات المتحدة لا تزال تنظر إلى الحل العسكرى ضد طهران بوصفه أحد الحلول المطروحة على الطاولة للتعامل معها.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى من خلال المناورات المعلن عنها إلى الضغط على إيران لدفعها نحو التفاوض على اتفاق نووى جديد أو تعديل الاتفاق النووى الحالى ليشمل عددا من الموضوعات التي تم غفالها فى اتفاق 2015؛ كالبرنامج الصاروخى لإيران، والدور المزعزع للاستقرار فى المنطقة، وتوسيع دائرة التفتيش النووى، وتحاول الولايات المتحدة استغلال وجود رئيس إصلاحى كروحانى وشخصية دبلوماسية كجواد ظريف فى مقعد وزارة الخارجية (اللذان ساهما بشكل كبير فى صياغة الاتفاق النووى عام 2015) للإسراع فى الدفع نحو البدء فى المفاوضات قبل موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المزمع عقدها منتصف السنة الجارية، والتى من المتوقع أن تأتى برئيس محافظ على كرسى الرئاسة، وتريد الولايات المتحدة الضغط على ايران باستعراض القوة العسكرية التقليدية بالإضافة الى الضغوط الدبلوماسية من أجل دفع إيران نحو التفاوض على اتفاق نووى جديد.
الخلاصة
ختاماً، لايزال مبكراً معرفة إذا ما كان لهذه المناورات الأمريكية فى منطقة بحر العرب وخليج عمان تأثير حقيقى على أرض الواقع، على أن هذا التأثير سيتحدد بإذا ما كانت إيران ستدخل فى مفاوضات حول الاتفاق النووى والقضايا الأخرى العالقة بين الطرفين أم لا، وعلى الرغم من أن الإجابة على سؤال متى ستدخل إيران فى مفاوضات مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووى لا يزال غير معروف، إلا أن المرجح بقوة هو دخول إيران فى مفاوضات مع الولايات المتحدة عاجلاً أم آجلاً.
حسن روحانى – أرشيفية
فإيران اليوم فى وضع متأزم اقتصادياً وسياسياً، والعقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها تأزم من وضعها الاقتصادى وخصوصاً العقوبات على تصدير مشتقاتها النفطية التى تسهم بجزء كبير من دخلها القومى، كما أن تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد الإيرانى جعل الوضع متأزمًا أكثر.
وعلى المستوى السياسى يرتفع الاحتقان السياسى فى الداخل الإيرانى مع سيطرة جيل الثورة الإسلامية والمؤيدين لها على الحياة السياسية وقمع أصوات المعارضة، كما أن الأصوات الشعبية الساخطة على مغامرات النظام الإيرانى في سوريا واليمن والعراق وإغداقها على الجماعات والميلشيات التابعة لها بالأموال فى حين يعانى الشعب الإيرانى تحت ارتفاع الأسعار وارتفاع نسب الفقر، قد يدفع النظام الإيرانى إلى الدخول فى مفاوضات مع الولايات المتحدة من أجل رفع العقوبات الموقعة عليها والتوصل إلى أرضية مشتركة بما يسمح له بتهدئة الشارع الإيراني.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version