د/ مروة إبراهيم

بالرغم من سعي إثيوبيا إلى تنمية مستدامة من خلال مبادرات دولية تدعم هويتها، بالتركيز على إحياء لغتها العريقة الجعزية، وبنيتها التحتية، فإن هناك مجموعة من التحديات المعقدة داخليًا وخارجيًا؛ حيث تشهد البلاد تقييدًا متزايدًا لحياة المواطنين وسعيهم لتعزيز مواردهم المعيشية الحياتية، لا سيما مع تفاقم الديون وتعميق الانقسامات السياسية التي تثير المخاوف بشأن إجراء انتخابات نزيهة، بالإضافة إلى خشيتها من تعميق الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي وإريتريا والصومال.

أولا- على المستوى الداخلي

أ-اجتماعيًا

1-تقييد حياة المواطن الإثيوبي وكفاحه لتعزيز موارده المعيشية الحياتية

استمرارًا لانتهاكات حقوق الإنسان، التي نشرتها وسائل الإعلام الإثيوبية (صحيفة أديس استاندرد وغيرها) في الأول من نوفمبر ٢٠٢٥م، من  قتل مدنيين، وقيود على حركة الأشخاص، وحوادث اختطاف. فقد أدان الاتحاد الدولي للصحفيين إيقاف تسعة صحفيين أمهريين عن العمل، وحثهم على العودة فورًا إلى العمل ووفقًا لما نشر[WU1] ، حيث اتهم الاتحاد في بيان أصدرته هيئة الإعلام الإثيوبية بانتهاك الأخلاقيات المهنية ومخالفة قوانين البلاد،  ضمن محاولات متكررة لإسكات الصحفيين، وسجن الكثير منهم، وحذر قائلًا: “يجب على الحكومة أن تسمح للعاملين في مجال الإعلام بأداء عملهم دون ممارسات الترهيب والضغط. كذلك تناولت الصحيفة (7-11) معاناة سكان منطقة بورينا، الذين فقدوا أكثر من ثلاثة ملايين رأس ماشية خلال موجات الجفاف الشديد، بالرغم من مرور موسمين ممطرين، فإنهم لا يزالون يكافحون من أجل إعادة بناء مواردهم المعيشية. وقد حث الرعاة الذين تحدثوا مع الصحيفة الحكومة والمنظمات غير الحكومية على الاستجابة وتعزيز القدرة لمواجهة هذه الأزمات.

ب- اقتصاديًا

1- تفاقم الديون وأثرها على الشعب

حذرت صحيفة “ذا ريبورتر” وغيرها (1-11) من تفاقم الدين المحلي لإثيوبيا، وفقًا لأحدث نشرة ديون أصدرتها وزارة المالية،  فأشارت إلى أن معظم الدينون تركزت لدى البنك التجاري الإثيوبي، والبنك الوطني الإثيوبي، وصناديق التقاعد. وفي سياق متصل عرضت “أديس استاندر” (9-11) تقريرًا واسعًا حول فرض الضرائب على الشعب، وعواقب الإصلاح المالي في إثيوبيا، وورد في سياق التقرير أن الحكومة اتخذت سلسلة من التدابير المالية الرامية إلى تعزيز تحصيل الإيرادات من المصادر الضريبية وغير الضريبية، وسّعت إلى فرض المزيد  من الضرائب، مثل ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات، بما في ذلك الكهرباء واستهلاك المياه والأعلاف الحيوانية. وقد حذرت الصحيفة من أنه يجب استعادة الثقة بين الدولة ومواطنيها، وعلى الحكومة التي تطلب من شعبها تضحيات أكبر أن تُظهر التزامًا مماثلاً، بإصلاحات موثوقة تهدف إلى الحد من هدر الميزانية، وتعزيز المساءلة المالية، وتوجيه الموارد”.

جـ- أمنيًا

1- تعميق الانقسامات السياسية والأمنية وأثرها على الانتخابات المقبلة

مع اقتراب موعد الانتخابات في يونيو ٢٠٢٦م، لا تزال هناك الكثير من التحديات الأمنية والسياسية دون حل، بل ازدادت حدة، على حد تعبير الصحف الإثيوبية، نحو ما ورد في “ذا ريبورتر” الأمهرية (1-11) التي أثارت عددًا من التساؤلات، مستغربة من محاولات رئيس الوزراء وخطابه الهادف لطمأنة المشرعين بإجراء الانتخابات في موعدها، من ضمنها: هل يمكن لإثيوبيا إجراء انتخابات ذات مصداقية في ظل عدم الاستقرار الأمني والاستقطاب السياسي العميق والاضطرابات الإقليمية والتماسك الوطني الهش؟ ثم أجابت الصحيفة على إصرار أبي أحمد على أن إجراء الانتخابات يهدف إلى إظهار مزيد من الثقة.

وفي سياق متصل أشارت صحيفة “أديس أستاندرد” الأمهرية (6-11) إلى تحذيرات المجلس من أن الانتخابات قد لا تكون حرة ونزيهة بسبب عدم استقرار النظام، ووفقًا لما ورد في سياق الخبر دعا المجلس المشترك الأحزاب السياسية الحكومة والمؤسسات ذات الصلة إلى تعديل القوانين الانتخابية الحالية وإجراء تعديلات تشريعية للانتخابات ومعالجة المخاوف الأمنية، ورفع القيود المفروضة على الدعم المالي للأحزاب السياسية.

كما تداولت مواقع الصحف الإثيوبية على الفيس بوك، مثل موقع “رصد إريتريا”، الذي يعتمد على صحيفة “أديس استاندر” (7-11)، الأعمال القتالية في منطقة عفر، وظهور مجموعات مسلحة منشقة تعرف باسم “قوة سلام تيجراي” التي تعمل على امتداد حدود عفر- تيجراي، وتعارض قيادة الجبهة الشعبية. كذلك أثار موقع “إثيوبيا الآن” على الفيس بوك (9-11) انهيار إثيوبيا في ظل تصاعد عمليات العنف والتحالفات السياسية لإسقاط أبي أحمد، نحو تحالف الأمهرا والتجراي، الذي يمثل خطراً على الأورومو، ما ينذر بتآكل الثقة بين القوميات الإثنية الإثيوبية.

ثانيا- على المستوى الخارجي

أ- مبادرات دولية تدعم إحياء الجعزية

في خضم الجدل القائم في إثيوبيا حول العمل على إحياء اللغة الجعزية، أشارت صحيفة أديس استاندر في متن تقريرها المطول (10-11) إلى أن هناك حركة دولية متنامية من الباحثين والعلماء من جامعات هامبورج، وأمريكا الشمالية، وبرينستون وواشنطن وغيرها، تعمل بالتعاون مع جامعات إثيوبيا ببرامج مكثفة على إحياء الجعزية كلغة منطوقة، ما يعكس سعي إثيوبيا الراهن لتعميق الهوية وإحياء تراثها الذي يدعم تنميتها المستدامة.

ب- تصاعد المطالب بتدخل دولي لتنفيذ اتفاق بريتوريا

في إطار تأزم الصراعات والخلافات التي وصلت إلى حد الحروب بين جبهة تحرير تيجراي (TPLF) والحكومة الفيدرالية، نشرت وسائل الإعلام الإثيوبية، مثل صحيفة “أديس أستاندرد” (3-11) خبرا عن اشتعال الأزمة السياسية والأمنية بين جبهة تيجراي والحكومة، حيث اتهمت تيجراي الحكومة بـ”خرق اتفاق بريتوريا” في بيان لها. وكان مجلس الانتخابات قد ألغى شرعية جبهة تيجراي، والجبهن من جانبها رفضت هذا القرار، مؤكدةً على شرعية الحزب مضمونة باتفاق بريتوريا لوقف إطلاق النار، وحثت الصحيفة الاتحاد الأوروبي والنرويج، الموقعين على اتفاق بريتوريا، على التدخل واستئناف الحوار السياسي بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تيجراي قبل الانتخابات المقبلة، وحثّت على التنفيذ الكامل لاتفاقية بريتوريا وعقد حوارات جديدة لبناء الثقة وأهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في شمال إثيوبيا والمناطق الأخرى. كما أشارت الصحيفة في خبر آخر (5-11) إلى حث لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي للتنفيذ الكامل لاتفاق بريتوريا.

وفي سياق متصل تناولت الصحف والمواقع الإعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي، نحو فيس بوك وغيره، طبقًا لما أوردته صحيفة “أديس استاندر” (8-11)، تقارير عن اتهام حكومة تيجراي الحكومة الإثيوبية بشنّ ضربة بطائرة مسيّرة، واستياء حكومة تيجراي من  تنفيذ تلك الهجمات، مما أسفر عن مقتل قوات ومدنيين كثر، ووصفت الهجوم بأنه “انتهاك كامل لاتفاق بريتوريا”؛ فدعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى التدخل. واهتمت الصحف بسرد تقارير توضح خسائر حرب تيجراي التي تسببت في أضرار للموارد الطبيعية بأكثر من 46 مليار دولار؛ وموارد الغابات التي تضررت بشدة.

ثالثا- أخبار متعلقة بمصر

أ- مخاوف إثيوبيا حول تعميق الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي

في إطار تصريحات كثيرة تناولتها وسائل الإعلام الإثيوبية ومنصات التواصل الاجتماعي، حول الموقف المصري من السد الإثيوبي، وقمة التعاون المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي، نشرت صحيفة “ذاريبورتر” (1-11) تحليلًا مطولًا عن قمة التعاون التي وصفتها وزارة الخارجية بأنها خطوة “مخيبة للآمال ومثيرة للمشاكل” من جانب بروكسل لتعميق انخراطها في النزاع طويل الأمد حول استخدام مياه النيل. وأشارت الصحف إلى خطاب رئيس الوزراء أمام البرلمان، الذي وصفته بأنه “تجاوز نطاق السياسة الداخلية بكثير”؛ حيث كرّر سياسة إدارته القائمة على مبدأ “المياهين”، التي تتمحور حول السد والوصول البحري، مضيفًا إلى أن إثيوبيا لم تعد قادرة على البقاء في الوضع الراهن حبيسا جغرافيا”. وعلق المحللون، طبقًا للصحيفة، بأن إثيوبيا لا تسعى إلى المواجهة، بل إلى إعادة التوازن، وأن الحوار لا يزال مفتوحًا، شريطة أن تعترف أوروبا بحقوق إثيوبيا ومساهماتها.

وفي السياق نفسه نشرت الصحيفة خبرًا آخر (2-11) حول تأثير الشراكة المصرية الأوروبية على الجغرافيا السياسية لنهر النيل، تعقيبًا على اهتمام وسائل الإعلام الدولية بالقمة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة مؤكدة على ترحيب الاتحاد الأوروبي بتصريحات الرئيس السيسي في بروكسل. وأشارت الصحيفة إلى تعقيب “يوناس تسفا” المستشار في موارد المياه والأراضي، الذي انتقد موقف الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه غير متوازن ومتحيز، وبالحاجة إلى رد حكومي على الرسالة التي وجهها إلى مصر. كما نشرت صحيفة “ذا ريبورتر” الأمهرية (2-11) تصريح وزير المياه والري الأسبق سيليشي بيكيلي الذي دعا: “كل من يؤمن بالهوية الإثيوبية أن يمتنع عن دعم المؤامرات التي تحيكها مصر”. وعلق على دعم الاتحاد الأوروبي للأمن المائي لمصر، زاعمًا: “أن مساعي مصر إلى جانب الصومال وإريتريا، للضغط على إثيوبيا لرغبتها في الحصول على ميناء بحري، خطوة واضحة، ويُشكل تهديدًا أمنيًا جسيمًا وصعوبة قد تُفاقم الأزمة، وأضاف أن بناء السد أوشك على إعلان الحرب، وأنه يمكن بناء أربعة سدود كبيرة إضافية على نهر أباي، (وكانت قد أشارت صحيفة أديس أدماس (29-10) طبقًا لخطاب أبي أحمد إلى أنه يتم إنشاء 14 سدا متوسطا ومرتفعا بتكلفة 200 مليار بر) بالرغم من تأكيد بيكيلي على أن الكثير من الأشخاص فقدوا أرواحهم أثناء بناء السد ونقل المعدات والإمدادات، بالإضافة إلى ضغوط المقاولين الذين استقدمتهم إثيوبيا من الصين وأمريكا وأوروبا على إثيوبيا لإنهاء العقود، قائلًا: “بالرغم من أننا دولةً غير قادرةً على إنفاق المال على المعدات، فإنه عندما تُهدد سيادتنا أو وحدتنا، سننقلها إلى هناك لحماية أمننا، إن المصريين يستهدفون إثيوبيا ويعملون على تأجيج الصراعات في جميع المجالات، ومنع إثيوبيا من تحقيق الاستقرار والتنمية على نطاق واسع. ومصر هى من جعلت من إريتريا دولة مستقلة تاريخيًا، ونجحت في مهمتها الانفصالية، وتركت إثيوبيا بلا ميناء”.

ب- ترقب إثيوبيا لنتائج زيارة أفورقي لمصر

في إطار الاستقبالات الرئاسية التي نظمتها مصر بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، علقت الصحف الإثيوبية حول زيارة أفورقي التي استمرت خمسة أيام، وأجرى خلالها محادثات مع الرئيس السيسي لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية، مثل “أديس أستاندر” (5-11) التي أكدت على “التزام مصر الراسخ بدعم سيادة إريتريا وسلامة أراضيها”، وذكرت أنه وفقًا لوزارة الإعلام الإريترية، أكد الجانبان على “العمق التاريخي” للعلاقات الإريترية المصرية، واتفقا على تعزيز التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعقبت الصحيفة على تلك الزيارة التي رأتها أنها تزامنت مع خطاب آبي المتجدد بشأن الوصول البحري، قائلة: “أعربت مصر مرارًا عن معارضتها لانخراط “الدول غير الساحلية” في إدارة البحر الأحمر، وتُمثّل تلك الزيارة جولة جديدة من التعاون بين أسمرة والقاهرة في ظلّ تحوّلات في ديناميكيات البحر الأحمر، وقد عزز البلدان تنسيقهما من خلال آلية ثلاثية مع الصومال لمواءمة المواقف بشأن الأمن الإقليمي”

جـ- قرب الانتهاء من مشروع كيب تاون السريع

أعلنت صحيفة “أديس أستاندرد” (3-11) قرب اكتمال بناء طريق موجو-هاواسا السريع، الذي يُعد جزءًا من طريق القاهرة – كيب تاون. ويقع الطريق جنوب أديس أبابا، وهو ممر حيوي للتجارة المحلية وعبر الحدود، ويربط بين المراكز الحضرية والصناعية الرئيسة، ومن المتوقع أن يحسن حركة الشحن بين إثيوبيا وكينيا ودول مجاورة أخرى.

مصر- الاتحاد الأوروبي- إثيوبيا-تيجراي-إريتريا – سد النهضة

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version