تخرج علينا أخبار المجتمع الإسرائيلى  بأحداث تكاد تنطق أبعادها بالتفكك والانهيار القيمي والأخلاقي لمجتمع يرتكز في ادعاء وجوده على “يهوديته” كقوام ديني لأغلبية غير متمسكة بأحكام الشريعة اليهودية ولا تعرف عنها الكثير.

تصدر واجهة الصحف العبرية خبر صادم؛ مضمونه تعرُض فتاة إسرائيلية “قاصر” تبلغ من العمر 16 عامًا لجريمة اغتصاب جماعية ووحشية من قِبل نحو 30 إسرائيلى “بحسب تقدير شهود الادعاء”، ذلك فى أحد فنادق قرية “عسقلان” بمدينة “إيلات” على خليج العقبة .

تناوب حوالى 30 رجلًا على فتاة واحدة وأتوا بما لم يأت به “سدوم وعمورة” (النموذج اليهودى فى الانحراف نسبة لفعل قوم لوط ). 

رد الفعل الحكومي 

بدأ السياسيون فى إطلاق تصريحاتهم بعدما علت الأصوات انتقادًا لصمتهم؛ أدان “نتنياهو”، الجريمة المقززة الضد بشرية، ودعا “ايتسيك شمولي” وزير الرفاه الاجتماعى لمحاربة تلك الآفة المجتمعية، وقال : إن العشرات من “الشباب” هاجموا “شابة” دون أن يبادر أحدهم لمحاولة وقف الجريمة وهذا مرعب ، ومن واجبنا “كمجتمع ودولة” أن نحارب بشدة الثقافة التي تنمو فى إطارها حالات مروعة كهذه وأن نبادر لدعم الضحية  وقال رئيس لجنة دعم المرأة في الكنيست “عوديد فورير”: “مرة أخرى” نجد أنفسنا أمام فضيحة مدوية دمرت فيها حياة طفلة وأسرتها ما يستدعى السؤال :كيف انجرّ الإسرائيليون لهذا الحضيض؟ وقال: أنه سيدعو لاجتماع طارئ فى الكنيست فى هذا الشأن، ودعت النائبة “ميراف ميخائيلى” لتشكيل وحدة خاصة لمخالفات الجنس داخل الشرطة، معتبرة جريمة الاغتصاب الجديدة دليلًا على الحاجة الملحّة لتطبيق توصيات تقرير سابق مقدم للكنيست يوصي بتشكيل وحدة خاصة لمنع مثل هذه الجرائم ، ووصفت نائب “القائمة العربية المشتركة” “عايدة توما سليمان”  جريمة الاغتصاب الجماعي في إيلات بأنها تثير الاشمئزاز وأضافت : مرة أخرى اغتصاب جماعى إذن لا نهاية للشرّ ومجرد التفكير أن صبية صغيرة تحتاج في مثل هذه الحالة للدفاع عن نفسها بمفردها إنه  أمر مريع، وعقب رئيس “المشتركة” النائب أيمن عودة بقوله: تعجز الكلمات عن وصف هذا الاغتصاب البشع، قلوبنا مع هذه الفتاة الصغيرة والدم يغلي في العروق أمام واقع يشهد فقدانا للإنسانية دون أن تتصدر هذه الأنباء نشرات الأخبار وتصدر صرخة كبيرة وتحرك فورى من الحكومة، إن هذا الصمت يعرض كل امرأة للخطر، وأما رئيس اسرائيل ” رؤوفين ريفلين” فقد وجه خطابًا مكتوبا مفتوحًا تربويًا  لشباب وفتيات اسرائيل مما أسماهم ” جيل الحاضر” ومضمونه : أنه لم يعد لديه كلمات فى مواجهة الرعب الذي يشعر به عند الحديث عن الاغتصاب الجماعى فى “إيلات”، وأنه يكتب لهم ربما يساهم فى انقاذ حياتهم، ليعرفهم معنى كلمة “الحدود” فى أيام الجنون ومقت الالتزام لافتًا نظرهم لمدى “التحرر” الذى يسعون إليه وحدوده .

رد فعل الشارع الإسرائيلي 

خرج المئات من الاسرائيليين للتظاهر فى ميدان “هابيما” فى تل أبيب ، والقدس والخضيرة والناصرة ، معربين عن صدمتهم من بشاعة الحادث واحتجاجًا على تعامل الشرطة فى مثل هذه الأحداث وبطء إجراءات التقاضي مطالبين الحكومة بالتدخل لتحقيق العدالة رافعين شعارات بذلك إلى جانب الشعارات المنددة بالعنف الجنسى والجريمة.

 أُضيف تفشى هذه الظاهرة فى المجتمع الاسرائيلى؛ (حيث لم تكن الحادثة الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة ولسنا ببعيد عن اتهام 12 شاب إسرائيلى فى قبرص باغتصاب سائحة بريطانية انتهت التحقيقات باتهامها بالكذب فقط  لعدم حضور محاميها)، إلى قائمة أسباب تواصل الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو، واصفين الشرطة بأنها شرطة لشخص واحد متهم بارتكاب جرائم فى حق المجتمع، وزادت نقمتهم على الشرطة بعد استخدام العنف خاصة مع النساء فى التعامل مع المتظاهرين، وهكذا أصبحت الشرطة فى نظر المواطن متهمًا جنائيًا يديرها متهم جنائى. 

هذا الغضب الشعبى كان داعمًا للفتاة الضحية كما صرحت للقناة ال 13  الإسرائيلية بعد تقديمها الشكوى الرسمية مع أهلها للشرطة إلا إنه لم يعفها من التنمر والاسئلة الفجة والنقد اللاذع عبر شبكات التواصل الاجتماعى وصلت لتداول فيديو سجله بعض الجناة للحادث على تطبيق الوتساب؛  خاصة وأنها كانت فى حالة ومكان لا يليقان بكونها قاصر وقت وقوع الحادث لكنها أضافت : “لا أحد يعرف ما الذي مررت به ، فكيف يمكنك إصدار حكم وتسألنى أسئلة؟”.

دعت حركات “لا سكوت”،و”اخجلوا” إلى إضراب عام فى اسرائيل لمدة ساعة ، واستجابت بعض المدن والقرى عبر مجالسها المحلية وكذلك بعض المؤسسات الكبرى لتلك الدعوات ، وأعلنت “الوكالة اليهودية” كذلك إيقاف نشاطها لبضع ساعات مطالبة بوضع حد للعنف ضد المرأة .

معطيات هامة :

1- كشف تحديث الدائرة المركزية للاحصاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة مارس  2020 النشرة الخاصة بالأمن الشخصي نتيجة لتفاقم بعض “المخالفات” فى المجتمع الإسرائيلى، عن التالي:

 – تضرر حوالى 408 ألف امرأة  بنسبة 15 %  من مختلف الجرائم والمخالفات  مقابل 716 ألف بنسبة 14 %  منهم من الرجال.

– تتعرض نسبة 7% من النساء لمخالفات التحرش الجنسى والسرقات فى عمر ما بين 20 إلى 34 عامًا .

–  افتقدت 12.5 من  الشابات فى سن 20 – 24 عامًا الأمن فى الشارع حتى فى المناطق الآهلة بالسكان.

–  تتعرض واحدة من كل سبعة نساء للعنف، وتتعرض واحدة من كل 3 نساء للعنف أو الاغتصاب فقط “لكونها امرأة”، وتتعرض حوالى 25 امرأة للقتل من شريكها فى كل عام(زوجة أو صديقة أو شريكة حياة).

ليس من السهل تجاهل هذه النسب فى مجتمع منقسم  داخليًا على نفسه كالمجتمع الإسرائيلى ، خاصة وأن الفئات العمرية الأكثر تعرضًا للمضايقات هي أكثر الفئات المترددة على الشارع ولا تستطيع اتقاء ما يكمن به من مخاطر فى أغلب الحالات، ويبدو أن الشرطة الإسرائيلية والتدابير الأمنية فى الشارع الإسرائيلى فقط لمطاردة الفلسطيني ومعارضى السياسات الحكومية، وفكرة تحول العنف والتحرش الجنسى والاغتصاب لظاهرة لا تأمن المرأة فى ظل تفاقمها على نفسها  فى مجتمع يعرف نفسه “بالمتدين” تثبت لنا من جديد؛ أن الدين كما الديمقراطية فى إسرائيل مجرد دعايا  جذابة ظاهريًا فقط، وأن الأمن فى الشارع الإسرائيلى موجه فقط ضد من يخالف السياسات الحكومية كما نرى من تعامل الشرطة مع الاحتجاجات المتواصلة فى الشارع الإسرائيلى أو ضد الفلسطينى فى أرضه المحتلة.

انتشار الظاهرة بين المراهقين 

نشر اتحاد مراكز دعم ضحايا الاعتداء الجنسى فى عام 2019 معطيات خاصة بخصائص الاعتداء والمعتدى والضحية ، وكان من اللافت للنظر أن أعلى نسبة اعتداءات ومضايقات على المراهقين  فى الشارع الإسرائيلى  كانت فى سن 13 وحتى 18 عامًا ، وكانت لصالح حوادث الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب بنسبة 39% ، وكان  60% من مجمل الاتهامات متعلقة باعتداءات “جماعية” كانت الضحية تبلغ من العمر 13- 18 عامًا ، وكان المعتدى الأعلى نسبة معروفًا بالنسبة للضحية (الصديق أو الجار) 36%  .

– حدثت 11% من الاعتداءات الجنسية على المراهقين -المراهقات على الإنترنت أو من خلاله، و16 % حدثت فى مؤسسات تربوية .

تلك المعطيات تثبتها حادثة “إيلات”  وتكاد تكون تطبيقًا عمليًا واضحًا عليها ، كما تثبت  أن التعليم والتربية في إسرائيل قد أفلسا منذ فترة طويلة ، ولم يعد يصحب التعليم مجال تربوى على الرغم من دعاوى تفوقه ، وكان الأشد تأثيرًا خاصة بين فئة المراهقين والشباب هو ما يشاهدونه عبر الإنترنت، ووسائل الإعلام ، ومختلف الأماكن السياحية والشواطئ المفتوحة للجميع والحرية المطلقة  التى تمارس فيها فيها ، كما يثبت تنامى هذه الظاهرة المشينة فى المجتمع الاسرائيلى ما يظهر فى تقارير الشرطة. 

ففى عام 2018 فتحت الشرطة 6220 ملف جرائم وتحرشات جنسية بزيادة حوالى 3% عن عام 2017 حيث فتح 6030 ملف، وصف تقرير  الشرطة 3689 منها بالعمل المشين فى عام 2018 بزيادة 6% زيادة عن عام 2017 حيث كانت 3417 جريمة ، كانت 80% من الضحايا فيها طفلة أو إمرأة ، 63% من الفتيات من عمر 12-18 عامًا ضحايا لجرائم اغتصاب جماعى مقابل 37% لفتيات أكثر من 19 عامًا، ولسنا عن  ديسمبر 2019 ببعيد حيث هزت الرأى العام الاسرائيلى قضية اغتصاب جماعى كانت الأشهر من بين ثلاث قضايا فى ذات العام وحده تراوحت أعمار المشتبه بهم حينها ما بين 15 إلى 16 عامًا ، وتعرفت الضحية فى إحدى القضايا على الجاني الرئيسي عن طريق موقع التواصل “انستجرام” ومن ثم تعرفت على أصدقائه وشركائه فى الجريمة، وتعرضت إحدى  الضحايا فى القضية الثانية منهم للإغتصاب الجماعي  المصحوب بالسباب والضرب طيلة 4 شهور قبل أن تتمكن من  الذهاب للمستشفى وتقديم شكوى رسمية. وأظهر مسح سنوي نشر ديسمبر 2019 زيادة كبيرة فى شكاوى التحرش والاعتداء الجنسى بزيادة 12% عن عام 2018، وزيادة 40% مقارنة بعام 2013، كما أظهر هذا التقرير ارتفاع حالات “الاغتصاب الجماعى” فى المدارس وأن معظم الضحايا بنسبة 63% تراوحت أعمارهن من 12 إلى 18 عاما.

 

ظاهرة التحرش الجنسى فى الجيش الإسرائيلى 

“التواجد في الجيش الإسرائيلي أشبه بالعيش في غابة” هكذا روت إحدى المجندات السابقات فى إسرائيل معاناتها و تدعى “روث شيمش والتى جسدتها في فيلم  “ليفيئا” تحكى حسب وصفها فى “خمس حلقات كابوسية” شعور المجندات الإسرائيليات بـ”انعدام القيمة، البؤس، التعطش للاحترام، الاضطرار لغض الطرف وابتلاع الكبرياء”.

انتشرت داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تلك الظاهرة المشينة  تزامنًا مع زعمهم الدائم تطبيق الأخلاق بين جنباته، ونشرت سلطة تخطيط القوى البشرية في وزارة العمل الاسرائيلية بالتعاون مع وحدتى “مهوت”( مركز مواجهة ودعم وعلاج  يهدف لتوفيرالعلاج النفسى ، المساعدة الطبية و القانونية للجنود على خلفية الاعتداء الجنسى)، و”يوهلام” ( وهى وحدة استشارية لرئيس الأركان معنية بالقضايا الجنسية وتركز على مكافحة ومعالجة التحرشات الجنسية)  بيانات عن عام 2018 أشارت إلى :

– تتعرض 16.4%  من المجندات إلى المضايقات الجنسية أثناء خدمتهن العسكرية، 20% من المجندات الإسرائيليات في الجيش  يتعرضن خلال خدمتهن العسكرية إلى المضايقات والتحرش الجنسي من قبل زملائهن أو المسئولين عنهن في الجيش

– من بين 1100 مجندة يؤدين الخدمة النظامية في جيش الاحتلال، 64 منهن تحمل رتبة ضابطة قرر 81 % منهن أنهن تعرضن إلى الاعتداء والمضايقات الجنسية .

 – لم تُقدم نصف المجندات اللاتي تعرّضن إلى المضايقة الجنسية على تقديم  شكوى ولم يقمن بأية خطوة ضد من ضايقهن، 20% منهن فقط  قدمن شكاوى إلى الضباط المسئولين وبعضهن رفعن شكاواهن إلى الجهات الرسمية .

– وكان تعاطى المخدرات أثناء أداء الخدمة العسكرية أحد أكثر الأسباب شيوعًا،

إن زيادة ملحوظة في معدلات هذه الحوادث فى الجيش الإسرائيلى لم ينجح إيثار صمت 61% منهن، ولا يخفى ما كشفته إحدى صفحات الفيس بوك المعروفة باسم”جفاريم باتسفا”(رجال فى الجيش) من أدلة مؤكدة على انتشار هذه الظاهرة كما لم يخف حقيقة تقديم واحدة من كل ثمان مجندات بلاغاً عن تعرضها لتحرش أو اعتداء جنسى جسدى أو لفظى وحتى أكثر من تجربة طوال مدة خدمتهن العسكرية من قِبل القادة المباشرين أو حتى غير المباشرين، أو المسؤولين؛ وما تزال فضيحة وزير العدل الإسرائيلى الأسبق “حاييم رامون”  عالقة في الأذهان عندما اتهم بالتحرش جنسيا بمجندة إسرائيلية فى واحدة من عدة فضائح ألقت بظلالها على زعماء وقادة فى إسرائيل أبرزهم الرئيس الإسرائيلى الأسبق “موشيه كاتساف”الذي استقال من منصبه بعد إدانته فى اتهامات بالتحرش والاغتصاب وحُكم عليه بالسجن 7 سنوات ، وفى أغسطس 2019 انهت السلطات الإسرائيلية خدمة قائد عسكري يشغل منصب نائب رئيس سجن “ريمون” الإسرائيلي، لتحرشه جنسياً بموظفات يعملن تحت قيادته، كما اتُهم” دافيد كيبز “المتحدث الرسمى باسم نتنياهو لوسائل الإعلام الأجنبية  فى  12 شكوى بارتكاب سلوك غير لائق واتهمته إحداهن بالاغتصاب الكامل فى عام 2018 .

 

الظاهرة لا ترتبط بالتدين 

حتى وقت كتابة هذا التقرير لم يتم القبض على جميع المتهمين ولم يتم الفصل فى قضية فتاة إيلات، لكننا هنا لرصد ظاهرة وليس قضية بعينها ، حيث بدا لنا من تكرار تلك الحوادث ورصد المعطيات أن إسرائيل لن تلملم جراحها حتى إن عوقب الجناة بما يستحقون ، حيث تعدد أسباب الظاهرة وأصبحت مركبة، خاصة فى الوسط الاسرائيلى اليهودى “غير المتدين”  الذي انتشر به تعاطى المخدرات، والكحوليات والحرية غير الخاضعة للرقابة العائلية محاكاة للثقافة الغربية المتجهة بكل قوتها بعيدًا عن التعاليم الدينية، تلك الثقافة التى سيطرت ماديًا وسلوكيًا على هذه الشريحة من المجتمع ، بالإضافة إلى بطء إجراءات التقاضي نسبيًا في مثل هذه الحوادث حيث انتهى عام 2018 بالبت فى 134قضية متعلقة بجرائم جنسية من أصل 644 قضية تتعلق بجرائم جنسية وإيثار إجراء تسوية فى ملفات التحرش الجنسى فى 77% من هذه القضايا، إضافة لعدم انتشار ثقافة الاستعانة بالمراكز المتخصصة لمساعدة ضحايا العنف الجنسى حيث يتوجه بعض الضحايا لمثل هذه المراكز بعد خمس سنوات أو أكثر من وقوع الحادث .

لا يعتبر هذا تبرئة للوسط المتدين من وقوع مثل هذه الحوادث فى رحابه؛ إلا أن المتدينين فى إسرائيل لديهم أدوات وسمات خاصة حيال هذه الوقائع أهمها السكوت والإسكات، كشف عنهما من غرد خارج سرب الحريديم وأنشأ جمعيات خاصة لانقاذ هؤلاء الضحايا مثل جمعية ” لاتصمت” التي يصرح دائما مديرها” تسفيكى فيلشمان” بأن منظومة الحياة الحريدية المغلقة والمنغلقة على نفسها هي ما أدت إلى انتشار مثل هذه الظاهرة فى مجتمع يعرف بأنه محافظ .

انتشرت هذه الظاهرة  فى المجتمع الحريدى ووصلت للمدارس الدينية ” الحيدر” وكانت الضحايا من الفتيات والأولاد “على السواء” ما قبل سن المراهقة وتجاوزه الجناة بكثير، وأما الحوادث فى سن المراهقة فمسكوت عنها إلا فيما ندر ممكن يتجه لمركز تأهيل ضحايا التحرش الجنسى عبر الجمعية،  وأقصى ما يمكن طلبه من الضحية هو تجنب التعامل مع الجانى مرة أخرى أو حتى البقاء فى المنزل دون خروج ، ويتفق فى هذه نصيحة الأبوين  أو المدرسات إذا ما لجئن لهن، حتى أن إحدى الضحايا من أسرة حريدية فى جنوب إسرائيل  ظلت تحت وقع التحرش لمدة ست سنوات  منذ أن كان عمرها 6 سنوات حتى عمر12 عامًا من أحد أبناء الأسرة، وكان الأب والأم على علم بذلك لكنهما آثرا الصمت، وكانا دائمي التحذير للضحية من أى تبعات أخرى لمجرد التحرش، حيث سيرفض أى شخص آخر أن يتزوجها !! 

ولم تتوقف قصة الضحية هنا ولكن بعد عمر 12 أخذ الأب دوره وتحرش بابنته وصمتت الأم وتوجهت الضحية لمدرساتها في مدرستها الدينية فأمرنها بالصمت .

يعتبر القانون الإسرائيلى يعتبر من أكثر القوانين فى العالم ضد التحرش حيث يعاقب فى أحد بنوده  التصريحات الغامضة الموحية من الطرفين إلى أربع سنوات سجن فى حالة ثبوت الادعاء ، إلا أن حالات التحرش فى تزايد ، ويتهم بها المسؤولون والعسكريون ، ويتورط فى حوادث التحرش والاغتصاب  الشباب والمراهقون وحتى الشرطة لم تخلو من تلك الاتهامات المثبتة ورجال الدين أو العاملين فى المؤسسات الدينية؛ فعشرات الفتيات “المتدينات” يتعرضن يوميا لحالات اغتصاب وتحرش بحسب رصد “رابطة مراكز مساعدة ضحايا الاعتداء الجنسى فى اسرائيل” ، ما يؤكد على تفشى هذه  الظاهرة ، التى لم تنجح  اليهودية بتعاليمها فى الحد منها ، ولا العلمانية بأخلاقياتها نجحت فى تهذيبها ، ولم ينجح القانون بحدته فى القضاء عليها وضربت بجذورها فى أرض مزدحمة بالأزمات والصراعات؛ لتزيدها تصدعًا وهشاشة .

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version