يبدو أن الموجة الثانية من تفشى فيروس الكورونا فى إسرائيل أكثر شراسة من سابقتها حيث وصل عدد الحالات اليومية لحوالى 1700 حالة ايجابية يوميًا،  وسجل آخر تقرير نشرته وزارة الصحة الإسرائيلية لعدد حالات الكورونا ليوم” 13 يوليو  2020″ أن  العدد الكلى للمصابين: 40,248 مصابًا، الحالات النشطة 20,560 حالة، 54 حالة على جهاز التنفس الصناعى،  365وفاة ، حالات الشفاء 19,323 حالة ، الفحوصات التى تجرى يوميًا فى حدود 21,568 فحصًا،زاد معدل الاصابات بحوالى 500% وسجل يوم الخميس 9يوليو2020 وحده “1600” حالة جديدة ما تحطم امامه الرقم القياسى السابق وهو 738 حالة فى يوم واحد فى شهر مارس الماضى؛ ذلك بعد أسابيع معدودة من تخفيف الاجراءات الوقائية الذي قررته الحكومة الاسرائيلية كإعادة فتح المدارس ورفع الحظر عن التجمعات العامة كحفلات الزفاف والشواطئ والاتجاه العام نحو فتح الاقتصاد وإعلان الانتصار على الفيروس كما جاء فى كلمة نتنياهو للجمهور الإسرائيلى منتصف مايو الماضى .

 

تزامنت استقالات وتصريحات حادة من مسؤلين كانوا على رأس فريق إدارة أزمة الكورونا فى إسرائيل مع زيادة سريعة فى عدد حالات الإصابة وانتشارها فى أماكن عديدة؛ ما تعذر معه وضع آلية محددة للتعامل مع الأزمة وبدت كل الاجهزة وكأنها تتعامل منفردة ما يزيدها ارتباكًا وتبدو وكأنها فقدت السيطرة تمامًا ولا سبيل لها إلا إعادة فرض الحظر الشامل ومواجهة تداعياته الاقتصادية شديدة الخطورة .

فى أجواء شديدة التوتروسط موجة من التصريحات الحادة والاستقالات غير المتوقعة عقد “نتنياهو”  مؤتمرًا صحافيًا “الخميس 9 يوليو 2020”  اعترف فيه بأن تخفيف الإجراءات الوقائية ربما حدثت فى وقت مبكر جدًا متحملأ مسؤولية ذلك أمام الجماهير.حدث ذلك قبل تقديم خطته الاقتصادية الشاملة والطارئة لإخراج إسرائيل من الأزمة الاقتصادية، والتى تم التصديق على الجزء الأول منها غالبًا لإسكات أصوات  المتظاهرين  فى شوارع تل أبيب التى تعالت فى المجتمع الإسرائيلى مطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ أصحاب الأعمال الخاصة والعمال من تداعيات البطالة الناتجة من أزمة كورونا.

أثارت مديرة الخدمات الصحية الجماهيرية “سيجال سادتيسكى” والتى تعتبر إحدى الشخصيات البارزة فى مواجهة الحرب ضد فيروس كورونا جدلا كبيرًا فى معرض تقديم استقالتها المفاجئة بسبب فتح الاقتصاد الذي وصفته بأنه انفتاح سريع وكاسح للاقتصاد وعملية معقدة، وصل فيها التوازن بين الاعتبارات المختلفة إلى أبعاد أخرى  نحت الاعتبارات الصحية جانبًا”.

وأضافت:  “لقد تحولنا بمرور الوقت من مهنيين يستجيبون للأحداث بشكل استباقى إلى مسؤولين غير مسؤولين يستجيبون متأخرًا للأحداث، لقد تم تدمير كافة الإنجازات التي أحرزت في التعامل مع الموجة الأولى من الجائحة من خلال ذلك الانفتاح الواسع والسريع للاقتصاد».

كما حذرت من أنهم ومنذ أسابيع فقدوا وجهتهم فى التعامل مع الجائحة على الرغم من التحذيرات المنهجية والمنظمة من قِبل الأنظمة المختلفة قائلة ”  نراقب في إحباط أن نفاذ الفرص والأشهر المقبلة قد تكون “صعبة وحتى مأساوية” فإسرائيل اليوم بعد الدقيقة 90 ولم يتم سماع صافرة النهاية بعد، والسؤال المُلّح هو: ما الذي سيتم عمله فى” الوقت الإضافى “.

تزامنًا مع تصديق مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر على الإغلاق الجزئى لمدينتي أشدود واللد، بسبب زيادة عدد حالات الإصابة بالفيروس بين سكانهما؛ صرح الباحث في معهد “وايزمان للعلوم” “إيلي فاكسمان”، والذى يقود فريقًا استشاريًا مهمته جمع وإمداد صانعى القرار فى اسرائيل ( لجنة الكورونا فى الكنيست، ومجلس الوزراء المصغر ومجلس الأمن الفومى) بالمعلومات عن فيروس كورونا: “إن إسرائيل على وشك فقدان السيطرة على الفيروس ومستشفياتها أصبحت مليئة بمرضى الموجة الثانية وهو ما قد يسحق نظام الرعاية الصحية لديها بالكامل”. أضاف ” فاكسمان” :لقد فقدنا السيطرة على انتشار الفيروس والحالات الجديدة ترتفع بشكل مطرد منذ أكثر من شهر، وأشار إلى أن الإصابات غير محدودة  في منطقة واحدة، بل فى جميع أنحاء البلاد، كما إن  مصدر العدوى غير معروف في معظم الحالات.

واستطرد قائلًا إن الوضع المتدهور هو نتيجة مسارعة الحكومة فى إنهاء الإغلاق ورفع القيود دون تنظيم، الحكومة لم تؤسس آلية للسيطرة على تفشي الفيروس ولا يوجد فريق واحد يشرف على كل شيء ولا فريق رسمي يقوم بتشغيل جميع الوزارات بالتنسيق بينهم ، وكان يتعين عليهم وضع آلية لإدارة كل جوانب الأزمة لأننا نواجه أزمة مدنية غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل”.

وأشار “فاكسمان” الى أنه كان ينبغي لوزير الصحة السابق “يعكوف ليتسمان”، أو المدير العام السابق لوزارة الصحة “موشيه بار سيمان طوف”، أن يتخذا قرارًا بإنشاء مركز للطواريء، ووجه إلى  أنه يجب متابعة تنفيذ هذه الفكرة من جانب وزير الصحة الجديد “يولي إدلشتاين” أو المدير العام البروفيسور “هيزي ليفي”.

أضاف “فاكسمان” الى أنه لاتزال لدى اسرائيل فرصة في التحكم في الفيروس، لأن معظم الحالات لا يزال يتم تحديدها من خلال الاختبار، والنسبة المئوية للحالات التي لا تظهر عليها أعراض بسيطة وتشكل  10٪  من نتائج الإختبارات الإيجابية، ولذا يجب أن تتخذ الحكومة خطوات سريعة لتقليل خطر العدوى  فى مدة أقصاها ثلاثة أسابيع للسيطرة على الموجة الثانية منوهًا إلى أنه :  “بعد ذلك لن نتمكن من منع وصول مئات المرضى من الوصول إلى المستشفيات ما سيعرض النظام الصحي للخطر”.

ارتباك أجهزة الدولة الرسمية ..

حذرمركز “كورونا الوطني للمعلومات والمعرفة” من أن مجتمعات بني براك وكفر قاسم والقدس وعرارا في صحراء النقب تتطلب جميعها العمل السريع  للوصول إلى الجمهور، وإجراء اختبارات شاملة وتطبيق الحجر الصحى.

بالنسبة للمستوطنات الإسرئيلية “بات يام، وموديعين عيليت، وبيتار عيليت، وراحات، وديمونا” فإنها تتطلب مزيدًا من الاختبارات.

فيما أرسل جهاز الأمن العام “الشاباك” رسائل لحوالى  70 ألف إسرائيلي  للدخول في الحجر الصحي، بعد رصدهم كمصابين بفيروس كورونا أومخالطين لهم، حذرت وزارة الصحة إلاسرائيلية على لسان “نائب مدير عام الوزارة إيتامار جروتو” من تفشي العدوى فى السجون ومراكز الاعتقال وبين الأسرى والمعتقلين مطالبًا  مصلحة السجون بتشديد الإجراءات الصحية وذلك على خلفية تسجيل إصابات بين السجانين والأسرى حيث تم تسجيل إصابة أسير فلسطيني في سجن جلبوَع قبل يومين كذلك تسجيل أربع إصابات لسجناء في سجن أبو كبير وستة حراس في سجن المسكوبية .

وعن الجيش الإسرائيلى فقد أعلنت القناة 13 العبرية، مساء الإثنين 13يوليو 2020، أن فيروس كورونا ينتشر بقوة  فى وحدة “8200 الاستخبارية المركزية الإسرائيلية” المسؤولة عن معظم استخبارات “إسرائيل” والأجهزة الأمنية المختلفة، فقد أصيب 100 جندي بينهم ضباط يعملون في هذه الوحدة بينما توجد أعداد أكبر فى العزل. وقال الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي أن نشاط الوحدة لم يتضرر ويتم العمل وفق خطة صحية الموضوعة مسبقًا. يُذكر أن عدد المصابين من الجنود الإسرائيليين نحو 600 جندي، فيما هناك أكثر من 10 آلاف آخرين في العزل منذ بداية الجائحة .

كما وجه الجيش الإسرائيلى بعد قيامه برسم خرائط مراكز انتشار الفيروس والعدوى بعدم خروج العمال الفلسطينيين  والبقاء في إسرائيل لمدة ثلاثة أسابيع ، والعودة إلى الضفة الغربية  بعد 17 يوليو  ( للخليل أهمية سكانية واقتصادية كبرى حيث يبلغ العاملون منها وحدها حوالى مليون شخص مسؤولون عن أكثر من 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي للفلسطينيين من أصل 2.8 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية )، حيث اصبحت  الخليل  “عاصمة الكورونا” في الضفة الغربية حسب وصف المتحدث باسم الجيش الاسرائيلى  لموقع “والّا العبرى” وأصبحت تشكل مصدر قلق كبير للسلطة الفلسطينية ومؤسسة الأمن الإسرائيلية حيث زادت معدلات الاصابة في المدينة والقرى المجاورة  لها فى الأسبوعين الأخيرين وتم تسجيل حوالى 350حالة في اليوم الواحد .

الجمهور الإسرائيلى غير راضٍ …

أظهرت أحدث استطلاعات الرأى فى اسرائيل والتى أجرتها القناة 13 العبرية بإشراف أحد أساتذة جامعة تل أبيب ” كميل فوكس” والذى شمل عينة مكونة من حوالى 700 شخص بنسبة خطأ تصل إلى 3.9%، أن غالبية الإسرائيليين غير راضين عن الأداء الحكومى والتعاطى مع الموجة الجديدة للكورونا مقارنة بأدائها فى بداية انتشار الفيروس فبراير- مارس الماضيين ؛ ويبدو أن تفاقم الازمة الاقتصادية أثّر بشكل كبير على أراء الجماهير التى عجز البعض منها عن أداء احتياجته الشهرية الاعتيادية غير الترفيهية نتيجة لفقدان العمل أو حتى توقفه مؤقتًا؛ وهذا ما يتضح لنا من خلال النتائج الآتية :

 75% من الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة لا تتعامل مع تداعيات أزمة كورونا الاقتصادية على نحو جيد.

61% غير راضين عن إدارة الحكومة بقيادة “بنيامين نتنياهو”لأزمة كورونا بشكل عام .

(على الرغم من أن الإسرائيليين كانوا قد عبروا  فى إبريل الماضى عن رضاهم بنسبة 70% عن إدارة أزمة كورونا خلال  الموجة الأولى) .

 10% راضون عن إدارة وزير المالية “يسرائيل كاتس”  مع الأزمة الاقتصادية مقابل 50 % غير راضين ، وعن أداء وزير الصحة الجديد “يولي إدلشتاين”: قال 53% أنهم غير راضين عن إدارته للأزمة الصحية .

كما أشارت البيانات إلى فقدان الثقة بالحكومة، والقلق، وعدم الاستقرار بين صفوف الجمهور الاسرائيلى خاصة من الناحية الاقتصادية حيث :

أعرب 83% من الإسرائيليين عن قلقهم بشأن وضعهم الاقتصادي حيث قال 45% من بينهم، إنهم قلقون قليلا، وقال 38% إنهم قلقون للغاية، فيما أوضح 14% فقط من الإسرائيليين، أنهم ليسوا قلقين على أمنهم واستقرارهم الاقتصادى

أظهر استطلاع هيئة البث الإسرائيلية “كان – 11” أن 85% من الإسرائيليين غير راضين من أداء الحكومة بمواجهة أزمة كورونا.

، 30% من الإسرائيليين قلقون من صعوبة الوفاء بالتزاماتهم  الشهرية بينهم 50% من أصحاب الدخل المنخفض وحوالي 10% فقط من أصحاب الدخل المرتفع نسبيًا ) ، وأن 15% من الإسرائيليين طالبوا بتأجيل سداد القروض في الأشهر الثلاثة الأخيرة كما اعتبر 57% من الإسرائيليين أن الاقتصاد يأتي في المرتبة الثانية من الأولويات خلال الأزمة الحالية ولم يعترضوا على  إمكانية فرض الإغلاق والحظرمرة أخرى،واعترض  27% من المستطلعة أراؤهم بصرف النظر عن مستجدات كورونا.

 70% من أصحاب  الدخل المنخفض تأثروا اقتصاديا بسبب كورونا، 40% من أصحاب الدخل المرتفع، 40%  قالوا إنهم سيتأثرون اقتصاديا إذا ما استمرت الأزمة.

كما أظهر تقرير ل” دائرة الإحصاء المركزية” أن نحو نصف الإسرائيليين يخشون من عدم قدرتهم على دفع ثمن الطعام وفواتير الكهرباء والهاتف، وذلك بسبب التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.

44,6% من الإسرائيليين  قد تدهورت أوضاعهم الاقتصادية بالفعل خلال الفترة بين 11-14مايو الماضي في أعقاب أزمة كورونا.

46,5% أبدوا قلقهم من مواجهة صعوبات في تغطية نفقاتهم الاعتيادية (طعام وفواتير الكهرباء والهاتف) ، مقابل 29.9% في الفترة نفسها من عام 2019.

42.4% ممن يبلغون 65 عامًا أو أكثر تلقوا  مساعدات لشراء الطعام والدواء، مقابل 45.5% خلال فترة الإغلاق والحظر .

14.1% من الإسرائيليين  قلصوا كميات الطعام أوعدد الوجبات،

17.4% أكدوا أنهم حصلوا على مساعدات لشراء الطعام والدواء، مقابل 16.2% خلال فترة الإغلاق.

وانخفض عدد العاطلين عن العمل بسبب تداعيات الكورونا من مليون و53 ألف في شهر إبريل ممن  يمثلون 38.9%من القوى العاملة ، إلى 949.8 ألف في شهر مايو ويمثلون 24.4% من القوى العاملة فى اسرائيل .

بدت السمات الأولية للموجة الثانية من جائحة الكورونا والتى دخلتها اسرائيل هذه الأيام، مختلفتة عن سابقتها، إلا إنها دون شك “أشد وطأة” كونها أسرع وأوسع انتشارًا ، جاءت بعد تخفيف الاجراءات الاحترازية من قِبل الحكومة الإسرائيلية بهدف دفع عجلة الاقتصاد وبعد إقرارتسهيلات كإعادة فتح المدارس والجامعات ودور العبادة والشواطئ والمقاهي والمطاعم.

إذا استمر معدل الإصابات على هذا النحو  فسوف يتجاوز عدد المصابين الجدد حاجز 1500 إصابة فى غضون اسابيع قليلة وقد تصل الوفيات  إلى المئات مما ستضطر إسرائيل معه  إلى فرض الحظر الكامل وهو ما يطالب به بعض المسؤولين والجماهير بالفعل فى الساعات الأخيرة كما يطالبون بإعادة النظر فى قررات تخفيف الاجراءات الاحترازية  خاصة بعد موجة الاحتجاجات المنتشرة فى شوارع اسرائيل والتى سنتناولها فى الجزء الثانى من التقرير .

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version