تشغيل سد النهضة بين “الإدعاء بتوليد الكهرباء والخرق لاعلان المبادىء 2015”

أعلنت إثيوبيا تشغيل سد النهضة وتوليد الكهرباء وذلك فى خطوة أحادية، ودون اتفاق قانونى بينها وبين دولتى المصب مصر والسودان، اللتان رفضتا هذه الخطوة، حيث أعلنت مصر فى بيان رسمى صادر عن وزارة الخارجية أن تشغيل سد النهضة بشكل أحادى يعد إمعانًا من الجانب الإثيوبى فى خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقع من قبل إثيوبيا، كما وصفت السودان هذه الخطوة بأنها مخالفة لروح التعاون، وما زال موقف السودان ثابتًا حول ضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

وكان من المفترض أن يتم توليد الكهرباء فى نهاية عام 2014، وفق ما أعلنت إثيوبيا حيث أنه عند وضع حجر الأساس لسد النهضة بتاريخ 2 أبريل 2011 تم تحديد المرحلة الأولى منه بتشغيل أول توربينين على مستوى منخفض 560 مترا بعد 44 شهرا، إلا أن هذه المرحلة لم تتم وذلك بالرغم من إجراء تخزين أول 2020، وتخزين ثان فى 2021 بإجمالى 8 مليارات متر مكعب.


أرشيفية

وعلى الرغم من الدعاية الكبيرة التى قامت بها إثيوبيا لتشغيل السد وإقامة حفل لافتتاحه، إلا أن هذا الحفل لم يحضره رؤساء أو مسئولين فى أى من دول العالم، واقتصر الحضور على رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد وبعض المسئولين الإثيوبيين الموالين له وأفراد من الشعب الإثيوبى، وهو ما يؤكد نجاح الدبلوماسية المصرية فى التأكيد على عدم مشروعية ما تقوم به إثيوبيا من خطوات منفردة بالشكل الذى أدى إلى تحفظ بعض الدول على حضور افتتاح السد.

هل قامت إثيوبيا بتوليد الكهرباء…؟

وفق المؤشرات والصور المعلنة على المواقع الإثيوبية والملتقطة لسد النهضة، فأن إثيوبيا لم تستطع توليد الكهرباء، لعدة أسباب…

*عدم الانتهاء من محطة توليد الكهرباء وكابلات الضغط العالى التى من المفترض أن تقوم بنقل الكهرباء من السد.

*المشاكل الفنية فى تركيب التوربينين بدء من شركة ميتك الاثيوبية التى تم استبعادها منذ عدة سنوات لأسباب داخلية من فساد وغيره، واستبدالها بتعاقدات مباشرة مع شركات غربية وصينية، ويؤكد هذا الأمر تشغيل توربين واحد منخفض، وذلك على الرغم من أنه تم الإعلان عن تشغيل توربينين منخفضين من توربينات السد البالغ عددهم 13.

*عدم إعلان إثيوبيا عن المناطق التى تم فيها توزيع الطاقة الكهربائية من سد النهضة سواء داخل إثيوبيا نفسها أو فى أى من دول الجوار.

*تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط دون فتح أى بوابات سواء بتوربين أو بدونه.

رسائل أبى أحمد من الإعلان عن تشغيل سد النهضة

حمل قرار إثيوبيا الإعلان عن تشغيل سد النهضة وخطاب أبى أحمد خلال حفل الافتتاح العديد من الرسائل السياسية، أبرزها رسائل داخلية موجه للشعب الإثيوبى الذى يعانى من تبعات الحرب الأهلية التى تقاتل فيها الجماعات القبلية بعضهم البعض، والإشارة إلى أن إثيوبيا دولة قوية وقادرة على تحقيق الانجازات فى ظل الظروف الصعبة التى تواجه البلاد، كما سعى أبى أحمد لتوجيه رسائل للمجتمع الدولى من خلال خطابه من أن اثيوبيا لا تريد إلحاق الضرر بمصر والسودان، وذلك ردًا على ما تروج له الدبلوماسية المصرية من خطورة سد النهضة على مصر، والتى نجحت فى توضيح حقيقة ما يتم على أرض الواقع، وما تقوم به إثيوبيا للإضرار بالشعب المصرى والسودانى، كما كان هناك رسائل للاتحاد الافريقى برئاسة السنغال التى تربطها بمصر علاقات قوية، من أن اثيوبيا قامت بتشغيل سد النهضة وتوليد الكهرباء، والحديث بشأن اتفاق قانونى ملزم حول الملىء وتشغيل السد لا جدوى منه.

تداعيات تشغيل سد النهضة على مصر والسودان

من الناحية الفنية فأن تشغيل سد النهضة وتوليد كهرباء من توربين واحد بقدرة 350 ميجا وات كما أعلنت إثيوبيا، لا تأثير له على مصر والسودان أو على كمية المياه القادمة لهما، بل أن التشغيل يعنى فتح بوابات وتمرير المياه لدوران التوربينين ثم تجرى هذه المياه فى مجرى النيل الأزرق إلى السودان ومصر، ولكن تكمن الخطورة فى الانشاءات الهندسية على جانبى السد وقيام إثيوبيا بتعليتهم إستعدادًا للملىء الثالث والادعاء خلال الفترة القادمة بالانتهاء منه كما حدث فى الملأ الثانى.


أرشيفية

أما من الناحية السياسية فأن هذه الخطوة ترتب عنها زيادة التوتر بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، بسبب إتباع إثيوبيا سياسة الأمر الواقع واستمرار انتهاكها للاتفاقيات السابقة والأعراف الدولية وإعلان مبادئ سد النهضة 2015 حيث التخزين والتشغيل بدون توافق كما ينص البند الخامس من الإعلان “التعاون فى الملء الأول وإدارة السد، لذلك فأن هذه الخطوة أعطت أهمية لهذا الاتفاق نظرًا لمخالفة إثيوبيا الصريحة له.

كما أن حجم الكهرباء الذى أعلنت إثيوبيا عن توليده من السد ضئيل جدًا بما يؤكد أن السد ليس الهدف منه توليد الطاقة الكهربائية، وذلك لأن مصر عرضت على إثيوبيا ضمان قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى ٨٥% فى أقصى حالات الجفاف ومع ذلك رفضت إثيوبيا.

وعلى الجانب الإثيوبى فأن الإعلان عن التشغيل صب فى صالح الحكومة الإثيوبية برئاسة أبى أحمد واستعادة ثقة الشعب الإثيوبى التى اهتزت بسبب الحرب الأهلية ضد التيجراى وتردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وذلك بالرغم من عدم إستفادة الشعب الإثيوبى من هذه الكهرباء إلى الان، نظرًا للكمية المحدودة للغاية وعدم وجود شبكات لنقل الكهرباء.

ختامًا يؤكد تشغيل إثيوبيا سد النهضة بشكل أحادى غياب الإرادة السياسية الخاصة بالتوقيع على اتفاق قانونى ملزم يضمن مصالح الدول الثلاث (مصر- السودان- إثيوبيا) وإستمرارها فى انتهاج خطواتها منفردة إلى أن تنتهى من تشغيل وملىء السد، وذلك فى الوقت التى تمارس فيه الدولة المصرية أقصى درجات ضبط النفس والعمل على حل الازمة بشكل سلمى يحافظ على الأمن القومى المصرى ويضمن لإثيوبيا تحقيق التنمية، إلا أن التعنت الإثيوبى والمضى قدمًا نحو الملىء الثالث لسد النهضة دون اتفاق، قد يستدعى تدخل الدولة المصرية واستخدام أدواتها المتنوعة التى لم تستخدمها منذ بداية الأزمة وحتى الان وذلك لتجنب انزلاق منطقة القرن الأفريقى فى توترات وعدم إستقرار يضر بالجميع.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version