عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقاء مع  رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية لقاء يوم 22 أغسطس 2020. 

وربما يُنظر الى هذه الزيارة بشكل روتيني نظرا لأن تركيا تعتبر إحدى الدول التي تستضيف الإخوان المسلمين وتدعمهم باعتبار ان الحزب الحاكم في تركيا الذي ينتمي له اردوغان هو جزء من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، ولكن في حقيقة الأمر تحمل هذه الزيارة في طياتها أغراضًا أعمق بكثير لأسباب عديدة  تخص حركة حماس، وأسباب أخرى تخص تركيا وأردوغان .

وقد حضر اللقاء بين أردوغان وهنية كلٌ من:

  1. صالح العاروري  نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (المطلوب لدى الولايات المتحدة بمكافأة 5 مليون دولار لمن يساعد بالقبض عليه).
  2. ماهر صلاح رئيس المكتب السياسي لحماس بالخارج .
  3. عزت الرشق مسؤول العلاقات الإسلامية والعربية في حماس .
  4. جهاد يغمور ممثل حماس بتركيا .

وقد شارك عن الجانب التركي ” هاكان فيدان” وزير المخابرات التركي ، “ابراهيم قالن ” الناطق باسم الرئاسة التركية ، ومسؤول الاتصال في الرئاسة “فخر الدين ألطون” .

أبعاد الزيارة :

  1. الانتخابات الداخلية لحركة حماس .
  2. مؤتمر مؤسسة القدس الدولية .
  3. الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي .
  4. ترتيبات جديدة لتحالف بين إيران وتركيا .

الانتخابات الداخلية في حماس 

ربما لا يدرك الكثير من المتابعين والمهتمين أن كل ما يدور بين حماس ومحيطها في هذا الوقت يخضع بشكل كامل لسلطان الانتخابات الداخلية لحماس، والتي سينتج عنها قيادة جديدة للمكتب السياسي للحركة في كل الأماكن (غزة ، الضفة ، الخارج ، السجون ) .

ويأتي التصعيد الحادث في قطاع غزة وإطالة أمده كجزء من المنافسة والصراع على قيادة المكتب السياسي لحماس، ومحاولة يحيي السنوار تحقيق مكاسب جديدة تضمن له السيطرة على حماس في غزة والجناح العسكري، وهذا يضمن له نفوذا بالتبعية على باقي الحركة ..

في إطار هذه المعركة الداخلية تأتي زيارة هنية لتركيا والتي يأمل من خلالها الحصول على الدعم الكافي لاستمرار وجوده على رأس المكتب السياسي ومحاولة تقليم أظافر السنوار الذي أضر بمكانته في غزة باعتباره صاحب القرار بنفوذه وسطوته، إلا أن هناك أيضا أطرافًا دولية ترغب في خروج قيادة المكتب السياسي إلى الخارج فتصبح بعيدًا عن التأثير الجغرافي السياسي لمصر، لكل هذه الأسباب غادر هنية قطاع غزة منذ تسعة أشهر ولا ينوي العودة ، وربما قد يكون حصل على تسوية وصفقة في قطر تحقق الهدفين؛ قيادة في الخارج وإضعاف نفوذ السنوار .

مؤتمر مؤسسة القدس الدولية 

المؤتمر السنوي الذي  تعقده مؤسسة القدس الدولية في تركيا وتجتمع فيه القيادات وممثلي المؤسسات الإخوانية على مستوى العالم، ويتم فيه التنسيق على مستويات أوسع للخطوات المستقبلية وقد عقد هذا العام بمناسبة الذكرى 51 لإحراق المسجد الأقصى يوم 21 أغسطس في اسطنبول. ولا تنفصل كلمة هنية في هذا المؤتمر عن رغبته بتعزيز نفسه داخلياً عبر الحصول على الدعم المطلوب من التنظيم الدولي للإخوان، ولا يخفى على المتابعين والمهتمين أيضًا أن هذا المؤتمر يشكل فرصة لتجمع المنتخبين من قيادات حماس بالخارج لإجراء انتخابات تفرز قيادة الخارج تمهيدًا لتحديد المكتب السياسي لحماس في مارس 2021 .

وقد شملت كلمة هنية في المؤتمر ثلاثة محاور (استعادة الوحدة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني، المقاومة الشاملة الشعبية، والقانونية، والإنسانية، والعسكرية ، ترتيب العلاقة  بالمحيط العربي والإسلامي وبناء كتلة صلبة من أجل الشعب الفلسطيني  خاصة في القدس.   (  حيث تجدر الإشارة إلى أن  الكتلة الصلبة يعني ان هناك توجهاً لاعادة ترتيب التحالفات وربما بناء تحالف يخرج  عن التعامل التكتيكي الذي استمر السنوات الماضية في التعامل مع الجانب المصري ومحاولات فتح علاقات مع دول اخرى بالمنطقة .

الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي- الأمريكي 

جاء التصعيد الأخير بين إسرائيل وتركيا عندما ساندت الأولى اليونان وقبرص في تحركهم الأخير في المتوسط عبر تصريحات جابي أشكنازي وزير الخارجية الإسرائيلي، ولهذا السبب جاءت   تحركات أردوغان الأخيرة ضرورية ضد الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي  حيث كان رد الفعل التركي كبيرا بالنسبة لدولة تقيم علاقات قديمة مع اسرائيل وهي جزء من رعاية الانقسام في الساحة الفلسطينية ، ولكن هذا الاتفاق الأخير أضاء الضوء الأحمر لدى أنقرة لذلك بدأت في التحرك لتفعيل الأوراق والأدوات لديها في الجانب الفلسطيني وأن تجعل نفوذها أكبر داخل حماس يتيح لها أن تلعب بهذه الورقة خصوصًاوأن هناك غضبًا لدى الفلسطينين بسبب هذا الاتفاق ، لذلك ليس من قبيل المصادفة أن يسبق هذا الاجتماع اتصال هاتفي بالرئيس الفلسطيني وابلاغه بمساندة تركيا للموقف الفلسطيني، وكذلك إن تركيا ستسعى إلى عقد قمة طارئة للمؤتمر الإسلامي بعد ان تم ابلاغ الرئيس الفلسطيني بان الجامعة العربية لن تعقد مؤتمراً طارئاً وسيكون الموعد هو المؤتمر الاعتيادي في سبتمبر (من الواضح استغلال أردوغان  لموقف الجامعة العربية لإظهار انه الداعم الأساسي للفلسطينيين وليس العرب في محاولة لإعادة الاصطفافات لصالحه) .

ولا شك فإن وجود العاروري في هذا الاجتماع يحمل في طياته رسالة تحدِلإسرائيل، حيث أنه سبق أن غادر تركيا بناء على طلب إسرائيلي – أمريكي بسبب دوره في التخطيط لعمليات داخل إسرائيل، كما أنه جاء بعد التقرير الذي نشرته صحيفة التلجراف عن حصول (عدد 12) من قيادات حماس ومنهم عسكريون للجنسية التركية، وبعضهم أيضا بأسماء تركية. ورغم أن تسريب مثل هذا الخبر قد يسبب إحراجًا لتركيا إلا أن الاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي قد يعيد ترتيب علاقة حماس بتركيا  

(جاء تسريب الخبر من داخل حماس في إطار التنافس في  الانتخابات الداخلية للتسبب بإحراج لتركيا ) .

ترتيبات لتحالف بين إيران وتركيا وحماس في قلب التحالف 

أعطت التغيرات الأخيرة التي تجري في المنطقة، وطريقة بناء التحالفات التي قوامها التهديدات التي يتعرض لها الخليج من إيران؛ مبررًا للإمارات للاتفاق مع إسرائيل كأولوية، وربما تكون استدعت علاقات تركيا وإيران والتي كان عمادها المصلحة المشتركة والفائدة التي تعود على تركيا جراء الحصار الذي تتعرض له إيران منذ عدة سنوات. ولكن في ظل التطورات الأخيرة خصوصًا وضع حزب الله في لبنان بعد التفجير الذي أظهر عمق الأزمة الاقتصادية في لبنان وضعف القوى الحاسمة، قفز مباشرة أردوغان عن طريق إرسال نائبه فؤاد أقطاي إلى بيروت وأعطى شيكًا على بياض من ضمنه إعادة بناء المرفأ بشكل كامل، كما حرك المساعدات والمؤسسات التركية المحترفة في تقديم المساعدات واختراق المجتمعات الهشة  بالإضافة إلى منح الجنسية لمن يرغب من التركمان الموجودين بلبنان ( طائفة تعدادها 40 ألف شخص ) بهدف اختراق المجتمع السني والتأثير في صناعة القرار بداخله وهذا سيكتمل اكثر بسبب وضع إيران .

ولا يتعارض هذا مع ازدياد النفوذ في حماس مما قد يساعد في فرض التحالف بين إيران وتركيا بشكل يخدم الأخيرة في هذا التحالف ويزيد من اوراق قوتها في المنطقة ، ومتعارف لدى الخبراء أن من يشرف على ملف العلاقة مع إيران هو هاكان فيدان وكذلك فخر الدين ألطون مسؤول الاتصال في الرئاسة التركية ولم يكن  وجوده مصادفة بالاجتماع .

الخلاصة :

يعكس ما سبق حرص الجانبين التركي والفلسطيني (حماس) على إتمام  هذه الزيارة ، وأن توقيتها جاء في ظل حاجة ‘إسماعيل هنية الداخلية لترتيب نفوذه واستمرار بقائه في رئاسة المكتب السياسي من ناحية، وتطلع تركيا لإعادة ترتيب نفوذها في مواجهة التحالفات الجديدة بالمنطقة من ناحية أخرى  .

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version