يتزامن تولى مصر رئاسة لجنة أجهزة الامن والمخابرات فى أفريقيا “السيسا” بعد استضافة القاهرة المؤتمر الـ17 لها واستلام المخابرات العامة المصرية رئاسة اللجنة من رئيس المخابرات النيجيرية لمدة عام، مع العديد من التحديات السياسية والأمنية التى تواجه القارة الأفريقية على رأسها الارهاب، وسعى التنظيمات الإرهابية إلى تحويل القارة السمراء لمركز لها لاستعادة قوتها بعد خسارتها فى سوريا والعراق وتهديد أمن واستقرار الشرق الأوسط، فضلًا عن حالة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى التى تشهدها بعض الدول الافريقية جراء تداعيات فيروس كورونا والنزاعات الإثنية بين الجماعات القبلية داخل الدولة الواحدة.

وقد أبدت مصر اهتماما غير مسبوق بانعقاد اللجنة هذا العام من خلال مشاركة السيد الرئيس / عبدالفتاح السيسي كأول رئيس مصرى يشارك فى مؤتمر “سيسا”، وحديث الرئيس الشامل عن التحديات الأمنية بإفريقيا والمخاطر العابرة للحدود، وهدم مفاهيم الدولة الوطنية لصالح ترويج أفكار متطرفة تدعو لكراهية الآخر، وتعطيل كل ما من شأنه دفع الإنسانية إلى الأمام، وهو ما ينم عن إدراك الرئيس الكامل لأهمية دور اللجنة فى مواجهة هذه التحديات وتحقيق الاستقرار السياسى الذى يتبعه استقرار ورفاهية اقتصادية، كما أنه يأتى استكمالًا لجهود مصر فى تدريب العديد من العناصر الاستخباراتية فى دول إفريقية الفترة الماضية، وتفعيل دور مركز مكافحة الإرهاب لتجمع دول الساحل والصحراء واستضافة قيادات ووزراء من المنطقة، بالإضافة لخطة تدريب دول الساحل والصحراء على مكافحة الإرهاب.

ويٌعد التعاون الأمني والاستخباري ركيزة أساسية من دعائم الأمن فى القارة السمراء التى دفعتها العمليات الإرهابية المتصاعدة بالتوازى مع ظهور داعش إلى مزيد من التطوير لآلياتها لمجابهة هذا التحدى، وتكمن أهمية عمل “سيسا” فى أن الاستخبارات جزء من صناعة القرار ولا يتم إتخاذ القرار إلا بالرجوع لها والتاكد من المعلومات الدقيقة الكاملة، لذلك فإن التبادل المعلوماتى بين الأجهزة المخابراتية والأمنية على مستوى دول اللجنة سيسهل إنجاز المهام، حيث أن بعض الدول قد لا تستطيع بمفردها الوصول إلى كافة المعلومات الأمنية إلا بالتعاون والتكامل مع بعضها البعض، خاصة أنه لا يوجد جهاز استخباراتى يستطيع أن يعمل منفردًا، والمعلومة يجب تأكيدها من مصدر آخر.

وعلى الرغم من مساعى منظمة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية التى تم إنشاؤها فى 26 أغسطس 2004 فى أبوجا نيجيريا من قبل رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية، وتم إقرارها بواسطة رؤساء الدول والحكومات فى قمة يناير 2005، إلى التصدى بفاعلية للتحديات الأمنية المستعصية التى تواجه أفريقيا، وتزويد القيادة بكل ما يتعلق بمسائل الأمن والمخابرات فى أفريقيا لترسيخ السلم والأمن والاستقرار فى القارة، ووضع وتعزيز تدابير بناء الثقة بين أجهزة الأمن والمخابرات، إلا أنه ما زال هناك الكثير من التطلعات لأن تؤدى اللجنة دوراً أكثر فاعلية فى تنسيق الاستراتيجيات بين أجهزة الامن والمخابرات فى التصدى للارهاب ومواجهة الهجرة غير الشرعية.

إذ يبقى نجاح وفاعلية لجنة أجهزة الامن والمخابرات فى أفريقيا مرهونًا بالقدرة على مواصلة التبادل المعلوماتى، فى ظل الخلافات السياسية والتهديدات الأمنية للقارة وما يحمله ذلك من موجات هجرة وصراعات على الموارد، خاصة أن اللجنة أعلنت فى عام 2017 عن استراتيجية وقف النزاعات فى أفريقيا التى كان مقرر أن يتم الانتهاء منها فى عام 2020 ، وإلى الان ما زالت القارة تعج بالصراعات فضلًا عن زيادة أعداد الهجرة غير الشرعية لأوروبا خاصة منطقة الغرب الأفريقى بسبب انتشار التنظيمات الارهابية القادمة من خارج القارة كتنظيم “داعش”، وتنظيم القاعدة، أو تنظيمات متطرفة مثل بوكو حرام فى نيجيريا والذى تمدد فى معظم دول الغرب الأفريقى فضلًا عن تنظيمات محلية تتبنى أفكاراً إرهابية.

لذلك يمكن القول إن وجود آلية دائمة لتبادل المعلومات الاستخباراتية هو المفتاح الحقيقى بين الدول الأفريقية ضد الإرهاب ومواجهة المرتزقة والمقاتلين الأجانب وذلك لأن هذه العناصر الإرهابية تنسق بشكل أفضل عبر الحدود، والتحضير للهجمات يتم فى الخارج، وبالتالى، يتعين على الدول مشاركة معلوماتهم الاستخباراتية، والتغلب على معضلة انعدام الثقة لدى البعض، هذا بالإضافة إلى وضع خطط وإستراتيجيات للتصدي لظاهرة المرتزقة والإرهاب التى أصبحت تؤرق القارة الإفريقية وتمثل أحد التحديات الأمنية.

وختاماً… تفخر مصر وقياداتها السياسية بالمستوى الاحترافي الذي تتمتع به قيادة وعناصر جهاز المخابرات العامة والكفاءة التى جعلته من أفضل أجهزة المخابرات على مستوى العالم نظرًا لكفاءة أبنائه وإخلاصهم ووطنيتهم الثابتة والراسخة على مر العصور والأنظمة لمصرنا الغالية، لذلك فإن تسلم المخابرات العامة المصرية رئاسة لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الإفريقية «سيسا» يؤكد استقرار مصر سياسيًا وأمنيًا ودورها فى تعزيز التنمية الإفريقية وعودتها تدريجيًا لأحضان قارتها الأفريقية أحد أهم دوائر الأمن القومى المصرى.

إلا أن هذه الكفاءة والحرفية مثار الفخر والإعتزاز تلقى بمزيد من الاعباء على مصر فى قيادة لجنة أجهزة الامن والمخابرات فى إفريقيا، خلال الفترة المقبلة لمواجهة أية عمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار الأمنى فى أى من الدول الإفريقية الأعضاء ، وذلك من خلال تكاتف الجهود وتحسين تبادل المعلومات، وتكثيف التعاون مع مختلف الدول الافريقية بما فى ذلك العمليات المشتركة لردع كافة أشكال الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز القدرات على مكافحة الهجرة غير الشرعية ومواجهة تداعيات فيروس كورونا والتغيرات المناخية مصدر التهديد الجديد للقارة الإفريقية.

حفظ الله مصر وأجهزتها الوطنية المخلصة من كل سوء

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version