في إطار جولته الإقليمية الثانية منذ بدء التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تركيا مساء الإثنين الخامس من نوفمبر الجاري، زيارة بلينكن تأتي في إطار الجهود الأمريكية لمساعدة إسرائيل في نزاعها مع حركة حماس والذي تجاوز ال 32 يوماً منذ بدء الأزمة. جولة بلينكن شملت لقاء مع وزراء خارجية مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، في العاصمة الأردنية عمان، ولقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، محمود عباس، بالإضافة إلى لقاء مفاجئ لم يعلن عنه مسبقاً مع محمد شياع السوادني رئيس الوزراء العراقي.

 كان من المتوقع لوزير الخارجية الأمريكي زيارة تركيا الشريكة في حلف الناتو مع بدء الأزمة؛ كونها على علاقة جيدة مع طرفي الصراع، إلا أن عدم الاعتراف التركي بحركة حماس كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى الخلافات التركية الأمريكية، قد أثرا على توجه الوزير الأمريكي الذي سبق له أن زار سبع دولِ بالمنطقة منذ السابع من أكتوبر.

الداخل التركي:

سبق زيارة وزير الخارجية الأمريكي لتركيا عدة تغييرات في الداخل التركي تمثلت في التالي:

  • تغير الموقف التركي الذي اتسم بالحياد منذ بدء الأزمة، إلى حد وصف الرئيس التركي للتصعيد الإسرائيلي في غزة كونه “جريمة حرب”.
  • دعوة دولت بهتشالي رئيس حزب الحركة القومية “حليف أردوغان”، داخل البرلمان التركي، للتدخل العسكري في حالة عدم وقف إطلاق النار في غزة.
  • موافقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عرض انضمام السويد لحلف الناتو بعد أشهر من المماطلة.
  • تصريح على إرباش رئيس هيئة الشئون الدينية في تركيا بضرورة إرسال قوات حفظ سلام في أقرب وقت ممكن لحماية المدنيين.
  • زيارة حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية الإيران في تركيا في الأول من نوفمبر الجاري، لبحث أشكال الدعم المتوقع لإيران تقديمه لحركتي حماس وحزب الله.
  • تقدم فاتح أربكان رئيس حزب الرفاه من جديد “حليف أردوغان”، بطلب إلى رئاسة البرلمان لتكليف القوات المسلحة التركية بالممر الأمني ​​المزمع إنشاؤه لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
  • استدعاء السفير التركي في تل أبيب، للتشاور.
  • المظاهرات المختلفة في كل أنحاء تركيا، ومحاولة اقتحام قاعدة إنجرليك.
  • ملاحظات عامة للزيارة:

    • خروج الرئيس التركي في جولة داخلية، بعيدًا عن العاصمة أنقرة، قبل ساعات من وصول الوزير الأمريكي.
    • كان في لقاء بلينكن عند وصوله لمطار أسن بوغا مساعد والي أنقرة.
    • استقبل هاكان فيدان، نظيره بلينكن داخل مقر وزارة الخارجية.
    • رفض فيدان محاولة بلينكن معانقته واكتفى بالمصافحة فقط.
    • على غير المعتاد اكتفى الطرفان بإصدار بيان ختامي دون عقد مؤتمر صحفي مشترك عقب اللقاء الذي استمر قرابة الساعتين ونصف.

      لقاء للرئيس التركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش اجتماع الأمم المتحدة بنيويورك ….. أرشيفية

    • الخلاصة:

      عكست نتائج اللقاءات التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي هيمنة “البراجماتية” المعتادة على السياسة التركية تجاه الوضع في غزة، وهو ما ظهر من خلال النقاط التالية:

      • بالرغم من التصريحات المعلنة عن الرفض التركي للتصعيد الإسرائيلي، إلا أن تركيا لم تبادر بسحب بعثتها الدبلوماسية من إسرائيل إلا بعد قرابة الشهر من بدء التصعيد، كما أن بيان الخارجية التركية حدد أن استدعاء البعثة للتشاور، ما يجعل الباب مفتوحاً لعودة العلاقات في أي وقت.
      • إدراك تركيا أن الولايات المتحدة وإسرائيل لن يسمحا لها بالوساطة الكاملة، نتيجة لرفضها الاعتراف بحماس كتنظيم إرهابي، بدليل أن مفاوضات الإفراج عن بعض الأسرى المحتجزين تمت بوساطة مصرية قطرية؛ لذلك نجدها تحرص على التواصل الدائم مع حكومات المنطقة لبحث آخر التطورات.
      • سماح تركيا بالتظاهرات المناهضة للأحداث في غزة باستمرار-حتى وإن كانت تواجهها وتعمل على فضها- يكسبها ثقلاً شعبياُ عند شعوب المنطقة ويرسخ من أهميتها في نفوسهم.
      • حرص تركيا على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة الطرفين، دون خسارة أي منهما، ومن خلال تصريحات المقربين من أردوغان، وبما يعكس تطلع تركيا لتوظيف تلك العلاقات للمشاركة في ترتيبات ما بعد انتهاء الحرب على غزة، خاصة مع ما يتردد من وجود مشروع تركي، بإدخال قوات تركية لقطاع غزة برعاية دولية، وأن الخلاف التركي الأمريكي الحالي يرتبط بمساعيها للتوصل إلى الصياغة المناسبة والضمانات اللازم تقديمها لإنجاح المشروع.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version