دشن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت (26 يونيو 2021 ) ما أسماه “مشروعه المجنون” _قناة إسطنبول الجديدة_ والذي يعتبره “صفحة جديدة في تاريخ تنمية تركيا”، والمتمثل في حفر قناة بين البحر الأسود وبحر مرمرة، وتربط القناة البحر الأسود شمالي إسطنبول ببحر مرمرة جنوبا، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين جاعلة من الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرةً وسط قارتي آسيا وأوروبا.
إن قناة اسطنبول جرى تصميمها بحيث يمكنها استيعاب 99 بالمئة من حركة الملاحة الراهنة في المضيق، وسيصل طول القناة الجديدة 45 كيلومترا، وعمقها 21 مترا، وعرض قاعدتها 275 مترا على الأقل، وسيستغرق إنجاز القناة حوالي 6 سنوات بتكلفة 15 مليار دولار.
إسطنبول
عمدة إسطنبول “إمام أوغلو” – أرشيفية
وستكون هناك خطط لبناء تجمعات سكنية على ضفتي القناة بسعة إجمالية تبلغ 500 ألف نسمة، وبالتالي سيخفف الضغط على مركز إسطنبول، ومن الجدير بالذكر أن فكرة قناة إسطنبول ليست بالجديدة وإنما طرحت حوالي سبع مرات تاريخيا على الأقل.
ويهدف مشروع القناة بالنسبة لتركيا إلى تخفيف الضغط عن مضيق البوسفور، الذي يُعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحامًا، ويشهد كثافة ملاحية هي الأعلى على الصعيد العالمي.
وفي تبريره لإقامة هذه القناة، قال وزير النقل والبنى التحتية محمد مجاهد تورهان، إن مشروع قناة إسطنبول مشروع تجاري من شأنه أن يزيد قيمة العلاقات التجارية بين إسطنبول والعالم.
كما صرح وزير البيئة مراد كوروم أن القناة ستسمح بمرور 185 سفينة يوميًا بأمان. وتعتبر الحكومة التركية أن مشروع القناة سيدرّ عليها ثمانية مليارات دولار سنويًا، مقابل الرسوم التي تدفعها السفن مقابل المرور عبرها، باعتبار أن القناة تتيح عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضايق خاضعة لبنود اتفاقية “مونترو”، التي تنص على حرية الملاحة في مضائق البحر الأسود، ومن بينها البوسفور.
رفض المعارضة لمشروع قناة إسطنبول
تشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الأتراك يعارضون المشروع، وفي مقدمتهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الذي ينتمي إليه، ويقول منتقدوا القناة إنه سيدمر النظام البيئي البحري، ويعرض بعض إمدادات المياه العذبة في المدينة للخطر بسبب أضرارها البالغة على البيئة، وتلويثها لموارد المياه العذبة حول المدينة وقال مصرفيون بارزون لرويترز في أبريل/ نيسان الماضي إن عددا من أكبر البنوك التركية كان مترددا في تمويل القناة بسبب مخاوف بيئية ومخاطر تتعلق بالاستثمار.
قناة إسطنبول – صورة توضيحية
وفي مايو/أيار 2018 أصدر اتحاد الغرف التركية للمهندسين، تقريرًا أكد فيه رفضه حفر القناة، وحذر من أن المشروع سيدمر موقعا أثريا قريبا من إسطنبول يعود تاريخه إلى 8500 سنة، وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق، وسيدمر النظام البيئي في بحيرة “كوتشوك شكجمة”، ويهدد الحيوانات البحرية والطيور المهاجرة.
ووصف الاتحاد المشروع بأنه “كارثة بيئية وحضارية”، وأنه يجب صرف النظر عنه، خصوصًا أن هناك نحو 369 ألف مواطن يعيشون في المنطقة التي قد تتأثر بالقناة، وفقا لمركز تحليل البيانات التركية. وبالرغم من أن حزبي “الشعب الجمهوري” و”الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد، وهما ثاني وثالث أكبر حزبين معارضين لأردوغان، يرفضان مشروع القناة المائية إلا أن الرئيس التركي يتجاوز انتقاداتهما . كما أنه لم يولِ أي أهمية لبيان العشرات من ضباط البحرية التركية المتقاعدين الذين يخشون انسحاب بلادهم من اتفاقية مونترو الدولية.
لماذا تتحفظ موسكو على شق “قناة إسطنبول”؟
يكمن القلق الروسي من قناة اسطنبول في أن هذا المشروع قد يساهم في منح أنقرة الفرصة للانسحاب من اتفاقية مونترو ولو على المدى البعيد، وموسكو تتمسّك بهذه الاتفاقية لكونها تحدّ من وجود قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في البحر الأسود. إن “موسكو لا ترى بديلا للنظام القانوني الدولي الذي حددته اتفاقية مونترو للملاحة البحرية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، وتؤكد أهمية هذه الاتفاقية بصفتها أحد العوامل الرئيسة للاستقرار والأمن في منطقة البحر الأسود ولكونها تحدّ من وجود قوات الناتو في البحر الأسود.”.
وفي تصريح سابق للكرملين ، أكد فية على “ضرورة الحفاظ على النظام القائم لمضيق البحر الأسود وفقاً لبنود اتفاقية مونترو لعام 1936 لضمان الاستقرار والأمن الإقليميين”، وذلك في معرض تعليقه على خطة أنقرة في شق “قناة إسطنبول” المائية.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version