أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبوله بالحل الوسط الذي طرحه رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع عضو الكنيست “تسفي هاوزر” بإرجاء تمرير ميزانية الدولة للعام الحالي لمدة تزيد عن 100 يوم. وهكذا يكون نتنياهو قد أبعد مؤقتًا شبح الانتخابات الذي كان يخيم منذ فترة، مهددًا بحل الحكومة.

وأكد نتنياهو على عزمه بأن تقوم الحكومة الحالية بمهامها طيلة فترة ولايتها المنصوص عليها في الاتفاق الائتلافي، ولكن هذا الأمر مشروط بمدى تعاون حزب “أزرق أبيض” في العمل سويًا من أجل مصلحة مواطني إسرائيل في هذه الفترة الصعبة، على حد قول نتنياهو.

ويشار إلى أن الخلاف بين أقطاب الائتلاف الحكومي حول الميزانية يكمن في نقطة واحدة وهي أن نتنياهو يطالب بالمصادقة على ميزانية الدولة لعام واحد، بحجة حالة عدم اليقين الناجمة عن جائحة فيروس كورونا. بينما يطالب “بيني جانتس” رئيس حزب “أزرق أبيض بالتصويت على الميزانية لعامين، وفقا للاتفاق الائتلافي الموقع بين حزبيهما.

وبموجب القوانين التي تم تمريرها لتشكيل الائتلاف، فإن الفشل في تمرير ميزانية 2021 بحلول شهر مارس المقبل سيعني فرض انتخابات جديدة؛ ولذلك اتهم حزب “أزرق أبيض” نتنياهو بمحاولة خرق الاتفاق الائتلافي عمدًا، حتى يتسنى له في المستقبل حل الحكومة، وعدم تبادل السلطة مع جانتس في نوفمبر 2021، وفقًا للاتفاق. اتفق هذا الرأي مع ما أعلنته “القناة 12” بأن رئيس الوزراء يستخدم الميزانية كوسيلة للضغط على جانتس للموافقة على تغييرات في الاتفاق الائتلافي الحالي بين الجانبين.

وفقًا للتقرير، يطالب نتنياهو بتعديل الاتفاقية بحيث تتم الدعوة إلى إجراء الانتخابات تلقائيًا في حال منعته محكمة العدل العليا من شغل منصب رئيس الوزراء البديل بعد تسليمه رئاسة الوزراء إلى جانتس في نوفمبر 2021، بينما يمنح الاتفاق الحالي نتنياهو الحماية فقط للأشهر الستة الأولى من عمر الحكومة. ويطالب نتنياهو أيضًا منحه سلطة أكبر في تعيين شخصيات رفيعة المستوى، بما في ذلك كبار مسؤولي تطبيق القانون، في تناقض مع الاتفاق الائتلافي السابق[1].

تم تمرير مشروع القانون لتأجيل الموعد النهائي لإقرار الميزانية، في القراءة الأولى والثانية. ونظرا لأن مشروع القانون يتطلب تغيير قوانين الأساس شبه الدستورية في إسرائيل، يجب أن يتم تمريره بأغلبية 61 من أصل 120 نائبًا في الكنيست.

إشكاليات إرجاء تمرير الميزانية وتأثيرها على الائتلاف الحكومي:

  • وفقًا للتسوية التي صاغها “تسفي هاوزر” ستُؤجل الموافقة على الميزانية لمدة 120 يوم، حتى يتسنى للأطراف المعنية تشكيل فريق لمناقشة الآلية الجديدة للتعيين كبار المسؤولين[2]-وهو الفريق الذي فشلت أطراف الائتلاف في تشكيله سابقًا-الأمر الذي يعني تجميد تعيين كبار المسؤولين الحكوميين، مما يتناقض مع حكم المحكمة العليا؛ الذي نص على عدم تجميد تعيين كبار المسؤولين الحكوميين لأكثر من 100 يوم بعد تشكيل الحكومة، مما يعني تجاهل حكم آخر للمحكمة العليا.

وتتمثل إشكالية هذا القرار في أنه لم يُجنب إسرائيل الانتخابات، ولكنه أجلها فقط لاعتبارات تكتيكية لنتنياهو، وقد أوضحت هذه الخطوة بشكل كبير عدم نية نتنياهو لنقل السلطة إلى جانتس، مما يعني فشل الائتلاف الحكومي وحل الحكومة.

  • يتضمن اقتراح هاوزر أيضًا بندًا مبتكرًا لزيادة الميزانية المستمرة لعام 2020 ينص على؛ زيادة الميزانية المستمرة بمبلغ يتراوح ما بين 403 و412 مليار شيكل، وهكذا سيكون هناك ما يكفي من المال لإرضاء الحريديم، وتخصيص ميزانية للاحتياجات المجتمعية مثل دعم شباب العاطلين.

وتتمثل إشكالية هذا القرار في تحويل ميزانية جديدة لعام 2020، ولكن دون تسميتها قانونًا بـ “ميزانية عام 2020”. وبالتالي، ستتم زيادة الميزانية دون مناقشة من قبل الكنيست بخصوص أقسامها. وسيتم إجراء الزيادة بأكملها في شكل قرار شامل، مع توزيع الأموال لاحقًا وفقًا لقواعد الميزانية المستمرة -أي أن وزير المالية والمحاسب العام سيقرران كيفية تخصيص الأموال، لمن ولماذا، وفقًا لاعتبارات غير شفافة وغير خاضعة للرقابة.

 

وبما أن الميزانية الموسعة التي ستتم الموافقة عليها ستكون فقط موازنة مستمرة وليست موازنة رسمية لعام 2020، فسيظل من الممكن الإطاحة بالحكومة على أساس عدم تحويل موازنة 2020 في ديسمبر القادم، ويمكن الإطاحة بالحكومة مرة أخرى لعدم نقل موازنة 2021 في مارس 2021. وهكذا تضاعفت السلطة الممنوحة لنتنياهو للعب في الحكومة والكنيست والجمهور الإسرائيلي، واختيار التاريخ المناسب له للإطاحة بالحكومة؛ إذا أصبحت الظروف مواتية، فسوف يطيح بالحكومة في ديسمبر المقبل. وبخلاف ذلك، سيتم تمرير ميزانية 2020، وسيكون قادرًا على الإطاحة بالحكومة مرة أخرى في مارس 2021. مما يعني أن الحكومة الإسرائيلية ستظل سبعة أشهر أخرى من عدم اليقين والتهديد بانتخابات جديدة للمرة الرابعة.

خلاصة القول؛ يبدو أن أعضاء الائتلاف الحكومي أدركوا أن هذا الائتلاف سيفشل لا محال وأنها مسألة وقت، أراد الجميع استغلاله على أفضل وجه. حيث قدم حزب “أزرق أبيض” اقتراحًا بتأجيل تمرير الموازنة لشهر نوفمبر لعدم تحمل مسؤولية حل الحكومة في الفترة الحالية وما تشهدها من عدم استقرار اقتصادي واجتماعي على خلفية انتشار وباء “كورونا” والاعتماد على تحديد المحكمة نهاية العام كموعد لمحاكمة نتنياهو في التهم المنسوبة إليه. وعلى صعيد أخر أراد نتنياهو أن يحصل على أكثر من مكسب من خلال قبوله لاقتراح هاوزر وهو عدم حل الحكومة والذهاب إلى الانتخابات في الفترة الحالية التي تشهد حالة من عدم اليقين، وكسب المزيد من الوقت للخروج من مأزقه، وضمان عدم تبادل السلطة.

 كلمات دالة

الانتخابات – الميزانية – أزرق أبيض- جانتس- نتنياهو- هاوزر-الحريديم- الحكومة

الملخص:

أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبوله بالحل الوسط الذي طرحه رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع عضو الكنيست “تسفي هاوزر” بإرجاء تمرير ميزانية الدولة للعام الحالي بثلاثة أشهر. وهكذا يكون نتنياهو قد أبعد مؤقتًا شبح الانتخابات الذي كان يخيم منذ فترة، مهددًا بحل الحكومة.

وتتمثل إشكالية هذا القرار في أنه لم يُجنب إسرائيل الانتخابات، ولكنه أجلها فقط لاعتبارات تكتيكية لنتنياهو، وقد أوضحت هذه الخطوة بشكل كبير عدم نية نتنياهو لنقل السلطة إلى جانتس، مما يعني فشل الائتلاف الحكومي وحل الحكومة.

 

 

 


 [1] جانتس : أيامًا حرجة في انتظار الحكومة؛ وأنه لن ينضم إليها لحل مشاكل نتنياهو الشخصية: موقع “تايمز أوف إسرائيل”، 20/8/2020.

[2] أدمكر، يكي: الموافقة على اقتراح بتأجيل الميزانية 120 يوم، موقع واللاه الإخباري، 23/8/2020.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version