قراران مهمان مثيران للجدل اتخذهما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أسبوع واحد في يوليو 2020، الأول: تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، أما  الثانى: فكان غلق جامعة اسطنبول شهير ” جامعة مدينة اسطنبول “

 للمتحف تاريخ يرجع إلى تحويل آيا صوفيا الكنيسة القديمة، وأحد أهم رموز الدولة البيزنطية القديمة وعاصمتها القسطنطينية، التي تم فتحها على يد القائد الإسلامي الكبير محمد الفاتح، ذلك الفتح الذي بشر به رسولنا الكريم في حديث صحيح فكان لتلك البشارة  بفتح القسطنطينية أثر كبير في إكسابها رمزًا وقيمة كبيرة للتاريخ الإسلامي.

حين دخل السلطان الفاتح مدينة القسطنطينية قام بتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد للصلاة؛ وذلك لعدم وجود مساجد في تلك الفترة داخل مدينة القسطنطينية، وكان لابد من إيجاد مكان جامع للمسلمين للصلاة، وأيضا للتدارس في أحوال المدينة الجديدة ذات الموقع الفريد، واستمر ذلك الحال حتى إعلان الجمهورية التركية في 1923 م. ثم أصبح غلق مسجد آيا صوفيا، محل دراسة وتوجه في الدولة الجديدة، إلى أن استقرت  الحكومة التركية  إلى إعلان غلق المسجد وتحويله إلى متحف للسياح الأجانب، وتنشيط حركة السياحة بالدولة التركية الحديثة في عام 1934م، كانت تلك هي المحطة الثالثة في تاريخ آيا صوفيا.

إلا أن المحطة الرابعة والتي كانت الجمعة 10 يوليو 2020 بقرار الرئيس التركي بتحويل المتحف إلى مسجد للمصلين، أثارت هذا الصخب المصاحب للقرار في الأمة العربية ما بين مؤيد ومهلل وبين ومعارض ومختلف مع القرار، وأخص بالذكر جماعة الإخوان منهم والذين يعدون أذرع تركيا داخل المجتمعات العربية  فكان يجب أن يفزعوا ويعترضوا على قرار إغلاق جامعة شهير إسطنبول ، الذى خرج قبل قرار آيا صوفيا بأسبوع واحد وفي منتصف الليل، لأن الأمة العربية والإسلامية هي “أمة اقرأ” وأتحدث هنا عن الشق العربي المهلل لجميع قرارات الرئيس التركي، منها لأن الأمة الإسلامية بأطرافها المتعددة سواء في شرق آسيا أو شتى بقاع الأرض حتي التركي منها صاحبة الشأن الأساسي في آيا صوفيا، لم تمجد القرار التركي  السياسى فى المقام الأول وليس الدينى  كما أرادوا توظيفه .

جامعة “شهير إسطنبول” التي أغلقها أردوغان تأسست عام 2008 بظهير أدبي وعلمي كبير؛ هو وقف العلوم والفنون، الذى اشتهر على مدار أكثر من 30عام بتقديم الندوات الدراسية والحلقات العلمية، والدعم المادي للطلاب الأتراك والأجانب الراغبين في التعلم داخل تركيا وخارجها عن طريق المنح الدراسية، كما مثلت مكتبة هذا الوقف مرجعًا كبيرًا للباحثين في الآداب والعلوم المختلفة، فكان طبيعيًّا أن يتحول هذا الوقف إلى جامعة تحمل اسم جامعة شهير إسطنبول أي ( جامعة مدينة إسطنبول) والتى اشتملت على ثماني كليات وثلاث معاهد مهنية و20 برنامج دراسات عليا بتخصصات مختلفة ما بين الماجستير والدكتوراه.

بقرار الإغلاق الذي تم توقيعه من رئيس الجمهورية التركي اتضح للجميع أنها مكايدة سياسية في رئيس الجامعة داوود أوغلو، أحد أهم الشخصيات السياسية في الدولة التركية حتى عام 2016، حيث تقلّد مناصب عديدة منها: مستشارًا للحزب الحاكم، ثم وزيرًا للخارجية، ثم رئيسًا للوزراء، إلا أنه أصبح الآن أحد أهم خصوم الرئيس التركي، وذلك بعد إعلانه تأسيس حزب سياسي جديد في يناير من العام الجاري 2020،  وهو حزب المستقبل الذى يرى أردوغان أنه منافس كبير لحزبه العدالة والتنمية، خصوصًا أن شريحة كبيرة من مؤسسي العدالة والتنمية أصبحت بجانب داود أوغلو وحزب المستقبل الجديد، وهذا الأمر الأخير ننظر إليه بأنه تطور في الحياة السياسية الحزبية داخل الدولة التركية يحدث كل فترة زمنية وأخري من عشرين إلى ثلاثين عاماً تقريبًا، حيث تظهر بعض الأحزاب والأشخاص ويختفي البعض منها. إن ما أفزعنا حقًّا هو دخول المكايدة السياسية في التعليم والعلم وحرمان الآلاف من الطلبة من جامعاتهم، وهذا الأمر ليس بجديد على الرئيس التركي، فهو من قام بإغلاق العديد من الجامعات والمدارس التابعة لحركة الخدمة التابعة للداعية التركي فتح الله كولن، والتي أصبحت رمزًا للإرهاب والتطرف داخل الدولة التركية في حين أنها كانت لعقود سابقة رمزًا للتعليم والإسلام الاجتماعي داخل الدولة التركية وخارجها ، بل كانت أحد أذرع العدالة والتنمية في الداخل والخارج.

 

 

 

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version