أفادت تقارير فنية بتسجيل هزة أرضية سعت 0250 يوم 4/1/2025، شدتها (5,7) على مقياس ريختر على بُعد 1630 كم جنوب شلاتين مركزها دولة إثيوبيا، وعلى بُعد 142 كم شرق مدينة أديس أبابا فى منطقة الاخدود الإثيوبى، وعلى عمق بلغ 10 كم، ويأتي ذلك الزلزال استمرارا لسلسلة الزلازل التي وقعت في إثيوبيا خلال الفترة الماضية، وتحديدًا في منطقة “عفار”، والتى بدأت في 21 ديسمبر 2024 وبلغت أكثر من (120) زلزال تتراوح قوة شدتها ما بين (4.3- 5.2) على مقياس ريختر، حيث أدى الزلزال لانشقاق في الأرض وتضرر أكثر من 100 منزل ونزوح ما يقرب من 2560 شخصًا، وقد وقع الزلزال على بُعد 10 كم شمال بركان “دوفن Dofen” الذى بدأ نشاطه يوم 3/1/2025 في منطقة “عفار” الإثيوبية، ويعد أقوى زلزال خلال العشر سنوات الماضية.
تزامن ماسبق مع إنفجار بركان فى جبل “دوفن Dofen” نتج عنه انبعاث أبخرة وغازات وغبار وبعض الحبيبات الصخرية، مع استمرار النشاط الزلزالي، وحذرت بعض مؤسسات المعنية من تطور الزلازل الإثيوبية وتحولها إلى نشاط بركاني ممتد، والذي بدأ بانفجار بركان “دوفن Dofen” في منطقة “عفار”، وأعربت عن تخوفها من إمكانية أن يكون مقدمة لنشاط بركانى متزايد وتصاعد الحمم البركانية وزيادة النشاط الزلزالى إلى ماهو أقوى، وإمتداد ذلك البركان إلى بعض البراكين المجاورة أهمها بركان “فنتالي Fentale” في الجنوب، والذي يحظى بكثافة سكانية كبرى.
وتشير التقارير إلى أن منطقة الأخدود الإثيوبي تضم (59) بركانا تكونت في العصر الجيولوجي الحديث منذ نحو 12 ألف سنة، حيث أن معظم البراكين خامدة عدا بركان “إرتا أليه” النشط منذ عام 1967، الذي تسبب بانفجار كبير عام 2005 أدي إلى خسائر في الثروة الحيوانية ونزوح السكان، فالنشاط البركاني في إثيوبيا يتميز كونه في منطقة شرق أفريقيا بقرب منطقة “الماجما” (صخور سائلة وشبه سائلة شديدة مخزنة في باطن الأرض) من سطح الأرض تصل إلى 40 كم، مما أدى لتكوين الجبال البركانية مثل بركان “دوفن Dofen” الذي يرتفع (1151) م فوق سطح البحر.
وفيما يتعلق بتأثيرات تلك الزلازل على سد النهضة، فقد تزايدت المخاوف حول إمكانية تأثر سد النهضة بالزلازل التي وقعت مؤخرًا، وقد ينتج عنها تسريب ثم انفجار المياه من بحيرة السد التي ترتفع 600 م تقريبًا فوق سطح البحر وتمتد على 1800 كم2، بسبب الضغط الهائل لكمية المياه الضخمة التي يحجزها السد في البحيرة على القشرة الأرضية الهشة بسبب الأخدود الإفريقي، ولم يستبعد بعض الخبراء أن تكون كمية المياه الضخمة وضغطها المتزايد السبب وراء ازدياد عدد الزلازل، حتى وإن كانت بحيرة السد بعيدة نسبياً عن السد، حيث يقع سد النهضة في إقليم “بني شنقول” المتاخم للحدود السودانية على مسافة 37 كم تقريبًا، كما يبعد السد حوالي 470 كم عن أديس أبابا، لاسيما أن سد النهضة قد تعرض لزلزال في مايو 2024 بقوة (4.4) على مقياس ريختر وعلى عمق (9.8) كم، مما أثار المخاوف من تعرض السد لهزات مماثلة تلحق خسائر كبيرة لدولتي المصب (مصر والسودان)، فى حين أوضحت بعض التقارير الفنية الأخرى أن الأخدود الإفريقي الذي يمر بشرق إثيوبيا والذي يقع به غالبية الزلازل الإثيوبية على بُعد (500-600) كم من سد النهضة لا يُشكّل أي تهديد مباشر لسد النهضة، إلا أن هذا لا يعني أن منطقة سد النهضة خالية من النشاط الزلزالي، حيث تتواجد بها عدة فوالق وتشققات أرضية كبيرة.
وقد أظهرت الدراسات العلمية التي أجراها معهد رصد الزلازل بجامعة أديس أبابا، أن المنطقة التي يقع فيها السد تتمتع بثبات جيولوجي، ولم تشهد أي نشاط زلزالي ملموس منذ أكثر من 50 عامًا، رغم ربط بعض المحللين للهزات الأخيرة بمخاطر على السد من جهة، وتوافر معلومات تؤكد بأن هناك تسرب مياه من سد النهضة عن طريق التشققات، وقد تؤدي تلك التسربات إلى انزلاق كتل صخرية، مما تُزيد من معدلات النشاط الزلزالي بالمنطقة، فى الوقت الذى نفت فيه السلطات الإثيوبية المعنية بحدوث تسريبات أو تعرض جسم السد للإنهيار جراء الزلازل التي وقعت مؤخرًا.
وبتحليل الوضع الراهن على شتى المستويات، فنستطيع رسم بعض السيناريوهات الواردة كالتالي:
السيناريو الأول: عدم وجود تأثيرات مباشرة على المدى القريب على سد النهضة جراء الزلازل الحادثة.
السيناريو الثاني: إلحاق الضرر بجسم سد النهضة نتيجة الزلازل التي وقعت مؤخرا من شأنها حدوث تسريب في مياه بحيرة السد، قد تُهدد جسم السد من ناحية، وانفجار مياه من أعلى البحيرة على المدن والمناطق القريبة والتي من ضمنها مدينة الخرطوم السودانية من ناحية أخرى.
السيناريو الثالث: انفجار بركان “دوفن” مجدداً، والذي قد يؤدي إلى تغيير في الطبيعة الجيولوجية في المنطقة، وربما قد ينتج عنه هزات أرضية قوية وأنشطة بركانية أخرى في مناطق قريبة من سد النهضة.
ونتيجة لمختلف السيناريوهات السابقة، فإن تلك التطورات والمخاطر تتطلب ضرورة متابعة ورصد أية هزات قد تؤثر على جسم السد، وذيادة حجم التسريبات والاستعداد لمواجهة أية أزمات أو كوارث ناجمة حال وجود تهديد للسد.