شكلت عمليات التصفية والاغتيالات التي نفذتها إسرائيل ضد قادة محور المقاومة المدعوم إيرانيًا، والتي اختتمتها باستهداف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” لدى تواجده في إيران للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، وكذلك القيادي البارز في حزب الله “فؤاد شكر”، كبير المستشارين العسكريين لزعيم حزب الله “حسن نصر الله”، والذي تعتبره المسؤول عن هجوم مجدل شمس، اهم التطورات التي تمر بها الأزمة السياسية / الأمنية في غزة ، وفي ضوء إعلان عضو حركة النجباء العراقية “مهدي الكعبي” مؤخراً عن انتهاء هدنة ما يسمى بــ “المقاومة الإسلامية في العراق” مع القوات الأمريكية، تتزايد خطورة التصعيد المحتمل من جانب محور المقاومة ضد إسرائيل، فضلاً عن تزايد المخاطر والتهديدات التي يمكن أن تتعرض لها الأهداف الأمريكية في المنطقة، خاصةً مع بروز مؤشرات متزايدة على تعاون مشترك بين مختلف وكلاء إيران في إطار مبدأ “وحدة الساحات”.
وتطرح هذه التطورات العديد من المخاوف بشأن مستقبل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى، وكذا مناخ الاستقرار الإقليمي؛ حيث نتناول في هذا التقرير أبرز ما تضمنته تحليلات مراكز الفكر الدولية والصحف ووكالات الأنباء العالمية بشأن هذه التطورات والتداعيات المحتملة على مصر.
- تصعيد إسرائيلي متزامن ضد حماس وحزب الله
- أعلن الحرس الثوري الإيراني، فجر الأربعاء ٣١ يوليو ٢٠٢٤، اغتيال “إسماعيل هنية” رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ومرافقه “وسيم أبو شعبان”، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مقر إقامتهما في العاصمة الإيرانية طهران.
وفقًا لوسائل إعلام تابعة لحركة حماس، فإن اغتيال “هنية” تم بصاروخ موجّه نحو جسده مباشرة، وقد كان آخر ظهور لـ “هنية” في طهران أثناء حفل تنصيب الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان”. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن “هنية” كان يقيم بمقر خاص للمحاربين القدماء في طهران.
تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية “ناصر كنعاني”، مواصلة الجهات الإيرانية المعنية التحقيقات اللازمة لمعرفة أبعاد وتفاصيل الحادث، حيث عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعا طارئا، في ساعة مبكرة من صباح يوم ٣٠ يوليو لدراسة العملية ودلالتها المختلفة وسبل الرد المحتمل على اغتيال كل من هنية وفؤاد شكر أحد أكبر قادة حزب الله الميدانيين يوم ٢٩ يوليو ، لاسيما بعد أن اكد الرئيس مسعود بزشكيان أن إيران “سوف تدافع عن وحدة أراضيها وكرامتها وشرفها وفخرها وستجعل المحتلين الإرهابيين يندمون على عملهم الجبان” في إشارة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على اراضيها، دون ذكر تفاصيل إضافية. أما موقع قناة الميادين فقد انفردت نقلا عن مصدر مطلع ، أن عملية اغتيال هنية تمت “عبر صاروخ أطلق من بلد إلى بلد وليس من داخل إيران”
الدلالات
حملت عملية اغتيال إسماعيل هنية، سواء من حيث التوقيت أو موقع اغتياله، والطريقة المستخدمة في تنفيذها عدة دلالات أولية:
- تمثل عملية اغتيال هنية في قلب طهران، عاصمة المقاومة، رسالة موجعة لحماس ومهينة لطهران في آن واحد. بقدر ما يمثل أيضا شكلا من أشكال الردع الاستراتيجي لإيران ولمحور المقاومة بمنطقة الشرق الأوسط.
- تمثل أول اختبار حقيقي لموقف الرئيس الإصلاحي بزشكيان، ودفعه للخضوع للحرس الثوري، والتيار الأصولي المتشدد، وإفشال لتوجهاته الإقليمية، وإقناعه بأن المكون العسكري في إيران سوف يظل هو الموجه الاستراتيجي للدولة
- من حيث التوقيت، وقعت العملية بعد مضي ساعات قليلة على استهداف إسرائيل أحد أبرز قادة حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية، ردا على الهجوم الذي شنه الحزب على هضبة الجولان يوم السبت الماضي. مما يعزز الارتباط بين الهدفين
- تبرهن على مدى عمق اختراق إسرائيل والولايات المتحدة لأجهزة الأمن المختلفة بإيران، خاصة أن إسرائيل تمتلك أكبر قاعدة تنصت خارجية في جمهورية أذربيجان بالقرب من الحدود الإيرانية، ولها تاريخ حافل بتنفيذ العديد من الهجمات السرية داخل إيران، ضد منشآتها النووية (مفاعل نتنز مثلا) والعسكرية (مصانع الإنتاج الحربي في منطقة بارشين) وعلماء البرنامج النووي والصاروخي (محسن فخري زاده) أو حتى السطو على الأرشيف السري للبرنامج النووي بمنطقة توقوز آباد
- تعد مؤشرا على اتساع نطاق المواجهة الجيوسياسية بين إسرائيل ومحور المقاومة، على نحو يزيد من احتمالات اتساعها لتشمل مناطق وأهداف أخرى متبادلة، قد تهدد باحتمال نشوب حرب إقليمية واسعة.
- يمثل اغتيال هنية انتصارا يحسب لنتنياهو على مستوى الداخل؛ لإثبات صحة استراتيجيته أمام خصومه والمجتمع المتوتر، على نحو يشجع الجيش الإسرائيلي على مواصلة عدوانه على الفلسطينيين، وربما يهدئ من مشاعر الاحتجاج ضده.
التداعيات المحتملة
- على الرغم من أهمية إسماعيل هنية الرمزية، وجعل حماس في هذا التوقيت الحساس بلا قيادة، ولكنه لن له تأثير مهم على الصراع الدائر مع إسرائيل. خاصة أن محور المقاومة لديه بدائل جاهزة في حال تصفية القيادات السياسية والعسكرية للحفاظ على التشغيل البيني بين مرتكزاته. وربما يؤدي الفراغ النجم عن اغتيال هنية إلى تحفيز الانقسامات بين الفصائل داخل حماس، وهي النتيجة التي ترغب إسرائيل بشدة في رؤيتها.
- من المحتمل أن تستخدم إيران وحماس وجميع مرتكزات محور المقاومة الأخرى عملية الاغتيال للتعبئة السياسية المكثفة، لتأجيج المواجهة مع إسرائيل، والتي ربما تمتد لمناطق غير محتملة بالنسبة لإسرائيل، سواء بشرق أفريقيا والقرن الأفريقي أو آسيا الوسطى.
- من المحتمل أن يؤدي تفاقم العمليات التي تتم بين إسرائيل وحزب الله وحماس وأنصار الله الحوثية والحشد الشعبي، إلى اتساع المواجهة
- ربما يرفع نتنياهو سقف مطالبه على طاولة المفاوضات، وفي وقت يحشد فيه الجيش الإسرائيلي قدراته للقضاء على حماس وتجريد غزة من السلاح، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتقليم أظافر محور المقاومة. وبالتالي قد لا يكون أمام حماس سوى الاستمرار المواجهة غير المتكافئة، على نحو يشبه الانتحار.
- من المحتمل أن يؤدي تفاقم التوتر الجيوسياسي بمنطقة الشرق الأوسط إلى زيادة أسعار الطاقة والذهب بالأسواق العالمية، فضلا عن زيادة تكاليف التأمين على حركة التجارة العالمية التي تمر بمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة التي تمر بالبحر الأحمر، بما يزيد من خسائر قناة السويس.
- من المحتمل أن يستخدم طرفا الصراع خطابا دعائيا من شأنه تصدير تداعيات المواجهة بينهما إلى داخل بعض المجتمعات العربية
تجدر الإشارة إلي تحسب العديد من الدول من إمكانية اندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل؛ والتي ظهرت مؤشرات حدوثها فيما يلي:
- حثّ العديد من الدول الغربية رعاياها في لبنان على مغادرة البلاد، ومنها: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، ألمانيا، بريطانيا، النمسا، النرويج.
- تحذير بعض الدول العربية مواطنيها من البقاء في لبنان، وبينها: الأردن، المملكة العربية السعودية، الكويت.
- إعلان بعض شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها إلى بيروت حتى 5 أغسطس 2024.
- تحذير الأمم المتحدة من أن تبادل إطلاق النار على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية قد يقود المنطقة إلى “كارثة”، مطالبة جميع الأطراف بـ”التحلي بأقصى درجات ضبط النفس”.
- كما اتسمت الفترة الأخيرة بتصاعد الحرب النفسية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، كما يتضح فيما يلي:
- اتباع حزب الله تكتيكات الحرب النفسية عبر إصدار مقاطع فيديو لإحداثيات ومواقع استراتيجية وعسكرية مهمة في مدينة حيفا، والترويج لتراجع أنظمة الدفاع الإسرائيلية وفشلها في اعتراض المسيّرة التي التقطت هذه المقاطع.
- سعي إسرائيل لبث الخوف في نفوس الشعب اللبناني، من خلال استمرار الطلعات الجوية الإسرائيلية في شتى أنحاء المجال الجوي اللبناني، وتحليق المسيّرات الإسرائيلية بلا انقطاع فوق المناطق الجنوبية لبيروت، وسهل البقاع وصولًا إلى شمال شرق بيروت.
- ضرب إسرائيل أهدافًا في العمق اللبناني، بما يفاقم شعور اللبنانيين بالضعف، وعدم القدرة على مواجهة الغارات الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين بالأساس.
في ضوء ماسبق ففي التقدير تكثيف فصائل المقاومه المواليه لايران عملياتها ضد اهداف حيويه اسرائيليه ومحاوله انزال خسائر كبيره بها بالشكل الذي يدفع اسرائيل للدخول في مواجهه على الجبهتين الشماليه والجنوبيه مع عدم استبعاد مشاركه الولايات المتحده في تامين الاهداف الحيويه ضد مخاطر الصواريخ والمسيرات التي ينتظر ان تستهدف محطات الطاقه وحقول النفط والغاز في البحر المتوسط.