شهدت الدولة التركية تأسيس العديد من الأحزاب الجديدة منذ بداية عام 2020 حتى بلغ عدد الأحزاب حديثة التأسيس حوالى 27 حزبًا جديدًا للمرة الأولى فى تاريخ تركيا الحديثة منذ تأسيسها على يد مصطفى كمال أتاتورك فى عام 1923م .
 ويُمكن تقسيم خريطة الأحزاب القديمة والحديثة إلى تحالفات وتوجهات أربعة وهى:-
أولاً: أحزاب الإسلام السياسى
ثانيًا: الأحزاب العلمانية
ثالثًا: الأحزاب القومية التركية
رابعًا: الأحزاب القومية الكردية حيث تشكل أربعة أضلاع الحياة السياسية فى الدولة.
وأهم تلك الأحزاب حزب الشعب الجمهورى الذى أقامه مؤسس الدولة، وظل منفردا بالحكم حتى عام 1950م إلى أن تمكن الحزب الديمقراطى “المحافظ” من تولى زمام الحكم حتى عام 1960م، وشهدت تلك الفترة بداية التعددية الحزبية فى تركيا.
التركية
الأحزاب التركية – صورة أرشيفية
ووصولًا لعام 2002 م وانفراد العدالة والتنمية ممثلاً لتاريخ الإسلام السياسي  بالحكم حتى نهاية النظام البرلمانى وتحوُّل نظام الحكم من برلمانى إلى رئاسى بتعديل دستور الدولة التركية فى عام 2017 ليكون الرئيس التركى أردوغان أول رئيس منتخب بنظام الإنتخاب المباشرة من الشعب وصاحب الصلاحيات الكاملة لرئيس الدولة.
إلا أن الأحزاب التركية، منذ تحوُّل الدولة من النظام البرلمانى إلى النظام الرئاسى، شهدت انشقاقات وانقسامات عديدة أبرزها تأسيس حزب المستقبل بقيادة أحمد داوود أوغلوا وحزب الديمقراطية والبناء بقيادة على باباجان، وهما حزبان مُنشقان عن العدالة والتنمية.
كما شهد حزب الشعب الجمهورى أيضا إنشقاق السيد محرم إنجى مرشح الرئاسة السابق وعدد من أعضاء الحزب لتأسيس حزب الوطن.
لماذا الإنشقاق:
أولاً: أحزاب الإسلام السياسى: انشقت هذه الأحزاب الحديثة من حزب العدالة والتنمية وريث حزب الرفاه وحركة الإسلام السياسى التركى لإعتراضها على توجهات العدالة والتنمية فى أعوامه الأخيرة وعلى سياسته الخارجية والداخلية.
ويُعدُّ السبب الرئيس لتلك الاعتراضات من وجهة نظر حزب المستقبل، هو تغير السياسة الخارجية للدولة التركية، التى أرسى مبادئها داوود أوغلو، وعُرفت بصفر مشاكل مع الخارج، حيث شهدت تركيا خلال السنوات الأخيرة تدخلات فى شؤون دول الجوار وصدامات مع الدول الإقليمية وعلى رأسها مصر.
جامعة إسطنبول شهير – أرشيفية
وكان لتغير سياسة الحزب واستئثار الرئيس التركى بالقرار منفرداً بالنظام الرئاسى، أثر بالغ فى خروج داوود أوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية من العدالة والتنمية وتأسيس حزبه الجديد ” المستقبل”. ولقد عاقبه أردوغان بعد ذلك بإغلاق جامعة ” اسطنبول شهير” التى أسسها داوود أوغلوا ونزع ملكيتها من وقف العلوم والفنون والذى أشرف عليه داوود أوغلو لتكون تلك أول رسالة من الرئيس التركى إلى رئيس حزب المستقبل، أما الرسالة الثانية فتمثلت في محاولات اغتيال عدد من نواب الحزب، والتى على إثرها اتهم داوود أوغلوا وزير الداخلية ” سليمان صولو” والرئيس أردوغان بمحاولة اغتيال أعضاء الحزب، وصرح عقب ذلك بأنه فى انتظار دوره فى محاولة الاغتيال من قِبل رجال الدولة لتصفية الحزب وإنهاء دوره السياسى الذى مازال في بدايته.
ثانيًا: حزب الديمقراطية والتقدم بقيادة على باباجان مهندس الاقتصاد التركى الحديث مع العدالة والتنمية، والذى اعترض على السياسات الاقتصادية للحزب الحاكم والذى أدى إلى قفز الليرة التركية أمام الدولار لحاجز 8 ليرات للدولار الواحد. وتعددت محاولات على باباجان للتدخل لوضع حلول للأزمة الاقتصادية التى تعيشها تركيا ولكن كان الصدام مع وزير المالية السابق ” ألبرت البيرق” صهر الرئيس التركى بعدم الاهتمام بآرائه بل استبعاد جميع رجال باباجان من دوائر صنع القرار الاقتصادى للدولة التركية.
انشقاقات الشعب الجمهورى
انشق السيد “محرم إنجى” المرشح الرئاسى السابق وثلاث أعضاء بمجلس الأمة التركى عن حزب الشعب الجمهورى مُعلنين تأسيس حزبهم الجديد “الوطن”.
وعلى الرغم من الإعلان النهائى للحزب إلا أن المراقبين يتوقعون أن يولد الحزب ضعيفًا لأن الكتلة الحزبية للشعب الجمهورى ما زالت متمسكة بقيادتها الحالية، ولقد بدا ذلك جليًا فى انتخابات البلديات الأخيرة عام 2019، حيث استطاع حزب الشعب الجمهورى الفوز بحكم  أكبر بلديات تركيا وهى “اسطنبول وأنقرة وإزمير” وهو ماجعل القاعدة الحزبية فى تماسك نسبى إلى الآن.
اتهامات لأردوغان
صرح رئيس حزب الشعب الجمهورى “كليشدار أوغلوا” فى أكثر من مرة أن أردوغان وحكومته يقفون خلف عملية الانشقاقات داخل الحزب فى محاولة منهم لإضعاف الحزب سياسياً وشعبياً.
وختاماً
فإن الحياة الحزبية التركية تتسم دائماً بالإثارة والتنوع، كما تتعرض للنجاح والفشل فى بعض الأحيان.
وأهم ما يميز الخريطة الحزبية لتركيا أنها تجربة لا يمكن استنساخها أو تكرارها خارج تركيا، وذلك لتنوع الحياة المجتمعية التركية بين المحافظين واليساريين والقوميين والأكراد. إذ يصعب وجود مثل هذا التنوع فى أى دولة أخرى كما، أن هذا التنوع يضرب بجذوره في المجتمع التركى، لذلك يصعب تهميشه أو تغيير هويته فى أى وقت أو بأى قوى سواء كانت داخلية أو خارجية.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version