كانت الأراضى العراقية والسورية فى السابق غنية بالموارد المائية بل إن بعض مناطقها تعتبر سلة الغذاء للبلدين، فيعمل بالقطاع الزراعى قرابة 20 % من إجمالى اليد العاملة فى العراق ولكن تطورات الأحداث مع توسع تركيا فى سياسة بناء السدود من أجل السيطرة على الموارد المائية فى المناطق المجاورة وضمان تعزيز النفوذ بالإضافة إلى توفير الموارد المائية اللازمة لتحقيق النهضة التركية فى مجالات الزراعة وتوليد الطاقة قد عمل على حجب الماء عن دول الجوار حتى أصبحت تعانى من شح الموارد المائية ونقص المحاصيل الزراعية.

سياسات تركيا المائيه فى العراق وآثارها
سعت تركيا للاستحواذ على مياه نهرى دجلة والفرات لصالح ملء السدود التركية ومن أبرزها سد “أليسو” فهو يبعد 50 كيلومتراً عن الحدود العراقية بسعة تخزينية 10.6 مليار مترمكعب. وتشير التقارير الدولية إلى فقدان حصة العراق المائية لنسبة تزيد عن 50 % مما ترتب عليه تشريد مجموعات كبيرة من العراقيين وصلت لأكثر من 80 ألف شخص وزيادة التصحر ونقص الرقعة الزراعية لدى العراق نتيجة سيطرة تركيا على الموارد المائية العراقية.
وقد تضرر حوالى 7 ملايين مواطن عراقى من الجفاف وعمليات النزوح الاضطرارى وفق ما ذكر الرئيس العراقى “برهم صالح” فى تقريره الذى أصدره عن التغير المناخى، وذكر أيضا أن الزيادة فى معدلات النمو السكانى ستتسبب فى زيادة المخاطر الاقتصادية والاجتماعية .
ووفقاً لتصريحات مدير قسم التخطيط فى دائرة الغابات ومكافحة التصحر بالعراق المهندس “سرمد كامل” فقد وصلت نسبة التصحر إلى 69 % من الأراضى الزراعية فى العراق، وقد ارتفعت أسعار الأراضى الصالحه للزراعة بشكل كبير فأصبح المزارعون غير قادرين على تحمل أعباء الزراعة، مما اضطر بعضهم إلى بيع أراضيهم للبناء، فتحول 10 % من الأراضى الزراعية إلى مناطق سكنية لسد الطلب المتزايد نتيجة موجات النزوح.
وقد أشارت بيانات المديرية العامة للأشغال الهيدروليكية إلى أن تركيا شرعت فى بناء أكثر من ألف سد جديد على مدار الـ 18 عاما الماضية، ويُتوقع الانتهاء من بناء 90 سداً آخر هذا العام وذلك على الرغم من أن نصف مياه الشرب يُفقد فى تركيا بسبب التسريبات قبل وصوله إلى المنشآت وفق ما جاء فى تقرير ” جمعية سياسة المياه ” للعام الماضى.
تداعيات السدود التركية على سوريا
أشار مبعوث الرئيس الروسى الخاص لدى سوريا “أليكسندر لافرينتييف” خلال مؤتمر صحفى عقب جولة مباحاثات الأستانة السادسة عشر التى عٌقدت فى يومى 6 و7 من شهر يوليو عام 2021 إلى خطورة تعطيش سوريا بسبب نقص حصة المياه الواردة إليها من تركيا تحت المستوى المتفق عليه بين البلدين وهو 500 متر مكعب فى الثانية بموجب الاتفاقية التركية السورية لعام 1987، حيث وصلت إمدادات المياه الواردة من نهر الفرات إلى الأراضى السورية بحصة تقارب 200 متر مكعب فى الثانية.
واعتبر المبعوث الروسى أن اضطراب وصول إمدادات المياه إلى الأراضى السورية سوف يتسبب فى تداعيات حول توافر إمدادات الطاقة والكهرباء، وقد أبلغ الوفد التركى المشارك فى المؤتمر بخطورة هذا الأمر، إلا أن الوفد التركى دائماً ما يفسر ذلك بالظروف الطبيعية وارتفاع درجات الحرارة المستمر باعتباره العامل الأساسى فى نقص حصة المياه الواردة إلى سوريا، وأنه سيعمل على ضبط الوضع وإعادته إلى المستوى المتفق عليه.
