تتمتع العلاقات التركية الأذرية بدرجة عالية من التوافق والتعاون ، حيث ينتمي الأذريون إلى القومية التركية، فأذربيجان دولة ذات غالبية عرقية تركية، وتتجاور مع تركيا في الشمال الشرقي، وعضو مهم في المجلس التركي (الدول الناطقة باللغة التركية) الذي أنشئ في 2009 ويبلغ عدد أعضائه 7 دول، كما أن تركيا أول بلد يعترف باستقلال أذربيجان (9 تشرين الثاني / نوفمبر 1991)، كما أن العلاقات بين البلدين لاتنحصر في اللغة والثقافة فقط، هناك حروب تاريخية وقف بها الأتراك والأذريون جنباً إلى جنب، وكان لتركيا دورا رئيسيا في تدريب الجيش الأذري وتسليحه على مدى السنوات الماضية، وقدمت لأذربيجان دعماً سياسياً ولوجستياً وإعلامياً خاصة خلال حربها الأخيرة لاستعادة إقليم “قره باغ”، وتعد الطاقة محركاً أساسياً للعلاقات القوية بين تركيا وأذربيجان.
لماذا الدعم المطلق من تركيا لأذربيجان:
 تسعى أنقرة إلى ممارسة نفوذ كبير في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى إلى حدود الصين، في منظمة الدول الناطقة بالتركية، وهي أحد المشاريع الجيوبولتيكية التركية البديلة لمشروع العثمانية الجديدة، ويهدف هذا المشروع لمواجهة نفوذ روسيا وإيران في تلك المنطقة.
 ويرى مراقبون أن أنقرة بدعمها لباكو تسعى للحصول على موطئ قدم في منطقة القوقاز على الحدود الروسية ، لتمتلك ورقة ضغط قوية في مفاوضاتها مع روسيا،  للحصول على تنازلات من موسكو في الملفين السوري والليبي. كما أن أذربيجان أحد المنتجين المهمين للغاز الطبيعي والنفط على مستوى العالم في منطقة جغرافية حساسة ، من حيث نقل الموارد الطبيعية من منطقة بحر قزوين إلى أسواق الطاقة الدولية، من خلال خط أنابيب الغاز الطبيعي باكو-تبليسي-أرضروم، مما أدى إلى تقليل اعتماد تركيا على روسيا وإيران، وقد أسهم هذا المشروع في زيادة أمن الطاقة في تركيا، وفي تقليل فاتورة الطاقة التركية من الغاز الإيراني والروسي إلى حد ما، كذلك تمكنت تركيا من زيادة حجم الاستهلاك من هذه الموارد الحيوية، اعتبارا من 2020، مع بدء عمل خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب”.
تركيا
تركيا وأذربيجان يشتركان في مشروع خط أنابيب الغاز العابر للأناضول (تاناب) (غيتي) – أرشيفية
يستحوذ خط أنابيب نقل الغاز العابر للأناضول (تاناب) على أهمية خاصة في خريطة الطاقة العالمية، مما دفع كثير من المراقبين إلى إطلاق اسم “طريق الحرير للطاقة” على هذا الخط. وتلعب أذربيجان دورا رئيسيا في نقل النفط الكازاخستاني إلى ميناء جيهان عبر خطوط الأنابيب، وكذا نقل موارد الطاقة من آسيا الوسطى إلى الأسواق الدولية ، حيث تبلغ حصة  مؤسسة البترول التركية السنوية حوالي 6.5%، بطاقة سنوية لتصدير حوالي 50 مليون طن من النفط الأذري الخام، وحققت المؤسسة دخلا كبيرا من خلال نقل ما يقرب من 3.5 مليارات برميل من النفط منذ 2006.
هل سيؤدي ذلك لإنتهاء إعتماد تركيا على الغاز الروسي 
سوف يتمكن هذا الخط -الذي من المتوقع أن ينقل 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الأذاري إلى تركيا والأسواق الدولية في المرحلة الأولى، و24 مليار متر مكعب بحلول 2023، و31 مليار متر مكعب في 2026– من زيادة استهلاك تركيا من الغاز الطبيعي. في حين تبلغ الأرباح التركية من هذا المشروع أكثر من 40 مليار دولار بحلول عام 2045.
وسيصبح بمقدور تركيا -التي وصلت نسبة اعتمادها على الغاز الأذري إلى حوالي 35%– إنهاء العقد طويل الأجل لاستخدام الغاز الروسي بحلول نهاية 2021. ومن المتوقع تراجع نسبة اعتماد تركيا على موارد الطاقة الروسية والإيرانية، بعد بدء “تاناب” العمل بالسعة الكاملة.
ولقد اعتبر سفير أذربيجان لدى أنقرة “خراز إبراهم”، أن الاقتصاد رافعة مهمة في العلاقات التركية الأذربيجانية، معززة للتحالف السياسي المشترك بين البلدين، ربما يعكس حرص البلدين على تعزيز الاقتصاد والتجارة اللذان يمثلان جانبا مهما من العلاقات القوية بين البلدين.          
وفي مجال النقل البري:
يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 4 مليارات دولار سنويا، وهو بارتفاع مستمر،
وتسعى تركيا وأذربيجان إلى رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 15 مليار دولار سنويًا، من خلال الاستثمارات التركية المرتقبة في إقليم قره باغ الذي تم تحريره مؤخرا من الاحتلال الأرميني. وقد أُنشأ خط السكك الحديدية باكو – تبليس – قارص لتسهيل التجارة بين البلدين والآن يتحرك قطاران بحوالي 40-50 عربة كل شهر عبر تركيا وأذربيجان إلى الصين.
في مجال الطاقة:
يوجد معامل تكرير نفط أذربيجانية في تركيا تساعدها في تقليل الواردات، كما  يوجود تعاون وثيق في قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وإعادة إعمار المناطق المحررة.
وفي مجال تعزيز التجارة الألكترونية:
 تم توقيع مذكرة تفاهم مع وزير الاقتصاد الأذري “ميكائيل جباروف”، لتعزيز التجارة الإلكترونية، في العاصمة الأذرية باكو، بحضور عدد من المسؤولين والمهتمين بالقطاع الاقتصادي والتجاري.
ممر ناخجيوان – صورة أرشيفية
ممر ناخجيوان:
سيساهم فتح ممر “ناخجيوان” في زيادة التجارة بين البلدين بنسبة كبيرة.”هذا الممر يربط تركيا بأذربيجان والعالم التركي مباشرة.
لن يكون الممر رابطاً بين الجمهوريات التركية في وسط آسيا فحسب، بل سيكون في الوقت نفسه رابطاً بين قوتين إقليميتين كبيرتين بالمنطقة، هما تركيا وروسيا، ما يساعد على زيادة التجارة  بين أنقرة وموسكو.                           
وقد أشار الخبير الاقتصادي الكازاخي “سابارباي جوباييف” إلى أن 50 بالمئة من الشحن البري الصيني و10 بالمئة من الشحن بالسكك الحديدية يذهب إلى أوروبا عبر كازاخستان، مبينا أن افتتاح الممر سيؤثر بشكل كبير على قطاع السياحة في المنطقة بهذا الممر، وبذلك سيتم إحياء طريق الحرير التاريخي .
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version