اندلعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فخلطت الأوراق في المنطقة، ورغم التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية، إلا أن تلك الحرب ستكون لها تداعيات مؤكدة على مستقبل المنطقة عموما واتفاقيات التطبيع خصوصا، حيث تسببت تلك الحرب في إحراج الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع تل أبيب، لا سيما في ظل وحشية الغارات الإسرائيلية التي خلَّفت دمارًا هائلا وأوقعت مئات الشهداء والمصابين بين أهالي غزة.

تطبيع بلا تأثير!
لقد أظهرت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وقوى المقاومة في غزة أن الدول التي أقامت علاقات طبيعية مع تل أبيب، وهي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، لا تملك أي تأثير على إسرائيل، ولم يكن لها القدرة على إيقاف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وذلك بعكس مصر والأردن، اللتين تصديتا للعدوان وأجبرتا تل أبيب على وقف إطلاق النار دون قيد أو شرط. فلقد بذل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جهودا مُضنية مُستغلًا نفوذ مصر الإقليمي والدولي، لإنهاء الاقتتال وسفك الدماء. ولا تزال القاهرة مستمرة في جهودها لإحراز تسوية دائمة لضمان الهدوء والاستقرار في المنطقة.
التطبيع أضعف الموقف الفلسطيني..
لا شك أن اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع إسرائيل دون إجبارها على إعادة الأراضي المحتلة، قد أضعفت الموقف الفلسطيني لا سيما في ظل الانقسامات والصراعات التي تشهدها الدول العربية. كما أن التطبيع رسَّخ لدى الإسرائيليين فكرة تحقيق السلام دون الحاجة إلى حل القضية الفلسطينية. وأدت اتفاقيات التطبيع أيضًا إلى تراجع القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، فاصبح الفلسطينيون عاجزين عن مُطالبة المجتمع الدولي بردع إسرائيل وإجبارها على رد الحقوق الفلسطينية، بعدما تخلت بعض الدول العربية عن مواقفها الثابتة بضرورة إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقادرة على البقاء، مقابل التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال.
