Close Menu
مركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيممركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيم
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام يوتيوب RSS
    أحدث المنشورات
    • استراتيجية العلاقة بين مصر وجنوب السودان (1) (الوضع الاقتصادي لجنوب السودان)
    • تصاعد التحالف بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية
    • مصر وأرض الصومال في وسائل الإعلام والتواصل الإثيوبية الناطقة بالإنجليزية
    • اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية وأثره على تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة
    • إثيوبيا من الداخل
    • تمرد الحواف وضعف المركز: مسارات التوتر الأمني والصراع السياسي في إثيوبيا
    • دبلوماسية الصمت والبراغماتية: قراءة في ردود الفعل الأفريقية على الحرب الإيرانية – الإسرائيلية
    • متابعة لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الإثيوبية الناطقة بالإنجليزية
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام يوتيوب RSS
    الأربعاء, 9 يوليو
    مركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيممركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيم
    • الرئيسية
    • الوحدات البحثية
      • وحدة الدراسات الإسرائيلية و الفلسطينية
      • وحدة الدراسات الأفريقية
      • وحدة الدراسات الإيرانية
      • وحدة الدراسات التركية
    • برامج تدريبية
    • إصدارات المركز
      • النشرات الإلكترونية
      • مجلات
    • فعاليات
      • ندوات
    • مكتبة الوسائط
      • مكتبة الصوتيات
      • مكتبة الصور
      • مكتبة الفيديو
    • روابط هامة
    • عن المركز
      • إتصل بنا
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام يوتيوب RSS
    لإدراج دراسة
    مركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيممركز الدراسات الإستراتيجية وتنمية القيم
    الرئيسية » مقاالت مختارة » دبلوماسية الصمت والبراغماتية: قراءة في ردود الفعل الأفريقية على الحرب الإيرانية – الإسرائيلية
    تقارير أفريقية

    دبلوماسية الصمت والبراغماتية: قراءة في ردود الفعل الأفريقية على الحرب الإيرانية – الإسرائيلية

    Websie Editorبواسطة Websie Editor26 يونيو، 2025لا توجد تعليقات
    فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr واتساب البريد الإلكتروني
    شاركها
    فيسبوك تويتر لينكدإن واتساب بينتيريست البريد الإلكتروني

    أ/ محمود سامح همام – باحث في الشئون الأفريقية

    شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق عقب تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق تحت اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت من خلالها، عبر أكثر من 200 طائرة مقاتلة، منشآت نووية ومراكز تطوير الطائرات المُسيّرة ومصافي نفط وقواعد استخباراتية ومطارات مدنية داخل إيران، من بينها مطار مشهد الدولي، ما أسفر عن مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري وسقوط ضحايا مدنيين. وردًا على ذلك، أطلقت إيران عملية “الوعد الصادق-3” في 13 يونيو ، مستخدمة صواريخ باليستية وفرط صوتية وطائرات مُسيّرة لضرب مدن إسرائيلية كبرى مثل تل أبيب وحيفا وأسدود، مما ألحق أضرارًا جسيمة بالبنى التحتية، شملت تدمير مصفاة حيفا النفطية ومناطق سكنية. يأتي هذا التصعيد العسكري في لحظة فارقة تستدعي قراءة دقيقة لانعكاساته على المواقف الإقليمية والدولية، لا سيما في القارة الإفريقية التي ترتبط بعلاقات متشابكة مع طرفي النزاع، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول توجهات الدول الإفريقية ومصالحها الاستراتيجية في ظل هذا الصراع المتفاقم.

    الخلفية التاريخية للعلاقات الإيرانية – الأفريقية

    يظهر امتداد العلاقات الإيرانية – الأفريقية إلى ما قبل الحقبة الاستعمارية الأوروبية، بدءًا من القرن التاسع الميلادي، حين كان للمهاجرين والتجار الإيرانيين وجود فاعل في المناطق الساحلية لشرق أفريقيا، لاسيما في زنجبار وممباسا، حيث أرسوا روابط تجارية وثقافية لا تزال ملامحها قائمة. وقد تعزز هذا الحضور خلال القرن السادس عشر مع تصاعد النشاط التجاري الإيراني. ومع دخول القارة الأفريقية مرحلة الاستقلال السياسي في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، أعادت إيران توظيف علاقاتها بالقارة ضمن خطاب “الجنوب العالمي”، مستندة إلى منظومة فكرية تتبنى مقاومة الاستعمار، والاستقلال، وعدم الانحياز، وهو ما اتخذ بعدًا أكثر وضوحًا بعد ثورة 1979م، حيث انخرطت طهران في تصدير النموذج الإيراني الشيعي، واستهدفت دولًا مثل السودان في عهد عمر البشير، إلى جانب بعض الحركات الإسلامية في القرن الأفريقي، ضمن استراتيجية مزدوجة تمزج بين الأيديولوجيا والسياسة.

    وقد شهدت العلاقات الإيرانية–الأفريقية تحولات واضحة بين عهد الشاه محمد رضا بهلوي وما بعد الثورة الإسلامية. ففي عهد الشاه، تبنّت إيران سياسة “الرعاية المعتدلة” مستفيدة من عائدات النفط بعد 1974م، لدعم بعض الحركات المناهضة للأنظمة الموالية للغرب، فيما تبنّت الجمهورية الإسلامية بعد 1979م خطابًا صداميًا ضد الغرب، ونسجت تحالفات مع حركات ثورية وإسلامية في أفريقيا. وبعد انتهاء حرب إيران–العراق (1980م–1988م)، حاولت إيران استعادة حضورها الخارجي، محافظًة على خطاب التضامن الجنوبي، لكنه اتسم بالتراجع في الفعل الميداني. ومع انتخاب محمود أحمدي نجاد في 2005م، أعيد إعلان أفريقيا “أولوية أولى” للسياسة الخارجية الإيرانية، لكن هذا الاندفاع لم يُترجم فعليًا، بل شابه التذبذب، وإلغاء زيارات رسمية، وعدم تنفيذ اتفاقيات. وبالرغم من استمرار طهران في ترويج خطاب “الشراكة المتكافئة”، فإن الواقع كشف سعيها لترسيخ هيمنة سياسية واقتصادية وأمنية عبر أدوات متنوعة، شملت اتفاقيات في الزراعة والتعليم والطاقة، وفتح خطوط طيران ومصارف مشتركة، وتقديم مساعدات فنية، فضلاً عن التوظيف المكثف للقوة الناعمة عبر الثقافة والدين. وتكشف هذه المعطيات أن العلاقات الإيرانية–الأفريقية، رغم ارتكازها على خطاب التضامن، جاءت محملة بتناقضات أيديولوجية وجيوسياسية تفرض على الدول الأفريقية ضرورة انتهاج مقاربة واقعية تُوازن بين مصالحها الوطنية وتعقيدات المشهدين الدولي والإقليمي.

    الخلفية التاريخية للعلاقات الأسرائيلية – الأفريقية

    شهدت العلاقات الإسرائيلية–الأفريقية نشأة مبكرة[WU1]  وتطورًا متسارعًا ارتبطا بسياقات سياسية ودولية معقدة، فرضتها عزلة إسرائيل الإقليمية عقب تأسيسها عام 1948م، وسعيها الحثيث لكسر الطوق العربي من خلال الانفتاح على دول “الجنوب العالمي” حديثة الاستقلال، وفي مقدمتها القارة الأفريقية. وقد تبنّت إسرائيل في خمسينيات وستينيات القرن العشرين سياسة “التمدّد جنوبًا”، مرتكزة على خطاب “المهمة الحضارية”، حيث قدمت نفسها كدولة نامية تسعى لتقاسم تجربتها التنموية، خصوصًا في مجالات الزراعة والتنظيم الإداري والتنمية الريفية، مع الدول الأفريقية الخارجة من الاستعمار. هذا التوجه لم يكن فقط وسيلة لتعزيز الشرعية الدولية لإسرائيل في المحافل الأممية، بل أيضًا أداة جيوسياسية لتحييد الكتلة التصويتية العربية[WU2]  داخل الأمم المتحدة. ومع حلول عقد الستينيات، وصلت هذه العلاقات إلى ذروتها؛ فقد أقامت إسرائيل علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول الأفريقية، وفتحت سفارات نشطة، واستقبلت في القدس[WU3]  بعثات رسمية أفريقية متعددة. وتوسّع نطاق التعاون ليشمل المجال العسكري، خاصة بعد حرب 1967م، حيث أصبحت الخبرات الأمنية الإسرائيلية مطلوبة في دول مثل أوغندا وإثيوبيا وزائير، وهو ما عزّز النفوذ الإسرائيلي داخل أجهزة الحكم، رغم ما شكّله لاحقًا من أزمات سياسية، كحالة الدعم العسكري لنظام عيدي أمين في أوغندا.

    غير أن حرب أكتوبر عام 1973م شكّلت نقطة انعطاف حادة في هذه العلاقات، حين أقدمت معظم الدول الأفريقية– باستثناء ثلاث دول صغيرة– على قطع علاقاتها مع إسرائيل، استجابة لضغوط عربية منسقة استثمرت المكاسب العسكرية المبكرة للعرب، وسلاح النفط، والإحباط من قلة عوائد التعاون مع إسرائيل. وقد ترافق ذلك مع موقف مؤسسي حاد من منظمة الوحدة الأفريقية، التي اتهمت إسرائيل بالتحالف مع قوى الاستعمار والصهيونية[WU4]  والعنصرية. هذا الانقطاع شبه الكامل دفع إسرائيل إلى وقف برامج المساعدات، وخلق فجوة دبلوماسية استمرت حتى ثمانينيات القرن العشرين. ومع توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982م، تصوّرت تل أبيب أن البيئة السياسية باتت مواتية لاستئناف علاقاتها مع أفريقيا، لكن ذلك اصطدم بموقف عربي رسمي وشعبي رافض لإعادة إدماج إسرائيل قبل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. ورغم ذلك، بدأت بعض الدول مثل زائير (1982م) ثم ليبيريا بإعادة العلاقات مع إسرائيل، بدوافع وطنية صرفة، تتعلق بالحاجة إلى الدعم الأمني والتقني. تُظهر هذه الخلفية التاريخية أن العلاقات الإسرائيلية–الأفريقية لم تكن مجرد شراكة تنموية، بل كانت انعكاسًا لصراعات الهوية والشرعية في النظام الدولي[WU5] ، وتجلّيًا لأدوار جيوسياسية متشابكة مع الحرب الباردة والصراع الإسرائيلي–العربي، وهي أبعاد لا تزال تؤثر حتى اليوم في محاولات تل أبيب لإعادة بناء نفوذها في القارة ضمن بيئة تنافسية مع قوى إقليمية كإيران وتركيا.

    تباين موقف الدول الأفريقية تجاه الحرب الإيرانية الأسرائيلية

    يُظهر موقف الدول الأفريقية تجاه الحرب الإيرانية–الإسرائيلية تباينًا واضحًا يعكس تداخل اعتبارات السياسة الخارجية، والمصالح الاقتصادية، والاصطفافات الإقليمية والدولية لكل دولة على حدة. فقد تعاملت العواصم الأفريقية مع هذا النزاع بمنطق براجماتي يغلب عليه الحذر، في ظل تعقيد المشهد الجيوسياسي وتعارض المصالح بين الشركاء الدوليين والإقليميين. وبينما اختارت بعض الدول الإفريقية التزام الحياد وتجنب إصدار مواقف علنية حفاظًا على علاقاتها مع كلا الطرفين أو مع شركائهما الدوليين، أظهرت دول أخرى ميولاً ضمنية أو مواقف محسوبة ترتبط بعلاقاتها التاريخية مع إيران أو إسرائيل، أو بمواقفها من قضايا أوسع، مثل الصراع الإسرائيلي–العربي أو النفوذ الغربي في المنطقة. هذا التباين لا يعكس فقط اختلاف توجهات السياسة الخارجية، بل أيضًا التفاوت في الوزن السياسي والاقتصادي للدول الأفريقية وقدرتها على التفاعل مع الأزمات الدولية.

    كينيا

    اتسم موقف كينيا تجاه الحرب الإيرانية–الإسرائيلية بالتحفظ القلق والدعوة إلى التهدئة، حيث أدانت الهجمات الصاروخية الإيرانية الانتقامية، وأعربت عن مخاوفها من تصعيد يهدد الأمنين الإقليمي والدولي. وفي بيان رسمي صدر في 13 يونيو، دعا وزير الخارجية الكيني كورير سينغوي إلى ضبط النفس من قبل الطرفين، وحث على تسوية الخلافات بالوسائل السلمية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، مؤكدًا دعم بلاده السابق لقرارات وقف إطلاق النار، لا سيما في غزة. كما انتقد، بشكل غير مباشر، شلل مجلس الأمن، مطالبًا بإصلاح هيكلي في نظام حفظ السلام الدولي، ما يعكس سعي نيروبي إلى تبني موقف دبلوماسي متوازن يعلي من قيمة القانون الدولي ويؤكد دور المؤسسات متعددة الأطراف.

    نيجيريا

    اتخذت نيجيريا موقفًا متوازنًا ومحايدًا تجاه الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، تمثل في دعوة واضحة لخفض التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية. ففي بيان صادر عن وزارة الخارجية في 13 يونيو، أعربت أبوجا عن قلقها إزاء تداعيات “الضربة الاستباقية” الإسرائيلية، معتبرة أنها ساهمت في تفاقم التوتر الإقليمي بشكل خطير. وحذّرت نيجيريا من أن استمرار دوامة الانتقام لا يهدد فقط أرواح المدنيين، بل قد يجرّ الشرق الأوسط إلى مزيد من عدم الاستقرار. كما دعت المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، إلى تكثيف الجهود من أجل التهدئة، وتوفير منصة للحوار البناء. وأكدت في ختام بيانها أن الطريق إلى السلام يمر عبر الدبلوماسية والاحترام المتبادل والالتزام بالقانون الدولي، معلنة استعدادها لدعم كل المبادرات الجادة الرامية إلى احتواء الأزمة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

    مصر

    اتخذت مصر موقفًا حازمًا إزاء الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، محذّرة من خطورة التصعيد العسكري على استقرار المنطقة بأسرها. وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية، أدانت القاهرة بشدة الضربات الإسرائيلية، ووصفتها بأنها “تصعيد إقليمي صارخ وخطير للغاية” و”انتهاك واضح للقانون الدولي”. وبصفتها وسيطًا تقليديًا في أزمات الشرق الأوسط، أكدت مصر أن “غطرسة القوة لن تحقق الأمن لأي دولة في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل”، مشددة على أن الأمن الإقليمي لا يُبنى إلا من خلال احترام السيادة والوحدة والسلامة الإقليمية للدول. وكرّرت القاهرة موقفها الراسخ بأن الحلول السياسية، لا العسكرية، هي السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات الإقليمية وتجنيب المنطقة مزيدًا من الانزلاق نحو الفوضى.

    غانا

    أعربت غانا عن قلقها المتزايد من التداعيات الاقتصادية غير المباشرة للنزاع الإيراني–الإسرائيلي، مؤكدة أن آثار الصراع تتجاوز الجغرافيا السياسية لتطال استقرار الاقتصادات الأفريقية. وفي تصريح للرئيس جون دراماني ماهاما، شدّد على أن غانا، رغم جهودها الحثيثة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، “ليست بمنأى عن صدمات الأحداث العالمية”. وأشار إلى أن تبادل إطلاق الصواريخ بين إسرائيل وإيران أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط الخام، ما يفاقم الأعباء الاقتصادية على الدول المستوردة للطاقة مثل غانا. وأبرزت هذه التصريحات المخاوف من أن استمرار التصعيد في الشرق الأوسط سيؤثر بشكل مباشر على سبل العيش في أفريقيا، داعية ضمنيًا إلى تهدئة النزاع تجنبًا لانعكاساته السلبية على الأمن الاقتصادي والاجتماعي للقارة.

    تونس

    أعلنت تونس موقفًا واضحًا ومساندًا لإيران في مواجهة التصعيد العسكري مع إسرائيل، منسجمة في ذلك مع الخطاب الصادر عن جامعة الدول العربية. وفي بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء التونسية، أدانت تونس “بشدة العدوان الصهيوني الغادر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، واعتبرته “خرقًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة ولجميع القوانين والأعراف الدولية”، محذّرة من أن هذا التصرف “يقوّض دعائم الأمن والسلم والاستقرار في العالم أجمع”. ويعكس هذا الموقف دعمًا سياسيًا كاملاً لإيران، واصطفافًا مع رؤية عربية تنتقد السياسات الإسرائيلية وتدعو إلى احترام سيادة الدول ومبادئ القانون الدولي.

    نامبيا

    قدّمت ناميبيا رؤية شمولية تجاه الحرب الإيرانية–الإسرائيلية، محذّرة من تداعياتها العالمية المتشابكة التي قد تطال القارة الأفريقية رغم بعدها الجغرافي عن مسرح الصراع. وفي تصريح لمديرة العلاقات الدولية، بيندا نااندا، أكدت أن “الأسواق مترابطة، وما يحدث في جزء واحد من العالم يؤثر علينا جميعًا، بما في ذلك سلعنا وجيوبنا”، مشيرة إلى أن الاضطرابات الجيوسياسية قد تُلقي بظلالها على الأمن الاقتصادي والاجتماعي في أفريقيا. وعلى الرغم من أن القارة ليست طرفًا مباشرًا في النزاع، إلا أن مواقف قياداتها – من بريتوريا إلى نيروبي، ومن أبوجا إلى تونس – تتقاطع في الدعوة إلى ضبط النفس، والمطالبة بالعدالة، والتشديد على أولوية الحلول الدبلوماسية على حساب المواجهة العسكرية، في تعبير عن حرص أفريقي متزايد على الانخراط الأخلاقي والاستراتيجي في القضايا الدولية.

    بالإضافة إلى موريتانيا والجزائر والسنغال وغينيا بيساو، والسودان التي أعربت في بيان رسمي عبر وزارتها الخارجية عن قلقها، وإدانة الغارات الجوية الأسرائيلية، واصفةً إياها بـ”العدوان الجائر”. في الوقت نفسه، أشارت تقارير إعلامية محلية إلى مخاوف من أن الصراع قد يجرّ البلاد التي مزقتها الحرب إلى توترات إقليمية أوسع، لا سيما في ظلّ العلاقات المزعومة[WU6]  بين إيران وفصائل داخل الجيش السوداني.

    على صعيد آخر، برزت مواقف أفريقية مائلة نسبيًا نحو إسرائيل، تعكس حسابات سياسية واستراتيجية معقّدة ترتبط بعلاقات ثنائية متنامية، وتقاطعات مع المصالح الغربية في المنطقة. فعلى الرغم من امتناع عدد من الدول الأفريقية المتحالفة مع إسرائيل عن إصدار مواقف رسمية صريحة، إلا أن هذا الصمت نفسه حمل دلالات سياسية واضحة. المغرب، على سبيل المثال، الذي طبّع علاقاته مع إسرائيل في ديسمبر 2020م ضمن “اتفاقيات أبراهام” برعاية أمريكية، اختار التزام الصمت الرسمي، رغم تنامي التعاون الثنائي في مجالات الأمن والدفاع السيبراني والتجارة. وقد شهدت الرباط، منذ افتتاح مكتب الاتصال الإسرائيلي في عام 2021م، تطورًا لافتًا في الحصول على تقنيات عسكرية متقدمة، شملت الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، ما يعكس شراكة استراتيجية تتجاوز الأطر الدبلوماسية التقليدية. ويبدو أن عدم إصدار بيان من الجانب المغربي يعكس حرصًا على موازنة العلاقة مع إسرائيل من جهة، وتجنب إثارة حساسيات إقليمية أو شعبية من جهة أخرى.

    على المنوال ذاته، التزمت رواندا، وهي أحد أبرز حلفاء إسرائيل في القارة، موقف الحياد الصامت، رغم علاقاتها الوثيقة مع تل أبيب في مجالات الاستخبارات والأمن والتكنولوجيا الزراعية. كذلك امتنعت كوت ديفوار، والكاميرون، وكينيا، وإثيوبيا – وجميعها تحتفظ بعلاقات ثنائية متينة مع إسرائيل – عن إبداء مواقف مباشرة، واكتفت بتصريحات دبلوماسية عامة دعت إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. ويرى مراقبون أن هذا النمط من “الحياد المحسوب” لا يخلو من دلالة، إذ يشير إلى رغبة هذه الدول في حماية مكتسباتها الاستراتيجية مع إسرائيل، وتفادي الإضرار بعلاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الداعمين الرئيسين للسياسات الخارجية المتماهية مع المواقف الإسرائيلية. كما يعبّر عن إدراك ضمني لحساسية التوازن بين المصالح الأمنية والعسكرية من جهة، والضغوط الشعبية والدبلوماسية في الداخل والخارج من جهة أخرى، في وقت يشهد فيه النظام الدولي تصدعًا واضحًا في المواقف حيال الصراعات في الشرق الأوسط.

    أبرز تداعيات الحرب الإيرانية–الإسرائيلية على القارة الأفريقية

    تسبّبت الحرب الإيرانية–الإسرائيلية في تداعيات جيوسياسية واقتصادية واسعة، لم تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، بل امتدّت آثارها إلى القارة الأفريقية، التي تجد نفسها مجددًا في قلب تقاطعات الصراع العالمي رغم عدم انخراطها المباشر فيه. وبالنظر إلى الترابط العميق في أسواق الطاقة والتمويل وسلاسل الإمداد، باتت دول أفريقيا تواجه تحديات متزايدة تتراوح بين ارتفاع أسعار النفط وتكاليف المعيشة، إلى ضغوط مالية واضطرابات في التجارة والاستثمار. وفيما يلي أبرز هذه التداعيات المرتقبة، وانعكاساتها المحتملة على استقرار القارة ومستقبلها الاقتصادي.

    1- ارتفاع أسعار النفط وتأثيره على الاقتصادات المستوردة

    §    أدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار النفط من 64 دولارًا إلى أكثر من 77 دولارًا للبرميل (+20٪ خلال يونيو 2025م).

    §    الدول الأفريقية المستوردة للطاقة، مثل السنغال وغانا وكينيا، تواجه زيادات في فاتورة الطاقة وتضخمًا إضافيًا.

    §    إذا تصاعد النزاع أكثر (مثلاً بإغلاق مضيق هرمز)، قد تقفز الأسعار إلى 100–150 دولارًا للبرميل، ما يفاقم الأزمات المالية والغذائية.

    2- ضغوط مالية وارتفاع تكلفة الاقتراض

    §    هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة نتيجة مخاوف المستثمرين، ما أدى إلى تراجع العملات الأفريقية (مثل الراند الجنوب أفريقي).

    §    ارتفاع عوائد السندات الحكومية (مثل سندات جنوب إفريقيا التي بلغت 10.16٪)، مما يزيد من عبء خدمة الدين الخارجي.

    3- تهديد سلاسل الإمداد والتجارة

    §    احتمال تعطل الشحن عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر يرفع تكاليف النقل والتأمين.

    §    هذا يؤثر بشكل مباشر على أسعار الغذاء والوقود المستورد في القارة، ويُضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

    4- تسارع التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة

    §    ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الشحن يؤدي إلى زيادات في أسعار السلع الأساسية.

    §    الاقتصادات الهشة ذات الدعم الحكومي المحدود (مثل إثيوبيا أو مالي) ستكون الأكثر عرضة للأثر التضخمي المباشر.

    5- مكاسب محتملة للدول المنتجة للنفط

    §    نيجيريا وأنجولا قد تستفيدان ماليًا من ارتفاع أسعار النفط، لكن هذه المكاسب قد تتآكل بسبب انخفاض الاستقرار الداخلي وارتفاع تكاليف الاقتراض.

    §    الفوائد المالية ستظل محدودة إذا لم تُترجم إلى استثمارات مستدامة أو دعم اجتماعي.

    6- التحدي السياسي والدبلوماسي

    §    انقسام المواقف الأفريقية بين دعم إيران، أو الحياد، أو الميل غير المعلن لإسرائيل، يعقّد الموقف السياسي الموحد للقارة.

    §    الضغط الشعبي الداخلي في بعض الدول قد يتصاعد إذا تزايدت الأعباء الاقتصادية بسبب صراع خارجي.

    7- زيادة الاعتماد على الشركاء الدوليين

    §    دول أفريقية كثيرة ما زالت تعتمد على المساعدات الغربية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، مما قد يقيّد مواقفها السياسية.

    §    الحرب قد تؤدي إلى إعادة توجيه موارد المانحين إلى الشرق الأوسط، على حساب تمويلات تنموية كانت مخصصة لأفريقيا.

    8- تهديدات للنمو الاقتصادي الإقليمي

    §    التوقعات تشير إلى أن التصعيد قد يقتطع ما يصل إلى 1٪ من معدل النمو العالمي، ما ينعكس على صادرات أفريقيا وعائداتها.

    §    الصناعات المعتمدة على الطاقة المستوردة (كالتعدين والنقل والزراعة) ستواجه صعوبات كبيرة في التشغيل والتوسع.

    ختامًا، في ضوء التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، وانعكاساته المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي، تبرز القارة الأفريقية كفاعل سياسي واقتصادي لا يمكن عزله عن مجريات الأزمة. فقد أظهرت مواقف الدول الأفريقية تباينًا لافتًا يتراوح بين الانحياز، والحياد المحسوب، والدعوة إلى التهدئة، وهو ما يعكس تنوع الحسابات الاستراتيجية والتفاوت في مستويات الاعتماد على الشراكات الدولية. وبينما تتجلى التداعيات الاقتصادية في ارتفاع أسعار النفط، وتضخم تكاليف المعيشة، وتراجع قيمة العملات المحلية، فإن التحدي الأبرز يكمن في قدرة الدول الأفريقية على تبني مواقف مستقلة تراعي مصالحها الوطنية وتضمن استقرارها الداخلي، دون أن تقع رهينة للاستقطابات الدولية أو الابتزاز الجيوسياسي. ومع اتساع رقعة تأثير هذا النزاع، تبرز ضرورة إعادة تفعيل العمل الأفريقي المشترك ضمن أطر إقليمية وقارية، بهدف بلورة موقف موحد يُعبّر عن مصالح القارة في السلم والأمن الدوليين، ويعزز من قدرة أفريقيا على التفاعل المؤثر مع تحولات النظام العالمي.

    اسرائيل ايران ردود فعل افريقية
    شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن Tumblr واتساب البريد الإلكتروني
    Websie Editor

    اترك تعليقاً
    اترك تعليقاً إلغاء الرد

    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام يوتيوب RSS
    • دراسات
    • تحليلات/ تقديرات موقف
    • تقارير
    • مقالات رأي
    • ملفات خاصة
    © 2025 كافة الحقوق محفوظة. تصميم وبرمجة شركة بيو فري للحلول المتكاملة.

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter