تسعى إسرائيل إلى ضمان استمرار التبادل التجاري في ظل الحرب المستمرة والتحديات الأمنية، من خلال استخدام طرق غير مباشرة ومسارات بديلة. يشمل ذلك التحايل على القيود باستخدام دول وسيطة، وطرق نقل بديلة عبر موانئ ودول مجاورة، لضمان استمرارية اقتصادها وعلاقاتها التجارية مع تركيا.
مقدمة:
العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل تعود إلى فترة ما بعد تأسيس دولة إسرائيل واعتراف تركيا بها رسميًا عام 1949، حيث كانت تركيا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تقوم بهذه الخطوة. خلال الخمسينيات والستينيات، بدأت العلاقات بين البلدين تتطور تدريجيًا في مجالات تجارية محدودة، لكن وتيرة التعاون تسارعت في العقود اللاحقة، خاصة بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا وإسرائيل في عام 1996، مما عزز التبادل التجاري بينهما بشكل كبير.
في التسعينيات، ازدهرت العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث لم تقتصر على التجارة فحسب، بل شملت أيضًا التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا والزراعة و الصناعات الدفاعية.
التجارة غير المباشرة بين تركيا وإسرائيل عبر فلسطين في 2024
شهدت العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل تغيرات كبيرة في عام 2024، وذلك بسبب التوترات السياسية الناتجة عن الحرب الغاشمة على غزة. في خطوة تصعيدية، فرضت تركيا حظرًا على التبادل التجاري المباشر مع إسرائيل والذي بلغ قيمته 7 مليارات دولار سنوياً، ، إلا أن هذا القرار لم يوقف تدفق السلع التركية إلى السوق الإسرائيلية؛ حيث بدأت هذه السلع تصل عبر الأراضي الفلسطينية، مما يعكس مرونة التجارة وابتعادها عن التأثر الكامل بالقرارات السياسية.
زيادة الصادرات التركية إلى فلسطين:
بعد فرض الحظر على الصادرات التركية المباشرة إلى إسرائيل، شهدت الصادرات التركية إلى فلسطين زيادة ملحوظة.
وفقًا لتقرير نشره موقع “Middle East Eye”
قفزت قيمة الصادرات التركية إلى فلسطين بنحو 6 أمثال في أول 9 أشهر من العام الحالي، لتصل إلى 571 مليون دولار، وذلك بعد خمسة أشهر من وقف أنقرة التجارة مع إسرائيل، بنسبة تصل إلى 526% خلال الأشهر الأولى من عام 2024،
وفي أغسطس 2024 وحده، بلغت الزيادة ذروتها بارتفاع بلغت نسبته 1,156% مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي، حيث تضمنت الصادرات سلعًا مثل الفولاذ والكيماويات، التي شهدت ارتفاعًا غير مسبوق .
آلية التبادل التجاري عبر فلسطين:
تُعزى هذه الزيادة إلى الترتيبات الجمركية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي تسهل مرور السلع الفلسطينية إلى السوق الإسرائيلية دون عقبات كبيرة.
ووفقاً لتقرير من ” Ynt News
يعتمد التجار الأتراك على هذة الترتيبات للالتفاف حول الحظر المفروض، حيث يتم توجيه المنتجات إلى السلطة الفلسطينية أولاً، ومن ثم تصدر إلى إسرائيل . ورغم أن أنقرة تسعى للحفاظ على موقف سياسي معارض لإسرائيل، إلا أن هذه التجارة غير المباشرة تعكس تفضيلها لمواصلة العلاقات الاقتصادية، إن كان ذلك بطرق غير مباشرة.
التداعيات والتوقعات المستقبلية:
– تشير هذه الخطوات إلى أن تركيا ترغب في الحفاظ على موقف سياسي قوي تجاه إسرائيل، مع الاستفادة من المكاسب الاقتصادية المستمرة عبر فلسطين.
– من المتوقع أن تستمر هذه التجارة غير المباشرة حتى تتحسن العلاقات السياسية أو يتم التوصل إلى تسوية أكثر استقرارًا بين الطرفين، و قد يزيد ذلك من الضغوط الاقتصادية والسياسية على فلسطين بسبب تورطها في نزاعات تجارية إقليمية.
– رغم الضغوط السياسية، لا تزال المصالح الاقتصادية المشتركة دافعًا أساسيًا في العلاقات التجارية غير الرسمية بين البلدين .
– من الممكن أن يسعى الطرفان لإيجاد مسارات لوجستية أخرى، ربما عبر دول ثالثة كالأردن أو قبرص، وهو ما يتطلب ترتيبات جديدة في البنية التحتية والاتفاقيات التجارية.
– مع مرور الوقت، قد يؤدي تصاعد الخلافات السياسية إلى تراجع التجارة بشكل ملحوظ، حيث تصبح التجارة غير المباشرة مكلفة للغاية وتفقد جاذبيتها.
في الختام
التجارة غير المباشرة بين تركيا وإسرائيل يمكن أن تستمر لفترة من الزمن، لكنها تواجه تحديات اقتصادية وسياسية تجعل من الصعب استدامتها على المدى البعيد، خاصة إذا تزايدت التوترات السياسية .