كلما تحل الذكرى السنوية لحرب أكتوبر عام 1973م تخرج علينا الصحافة والتحليلات في إسرائيل بالحديث عن دور أشرف مروان في هذه الحرب، فتردد ادعاءات مضللة وتزيف الحقائق. فقد كشفت إسرائيل مؤخرًا عن مجموعة من الوثائق الخاصة بحرب أكتوبر، أو ماتسميه “حرب يوم الغفرن” (ملحيميت يوم كيبور)، بعد سماح الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشرها، متطرقةً في وثائقها إلى ملف الراحل الدكتور أشرف مروان صهر الرئيس جمال عبد الناصر ومستشار الرئيس أنور السادات إبان فترة حرب أكتوبر، لتواصل الادعاءات المضللة حول طبيعة عمل أشرف مروان، وأنه كان عميلًا استراتيجيًا لتل أبيب قدم لها معلومات حساسة حول الحرب.

ويأتي كشف إسرائيل عن وثائق حرب أكتوبر والتطرق لفتح ملف أشرف مروان مجددًا في إطار الحرب الإعلامية والدعاية التي تقوم بها لإثبات عكس ما حدث في الحرب من خسارة مؤلمة لها أمام الجيشين المصري والسوري.

إسرائيل تفتح ملف أشرف مروان مجددًا

نشرت إسرائيل تفاصيل جديدة ادعت أنها تتعلق بملف أشرف مروان، خلال حرب أكتوبر، والتي تضمنت نشر تفاصيل مستندات ومحاضر اجتماعات وصور بين الضباط الإسرائيليين والراحل أشرف مروان، الذي كان يوصف بـ”الملاك” في الرواية الإسرائيلية ووثائقها، زاعمة أنه قدم معلومات مهمة للغاية لتل أبيب، خاصة مع تقدم الحرب على الجبهة المصرية، وهو ما أعلنه رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي الحالي دافيد بارنياع، بالتزامن مع الذكرى الـ 50 لحرب أكتوبر، وإفراج جهاز الموساد عن وثائقه السرية الخاصة بالحرب، حيث ادعت إسرائيل أن هذه الوثائق التي أفرجت عنها مؤخرًا في إطار رفع السرية عن وثائق حرب أكتوبر، تضمنت المعلومات التي قدمها مروان قبل حرب أكتوبر 1973 وخلالها وبعدها، ومن بينها صورة له مع الضابط المسؤول عنه في الموساد المعروف باسم دوبي.

وقال جهاز الموساد الإسرائيلي في وثائقه الجديدة، أن أشرف مروان قدم أخبار ذهبية لتل أبيب، خاصة التي قدمها يوم 12 أكتوبر، أي بعد 6 أيام من اندلاع الحرب مما ساهم في تغيير خط سير العمليات العسكرية.

وجاء في تصريحات دافيد بارنياع رئيس جهاز الموساد، أن إسرائيل كانت تمتلك مجموعة ممتازة من مصادر المعلومات خلال حرب أكتوبر أبرزها الملاك أشرف مروان، الذي كان يتمتع بصلاحيات واسعة بالتقرب من صناع القرار في مصر، وقدم أخبار ذهبية لإسرائيل ومعلومات استراتيجية تتعلق بالتسلح في مصر، وخطط الجيش لشن الهجوم على إسرائيل، ولقد تلقينا معلومات استخباراتية استراتيجية من شركاء ممتازين. وهكذا قدم الموساد التحذير من اندلاع الحرب، والذي أخبره به الملاك أشرف مروان، وهو المصدر الذي تم تفعيله بواسطة الضابط دوبي، ووصل حتى رئيس الموساد آنذاك تسفي زامير، واليوم، وبعد قراءة جميع التقارير ذات الصلة بقضية أشرف مروان، أستطيع أن أقول بكل قلب ثقة، أن الملاك كان عميلًا  رائعًا. (1)

لماذا تفتح إسرائيل ملف أشرف مروان الآن؟

إن الوثائق التي أعلنت عنها إسرائيل مؤخرًا بشأن الراحل أشرف مروان، لم تقدم أي جديد للرواية الإسرائيلية، بل تواصل الزعم بأن مروان كان عميلًا استراتيجيًا قدم معلومات ذهبية لتل أبيب إبان حرب أكتوبر 1973، ولكن يمكن إرجاع الدوافع الإسرائيلية من فتح ملف أشرف مروان الآن إلى عدة أهداف ومنها:

1ـ العمل دائمًا على تزييف الحقائق، في محاولة لإثبات أنها انتصرت في حرب أكتوبر، على عكس الواقع الذي يؤكد تكبدها الخسارة الأكبر في تاريخها، فضلا عن إقالة قادة عسكريين كبار في حينها، لذلك ورغم مرور خمسين عامًا على حرب أكتوبر تحاول تل أبيب التقليل من حماس المصريين لهذه الذكرى ومحاولة إفساد احتفالاتهم.

2ـ دق الأسافين وقتل الثقة بين المصريين والأجهزة السيادية في مصر من خلال إثارة ملف أشرف مروان للتشكيك في وطينته وعمله لصالح مصر ابان فترة حرب أكتوبر، وبالتالي التشكيك في مستوى الفكر الاستراتيجي للقيادة المصرية خلال فترة الحرب، ومحاولة إثبات قدرة تل أبيب على اختراق الأجهزة السيادية في مصر، كونها تدعي أن مروان كان يعمل لصالحها، وأنه كان عميلا استراتيجيا قدم معلومات ذهبية لتل أبيب.

3ـ  محاولة التغطية على حالة الفشل والصراع الداخلي التي تعيشها إسرائيل هذه الأيام، خاصة ملف الإصلاحات القضائية وبالتالي إنشغال الرأي العام في إسرائيل بهذه الملفات الخارجية، ولن تجد تل أبيب قضية خارجية تثيرها لشغل الرأي العام مثل حرب أكتوبر وأسرارها، كونها أكبر كارثة هددت وجود إسرائيل منذ قيامها.

4ـ محاولة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رفع الحرج عن نفسها، كونها “قصرت”- كما تزعم- في حرب أكتوبر، وإثبات أن أشرف مروان كان عميلًا استراتيجيًا لإسرائيل قدم لها معلومات ذهبية ابان حرب أكتوبر وأنه لم يخدع إسرائيل؛ لأن ذلك الأمر يعود التقصير فيه لأجهزة الاستخبارات، والحديث هنا عن جهازي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الموساد والصراع الدائر بينهما منذ فترة حرب أكتوبر حتى اليوم لمحاولة تبرئه أنفسهم من خداع أشرف مروان لإسرائيل.

الرواية المصرية بحق أشرف مروان

تسعى إسرائيل من خلال روايتها الجديدة بشأن أشرف مروان أن تدفع القيادة المصرية للخروج للرد على هذه الادعاءات بشكل واضح، لكن الرواية المصرية التاريخية والمؤكدة عن أشرف مروان تقول إنه كان رجلًا وطنيًا يعمل لصالح مصر بناء على توجيهات رسمية من القيادة السياسية آنذاك، حيث تؤكد الرواية المصرية، أن الرئيس الراحل أنور السادات كلف أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بإعطاء الإسرائيليين معلومات مضللة في الفترة التي سبقت حرب أكتوبر 1973، وبالتأكيد على صدق الرواية المصرية بشأن الراحل أشرف مروان، أقامت القاهرة جنازة عسكرية مهيبة لوداع مروان بعد وفاته في لندن عام 2007 في ظروف غامضة، كما أكد الرئيس الراحل حسني مبارك أن مروان كان بطلًا أدى دورًا وطنيًا في خطة الخداع الاستراتيجي التي وضعتها مصر في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية.

المصادر:

‏(1) https://www.maariv.co.il/news/military/Article-1036465

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version