مقدمة
شهدت الأحداث زخمًا كبيرًا داخل إسرائيل خلال عام 2020، وذلك على كافة الأصعدة (سياسيًا – اجتماعيًا – اقتصاديًا – عسكريًا – إعلاميًا). وسيتناول التقرير تحليلاً دقيقًا ومتابعة شاملة لأبرز الأحداث التى مرت بها إسرائيل، كما يتضمن أيضًا استشرافًا لما قد يحدث بعام 2021، طبقًا لتحليل معطيات الأحداث بالعام المنصرم.
أولاً: الموقف السياسى الداخلى
معارك نتنياهو من طلب الحصانة حتى حل الكنيست
طالب “بنيامين نتنياهو” بالحصول على الحصانة البرلمانية ضد مقاضاته وسط رفض شديد لهذا المطلب من أعضاء البرلمان؛ وذلك نظرًا لاتهامه بعدد من قضايا الفساد والرشوة.
وعلى صعيد آخر، زادت حدة الخلافات بينه وبين شريكه فى الائتلاف المنحل “بينى جانتس” حول تمرير الميزانية، مما نتج عنه حل الكنيست، ومن المقرر عقد الانتخابات المقبلة فى مارس 2021.
وقد حرص “نتنياهو” على توظيف الدعم الأمريكى غير المحدود لتعزيز موقفه الداخلى، حيث بدأ العام بإعلان تفاصيل “صفقة القرن”، ثم شهدت الدبلوماسية الإسرائيلية مرحلة جديدة من أبرز ملامحها إبرام خمس إتفاقات سلام مع 5 دول، برعاية أمريكية وهى (الإمارات – البحرين – السودان – المغرب – ومملكة بوتان)، وتمثل هذه الاتفاقات طوق النجاة للاقتصاد الإسرائيلى ولا سيما فى مجال الصادرات، فضلاً عن أهميتها السياسية بالطبع.
إسرائيل
بنيامين نتنياهو وجدعون ساعر – أرشيفية
استشراف المستقبل السياسى فى إسرائيل خلال 2021
سيشهد 2021 عدة أحداث هامة، وأبرزها إجراء انتخابات الكنيست الـ 24، ومن المتوقع أن تكون الحكومة القادمة يمينية فى ظل تراجع فرص اليسار الإسرائيلى فى تشكيل الحكومة القادمة، لاسيما بعد تراجع ائتلاف “أزرق أبيض” تحت قيادة “بينى جانتس”. ومن المتوقع أيضًا حصول القائمة العربية المشتركة على 11 مقعدًا فقط بحسب معظم استطلاعات الرأى.
كما سيشهد العام الجديد بدء محاكمات رئيس الوزراء الإسرائيلى، وقد يُواجه “نتنياهو” عقوبة السجن على خلفية اتهامه بقضايا الفساد والرشوة حال فشله فى تشكيل الحكومة القادمة، وعدم قدرته على تحصين نفسه كما يتمنى.
ثانيًا: تطور الأوضاع داخل المجتمع الإسرائيلى
1- العنف فى المجتمع العربى
ألقت ظاهرة العنف فى المجتمع الفلسطينى فى الداخل الإسرائيلى بظلالها على المشهد العام؛ نتيجة لعدة عوامل (عدم اضطلاع الشرطة بدورها فى مكافحة الجريمة – فوضى حيازة السلاح – ضيق الحيز المعيشى العام – آثار القروض الربوية والسوق السوداء – ظاهرة الإتاوة).
واتسعت دائرة الانتقاد الداخلية للحكومة لتشمل مراقب الدولة “نتنياهو انجلمان” الذى قدم تقريرًا للكنيست شدد فيه على ضرورة استكمال تنفيذ توصيات اللجنة المهنية الوطنية فيما يتعلق بمنع العنف فى القطاع العربى عمومًا _وبين الأزواج بصفة خاصة_ وزيادة التعاون بين الإدارات المعنية والشرطة فى هذا الملف.
كما نظمت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية فى إسرائيل مسيرات للأمهات الثكلى، وأخرى تحمل الأعلام السوداء للتعبير عن رفضها لهذه الظاهرة، واحتجاجًا على ما وصفته بتواطؤ الشرطة؛ لنشر الفوضى فى المجتمع العربى.
2- احتجاجات ممتدة لستة أشهر
تظاهر آلاف الإسرائيليين ضد نتنياهو فى احتجاجات امتدت لستة أشهر دون توقف،اعتراضًا على بقائه فى الحكم؛ بسبب اتهامه بقضايا الرشوة والفساد التى كانت سببًا فى مثوله أمام المحكمة للإدلاء بأقواله بشكل شبه أسبوعى، وعلى الرغم من إجراءات الحظر والإغلاق العام استمر المتظاهرون فى مطالبتهم بتخلى “نتنياهو” عن منصبه.
تسبب إخفاق حكومة “نتنياهو” فى التعامل مع ملف أزمة كورونا فى تحرك بعض المنظمات الأهلية، والحركات المجتمعية مثل حركة “الأعلام السوداء”؛ لتنظيم احتجاجات وفعاليات بدأت من ميدان “بلفور” وأخذت اسمه علمًا لها، وسرعان ما انتشرت فى أنحاء إسرائيل؛ لتُذكر نتنياهو بقضايا فساده.
فى المقابل انطلقت حملات مؤيدى نتنياهو لوصف المظاهرات بأنها حملات يسارية تحريضية، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعى دعوات من جنود الجيش الإسرائيلى لإطلاق النار على المتظاهرين؛ مما زاد احتقان الأوضاع، خاصة بعد انضمام ‘لاميين وشخصيات عامة بارزة، ومنهم “يوسى كوهين” ابنة رئيس الموساد التى دعمت شعار العلم الأسود للاحتجاجات وانضمت للدعوات عبر حسابها على صفحات التواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى الممارسات العنيفة التى انتهجتها الشرطة فى تفريق المتظاهرين.
أزمة كورونا
شكلت جائحة “كورونا” أزمة كبيرة منذ ظهور أولى الإصابات، وعلى الرغم من حملات التطعيم التى افتتحها “بنيامين نتنياهو” وتلقى حوالى 180 ألف مواطن اللقاح، من بينهم رجال الصف السياسى الأول والطواقم الطبية، إلا أن العام قد انتهى بتسجيل نحو 410 ألف حالة إصابة، و3000 حالة وفاة.
جانب من إحتجاجات الحريديم – أرشيفية
3- الحريديم وأزمة الكورونا
زادت أزمة كورونا الفجوة بين مجتمع الحريديم وباقى المجتمع الإسرائيلى؛ حيث ظهر ذلك جليًا فى فشل وزير الصحة الإسرائيلى الحاخام “يعقوب ليتسمان” فى إقناع القطاع الحريدى بضرورة الإلتزام بالإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة كورونا، على الرغم من مكانته الدينية وولائه الأول للتيار الدينى المتشدد، وكونه عضوًا فى حزب “يهدوت هاتوراة”.
وظلت أيديولوجية “نحن وهم” تتحكم فى وزارة الصحة، ما اضطر معه الأمن الإسرائيلى إلى إحكام السيطرة على أماكن تجمعاتهم خاصة في مدينة “بني براك”، ما دفع بعض رجال الدين المعتدلين لإصدار فتاوى من نوعية أن الحفاظ على الحياة يمثل قيمة عليا فى مبادئ التدين، ولإنقاذ الحياة يمكن أن يرتكب اليهود “كل أنواع الخطايا إلا الثلاث الكبرى:”القتل والشرك والفسق”، وأن الإغلاق المؤقت للكنس من أجل حماية المجتمع بأكمله، هو أمر تُجيزه الشريعة اليهودية.
وبينما تحصد الإصابات بفيروس كورونا آلاف الإسرائيليين، إذا بقادة الحريديم يحذرون من مغبة إغلاق المدارس الدينية “اليشيفوت” والمؤسسات التعليمية التابعة لهم، زاعمين أن ذلك سيؤدى إلى تسرب آلاف الطلاب؛ مما يؤدى إلى ضعف العقيدة، بغض النظر عن الوضع على المستوى الصحى والاقتصادى والاجتماعى.
وتناقلت الأخبار تلقى المتدينين رعاية طبية من قِبل مبادرات وشبكات سرية خلال الأشهر الماضية فى حى “مئة شعاريم”، وفى “بيت شيمش”، و”بني براك”، و”موديعين عيليت”، و”إلعاد”، و”أشدود”، ووجه بعضهم إلى عدم اللجوء للمستشفيات الإسرائيلية حتى لا تصل الاحصاءات لوزارة الصحة.
4- ارتفاع معدلات البطالة
كان ارتفاع معدلات البطالة أحد نتائج أزمة تفشى فيروس كورونا، حيث تجاوزت البطالة فى إسرائيل نسبة 23% مقابل 3.9 % قبل بداية الأزمة، ما ينذر بوضع كارثى قد تستمر تبعاته لأكثر من عشر سنوات قادمة بحسب تقدير المحللين الاقتصاديين.
وما زاد الأمر خطورة، عدم تصديق الحكومة الإسرائيلية على ميزانية العام الحالى ، وتعاملها مع أزمة غير مسبوقة كهذه وفقًا لميزانية العام الماضى، مع تراجع الدخل العام بسبب الإجراءات الوقائية، وزيادة النفقات دعمًا لمتضررى الإغلاقات.
وبينما تتعامل الحكومة الإسرائيلية وفقًا لنموذج الإجازات طويلة الأجل، اقترح بعض الخبراء الاقتصاديين اتباع نموذج دول التعاون الاقتصادى والتنمية فى احتفاظ العمال بوظائفهم مع تقليل ساعات العمل، وتقليل نسبة الرواتب واشتراك الحكومة مع صاحب العمل فى تحمل تكلفة الأجور، مما تقل معه نسبة البطالة على الرغم من العمل الأقل.
استشراف الأوضاع الاجتماعية داخل إسرائيل 2021
فى ضوء ما سبق، فمن المتوقع أن يشهد العام 2021 مايلى:-
أ‌- استمرار تداعيات أزمة الكورونا، خاصة مع بدء ظهور السلالة الجديدة على بعض المصابين.
ب‌- إستمرار أزمة عدم تمرير الميزانية، والتى ستنعكس على نسب البطالة.
جـ- التفكك الاجتماعى وغياب المساواة فى التعاطى مع القضايا العامة، والفجوات الاقتصادية بين القطاعات المختلفة، والفروق الواضحة على أساس انتماءات قومية أو إثنية، هي قضايا جوهرية تهدد المجتمع الإسرائيلى بالانهيار من الداخل.
د- التغيرات الاجتماعية والديموجرافية فى المجتمع الحريدى، والصراع الدينى العلمانى، والتوترات بين المتدينين والسلطات الحكومية قد يؤدى إلى تغيير وجه إسرائيل بشكل عام، خاصة فى ظل الأزمات السياسية الداخلية.
هـ- استمرار التضارب بين مصالح نتنياهو الشخصية والتزاماته الجماهيرية كرئيس للحكومة، سيفقده الثقة الشعبية التى كان يحظى بها، ولن تفلح مساعى التطبيع مع الدول العربية فى الحفاظ على مكانته أو ضمان فوزه فى الانتخابات القادمة، فالمواطن الإسرائيلى الذى يواجه الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وموجات الغلاء الشرسة، لا يعبأ بخطوات من شأنها دعم شخص أوشك على السقوط.
ثالثًا: اقتصاد إسرائيل 2020 بين مطرقة كورونا وسندان الصراعات السياسية
يمر اقتصاد إسرائيل بفترة وصفها الخبراء بأنها الأسوء منذ إعلان قيام الدولة ووصف الحكومة بـ”الفاشلة” لأنها لم تُحسن إدارة الأزمة، من حيث تدنى معدلات الإنتاج وارتفاع العجز وتنامى أعداد العاطلين عن العمل بصورة غير مسبوقة، في ظل انتشار وباء “كورونا”، وقرار الحكومة الإسرائيلية بفرض إغلاق شامل في البلاد_هو الثالث لها_ على مدار العام الحالى.
وبحسب بيانات المكتب المركزى للإحصاء التابع لوزارة المالية الإسرائيلية، تم تسجيل عجز تراكمى فى ميزانية الدولة تخطى 100 مليار شيكل،مما يؤدى إلى ركود وانخفاض في مستوى المعيشة، كما هو موضّح بالشكل التالى:
إنفوجراف يوضح الوضع الإقتصادى لإسرائيل - تصميم: نور حلمى
التعاون الدولى
من المتوقع أن يزيد حجم التعاون الدولى بين إسرائيل ودول أخرى بحلول عام 2021، فى مجال الصادرات، والمجال المصرفى، ومجالات التكنولوجيا الفائقة، والصناعات العسكرية فى ظل الرغبة الإسرائيلية فى السيطرة على مبيعات الأسلحة فى منطقة الخليج مع الولايات المتحدة حرصا على عدم سيطرة روسيا والصين عليها، ولضمان التفوق النوعى، بالإضافة إلى تحقيق أرباح طائلة تدعم الاقتصاد.
بينما حذرت ورقة بحثية صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى من رد فعل الصين تجاه إسرائيل بعد اتفاقات السلام التى أبرمتها مؤخرًا؛ حيث تتعارض طموحات إسرائيل أن تحل محل الصين فى المشروعات الاستثمارية بدول المنطقة، مع المصالح الصينية خاصةً، فى مجال البنية التحتية، وإنشاء المدن الذكية، لاعتبارات تمس الأمن القومى الأمريكى والإسرائيلى. وأوصت الورقة بضرورة حرص إسرائيل على “مثلث العلاقات” بينها وبين الصين والولايات المتحدة دون خسارة أى منهما.
المساعدات الاقتصادية الأمريكية لإسرائيل 2020-2021
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل حليفًا استراتيجيًا لها فى منطقة الشرق الأوسط، وبناءً على ذلك تقدم لها العديد من المساعدات، حيث دعمت الولايات المتحدة إسرائيل، بمبلغ 5 مليون دولار للعام المالي 2020. كما يدرس الكونجرس تقديم 5 مليون دولار للعام المالي 2021، لدعم الهجرات لإسرائيل، وكذلك تقديم مبلغ 10 مليون دولار من أجل دعم يهود إثيوبيا بإسرائيل لعام 2021.
كما تطمح إسرائيل فى جنى مكاسب كبيرة فى قطاعى السياحة والطيران؛ قد تصل إلى 300 ألف مسافر فى السنة الأولى، وحتى نصف مليون فى السنة الثانية. بالإضافة إلى أن الطيران المباشر من تل أبيب إلى الخليج، سيتيح لإسرائيل الطيران مباشرة إلى دول آسيا والشرق الأقصى دون اللجوء إلى محطات انتقالية؛ مما يعنى إتاحة الفرص لإقامة أسواق جديدة في منطقة الشرق الأقصى.
البورصة وسوق المال
مما لا شك فيه أن تداعيات أزمة كورونا على النظام المصرفى ستظهر من خلال حدوث خسارة إجمالية فى القطاع المصرفى فى عام 2021، وذلك بعد تسجيل النظام المصرفى عائدًا سلبيًا على رأس المال يقارب 1٪، مع توقعات بتسجيل عائدًا صفريًا على رأس المال.
تأتى توقعات البنك المركزى فى إسرائيل على الرغم من تسجيل البورصة عائدات فى النصف الثانى من عام 2020، بلغت نحو 73.5 مليون شيكل، بزيادة قدرها 17٪ مقارنة بإيرادات 62.9 مليون شيكل فى الفترة المقابلة من العام الماضى، كما يُرجع عدد من المحلين عدم انهيار الشيكل إلى تدخل البنك المركزى، واستجابته للتطورات المتوقعة للمستثمرين.
وتعزى معظم الزيادة فى الإيرادات إلى زيادة أحجام التداول بالبورصة عقب تفشى فيروس كورونا، إضافة إلى زيادة الإيرادات من خدمات توزيع المعلومات والربط. في المحصلة النهائية، سجلت البورصة ربحًا صافيًا بلغ حوالى 10 ملايين شيكل، أى قفزة بنحو 300٪ مقارنة بأرباح بنحو 2.5 مليون شيكل فى 2019.
الخلاصة
فشلت الحكومة الإسرائيلية فى احتواء الأزمة الناجمة عن تفشى وباء كورونا لعدة أسباب أهمها: تغليب المصلحة السياسية، وعدم الأخذ بتوصيات الخبراء الاقتصاديين. كما أنها أغدقت فى الوعود بحزم ومساعدات مالية كبيرة للجمهور، الأمر الذي تسبب فى حالة من الغضب الجماهيرى، عندما فشلت الحكومة فى الوفاء بعهدها.
ومن الملفت أن انعكاس عدم إقرار الموازنة كان له تأثيرا كبيرا على وزارة الدفاع وموازنة الجيش، لذلك يعد عدم إقرار قانون الميزانية، وانتشار كورونا خطراً مالياً يهدد تمويل الجيش بسبب التكاليف المباشرة وغير المباشرة على الميزانيّة . وفي حال استثمرت الحكومة مبالغ ضخمة لإحياء الاقتصاد بعد احتواء الوباء، ستتأثر ميزانيّات الجيش وخططه طويلة المدى، خاصّة خطّة (تنوفا)، وهذا مع استمرار التحديّات الإستراتيجيّة في البيئة الإقليميّة المحيطة بإسرائيل.
أمير إيشل – صورة أرشيفية
وكما أشار مدير عام وزارة الدفاع، اللواء احتياط “أمير إيشل” مؤخرا، فإن ملاءمة عمليات التأهيل، بما في ذلك شراء وتلقي وإدراج منظومات قتالية أو طائرات جديدة، يستغرق وقتاً، وإسرائيل تستخدم جزءاً من طائراتها، _المروحيات مثلاً_ فيما يتجاوز ما يقصده المنتج.
لم يؤدِّ عدم إقرار قانون الميزانية، وتداعيات جائحة كورونا إلى منع وزارة الدفاع الإسرائيلية من إيجاد التمويل اللازم لتنفيذ خطة “تنوفا” فقط، بل أدى أيضاً إلى التعجيل ببعض البنود التقشّفية التي كان من المفترض أن يتم تنفيذها في مراحل لاحقة. فقد أعلنت قيادة سلاح الجو عن نيّتها إنهاء عمليات السرب الهجومي رقم 117، الذي يضم مقاتلات من نوع (إف-16)، ويقع مقرّه في قاعدة “رامات ديفيد” الجوية في الشمال، وذلك بهدف توفير النفقات، وضخّها لاحقاً في برنامج مقاتلات (إف-35).
رابعًا: المساعدات الأمريكية لإسرائيل فى المجال العسكرى
• تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل سنويا حوالى 59% من المساعدات العسكرية التى تقدمها لدعم الجيوش الأجنبية، وتمثل تلك النسبة 20% من مجمل إنفاق إسرائيل العام على الجيش، أما باقى الإنفاق، فيأتى من تبرعات “اللوبى الصهيونى”، ومن ميزانية الدولة.
• وفرت مذكرة التفاهم الأمريكية لعام 2016 مبلغ 3.3 مليار دولار، على هيئة مساعدات فى المجال العسكري خلال عام 2020، تستغلها إسرائيل فى تطوير أسلحتها العسكرية، وكذلك الحصول على أحدث المعدات العسكرية الأمريكية. وطبقًا لمذكرة التفاهم ستحصل إسرائيل على المبلغ نفسه لعام 2021.
• حصل برنامج الدفاع ضد الصواريخ الإسرائيلى على 500 مليون دولار للعام المالى 2020_كما تم رصد المبلغ نفسه لدعم تلك المنظومة للعام المالى 2021 أيضًا_؛ لرفع كفاءة الجيش الإسرائيلى أمام الهجمات الصاروخية من “حزب الله” أو الصواريخ الباليستية الإيرانية، حيث تُعد منظومات الدفاع ضد الصواريخ صناعة مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ويوضح الإنفوجراف التالى توصيف تلك المساعدات:-
إنفوجراف لمجموع المساعدات الأمريكية لمنظومات الدفاع - تصميم: محمد بهاء
• يدرس الكونجرس الأمريكى توفير دعم إضافى لإسرائيل من برنامج المساعدات الأمريكية بمبلغ 47 مليون دولار لمكافحة الأنفاق، حيث يُعد مخزون الأسلحة الأمريكى بإسرائيل أهم اشكال الدعم غير المباشر لإسرائيل، والتى اعتمدت عليه إسرائيل عدة مرات، آخرها عام 2014 أثناء عمليات الجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة، ويقدر حجم الذخائر الأمريكية في إسرائيل بمبلغ 3.4 مليار دولار.
• قامت الولايات المتحدة الأمريكية بوضع بروتوكول دعم لإسرائيل، للفترة من عام 2020 إلى عام 2024، بواقع 25 مليون دولار لكل عام مالى. ويهدف البروتوكول لمكافحة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بالشرق الأوسط، التي تمثل تهديدًا لإسرائيل والولايات المتحدة. مولت الولايات المتحدة إسرائيل فى إطار البروتوكول، بمبلغ 13 مليون دولار للعام المالى 2020، على أن تتلقى إسرائيل دعمًا لذلك المجال بمبلغ 25 مليون دولار للعام المالى 2021.
أثر المساعدات الأمريكية على الشرق الأوسط، واستشراف سياسات بايدن 2021
1- باتت المساعدات الأمريكية العسكرية لإسرائيل بمثابة ضمانة التفوق العسكرى بالشرق الأوسط، وتعتبر إسرائيل من أكثر الدول المصدرة للتكنولوجيا العسكرية فى العالم، حيث تصدرها للعديد من الدول منها الولايات المتحدة نفسها.
2- حقق الجيش الإسرائيلى نوعًا من التفرد والاستقلالية عن أحداث إسرائيل السياسية، حيث قام وزير الدفاع الإسرائيلى “نفتالى بينيت” فى مطلع 2020، بالتعاون مع رئيس الأركان “أفيف كوخافى”، بإعلان إطلاق خطة “تنوفا” العسكرية. وقد حدث ذلك الأمر بمعزل عن أى بروتوكول سياسى، أو حتى تنسيق مع وزارة المالية، نظرًا لعدم تمرير الميزانية نتيجة الأزمة السياسية الراهنة فى إسرائيل.
3- رغم مساعى بعض أصوات الديموقراطيين بالكونجرس لوضع ضوابط وشروط للمساعدات الأمريكية لإسرائيل عام 2020، إلا أنه من غير المنتظر أن تتعامل إدارة “بايدن” مع إسرائيل بسياسة تختلف عن الإدارات السابقة إن لم تكن أفضل؛ حيث يتضح أن المساعدات الأمريكية التى يدرسها الكونجرس لإسرائيل لعام 2021، أكبر من التى حصلت عليها لعام 2020، خصوصًا بالمجال العسكرى. كذلك من أهم أسباب ثبات سياسة الدعم الأمريكى لإسرائيل فى عهد “بايدن”، اعتماده على كتلة اليهود التصويتية.
4- ويتضح أنه على قائمة أولويات بايدن خلال 2021، إعادة الاستقرار للسياسة الداخلية الإسرائيلية، عن طريق توفير الدعم ليهود الفلاشا كأقلية مهمشة تسببت فى اضطراب الأوضاع مؤخرًا، ومن المتوقع أيضًا إحياء مفاوضات حل الدولتين بهدف تهدئة الأوضاع، والضغط على إسرائيل لتحسين سياستها تجاه الشعب الفلسطينى.
خامسًا: القضايا محل اهتمام الإعلام ومراكز الفكر فى إسرائيل وتقديراتها المستقبلية لعام 2021
تركزت اهتمامات الإعلام ومراكز الفكر الإسرائيلية على عدد من القضايا المؤثرة على أمن مصر القومى، والتي نستعرض في المحاور التالية مستقبل عينة من أبرز تلك القضايا التي ستلقي بظلالها في عام 2021، وذلك على النحو التالي:
أولاً: عينة من القضايا محل الاهتمام الإعلامي
اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل برعاية أمريكية – صورة أرشيفية
1- مستقبل التطبيع بعد توقيع “اتفاقيات إبراهيم” :
غلب الاتجاه السلبي على تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية لمستقبل التطبيع بين مصر وإسرائيل بعد توقيع “اتفاقيات إبراهيم” مع الدول العربية الأربع (الإمارات، البحرين، السودان، المغرب)، فيما تركز الطابع الإيجابي على الاعتراف بأنه من دون اتفاقية السلام مع مصر والأردن لما كانت هناك اتصالات للاتفاقيات مع دول الخليج، وأن مصر لاتزال تحتفظ بمكانتها الإقليمية ولن تحل الأطراف الخليجية مكانها في إدارة ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على وجه التحديد.
في ضوء تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي لواقعة صورة الممثل محمد رمضان مع عومير آدم المغني الإسرائيلي أثناء تواجده في دبي باعتبارها دراسة حالة، خرجنا بالنتائج المستخلصة التالية:
-بات صانع القرار الإسرائيلي على قناعة من أنه من السابق لآوانه الاحتفال بتحريك المياه الراكدة بدعم التطبيع الشعبي مع إسرائيل من قبل القيادة السياسية المصرية رغم رصد تعامل الإعلام المصري المتباين مع واقعة صورة رمضان وآدم عومير.
محمد رمضان وعومير آدم فى دبى – أرشيفية
– حيث يبقى دفء العلاقات مرهون بتحريك عجلة السلام مع الفلسطينيين، وتغيير مناهج التعليم بما يتفق مع التوجهات والثقافة الإسرائيلية الرامية لتجميل الصورة وقلب الحقائق بالتشويه.
2- تطلعات تركيا لتوطيد العلاقات مع إسرائيل:
غلب الطابع السلبي على اتجاهات الأقلام الإسرائيلية لتحريك المياه الراكدة بين تركيا وإسرائيل، فيما تركز الاهتمام على أسباب تحول الموقف التركي ودعوات رجب طيب إردوغان الصريحة بإقامة علاقات أفضل مع إسرائيل، والتأكيد على استئناف المحادثات على المستوى الاستخباراتي بين الجانبين.
حيث أرجعت السبب في ذلك إلى أن إردوغان قد أدرك قواعد اللعبة بأن إسرائيل باتت في وضع أفضل يسهل عليها بناء تحالفات سياسية جديدة، وأن الطريق إلى قلب أمريكا يبدأ من إسرائيل، محاولاً في ذلك اتخاذ التحالف القديم-الجديد بين إسرائيل وتركيا نموذجًا، حيث شهد أيامًا أفضل، ولا تزال تركيا تحافظ حتى اليوم على علاقات اقتصادية مستمرة مع إسرائيل.
في ضوء تحليل الإعلامي الإسرائيلي حول تقديرات الموقف ازاء الاستجابة لدعوات إردوغان بتحسين العلاقات مع إسرائيل، خرجنا بالنتائج المستخلصة التالية:
رجب طيب أردوغان – أرشيفية
– يعود التقارب التركي مع إسرائيل هذه الآونة انطلاقًا من الوضع الاقتصادي والسياسي لتركيا، أمام دول أوروبا والولايات المتحدة الذي ليس في أفضل حالاته.
– مخاوف إردوغان بشأن إدارة بايدن الجديدة، أكثر من ترامب بشأن حقوق الإنسان، وتشديد العقوبات على أنقرة. وهو ما يؤخذ ضمن دوافع رغبته في التقارب مع إسرائيل.
– يبقى تطور العلاقات الإسرائيلية – التركية وعودتها إلى سابق عهدها مرهون بالمصالحة بين تركيا ودول الخليج وتخلي أنقرة عن جماعة الإخوان، حيث يظل التوجس الإسرائيلي والخليجي من دعم تركيا لجماعة الإخوان عائقًا يحول دون ذلك حيث لا خيار أمام تركيا سوى التخلي عن دعم الإخوان لعدم تفويت فرصة الاستفادة من التعاون الاقتصادي مع إسرائيل وحلفائها في مجال الطاقة.
– حيث يمهد منتدى غاز شرق المتوسط الطريق لإسرائيل لمزيد من التعاون مع مصر والبحرين والإمارات والمغرب والسودان والولايات المتحدة في مجال الطاقة.
ثانيًا: عينة من القضايا محل اهتمام مراكز الفكر
1- مكاسب إسرائيل من مصر وتحالفات البحر الأحمر:
في ضوء الرياح الدافئة التي تهب باتجاه إسرائيل أيضًا من البحر الأحمر، نستعرض خلاصة التقديرات الإستراتيجية على النحو التالي:
إسماعيل خالدى – أرشيفية
– تنبع أهمية إثيوبيا بالنسبة لإسرائيل جزئيًا من قدرتها على استعمالها كحليف في الحفاظ على حرية الملاحة في جنوب البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعيين إسماعيل خالدي سفيراً لإسرائيل لدى إريتريا في يوليو 2020 يخلق فرصة لتحسين العلاقات.
– تثير “اتفاقيات إبراهيم” أهمية البحر الأحمر في نظر إسرائيل من الناحية الأمنية، حيث تمنحها فرصة للمشاركة بشكل فعّال في الحفاظ على حرية الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مع التعاون الأمني مع الدول والمناطق التي يوجد فيها تواجد إماراتي – إريتري وأرض الصومال الجديد وجنوب اليمن.
– يمنح دفع التطبيع قدمًا مع السودان إسرائيل للتعاون معها ومع مصر في مراقبة الوسائل القتالية والعناصر الإرهابية التي تتحرك من ليبيا ومنطقة الساحل إلى سيناء وإلى إسرائيل.
– على الجانب الشرقي من البحر الأحمر، تستمر مظاهر التقارب مع السعودية، وهو ما ظهر فى نشر لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع ولي العهد محمد بن سلمان في مدينة نيوم الشهر الماضي.
ويأتي ذلك في إطار الدفع الإسرائيلي نحو جذب السعودية إلى سلسلة الدول المشاركة في (إتفاقية إبراهيم) ولو على أساس البداية بلقاءات بين الشخصيات الهامة.
– تتيح “اتفاقيات إبراهيم” لإسرائيل فرصة إقامة علاقات مع المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن، بدعم من الإمارات، لتعزيز علاقاتها مع مصر في القضايا المتعلقة بالبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.
– على المستوى البيئي، وقعت شركة خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية على مذكرة تفاهم مع شركة خاصة بملكية إسرائيلية – إماراتية مشتركة تقوم باستيراد النفط من الإمارات إلى محطة إيلات.
ومن هناك سيتم نقل الوقود إلى محطات الشركة في إشكلون، ومن بعد ذلك إلى عملاء الشركة في حوض البحر المتوسط. بمجرد توقيع الاتفاقية بين الشركتين سيزيد حجم الإبحار في البحر الأحمر. الأمر الذي يزيد من أهمية تحسين العلاقات الإسرائيلية مع دول الحوض.
 ومن المتوقع أن يمثل البحر الأحمر الممر الأكثر أمناً وكثافة لمرور السفن بكافة أنواعها من إسرائيل وموانئ البحر الأبيض المتوسط إلى الإمارات والعكس.
جلسة لمنتدى غاز شرق المتوسط – أرشيفية
التطلعات المستقبلية لإسرائيل تتمثل فيما يلي:
– عرض إستفادة دول المنطقة في خبراتها في مجالات الزراعة والأمن الغذائي ومكافحة الجراد والأمن المائي والطاقة المتجددة.
– تفهمها أن الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وشمال البحر الأحمر، قد يصبح في المستقبل منطقة جيوسياسية واحدة، بسبب التحالفات بين السعودية ومصر والإمارات مع إسرائيل، التي تعمل في كلا المنطقتين.
وبسبب احتياطيات الغاز الطبيعي، وأنه إذا استمرت هذه العملية، فستلعب إسرائيل دورًا رئيسيًا كجسر بري يربط بين المنطقتين (حوض البحر الأحمر والمتوسط).
2- التحول في استراتيجية التنظيمات التكفيرية بسيناء:
تتحسب إسرائيل لتغيير التنظيمات التكفيرية بسيناء لاستراتيجيتها في العقد المقبل، حيث تأتي هذه التقديرات على خلفية تنفيذ تنظيم “ولاية سيناء” في الأشهر الأخيرة لعمليتين في 19 نوفمبر2020، حيث تم تفجير أنبوب الغاز من إسرائيل إلى مصر مرة أخرى، وفي 21 يوليو 2020، تم تنفيذ هجوم مشترك على قاعدة عسكرية في منطقة رابعة.
وهو مايشير وفق تقديرات مراكز الأبحاث الإسرائيلية إلى تغيير في استراتيجية التنظيم وتحوله من الدفاع والبقاء إلى المبادرة بالمساس بالاقتصاد المصري والحكومة – بما في ذلك المساس بقناة السويس والسياحة في سيناء.
وهو ما قد يخلق تحولاً في ترتيب أولويات تلك التنظيمات في سيناء ويضع إسرائيل كوجهة أخرى للنشاط، إلى جانب تركيز جهوده الرئيسية على الجيش والمدنيين المصريين.
وقد خلصت تقديرات مراكز الفكر الإسرائيلية إلى أن التنظيمات التكفيرية في مصر تنتقل من الدفاع إلى الهجوم، وبمجرد إعادة فتح الحدود مع سيناء، قد يكون الإسرائيليون الذين يغمرون شواطئ سيناء هدفًا أيضًا، ويجب على إسرائيل الاستعداد لهذا الاحتمال الآن أكثر من أي وقت مضى.
سادسًا: السلام والمصالحة الفلسطينية 2020 – 2021
بات عام 2020 عام توتر العلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة؛ حيث قطع الرئيس الفلسطينى “محمود عباس” علاقاته مع إدارة الرئيس “ترامب”، وقطع التنسيق الأمنى مع إسرائيل، إلا أن نهاية العام شهدت عودة التنسيق الأمنى مرة أخرى، كما شهدت حراكًا إقليميًا ودوليًا للعودة إلى مسار المفاوضات وحل الدولتين، وسط ارتياح فلسطينى رسمى من انتهاء فترة ولاية إدارة “دونالد ترامب”.
يعتبر عام 2020 للفلسطينيين عامًا مليئًا بالأزمات، وبالاجتياحات الإسرائيلية، والاستيطان والاعتقالات، وهدم المنازل وغيرها، على أرضية مخطط الضم الإسرائيلى وصفقة القرن التى طرحها الرئيس الأمريكى “ترامب”، والتى تشمل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية دون سيادة، ودون حدود عام 67 مع ضم المستوطنات والأغوار لإسرائيل.
وقد تزامنت صفقة القرن مع تجفيف أمريكى للمساعدات المالية للفلسطينيين، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، ويُضاف إلى تلك الأزمات أيضًا، تداعيات أزمة “كورونا” الصحية، التى جاءت هى الأخرى بمزيد من الأزمات الاقتصادية الحادة التى زادت من تفاقم الأوضاع.
حل الدولتين واستئناف المفاوضات
وأشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالخطوة الفلسطينية، وأبدت استعداد بلادها لعقد اجتماع لمجموعة ميونخ (ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن) تشارك فيه فلسطين وإسرائيل. واستطاعت مصر والأردن من خلال وزيرى الخارجية طرح مبادرة لعقد مؤتمر للسلام مع بداية عام 2021، بناءً على قرارات الشرعية الدولية، وحظيت هذه المبادرة بتأييد ألمانيا وفرنسا باعتبارهما يمثلان الاتحاد الأوروبى.
ومما لا شك فيه أن الحراك على مستوى الخارجية بين الدول الثلاث (مصر والأردن وفلسطين) ولقاءات القمة بينهم، شكلت ما يشبه الترويكا بين الدول المذكورة، والتى أضفت زخمًا لعودة المفاوضات على أساس حل الدولتين، والشرعية الدولية، ومن شأن ذلك حماية القضية الفلسطينية بالمرحلة المقبلة، بدلاً من محاولات دفنها وتحويلها إلى “سلام مقابل السلام” وفقًا لرؤية رئيس الوزراء الإسرائيلى المدعوم من إدارة “ترامب”.
وفى التقدير اتجاه الإدارة الأمريكية الجديدة نحو إرضاء الفلسطينيين عبر إعادة المساعدات، واستئناف عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، وفتح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية للفلسطينين؛ لإعادة مسار المفاوضات الثنائية برعاية أمريكية، والتى تهدف إلى استقرار المنطقة لذى لن يحدث إلا من خلال إيجاد حلاً عادلاً للقضية الفسطينية، فى ظل تشابك القضايا بالمنطقة، وتداخل قوى أخرى لها مصالحها وتواجدها العسكرى مثل (روسيا وإيران وتركيا).
ومن المرجح أن يتمسك الجانب الفلسطيني بالإطار الدولي الجامع للمفاوضات، لكن فى النهاية سنجد أنفسنا أمام إطار ثلاثى (فلسطينى- أميركى- إسرائيلى)،بالإضافة إلى مصر والأردن، مع وجود الرباعية الدولية والاتحاد الأوروربى، دون الانخراط الكامل بسبب المعارضة الأمريكية.
إسماعيل هنية ومحمود عباس – صورة أرشيفية
المصالحة
شهدت الأوضاع على الساحة الفلسطينية خلال عام 2020 تنسيقًا بين القوى والفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها “فتح” و”حماس” فى عدة عواصم (أنقرة – الدوحة – بيروت – دمشق – واخيرًا القاهرة)، التى استضافت عدة محادثات على مدار 13 عامًا مضت، آخرهم اتفاق 2017.
إلا أن استئناف العلاقات مع الجانب الإسرائيلى كانت مبرراً لعدد من الفصائل للتراجع، وتوجيه الاتهامات للسلطة وحركة فتح، بالرغم من أن انتخابات 2006 كانت فى ظل هذه الاتفاقيات، وبوجود التنسيق الأمنى مع الجانب الإسرائيلى، وشاركت فيها معظم الفصائل، ومنهم حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
نشير إلى أن هناك أسباباً داخلية كثيرة قد تعرقل مسار محادثات المصالحة التى وصلت للاتفاق على نقاط هامة، ومنها الانتخابات بالتمثيل النسبى، وبدء مسار ديمقراطى للمؤسسات الفلسطينية، حيث أن المعارضة الداخلية فى حماس تخشى من خسارة المكاسب التى حققتها عبر سيطرتها على غزة، بالإضافة إلى المصالح التى تكونت طوال الفترة الماضية، وكذلك الضغوط التى تُمارسها إيران وقطر وتركيا على أجنحة محددة داخل حماس للتحكم فى قراراتها.
رؤية للقضية الفلسطينية 2021
من المتوقع أن يشهد عام 2021 حراكًا دوليًا أكثر كثافةً للتهيئة لاستئناف العملية السلمية، وبناء علاقات أكثر استقرارًا مع الولايات المتحدة، وسيعود الدور المصرى أكثر تأثيرًا، لاسيما بعد انتهاء مشروع “ترامب” الذى أعطى دورًا لبعض القوى الإقليمية لممارسة أدوار سلبية بالساحة الفلسطينية؛ تحقيقًا لأهداف إسرائيلية تخدم صفقة القرن.
وعلى صعيد الوضع الداخلى، فمن المُرجح أن مسار الانتخابات سيكون هو المسار الحاكم، وخيارًا دوليًا لإعادة قطاع غزة كجزء أساسى تحكمه سلطة فلسطينية منتخبة، وستضطر حماس إلى إعادة تنظيم رؤيتها فى إطار أى مشروع جديد متفَق عليه دوليًا، خصوصًا أنها قد تشهد انحسارًا فى تركيا فى ظل مساعى “أردوغان” لإعادة العلاقات مع إسرائيل.
إعداد الباحثين:
أ. محمد وازن
أ. نيفين أبو حمده
د. وفاء أبو المكارم
أ. محمد بهاء
د. رانيا فوزى
أ. عبدالمهدى مطاوع
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version