سجل الاقتصاد الإسرائيلي نتائج إيجابية طفيفة نهاية الشهر الماضي بعد عودة الحياة تدريجيًا، ولكن سرعان ما فقد الاقتصاد هذا التقدم مع تعرض إسرائيل لموجة ثانية من انتشار فيروس كورونا، الأمر الذي أثر سلبًا على المؤشرات الاقتصادية وأدي إلى تراجع توقعات النمو في المستقبل القريب. وعلى الرغم من ذلك لا تنوي الحكومة الإسرائيلية العودة مرة أخري للإغلاق الشامل، واكتفت  باتخاذ حزمة من الإجراءات لتيسير الأعمال ومساعدة الشركات المتعثرة.

  • على صعيد التعاون الدولي والإقليمي؛ أعلنت شركة “إسرامكو” المسؤولة عن حقل “تمار” أن تدفق الغاز الطبيعي من حقل “تمار” إلى شركة “دولفين” المصرية، والذي كان مخططًا له الأول من يوليو 2020، سيتأخر لعدة أسابيع دون تحديد موعد محدد[1].
  • وفي إطار التطورات التي تشهدها العلاقات الإسرائيلية الخليجية؛ أشارت دراسة نشرها مركز “بيجن – السادات” للدكتور “جيمس إم. دورسي” الباحث في شؤون الشرق الأوسط؛ إن إسرائيل أثبتت لدول الخليج أنها شريك موثوق به في بعض النواحي أكثر من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا. ويعتقد دورسي أن الأزمة الاقتصادية الحالية من جراء جائحة “كورونا” يمكنها أن تساهم بشكل ملحوظ في بلورة التعاون الخليجي مع إسرائيل، بل ودفع دول الخليج إلى توقيع عقود تعاون مع إسرائيل طويلة الآمد. جاء هذا التوجه الإسرائيلي بالتوازي مع انفتاح المملكة السعودية على جميع الأطراف، واتجاهها لشراء أسلحة من روسيا والصين، غير أن إسرائيل تتميز عنهم بالرؤية المشتركة لها مع دول الخليج تجاه إيران[2].
  • تناولت دراسة نشرها “معهد دراسات الأمن القومي” التعاون الإسرائيلي الصيني في مجال البنية التحتية، وخطر هذا التعاون على الأمن القومي الإسرائيلي والمصالح الأمريكية في المنطقة. وأشارت الدراسة إلى أن الشركات الصينية انخرطت في مشروعات البنية التحتية في إسرائيل على مدى العقد ونصف العقد الماضيين، وعلى الرغم من المكاسب الاقتصادية إلا أن المخاوف زادت على مر السنين من هذا التعاون. ولكنها تعتمد على أن جميع الشركات الصينية مرتبطة بالحكومة الصينية، وبالتالي فتوجهاتها ليست لاعتبارات اقتصادية استثمارية فقط، ولكن أيضًا لاعتبارات الجغرافيا الاستراتيجية للحزب الشيوعي الصيني، التي تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة. بالإضافة إلى أن الاستراتيجية الصينية تقوم على تكامل الجهود العسكرية والمدنية، واستخدام البنية التحتية المدنية للأغراض عسكرية. عالجت إسرائيل هذه الإشكالية من خلال سن قوانين تتيح للحكومة من خلال شركات محلية الدخول في مثل هذه المشاريع، وسن قانون الإشراف على الاستثمارات الأجنبية. وتهدف إسرائيل من ذلك تحسين عمليات الرقابة والإشراف على مناقصات البنية التحتية منذ البداية، من أجل تقليل المخاطر الأمنية وإنقاذ الأزمات المحتملة ضد الولايات المتحدة بالإضافة إلى عدم الوقع في المزيد من الإحراج مع الصينيين[3].
  • اهتمت الدوائر البحثية في إسرائيل بتوضيح وجهة النظر الصينية تجاه هذا الموضوع فأشارت دراسة أخري صادرة عن مركز دراسات الأمن القومي أن الصين تدرك جيدًا العلاقات الاستراتيجية العميقة لإسرائيل مع الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، على مر السنين، تم الحفاظ على الموقف الإيجابي للشعب الصيني تجاه اليهود، وتم تعزيز صورة إسرائيل في الحزب الصيني ولدى الجمهور الصيني كدولة قوية ومبدعة يمكن من خلالها دراسة الابتكار والتكنولوجيا. من وجهة النظر الصينية؛ فإن إسرائيل ليست في قلب صراع القوى العظمى، كونها حليفة قوية وكلاسيكية للولايات المتحدة، ولكن لا يجب ألا يمنع هذا تطور العلاقات التجارية على أساس مدني. فالصين لديها علاقات موازية مع دول معادية في الشرق الأوسط، مثل إيران والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، وتفصل بين المواقف والبيانات السياسية وبين النشاط الاقتصادي والتجاري.

إلى جانب الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية الخاصة مع الولايات المتحدة، تحتاج إسرائيل إلى فهم المنظور الصيني، وتحديد مساحات المرونة الخاصة بها وتجنب التصريحات غير الضرورية والإجراءات الاستفزازية التي قد تضر بالعلاقة الدقيقة التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة مع الصين[4].

  • سوق المال؛ شهد سعر صرف العملة المحلية انخفاضًا كبيرًا في بداية الأزمة، بسبب هروب رأس المال الضخم الناتج عن حالة من الذعر وعدم اليقين لدى المستثمرين بشأن تأثير الأزمة. في الوقت نفسه، تدخل البنك المركزي بشكل مكثف وباع العملات الأجنبية إلى حد كبير لخفض سعر صرف الدولار. ومنذ ذلك الحين، استمر الدولار في الضعف وهو الآن عند مستوى أدنى من الأزمة السابقة. كل هذه العوامل دفعت خبراء الاقتصاد الإسرائيليين يوصون بضرورة تشجيع النشاط الاقتصادي في إسرائيل، عن طريق خفض قيمة العملة المحلية عن طريق السياسة النقدية والإشارة إلى نية الحفاظ على سياسة تضعف العملة المحلية[5].
  • تطور أخر في سوق المال الإسرائيلي تمثل في انخفاض استثمارات الإسرائيليين في الخارج، والتي تمثل رافدًا أساسيًا للاقتصاد الإسرائيلي، غير أنه على أثر الأزمة المالية الأخيرة انخفض إجمالي رصيد الأصول الإسرائيلية في الخارج في الربع الأول من عام 2020 بنحو 4.3٪، حيث بلغ قيمته 21.3 مليار دولار في الربع الأول من عام 2020، من أصل 476 مليار دولار في نهاية شهر مارس. ويرجع هذا الانخفاض في الرصيد إلى انخفاض حاد في الأسعار بسبب أزمة كورونا، وخاصة في رأس المال، وفي محفظة الأوراق المالية في الخارج[6].
  • يواجه الاقتصاد الإسرائيلي ركودًا حادًا، ومن المتوقع أن ينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8,3٪ – أي سيكون النمو سلبيًا عند هذه النسبة – في حال حدوث تفشٍ ثانٍ لوباء كورونا في وقت لاحق من هذا العام6,2٪ إذا اختفى الوباء بحلول الصيف، وهذه هي النظرة القاتمة التي جمعها الاقتصاديون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للاقتصاد الإسرائيلي كجزء من تقرير التوقعات نصف السنوي للمنظمة.
  • وعلى الرغم من ذلك، أشاد خبراء الاقتصاد بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالسياسة الاقتصادية التي يتم اتخاذها، وأفادوا أن الحكومة الإسرائيلية والبنك المركزي قد اتخذا الإجراءات المناسبة لدعم الأسر وتوفير السيولة للشركات، ومع ذلك، يعلنون أن السياسة المالية يجب أن تظل داعمة حتى يسير الانتعاش على المسار الصحيح. أي أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تشير أيضًا إلى أن تخفيضات الميزانية وزيادة الضرائب أمر غير مرغوب فيه في الوقت الحاضر[7].
  • تؤثر الأزمة الاقتصادية الحالية على سوق الصناعات الأمنية العالمي، وفي إسرائيل تساهم الصناعات الأمنية بصورة كبيرة وداعمة للاقتصاد، ولكن مع بداية الأزمة الحالية تأثر سوق الصناعات الأمنية المحلي الدفاع المحلي بصورة لا تدعو للتفاؤل كما كان من قبل، عندما حطمت مبيعات صناعة الدفاع رقمًا قياسيًا في 2018 وبلغت حوالي 10 مليار دولار في السنة. وتتطلب الأزمة الحالية منظورًا مختلفًا لعلاج الأزمة التي يمر بها هذا القطاع الحيوي. فالتغييرات السياسية المتوقعة في الفترة المقبلة، وأبرزها مسألة ضم مناطق من غور الأردن والضفة الغربية، قد يكون لها آثار كبيرة على هذا القطاع[8].

الخلاصة:

  • تُعد الصناعات الأمنية رافدًا رئيسًا من روافد الاقتصاد الإسرائيلي إلى جانب التكنولوجيا الفائقة، مؤخرًا استخدمت إسرائيل هذا القطاع الاقتصادي المهم في توطيد علاقاتها مع عدد من دول المنطقة ولا سيما مع المملكة العربية السعودية والأمارات المتحدة، مستغلة الفزاعة الإيرانية والرغبة المشتركة بينهم في التخلص من هذا العدو المشترك. تأثرت الصناعات الأمنية الإسرائيلية مؤخرًا بعدة عوامل منها السياسية المتمثلة في رغبة إسرائيل في ضم مناطق من الضفة الغربية وغور الأردن بصورة آحادية الجانب في ظل رفض الجانب الفلسطيني رفضًا تامًا الجلوس والتفاوض بهذا الشأن، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على التعاون الخليجي الإسرائيلي خاصة في ظل رغبة حكام الخليج باستقطاب الرأي العام المحلي الرافض للتطبيع الإسرائيلي، والذي يعاني حاليًا من زيادة في معدلات البطالة وأثار الأزمات الاقتصادية التي واكبت انتشار فيروس كورونا. ولذلك قد تكون الصناعات الأمنية أحد العوامل الضاغطة على إسرائيل للتراجع عن الضم في مقابل استكمال التعاون الاقتصادي مع هذه الدول.

أثرت الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا، والتي تتعرض لها إسرائيل حاليًا على مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي، وخفضت توقعات النمو، حيث ساهمت هذه الموجة في عدم العودة السريعة للأنشطة الاقتصادية المختلفة وعدم عودة العمال إلى وظائفهم. وعلى الرغم من ذلك فأن تعامل الحكومة والمجموعة الاقتصادية مع هذه الأزمة الآن مختلف عن ذي قبل، حيث أعلن وزير الاقتصاد الإسرائيلي أنه لا عودة للغلق الكلي مرة أخري، وأن الحكومة الإسرائيلية اختارت التعايش لإنقاذ معدلات الاقتصاد الآخذة في الانخفاض. خاصة في ظل ارتفاع العجز الكلي وعدم تمكن الحكومة حتى الآن على اعتماد ميزانية للعام الحالي في ظل خلاف سياسي واضح بين أطراف الحكومة قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية في حال استمراره.


[1] تأجيل صادرات الغاز لمصر وانخفاض عائدات تمار، موقع صحيفة “يديعوت آحرونوت”، بتاريخ: 24/6/2020.

[2]إم. دورسي، جيمس: إسرائيل تُشرق في الخليج، معهد بيجن-السادات، بتاريخ: 23 /6/2020.

[3]   عفرون، شيرا: التدخل الأجنبي في مشروعات البنية التحتية، مركز دراسات الأمن القومي، بتاريخ: 11/6/2020.

[4]  بروفر، ايل: الأزمة مع الولايات المتحدة- الرؤية الصينية، مركز دراسات الأمن القومي، بتاريخ: 18/6/2020.

[5] موقع ” bizportal” 22/6/2020.

[6]  انخفاض رصيد أصول الإسرائيليين في الخارج، موقع ” talniri”، بتاريخ: 23/6/2020.

[7]  منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتوقع نتائج سلبية للاقتصاد الإسرائيلي وانكماش بنسبة 8.3٪، موقع صحيفة “يديعوت آحرونوت”، بتاريخ: 10/6/2020.

[8] أزمة كورونا: تحد للصناعات الأمنية في إسرائيل، موقع “واللاه”، بتاريخ: 22/6/2020.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version