الأطماع التركية في ليبيا وأفريقيا 

أعلنت الأطراف المتنازعة بليبيا توافقها بشأن وقف جميع العمليات العسكرية بالدولة الليبية

في 21 أغسطس 2020 وسط ترحيب دولي وإقليمي، إلا أن تركيا التي نعرفها في العديد من قضايا الدول العربية لها موقف آخر، فمع أن تركيا الرسمية أعلنت الترحيب بالاتفاق، إلا أن ثمة حسابات أخرى للوضع الميداني من وجه نظر تركيا.

في هذه الورقة نلقى الضوء على الموقف التركي

ترى تركيا أن الغرب الليبي وميناء ومدينة طرابلس أصبحوا أقاليم تركية؛ حيث تم التعاقد مع شركة ” إس سي كي ” التركية لإدارة ميناء طرابلس لمدة 8 سنوات قابلة للتجديد، تقوم الشركة بموجب هذا الاتفاق بإنشاء قاعدة بيانات للميناء، وتصميم وإدارة ومراقبة مصدر جميع المنتجات المنقولة إلى هذا الميناء وكميتها من خلال برنامج إلكتروني، وهي مهام تؤمنها عادة الشركات المحلية وليس الأجنبية. ويعتبر ميناء طرابلس هو الصفقة الأكبر في تاريخ تلك الشركة حيث انها لا تدير سوى بعض الموانئ الصغيرة بأفريقيا،وتجدر الإشارة إلى أن صاحب هذه الشركة هو “محمد كوكا ياسا” أحد الأصدقاء المقربين للرئيس التركي.  أما مدينة طرابلس العاصمة فتتمركز بها حكومة الوفاق الحالية، والإدارة التركية للشأن الليبي في كافة الميادين العسكرية، الاقتصادية، والتجارية. ولاتقتصر أعمال الإدارة التركية على ليبيا فقط إنما تمتد لإدارة العلاقة بين تركيا والدول الأفريقية أيضا؛ إذ تنوي تركيا إقامة تمركزات صناعية وعسكرية بالغرب الليبي لخدمة أهدافها الحالية والمستقبلية بالقارة الافريقية الغنية بالموارد والثروات الطبيعية

 إضافة الى أن التواجد التركي بالفعل موجود في العديد من دول القارة الإفريقية سواء من حيث المؤسسات الرسمية أو التعليمية التي أنشأتها جماعة فتح الله جولن في العقود السابقة

إلا أن تركيا قامت بوضع يدها على جميع مدارس الجماعة ومؤسساتها التعليمية خارج تركيا والتي تجاوزت 140 مؤسسة تعليمية و17 سكنا للطلاب بأنحاء مختلفة من أفريقيا وقامت بإدارتها من خلال وقف “معارف” التركي وذلك بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016 والتي على اثرها تم تصنيف جماعة جولن جماعة إرهابية. يستثنى من ذلك المؤسسات الموجودة في بعض الدول مثل مصر، والولايات المتحدة، وألمانيا  التي لم تنجح الحكومة التركية في وضع يدها عليها.

كما أدى التوسع التركي بأفريقيا الى زيادة السفارات التركية الى 42 سفارة وقنصلية وازداد حجم التبادل التجاري الى 20 مليار دولار سنويًا.

ووصل عدد مكاتب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” الى 22 مكتب بالقارة السمراء

وبلغت الزيارات الرسمية رفيعة المستوى 500 زيارة في الفترة من 2015 إلى 2019.

 كل هذه المعطيات والدلائل تكشف لنا سر تمسك تركيا باحتلال ليبيا حتى وإن كان على حساب الشعب الليبي والمصالح القومية الليبية.  فالحزب الحاكم الآن يرى نفسه هو والقومية التركية وريثان للدولة العثمانية القديمة، ويعتبر أن ليبيا جزء من الدولة العثمانية ويجب استغلالها لخدمة الدولة التركية.

من هنا نري أن أنقرة لن تسمح بالهدوء الليبي قبل الحصول على ضمانات استراتيجية لنفسها، فتركيا تمر الآن  بوضع اقتصادي متدهور منذ 5 سنوات حيث تدهورت الليرة التركية أمام الدولار من 1.5 ليرة الى أكثر من 7 ليرات وهو التضخم الأكبر اقتصاديًا في تاريخ الدولة التركية الحديثة منذ نشأتها في 1923م ولذلك يرى الحزب الحاكم أن الخيار الوحيد أمامه هو احتلال جزء من ليبيا والسيطرة عليه والتوسع من خلال هذا الجزء إلى أفريقيا حيث الموارد والثروات الطبيعية.

فضلًا عن ذلك تنوي تركيا إقامة منتدى اقتصادي تركي أفريقي في أكتوبر 2020 ليكون امتدادًا للمنتدى الاقتصادي الأفريقي التركي 2018م.

والهدف الأساسي من إقامة هذا المنتدى هو حصول الشركات التركية على حقوق بيع الخامات والموارد الطبيعية الأفريقية والتعريف بالإدارة التركية الجديدة بليبيا.

هكذا ترى تركيا أن ليبيا وأفريقيا “لقمة سائغة” لها ولكن الدور المصري المتميز في المرحلة الحالية لصد النفوذ التركي في ليبيا وأفريقيا يجعلها في محاولات تفكير عديدة في كيفية حل الدور المصري بليبيا وأفريقيا لأنها تدرك أن العمق الاستراتيجي لمصر وأفريقيا هو عمق تاريخي وقومي منذ عقود طويلة.

 

 

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version