تشهد العلاقات الإيرانية ـ المصرية حالة من الترقب في ظل التوجه الإيراني الحالي للدخول في حوار مع القوى الإقليمية ووجود تحركات جادة منها نحو التقارب مع مصر على وجه التحديد، تستند إلى منطلقات جديدة، مفادها:

  • العمل على إرجاء طرح أو مناقشة قضايا الخلاف المعقدة بين القاهرة وطهران.
  • التخلي عن الشروط المسبقة في عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.
  • الوقوف على أسس تفاهم واتفاق جديدة تقود الجانبين إلى تنمية وتعميق مجالات التعاون الاقتصادي، وإيجاد أرضية مشتركة لتنمية العلاقات السياسية والدبلوماسية بينهماِ

مما سبق يتضح أنه إذا نجح الجانبان في تحقيق النقاط المشار إليها؛ فسوف يتمتع كل منهما بعدد وافر من المنافع السياسية والمصالح الاقتصادية والفرص الثقافية. فضلا عن أن تقاربهما، حتى لو كان على المستوى الاقتصادي فقط في المرحلة الراهنة، ستكون له انعكاسات إيجابية على العالم الإسلامِي. وسنعرض للتصورات الإيرانية في هذا الشأن على النحو التالي:

أولا: الأسباب التقليدية لتدهور العلاقات

يمكن توصيف تصورات إيران التقليدية للأسباب التي أدت إلى تدهور العلاقات بين القطبين المؤثرين بالشرق الأوسط، على النحو التالي:

  • توقيع الرئيس السادات معاهدة سلام مع إسرائيل، التي فتحت الباب أمام معظم الدول العربية لإجراء اتصالات بإسرائيل، لعبت القاهرة فيها دورًا محوريًا، استهدفت إقامة علاقات طبيعية بينهم وبين إسرائيل.
  • دفعت علاقة الرئيس السادات الوثيقة بالشاه، لأن يستضيفه في مصر؛ ويدخل في صدام سياسي مع الثورة الإسلامية.
  • مساندة الرئيس حسني مبارك لنظام صدام حسين طوال حربه ضد إيران.
  • تركيز مصر على حل قضايا الشرق الأوسط بطريقة تستهدف الحد من تنامي تيارات الإسلام السياسي؛ وضرب محور المقاومة بالمنطقة.
  • لعب مصر دورًا بارزًا في قيادة التيارات المعادية لإيران بين الدول العربية المحافظة، بوصفها مركزا للمصالح الغربية بالشرق الأوسط.
  • توجيه مصر اتهاماتها لإيران بدعم جماعات الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية في مصر والدول العربية.
  • تغليب مصر للرؤية الأمنية في إدارة علاقاتها مع إيران، ولذا فهي متشائمة دائما بشأن إعادة العلاقات معها.
  • تبنت مصر موقفا مضادة للمصالح الإيرانية أثناء الحملات الإعلامية التي دارت بينها وبين الدول العربية.
  • وجود تأثير لبعض الأطراف الثالثة على حدود الموقف المصري من إيران، وعلى راسها الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.
  • تبني جامعة الدول العربية، ومقرها القاهرة، سياسة عدوانية تجاه المواقف والسياسات الإيرانية على مدى السنوات الماضية.
العلاقات المصرية – الإيرانية – أرشيفية

وتكشف المدركات الإيرانية، التي تبلورت ملامحها بعد الإطاحة بالرئيس مبارك، في شتاء 2011م، أن ثمة تقاربًا نسبيًا في بعض وجهات النظر والمصالح المشتركة مع مصر حيال عدد من المسائل الاقتصادية والقضايا السياسية الأخرى المتعلقة بالشرق الأوسط والعالم الإسلامي، لا سيما التي تتعلق منها بقضايا الأمن الإقليمي. ومن ثم رحبت طهران بالإطاحة بحسني مبارك الذي كان الخصم الإقليمي القوي والحليف الاستراتيجي لأعدائها (الولايات المتحدة وإسرائيل) على الرغم من أن الإطاحة به قد أخضع ميزان القوى وهيكلها في الشرق الأوسط لتغييرات جذرية. وكرس المخاوف الأمنية لدى بعض الدول العربية الأخرى. ناهيك عن أنها خلقت ظروفا إقليمية غير مواتية لاستئناف العلاقات مع مصر.

وقد انعكست هذه الظروف غير المواتية أيضا على طبيعة الموقف الإيراني من تطور الأحداث الداخلية في مصر؛ إذ جاء موقف طهران من ثورة الثلاثين من يونيه، مرتبكا أكثر من كونه مستوعبا لحتميتها، إلا أنها سرعان ما حاولت استعادة التوازن، فأعرب عباس عراقچي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حينئذ، في 7 يوليو 2013م، عن أن بلاده ترى “أنه من غير الملائم أن يتدخل الجيش في السياسية للإطاحة برئيس تم انتخابه ديموقراطيا”، ولكنه أوضح أيضا أن مصر تواجه معضلتين رئيسيتين الأولى هي مطالب الشعب التي يجب تحقيقها، والأخرى هي عدم كفاءة الرئيس مرسي في إدارة شئون البلاد خاصة الخارجية منها.

وبعد عام كامل، أي في 9/6/2014م استبشرت طهران بحضور نائب وزير الخارجية للشئون العربية والأفريقية أمير عبد اللهيان (وزير الخارجية الحالي) مراسم تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، نيابة عن الرئيس روحاني. خاصة أن الجانبين، سعيا نحو تطوير العلاقات بينهما لا سيما في المجال الاقتصادي، مع مواصلة الاتصالات بين الأجهزة الأمنية للتمهيد لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، كان آخرها استقبال القاهرة وفداً استخباراتيًا إيرانيًا، ناقش مع كبار مسؤولي المخابرات المصرية عددًا من القضايا الحساسة التي سببت الخلاف بينهما، على مدى السنوات الماضية.

ثانيا: تفكيك الموقف المصري الراهن

تدرك إيران جيدا أن مصر لا تشاركها نفس درجة الاهتمام لإقامة علاقات متبادلة، وأنها مكتفية بالحد الأدنى لهذه العلاقة، كما أنها لا تشعر بالحماس أو الدافعية لاستئناف العلاقات وإصلاح ما مضى. وذلك لأسباب ودوافع تدعو طهران إلى ضرورة إقامة حوار مع القاهرة يتضمن تفاهمات، وربما تقديم تنازلات سياسية، ويتبنى مواقف مرنة معها وحده دون غيرها. ومن بين هذه الأسباب والدوافع، ما يلي:

  1. أن مصر كانت في وقت من الأوقات أكثر تمركزًا على الذات وبالتالي لم تسع إلى تحقيق المثالية في سياستها الخارجية
  2. سعيها لاستعادة مركز الدبلوماسية بالشرق الأوسط إلى القاهرة، بالتوازي مع جهودها لتقليص التحديات الداخلية الناجمة عن مشاكلها الاقتصادية المتراكمة.
  3. تمتعها بقدر من الاستقلال في تبني سياسات إقليمية جديدة، إلا أنها تتعرض لضغوط سياسية واقتصادية متزايدة من دول عربية محافظة ومن الغرب لعدم إقامة علاقات جديدة مع إيران.
  4. استمرار شعورها بالقلق حيال أمن الخليج العربي، على الرغم من عدم تأثيرها الكافي في قضاياه السياسية والأمنية، إلا أن مصالحها كانت دائمًا متداخلة مع مصالح الدول الخليجية. وبالتالي فإن تقييم مصر لأمن الخليج يتعلق بأمنها الداخلي أيضا.
  5. حرص مصر على عدم مراجعة أو قطع علاقاتها مع حلفائها السابقين سواء من جيرانها العرب أو أصدقائها في الغرب، لكنها تعتقد أن تحقيق الاستقرار الإقليمي يحتاج إلى زيادة قوة مناورتها الدبلوماسية والعمل على تعزيز مصالحها الوطنية.

ومن هذا المنطلق، ترى إيران، التي تتجه نحو التهدئة مع دول المنطقة وتعزيز التعاون الاقتصادي معها، أنه يتعين عليها أن تتبنى منطلقات مقنعة لفتح آفاق جديدة مع مصر تحديدا؛ بوصفها الثقل الإقليمي ذي النفوذ والقدرات المتاحة والقوة العربية التي تحتاجها إيران في إعادة بناء الثقة مع بعض دول المنطقة. كما تحتاجها أيضا في كسب المساندة الدبلوماسية والسياسية لتحقيق مصالحها الإقليمية، ولمواجهة المواقف الأمريكية والإسرائيلية حيالها. وفي المقابل تعمل أيضا على إقناع القاهرة بأنها تحتاج إلى إقامة علاقات جديدة مع إيران بوصفها إحدى القوى الإقليمية النشطة، لمواجهة أزماتها الداخلية ومجابهة تحدياتها الخارجية.

الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى – أرشيفية

ثالثا: منطلقات بناء العلاقة مع مصر

تقوم التوجهات الإيرانية لتعزيز العلاقات مع مصر على ثلاث منطلقات أساسية، وذلك على النحو التالي:

منطلق جيوسياسي

إذ تقع كل من إيران ومصر في نقطة جيوسياسية تتميز بالدينامية والتأثير الإقليمي والدولي، وتتحكم كل منهما بممر ملاحي يمسك بكتلة الشرق الأوسط الاستراتيجية هما مضيق هرمز بالخليج العربي، وقناة السويس بالبحر الأحمر. وفي ظل الإدراك المتبادل للبلدين بأهمية الموقع الجغرافي في بناء مصالح مشتركة ومتبادلة، تتجلى أهمية هذا المنطلق الجيوسياسي بالنسبة لإيران في بناء علاقات مع مصر تستند إلى حقيقة مفادها أنه مثلما تعد إيران بوابة اقتصادية لدول آسيا الوسطى القوقاز التي تمتلك ثروة هائلة من النفط والغاز، وسوقا واسعة لاستيعاب البضائع المصرية. فإن مصر بموقعها الجيوسياسي والاقتصادي الخاص تعد بوابة اقتصادية وسياسية للقارة الأفريقية، يمكن أن تستوعب البضائع الإيرانية. وبالتالي إمكانية تعظيم المصالح المتبادلة أو المشتركة بين البلدين.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي – أرشيفية

منطلق القوى الشاملة

  • تمتلك مصر مكانة سياسية وأهمية استراتيجية وقدرات عسكرية وتأثير كبير بين الدول العربية والإسلامية، وهو أمر يمكن لإيران أن تستخدمه في إعادة بناء الثقة مع الدول العربية الأخرى.
  • تمتلك إيران ثروات طبيعية ومواد خام وصناعات بتروكيماوية، وقدرات عسكرية وأهمية استراتيجية يمكن لمصر أن تستعين بها في مكافحة الإرهاب، وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. كما يمكنها استخدام علاقاتها مع إيران كورقة رابحة ضد جيرانها، خاصة السعودية، والضغط عليها لمواصلة تقديم الدعم الاقتصادي لمصر.
  • إن التقارب الإيراني المفترض مع مصر من شأنه توفير قدرة عالية على التأثير والتغلب على المشاكل والأزمات الإقليمية، استنادا إلى انهما قطبين فاعلين مؤثرين في أمن واستقرار دول المنطقة بأكملها.
  • إن استخدام مصر المنظمات الدولية بكفاءة في حل القضايا الإقليمية مثل القضية الفلسطينية يصب بلا شك في مصلحة الفلسطينيين ويوقف الهيمنة الإسرائيلية على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهو عنصر تسعى إيران إلى تحقيقه أيضًا.
  • إن رؤية مصر بشأن سوريا توفر مناخا جديدا مؤاتيا للمحادثات الجارية بين طهران والقاهرة، يقوم على الحد من التوترات الإقليمية المتزايدة، على الرغم من اختلاف المنطلقات بين البلدين حيال الأزمة السورية، إلا أنها لم تمنع الحوار والتعاون بينهما. 
  • تتفهم إيران أهمية مشروع الشام الكبير، استنادا إلى أن العلاقات بين مصر والأردن مع العراق تدخل ضمن العلاقات الطبيعية بين الدول العربية. وبطبيعة الحال، فإن العراق يلعب أيضا دورا فعالا في تخفيف حدة التوتر في علاقات إيران العربية.
  • إن تركيز مصر على مشروع “شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية” كمشروع مشترك مع إيران، على الرغم من رفضه من قبل المحافل الدولية، يُعد منطلقاً جيداً لزيادة التقارب والتعاون بين البلدين على المستوى الثنائي وفي المحافل الدولية.

منطلق اقتصادي

ترى إيران أن مصر، التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، معظمهم من ذوي الدخل المحدود، وأن دخلها الاقتصادي يقتصر على السياحة وإيرادات قناة السويس والزراعة، ومن ثم عليها أن تسعى إلى جذب اهتمام مصر ومؤسساتها القوية عبر بوابة الاقتصاد، لمراجعة بوصلة علاقاتها مع إيران، وإقناعها بالمردود الاقتصادي المربح من وراء إقامة علاقات اقتصادية متنوعة مع إيران، وأن توافق على إقامة علاقات سياحية معها تسمح يتدفق ملايين السائحين الإيرانيين على مصر، ومن ثم ضخ ملايين الدولارات في الاقتصاد المصري، فضلا عن محاولة شراء حصص بنك مصر إيران، وتقديم العروض السخية كي تكون أقرب إلى طهران من غيرها.

رابعا: حسابات المصلحة الإيرانية

  1. على الرغم من اقتناع بعض الدوائر الإيرانية بأن سياسات مصر الإقليمية ستظل جزءا من توجهات واشنطن والرياض الإقليمية، على المدى القريب، إلا أن الاعتقاد السائد لدى طهران مفاده أنه كلما اقتربت إيران من السعودية، خففت مصر من حدة خصومتها نحو إيران. بدليل أن المحادثات التي جرت في الآونة الأخيرة، بين إيران والسعودية في بغداد، تركت بصماتها على موقف مصر التي تحاول تخفيف حدة التوترات الإقليمية للتفرغ لمجابهة أزمة سد النهضة، واستخدام قدرة إيران في مواجهة إثيوبيا. ومن ثم فإن القاهرة سوف تسعى لتحقيق نوع من التوازن في تعاملاتها مع طهران.
  2. يسود اعتقاد لدي الإيرانيين أنه إذا وصلت العلاقات بين إيران ومصر إلى مستوى مقبول، فمن الطبيعي أن تُبدي جامعة الدول العربية نوعًا من المرونة في سلوكها حيال طهران. لكن على أي حال، فإن العلاقات بين مصر وإيران لن تصل إلى النقطة التي توجد فيها علاقات دبلوماسية مرضية.
  3. تهدف إيران إلى دفع مصر خارج دائرة الدول العربية المحافظة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؛ نظرا لأن ذلك يمثل عنصرًا فاعلًا لزيادة قدرة إيران على المناورة الإقليمية. لأن إيران ومصر هما الحقيقتان المهمتان في المنطقة.
  4. يعتقد بعض الخبراء الإيرانيين أنه كلما زاد نطاق التعاون بين إيران ومصر، كلما زاد وزنهما النسبي خصما من وزن إسرائيل، وازداد وضع الولايات المتحدة ضعفا في المنطقة. وبالتالي يتعين على إيران أن تعمل بجدية على التقارب مع مصر لقطع الخط على إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين نجحتا في تقليص مستوى التفاعل بين القاهرة وطهران، بل وإثارة الانقسام السياسي بينهما أيضا على مدى المرحلة الماضية
  5. يعزز التقارب مع القاهرة من فرص دفعها بعيدا عن الدائرة الأمريكية، لتقترب أكثر من الدائرة الروسية، وهو الأمر الذي من شأنه تعقيد الوضع الأمريكي في المنطقة؛ استنادا إلى دخول روسيا في نقطة تمركز المصالح الأمريكية، كما يثير قلق إسرائيل أيضا، ويقلل من هامش المناورة السعودية أمام إيران.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (يسار) – أرشيفية

خامسا: التقدير

في ضوء استعراض المنظور الإيراني للعلاقات مع مصر وقراءة أهدافها، يمكن القول إن إيران تستهدف من رواء سعيها الجاد للتقارب مع مصر تحقيق ما يلي:

  • إرباك أولويات السياسة الخارجية المصرية عربيا؛ إذ إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، سوف يعد خصما من رصيد مصر الإقليمي ومكانتها العربية في ظل التهديدات التي لم تتوقف إيران عنها يوما. وبالتالي فإن استئناف هذه العلاقات سوف يحدث زلزالا إقليميا يثير حفيظة الدول الشقيقة التي سعت إلى مساندة مصر وقت الشدائد
  • استدراج مصر بعيدا عن تيار الاعتدال، استنادا إلى أن استئناف العلاقات معها سوف يزيد من وزن إيران النسبي إقليميا على حساب مصر، خاصة في ظل حالة العداء الظاهر بين إيران وإسرائيل والتهديدات المتبادلة بينهما، وفي ظل التواجد الإيراني القوي في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، الذي يمثل في تصورات إيران الإقليمية عمقا استراتيجيا لها.
  • العمل على التخلص من الحصار الذي تعاني منه إيران، إما بسبب سلوكها المدمر داخل الدول العربية، أو بسبب العقوبات الدولية والأممية والأمريكية المفروضة عليها في ظل إصرارها على تنفيذ أهدافها الأيديولوجية في المنطقة، الذي سيؤدي إلى مزيد من الخلل في التوازن الإقليمي.
  • وعلى الجانب المقابل، ترى مصر أن استئناف العلاقات مع إيران في الوقت الراهن سوف يؤثر بالسلب على مكانتها الدولية، وهو أمر ليست في حاجة إليه على الإطلاق. خاصة في ظل احتياجها لحشد المساندة الدولية والعربية لموقفها المشروع من سد النهضة الأثيوبي وما يمثله من تحديات لأمنها القومي. ولا سيما أن مصر أكبر من أن يستدرجها نظام طائفي متطرف له أجندة عمله وصراعاته الإقليمية؛ بدعوى زيادة وزن إيران النسبي مقابل إسرائيل. ولكنه سيعد خصما من وزن مصر النسبي، وهي الدولة التي تحظى باحترام المجتمع الدولي؛ وتلتزم بعلاقاتها التعاقدية مع دول العالم وتحترم التزاماتها العربية وتعهداتها الدولية.
  • استغلال التقارب المزمع مع مصر، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي في اختراق الجماعات الصوفية في مصر، وخاصة في بعض محافظات الصعيد؛ لتكوين بؤر شيعية سوف تمثل تحديًا جديدًا للمجتمع المصري، فضلا عن إحياء جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية. خاصة أن الحرس الثوري الإيراني قد انتهى فعليًا من إعداد 133 كتيبة إليكترونية مؤهلة لخوض حرب سيبرانية واسعة النطاق متعددة الأهداف، سوف تستهدف تزييف الوعي وإرباك المفاهيم العقائدية والفكرية بما يخدم أهدافها السياسية، استغلالا لارتباك المشهد الثقافي والإعلامي في مصر

وفي ضوء ما سبق، فإن التقدير مفاده أن النظام الإيراني سوف يكثف من جهوده للارتقاء بمستوى العلاقات مع مصر؛ باعتبارها الدولة النموذج في الإقليم والمفتاح إلى قلب المنطقة العربية، الأمر الذي يتطلب صياغة مصر لسياسة خارجية حكيمة تقوم على استمرار التواصل مع إيران والحوار معها. خاصة أن مصر مقبلة على استعادة الثقل السياسي والاقتصادي وتوجيه السياسات العامة في المنطقة إلى القاهرة مرة أخرى، عبر تعظيم المصالح الاقتصادية المشتركة بينها وبين أشقائها العرب. على أن يتضمن هذا الحوار تحذيرًا واضحًا ومحددًا وحاسمًا لإيران مفاده أن اقترابها من جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الاخوان الإرهابية، أو نشر المذهب الشيعي في المجتمع المصري، بأي صورة كانت، خط أحمر يتعين عليها ألا تقترب منه بأي حال من الأحول.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version