المقدمة

عكست المتابعة الإيرانية عن كثب للانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي أجريت يوم الثلاثاء الموافق 3 نوفمبر 2020م، لاختيار الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، مدى الاهتمام البالع الذي تمتعت به على المستويات كافة، إذ تناولها معظم رموز النظام من أعلى سلطة إلى أصغر مسئول، كما عالجتها جميع وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاليكترونية، على اختلاف انتماءاتها السياسية. لدرجة أنه يمكن القول إنها كانت الموضوع الأبرز الذي شغل عامة الإيرانيين داخل إيران وخارجها. فضلا عن أنها كانت الموضوع الأبرز لجميع النقاشات والحوارات التي دارت داخل مراكز الدراسات وقاعات البحث على اختلاف تخصصاتها، بغرض صياغة فرضيات سياسية متعددة حول مستقبل العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية في ضوء نتائجها، والاحتمالات القائمة بشأن القضايا والملفات المصيرية التالية:

قضية العقوبات، التي فرضها دونالد ترامب على إيران،  ومن ثم كانت التساؤلات تدور حول مدى قدرة الدولة على الصمود، وما هي البدائل، مقرونة بدراسة اتجاهات التصعيد المحتملة بين البلدين، ومآلالاتها على المستوى الداخلي والخارجي. إلى جانب الاتجاه نحو التهدئة مع الولايات المتحدة. ومن ثم استئناف المفاوضات بين الجانبين، بهدف التوصل لاتفاقات تُرفع بموجبها العقوبات، وتُحل بدورها الملفات الأساسية الأخرى: الملف النووي، والملف الصاروخي، والملف الإقليمي.

الملف النووي، وماهية الاحتمالات المتعلقة بمصير خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تم إبرامها بين الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وإيران في يوليو 2015م، في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، ونائبة حيئذ، جو بايدن، وأعلن ترامب انسحاب بلاده منها بتاريخ 8 مايو 2018م، متبنيا سياسة الضغط القصوى على إيران، حتى تحقيق المستهدف منها. وهل سينتهي الأمر إلى إدخال مجرد تعديلات عليه، أم سيتم التوصل لاتفاق جديد يعالج النقاط التي أدت إلى هذا الانسحاب.

الملف الصاروخي، بوصفه أحد الملفات الخلافية بين إيران والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي أيضا، إذ تعتقد طهران أن تطوير صواريخها الباليستية، يمثل هدفا إستراتيجيا بعيد المدى، إلى جانب كونه يمثل أحد مصادر القوة التي يمكن أن تكون البديل المكافئ عن برنامجها النووي. بينما كانت إدارة ترامب ترى أن أي مفاوضات مع إيران لابد أن تكون شاملة، بحيث تشمل معا الاتفاق النووي والبرنامج الصاروخي والملف الإقليمي.

الملف الإقليمي، المتعلق بنفوذ إيران في العراق وسوريا ولبنان وعلاقتها بالمليشيات وجماعات مادون الدولة، التي تمثل تهديدا مباشرا لسلامة المنطقة، ومخلا بالمصالح الأمريكية المتعلقة بالطاقة وأمن الدول الحليفة لواشنطن وعلى رأسها إسرائيل.

فضلا عن عدد من المسائل الأخرى ذات الصلة والمتعلقة بالإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة لدى الولايات المتحدة، والدعم المقدم لفصائل وجماعات المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج.

وقبل تناول موضوع انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأصداء فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وانعكاسات ذلك على الموضوعات السابقة، من المنظور الإيراني، أود أن نلقي الضوء بإيجاز على الصورة الذهنية لرؤساء الولايات المتحدة الراسخة في مدركات النظام القائم في إيران، سواء كان هؤلاء الرؤساء ينتمون إلى الحزب الجمهوري أو الديمقراطي.

المدرك الإيراني للـ رئيس الأمريكي:

يشكل معظم الرؤساء الأمريكان، الذين ينتمون للحزب الجمهوري، لدى الوعي الجمعي، والمدرك الرسمي الإيراني على وجه الخصوص، صورة ذهنية قاتمة؛ بسبب ذلك التراكم التاريخي لتوجهاتهم الـمعادية لإيران، بدءا من تحطيم الرئيس “دوايت أيزنهاور” (1953 ـ 1961م) للحلم الوطني الذي قاده الدكتور محمد مصدق لتأميم النفط؛ عندما أمر بتنفيذ انقلاب مضاد أطاح بمصدق وأعاد الشاه إلى العرش عام 1953م، وصولا إلى دونالد ترامب الذي فرض أقصى العقوبات وأقساها على إيران، مرورا برونالد ريجان الذي ساند العراق علنا في حرب الثمان سنوات (1980 ـ 1988م) وسمح بصفقات تسليح سرية قذرة معها عبر إسرائيل (إيران ـ كونترا) أفقدت الثورة الإسلامية كثيرا من هيبتها ومصداقيتها أمام العالم الإسلامي … الخ.

ويمثل الرؤساء الديمقراطيون أيضا جزءا من هذا المدرك، بتحالف بعضهم مع الشاه، بدءا من الرئيس جون كيندي (19601 ـ1963م) الذي يعتقد الإيرانيون أنه فرض عليه برنامجا إصلاحيا تضمن إدخال قيم تنافت مع عادات المجتمع وقيمه الدينية (الثورة البيضاء 1963م) وصولا إلى الرئيس جيمي كارتر (1977 ـ 1981م) الذي اتخذ موقفا معاديا من الثورة الإسلامية، وجمد الأرصدة الإيرانية في نوفمبر 1979م، والرئيس بيل كلينتون (1993 ـ 2001م) الذي فرض عقوبات أخرى على بلادهم عام 1995م، مرورا بالرئيس ريتشارد نيكسون (1969 ـ 1974م) الذي بنت مبادئه المفهوم العسكري المتغطرس للشاه وجعلت منه دمية أمريكية موسومة بشرطي الخليج. ولا تستثني هذه المدركات الرئيس باراك أوباما (2009 ـ 2017م) الذي أتم مع طهران الاتفاق النووي، وبادر أحمدي نجاد بتهنئته بالولاية الثانية.كما لا تستثني الجمهوري جورج بوش الابن (2001 ـ 2009م) الذي سلم لها العراق وأفغانستان. فجميعهم يجسد في المدرك الإيراني إحدى صور الاستكبار والظلم، ومن ثم فإن الرئيس الأمريكي ما هو إلا مجسد لـ “يزيد” أو “معاوية” حيث لا فرق بينهم؛ نظرا لأنهم يدركون أن الإستراتيجية الأمريكية ثابتة، وأن التكتيكات هي التي تتغير بتبادل كرسي الرئاسة بين مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وعلى الرغم من هذا، يمكن القول إن الرؤساء الجمهوريين كانوا حريصين على استمرار نظام الجمهورية الإسلامية في إيران محتفظا بوجهه المتشدد بصورة أفضت إلى استخلاص المزيد من المكاسب من الأطراف الإقليمية المناوئة له. وذلك من خلال استخدام ما يمكن أن نسميه محفزات التشدد. ولعلى اذكر هنا أن الولايات المتحدة صعدت من تحرك قواتها في الخليج العربي في فبراير 1996م، في عهد الرئيس رفسنجاني (1989 ـ 1997م) وأن الوسيط الأوروبي نقل سؤالا إيرانيا لوزير الخارجية الأمريكي وارين كريستوفر عن أبعاد هذا التحرك، فأجابه بأن الأمر بسيط “لأننا فقط ندير الانتخابات في إيران”. وبالفعل استدعى هذا التصعيد فوز المتشددين بأغلبية مقاعد البرلمان، حينئذ، وبنسبة مشاركة شعبية بلغت وفق الإحصاءات الرسمية الإيرانية70٪ تُعد الأعلى تصويتا في تاريخ الانتخابات النيابية حتى الآن. كذلك الأمر، أدت العقوبات القصوى التي فرضها ترامب وانسحابه من الملف النووي إلى فوز المتشددين بمعظم مقاعد البرلمان الحالي، ودفعهم لإحكام السيطرة على مفاصل الدولة، متهمين الإصلاحيين بالفشل في إدارة الملفات الشائكة إقليميا ودوليا، على الرغم من الاختلاف النسبي بين كلتا الحالتين، على مستوى الأهداف.

وبناء عليه، يمكن القول إن رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الإبقاء على الحالة الإيرانية رهن التوتر الدائم، داخل دائرة مغلقة لا يتجاوز سلوكه الداخلي نطاق جدلية الاعتدال والتشدد، الأمر الذي أصاب النظام الإيراني بحالة معينة من الجمود الذي أفضى بمرور الوقت إلى انحسار قواعده الشعبية أكثر مما يجب. وهو الأمر الذي يزيد من احتمال أن يتحلى بالـ “مرونة الشجاعة” في المفاوضات، المقبلة، أو أن يلقى مصيرا شعبيا مماثلا لمصير الشاه. خاصة أنه لا يزال يستخدم ذات لغة الخطاب المؤدلج الذي ملّته الجماهير. ولعل هذا ما ساعد الولايات المتحدة على دفع الجماهير الإيرانية داخل مربع الخصومة مع النظام الحالي، من خلال تشديد العقوبات، عندما تدفقت الاحتجاجات الغاضبة، منتصف نوفمبر 2019م، إلى معظم الشوارع والميادين الإيرانية؛ بسبب أزمة رفع سعر البنزين وتفنين استهلاكه.

صحيح أن هذه الاحتجاجات كانت ذات منشأ اقتصادي ولكنها انتقلت من فورها إلى مربع المحاسبة السياسية للنظام، وعبرت عن عدم رضا الجماهير عن أداء النظام السياسي والاقتصادي. خاصة أن عمليات القمع، التي مارستها أجهزة الأمن كعادتها، خصمت نقطة من مشروع اقتصاد المقاومة الذي تبنته طهران لحل معضلة الاقتصاد، في ظل العقوبات والمشاكل الهيكلية التي يعاني منها. كما وضعت مشروعيته النظام ككل على المحك. ولعل هذا ما يفسر لنا، في أحد جوانبه، تلك الغبطة الكبيرة التي تم رصدها عبر وسائل الإعلام المختلفة، لدى النخبة الإيرانية، فور الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن؛ نظرا لأن هذا الفوز بات يمثل، في نظرها، طوق النجاة أو قبلة الحياة للنظام، إذا صدقت توقعاتهم حيال ما سيتخذه من قرارات.

أولا: المدرك الإيراني لفوز بايدن

صدرت، منذ اليوم الأول لإعلان فوز جو بايدن، عدة إشارات ورسائل، نشرتها وسائل الإعلام الرسمية، تناولت مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية، وعكست في مجملها  مدى استعداد طهران للتفاوض حول الملفات الخلافية مع الرئيس الجديد، خاصة في ضوء الحقائق التالية:

على المستوى الداخلي:

  • إن العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب، واستمرارها في ظل انتشار جائحة كورونا، كانت من أقسى ما تعرضت له إيران في تاريخها.
  • أن العقوبات فشلت في تحقيق أهدافها، أمام صمود الشعب الإيراني، ونجاح اقتصاد المقاومة. (يختلف المنظور الإيراني لهذه الأهداف، من حيث اعتقاده أنها كانت تستهدف إسقاط النظام، بينما المنظور الأمريكي كان يستهدف تغيير سلوكياته، والتوصل إلى اتفاقات تتعلق بالملفات الخلافية المتعددة السابق الإشارة إليها)
  • أنه سوف تعترض رفع هذه العقوبات بعض المعوقات؛ لأن ترامب جعل العديد من هذه العقوبات جزءًا من حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، ويتطلب رفعها موافقة الكونجرس. وإذا لم يوافق، فلن يكون من الممكن رفعها. أما إذا كانت أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين، فلن يوافق على رفعها من الأساس.
  • أصبح النظام الإيراني أمام حتمية إجراء إصلاحات داخلية، خاصة على مستوى الحريات وحقوق الإنسان.
  • إن احتمال تراجع الضغط الأمريكي على إيران، من شأنه ألا يصوت المواطن الإيراني لصالح المتشددين في الانتخابات القادمة.
  • إمكانية حدوث تغيير من خلال الانتخابات، ومن ثم يصبح الطريق مفتوحا أمام لإصلاحيين لإحداث التغيير المطلوب.

على المستوى الثنائي:

  • أتاح فوز جو بايدن، فرصا مواتية لإحداث تغيير في المناخ بين البلدين، ومن ثم إزالة التوتر الذي طالما اعترى العلاقات بينهما، منذ أمد بعيد. خاصة إنه لم يعد في إيران اليوم من يعتقد أن النزاع أو الخلاف بينهما هو أمر أبدي لا حل له.
  • تلاشى مبرر استمرار قطع العلاقات بين البلدين، من منطلقات إيديولوجية؛ نظرا لتغير الظروف الحالية عما كان سائدا منذ عقود.
  • عزز فوز بايدن من فرص استئناف المفاوضات بين البلدين، خاصة أنهما نجحا من قبل في إجراء مفاوضات معلنة وسرية. مع ترجيح سعي المتطرفين من كلا البلدين للحيلولة دون حدوث أي تقارب بينهما. ولكن العقلاء أيضا قادرون على تحقيق المصالح العادلة لكل منهما.
  • زادت طموحات إيران لتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة؛ على أمل أن تتعهد بعدم التدخل في شئونها الداخلية، وتفرج عن أرصدتها المجمدة لديها. وهذا لن يحسن هذه العلاقات وحسب بل سيدفع بها نحو حل مشكلات أخرى عالقة بينهما.
  • أزالت الانتخابات الأمريكية الأخيرة المسافة الجغرافية الفاصلة بين إيران والولايات المتحدة، بدليل تلك المتابعة المكثفة لمجرياتها منذ لحظة الانطلاق وحتى إعلان فوز جو بايدن، كأنها انتخابات إيرانية
  • تستوجب التطلعات الإيرانية الحالية ضرورة التأني في الحكم على بايدن، بل والصبر عليه أيضا؛ نظرا لأن لديه ملفات داخلية ملحة يتعين عليه البدء بها أولا.

على المستوى الإقليمي:

  • إن هزيمة ترامب وفوز بايدن سوف تترك آثارها على دول منطقة الشرق الأوسط لاسيما الأنظمة المناوئة لإيران في المنطقة.
  • برزت تلميحات داخلية بعدم تهديد إسرائيل، عندما دعت فائزة رفسنجاني إلى إعادة النظر في علاقات بلادها بإسرائيل.
  • تمثل إسرائيل في نظر جو بايدن رصيدا استراتيجيا وسياسيا للولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط لن يسمح بالمساس به، أو حتى استخدام مقولات النظام الإيراني التقليدية المتوارثة عن الخميني حيالها.

ثانيا: المنظور الإيراني للمفاوضات

بادرت إيران، يوم 8/11/2020م، على لسان “سعيد خطيب زادة” المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية، بالإعلان رؤيتها أو ما أسمته “شروطا” للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، مع التأكيد على أنه لا يحق لواشنطن أن تضع شروطا على أحد؛ نظرا لأنها هي التي تخلت عن التزاماتها، وانسحبت من الاتفاق النووي، والقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، وهو الأمر الذي أدى إلى أن يخسر الشعب الإيراني مليارات الدولارات، وقد تمثلت في النقاط التالية:

  • عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مرة أحرى، وعليها أن تضع مبررا مقنعا لهذا الانسحاب.
  • على الولايات المتحدة أن تتوب، وفقا لتوجيهات المرشد، بمعنى أن تعترف أولا بخطئها، وتصلح ما أفسدته
  • وقف الحرب الاقتصادية التي تشنها على إيران، ودفع تعويضات عن الخسائر التي لحقت باقتصادها جراء هذه الحرب
  • العودة إلى جادة الصواب وتفي بوعودها وتنفذ التزاماتها.

وفي هذا السياق، يتعين علينا أن نشير إلى عدد من الاحتمالات التالية، المتعلقة بمنظور إيران لاستئناف هذه المفاوضات:

  1. من المرجح أن تضع حسابات صانع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية موقف شركاء الاتفاق النووي في الحسبان.
  2. من المحتمل أن تتبنى إدارة الرئيس جو بايدن إستراتيجية متزامنة متعددة الأطراف أثناء التفاوض المقبل مع إيران حول القضايا والملفات الخلافية، وأن تمر بثلاث مراحل مترتبة على بعضها البعض: مرحلة الملف النووي، ثم الملف الصاروخي، ثم الملف الإقليمي، على عكس إستراتيجية سلفه الذي تمسك بالحل الشامل لهذه الملفات بشكل متكامل.
  3. من المرجح أن تتمسك إيران بأن يدور التفاوض المقبل مع الولايات المتحدة حول ترتيبات النظام الإقليمي وليس برنامجها الصاروخي. انطلاقا من توظيف موقفها الثابت القائم على تحرير فلسطين وانسحاب القوات الأميركية من المنطقة. وهنا يمكن للمفاوض الإيراني التفاهم مع نظيره الأمريكي حول الملفات الإقليمية المتعلقة بسوريا والعراق ولبنان واليمن.
  4. من المحتمل أن تتجه إيران، بالتزامن مع إجراء المفاوضات، إلى تبني خطاب سياسي موجه للداخل، تدعو فيه إلى تعزيز محور المقاومة في مواجهة التطبيع مع النظام الصهيوني، ومجابهة الجماعات الإرهابية التكفيرية. فضلا عن تعزيز المؤسسات الشعبية في العراق وسوريا ولبنان.

وقد تناول باحثو وحدة الدراسات الإيرانية مستقبل العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية في ضوء فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، من خلال ثلاثة محاور أساسية: مآلات الاتفاق النووي، ومستقبل النفوذ الأمريكي، وتأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني، وذلك على النحو التالي:

المحور الأول: مآلات الاتفاق النووي

لا ريب في أن تولي جو بايدن الرئاسة سوف يساعد في تبني حل أكثر دبلوماسية للأزمة مع إيران، مقارنة بغريمه “ترامب” الذي اتبع سياسة “الضغوط القصوى”. خاصة أن بايدن سبق له أن أشار في أكثر من موضع إلى إنه مستعد للعودة للاتفاق النووي مع إيران إذا أبدت استعدادها لإعادة الالتزام الصارم بقواعد الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015م[1] وفي المقابل، أعربت إيران علي لسان وزير خارجيتها “محمد جواد ظريف” عن إنها تفضل التعامل مع بايدن في الملفات العالقة في المنطقة عن ترامب[2]. وعلى الرغم أن الوضع الراهن ينبئ بأننا أصبحنا بصدد توافق أمريكي – إيراني بعد فوز بايدن، إلا أن نظرة متفحصة لهذا الوضع تخبرنا أيضا أن بلورة وضع ما بعد الاتفاق النووي في 2015 مرة أخرى ليس بهذه السهولة. إذ لا يسعي جو بايدن فقط إلي إعادة الانضمام إلى اتفاق 2015م، ولكن “تعزيزه وتقويته” على حد وصف جو بايدن نفسه[3]، أي إعادة هندسة الاتفاق المذكور عبر إعادة التفاوض، سواء بشكل منفرد، أو ضمن مجموعة 5+1 لمعالجة مكامن القصور الذي شاب هذا الاتفاق، والتي تتمثل في نقاط ثلاث غفل عنها: قدرات إيران الصاروخية، ودورها السلبي في المنطقة، ودائرة وصلاحيات التفتيش الدولي على منشآتها النووية. وهذا ما نتناوله على النحو التالي.

ولكن يتعين علينا قبل ذلك، أن نشير إلى احتمال أن يصطدم طموح بايدن حول إعادة هندسة الاتفاق النووي مع إٍيران بمجموعة من التحديات منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. خاصة أن نتائج انتخابات الكونجرس تشير إلى احتفاظ الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ، مما يصعب مهام بايدن بشكل عام داخليا، ناهيك عن هذا الاتفاق، الذي عارضه الجمهوريون في عهد باراك أوباما نفسه. لذا فإنه من المتوقع أن تكون هناك جبهة جمهورية معارضة لمجرد عودة انضمام الولايات المتحدة له، على الرغم من احتفاظ الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب. أما على صعيد التحديات الخارجية، فإن بايدن سيبذل الكثير من الجهد من أجل إقناع حلفائه الرئيسيين في المنطقة، وتحديد إسرائيل ودول الخليج، الذين يرغبون في دور صدامي أكثر للولايات المتحدة مع إيران. بجدوى إعادة هندسة الاتفاق، أو إدخال إضافات جديدة عليه من شأنها طمأنتهم ويضمن مصالحهم.

النقطة الأولي المتعلقة بقدرات إيران الصاروخية، إذ تسعي الولايات المتحدة لتحجيم البرنامج الصاروخي الإيراني الذي طالما شكل تهديداً لحلفاء إيران في المنطقة خاصة إسرائيل. صحيح أن اتفاق 2015م، تضمن جزءا خاصا بهذه الصواريخ، ولكنه استهدف فقط تلك التي تستطيع حمل رؤوس نووية دون غيرها من الصواريخ؛ مما ترك الباب مفتوحاً أمام  طهران لتطوير وتعزيز منظومتها من الصواريخ متوسطة المدى.

وتمثل هذه النقطة بالتحديد تحدياً لإدارة بايدن إذا ما قررت التفاوض بشأن دمجها في الاتفاق النووي، لأنه من المتوقع أن تبدي إيران معارضة قوية لأي جهود من شأنها تقويض قدراتها الصاروخية؛ لاعتبارات تتعلق بطبيعة تسليح “الجيش”القديمة، خاصة أن التصنيع العسكري المحلي لا يفي بتحديث تسليح الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، لذلك فهي تتمسك ببرنامجها الصاروخي كآلية للردع الاستراتيجي في المنطقة ومن غير المرجح أن تتخلي عنه أو تسمح بتقيده.

النقطة الثانية المتعلقة بدور إيران الإقليمي، وكانت واحدة من أهم النقاط التي غفل عنها اتفاق 2015م، وقد تجلت أهميتها من إيران استغلت زيادة عائداتها المالية من تصدير النفط، عقب رفع العقوبات بموجب هذا الاتفاق، في دعم  الجماعات والأنظمة الموالية لها في الوطن العربي. إذ دعمت انقلاب جماعة “أنصار الله” الحوثية على السلطة الشرعية اليمنية، عام 2015م، وساندت، ولا تزال، نظام الأسد في سوريا، ونجحت في تأجيج الصراع الطائفي في العراق، من خلال المليشيات الموالية لها، خاصة قوات الحشد الشعبي. فضلا عن تحريضها المستمر للطائفة الشيعية في البحرين حتى اليوم.

ومن المتوقع أن تبدو طهران مرونة كبيرة فيما يتعلق بهذه النقطة، خلال أي مفاوضات مقبلة واشنطن، على عكس النقطة السابقة. لأنها تعتقد انه ليس لها وجود عسكري مباشر في كل من العراق واليمن والبحريين، وبالتالي ليس هناك دليل على اتهامها بذلك. خاصة أن أي اتفاق مستقبلي لن يقيد من حرية حركتها من خلال شركائها بالوكالة في المنطقة بشكل قاطع.

النقطة الثالثة المتعلقة بدائرة وصلاحيات التفتيش الدولي على منشآت إيران النووية، وغفل عنها أيضا اتفاق 2015م، فعلي الرغم من أنه غطي هذه المسألة من حيث وجوب سماح إيران بالتفتيش على منشآتها النووية، إلا أن واقع التجربة، كشف أن أنشطتها النووية لم تقع بالضرورة داخل المنشآت الرسمية المعلنة.، كما أفادت بعض التقارير أن إيران تمتلك مفاعلاً نووياً غير خاضع للرقابة فضلا عن منشآت نووية أخرى في أماكن غير معلومة.

وفي ظل ما فرضه كشف المستور وما كانت تخبئه إيران، في هذا المجال، باتت هناك ضرورة للتفاوض حول توسيع دائرة التفتيش الدولي ليشمل جميع منشآتها النووية منها وغير النووية، خاصة صفة التفتيش المفاجئ. وهو أمر قد يقابل بمقاومة من قبل إيران.

المحور الثاني: مستقبل النفوذ الإقليمي لإيران

لا شك أن السياسة التي انتهجتها إدارة ترامب حيال إيران قد دفعتها لتطوير برنامجها النووي والتحلل من الالتزامات التي فُرضت عليها بموجب الاتفاق النووي، كما لم تنجح إستراتيجيته العقابية ضد إيران في القضاء على دورها المُهدد للسلم والأمن، خاصةّ بمنطقة الخليج. وهنا يتجلى تساؤل مهم حول وضع إيران النسبي في الإستراتيجية الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط في ضوء فوز الرئيس بايدن، وهو التساؤل الذي يستدعي التبصر لما يحمله الرئيس بايدن من أطروحات حول تعقيدات هذا الملف. خاصة أن سلفه انسحب من الاتفاق النووي في 8 مايو عام 2018م، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، وواصل الضغط عليها طوال عام 2019م، واتخذ أهم الإجراءات الأمريكية لضمان أمن حلفائها الإقليميين،، وفق تقرير صادر عن الكونجرس الأمريكي في مايو عام 2020م، والمتمثل في إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية بتاريخ 8 أبريل 2019م، في سابقة تُعد الأولى من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة بأن يتم تصنيف قوة عسكرية رسمية كمنظمة إرهابية. كما أنه أصدر قرارا، يوم 2 مايو من نفس العام، بإلغاء الاستثناء الخاص بالعقوبات المتعلقة بالسماح بشراء بعض الدول للنفط الإيراني؛ بهدف تصفير الصادرات الإيرانية من النفط، ثم أعقبها بقرار آخر، في 20 سبتمبر 2019م، يقضي بفرض المزيد من العقوبات على البنك المركزي الإيراني كونه كياناً داعماً وممولاً للإرهاب والتنظيمات الإرهابية في المنطقة[4].

وفي هذا الإطار، قوبلت هذه الإجراءات بمزيد من الارتياح لدى دول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وعلى نحو بدا كما لو أن الرعاية الأمريكية أدخلت المنطقة في حلقة جديدة من تشكيل التحالفات لاسيما مع الإعلان عن تطبيع العلاقات بين كل من الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى (الاتفاقات الإبراهيمية) أو أنها بدأت فصلاً جديداً من فصول التحالف عنوانه التعاون الإسرائيلي – الخليجي، الذي لا يقف بعيداً عن دور إيران الإقليمي، خاصة أن العامل الأمني لدى دول الخليج، يضل هو العامل الرئيسي الذي يقف وراء كل هذا[5].

وفي المقابل، يبدو جليا أن رؤية جو بايدن للإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ستقوم على إعطاء المساحة الأكبر للأداة الدبلوماسية لحل الملف الإيراني. صحيح أنه يرى أنها بمثابة عامل مُهدد للاستقرار والأمن في المنطقة، وبالتالي يرفض بشكل قاطع مسألة تطوير أسلحتها النووية، إلا أنه انتقد أيضا نهج إدارة سلفه ترامب في التعامل مع الملف الإيراني واصفا إياه بالنهج  الكارثي، للاعتبارات السابق ذكرها فضلا عن تخلصها من الجنرال قاسم سليماني.

وفي هذا السياق، يبدو أن الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة لدى جو بايدن ستكون مختلفة بدرجة كبيرة عما كانت عليه في عهد ترامب، فمن جهته يرى بايدن ضرورة إعادة توجيه العلاقات الأمريكية مع دول الخليج العربي، من حيث إعادة تقييم الدعم المُقدم لبعضها، لاسيما المملكة العربية السعودية. وهذا لا يعني بالطبع تخلي إدارته بايدن عن هؤلاء الحلفاء التقليديين في المنطقة، ولكنه يعني إعادة صياغة شكل العلاقة معها، في ضوء رؤية الحزب الديمقراطي للإستراتيجية الأمريكية. والتي تنوي إنهاء سياسة تقديم “شيكات على بياض”، وانتفاء المصلحة الأمريكية في الانغماس في حروب قائمة بالوكالة في المنطقة. كما تؤكد أيضا على ضرورة الحفاظ على علاقات فعالة مع دول الخليج من أجل المساعدة في إعادة العراق لمحيطه العربي وحماية أمنه واستقراره واستقلاليته[6].

في ضوء ما تقدم، يمكننا التقدير بأن يسهم الرئيس جو بايدن في تحقيق ما يلي:_

  1. الدفع باتجاه حوار خليجي _ إيراني
  2. تعزيز دور الدول الأوروبية في خلق حالة من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران. ولعل ما يؤيد هذا السيناريو هو استمرار هذه الدول في العمل بخطة العمل المشتركة (5+1) والتي تحولت لتصبح (4+1) بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق.
  3. يراهن بايدن من خلال رؤيته للملف الإيراني على تحقيق عدة مكتسبات للسياسة الأمريكية، منها خفض حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، والحد من الهجمات التي يمكن أن تقوم بها العناصر المدعومة من طهران في المنطقة.
  4. إمكانية تحقيق انفراج نسبي في العلاقات الإيرانية – الأمريكية يترتب عليه تحولات متعلقة بدور إيراني الإقليمي، كما قد يعني لها أيضا تخفيف حدة العقوبات المفروضة عليها، وإمكانية الوصول لتفاهم جديد فيما يخص برنامجها النووي.
  5. قد يدفع التفاهم إيران للاهتمام بمعضلاتها الداخلية لاسيما الاقتصادية. ولا يعني ذلك تخليها عن دورها الإقليمي ولكنه يعني التغير في طبيعة الأدوات المستخدمة تجاه دول جوارها الخليجي، مما يمكن أن يقلل من دور الأداة العسكرية في تهديد أمنهم، وإن ظل العراق ساحة مستمرة لمحاولات النفوذ والتحكم الإيراني نظراً لخصوصية العلاقات الإيرانية ـ العراقية.

المحور الثالث: تأثيرات العقوبات على الاقتصاد

كانت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية في نوفمبر عام 2019م، نتيجة مباشرة لعجز الاقتصاد الإيراني على تلافي تبعات العقوبات الأمريكية، التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب، منذ عام 2018م، لا سيما تلك المفروضة على قطاعات الطاقة والشحن والقطاعات المالية الأخرى. والتي أدت إلى جفاف الاستثمار الأجنبي وضرب صادرات النفط، ومنع الشركات الأمريكية من التجارة سواء مع إيران، أو مع الشركات الأجنبية أو الدول التي تتعامل معها. كما أدى إنهاء الإعفاء من العقوبات الثانوية، مثل الاستبعاد من الأسواق الأمريكية لكبار مستوردي النفط الإيراني، وتشديد القيود على القطاع المصرفي الإيراني؛ إلى تدني صادرات النفط الإيرانية، وحرمان النظام من مصدر دخله الرئيسي. كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو كبير للغاية في 2019، وفقًا لصندوق النقد الدولي، مصحوبا بارتفاع معدل البطالة من 14.5٪ في عام 2018م، إلى 16.8٪ في 2019م، مع توقعات صندوق النقد الدولي بأن يحقق الاقتصاد الإيراني نموًا صفريًا العام الجاري 2020م.

فبعد أن وصل إنتاج إيران من النفط الخام عام 2018م، إلى 3.8 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات جمعتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من مصادر ثانوية، اشترت معظمه الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا، وهي الدول التي منحتها الولايات المتحدة إعفاءات لمدة ستة أشهر فقط، لدى دخول العقوبات حيز التنفيذ. انخفضت بعد انقضائها صادرات النفط الإيرانية إلى مليون برميل يوميًا في المتوسط بحلول أبريل 2019م​​، مما أدى إلى انخفاض عائدات الحكومة بمليارات الدولارات.كما انخفض إنتاج إيران من النفط الخام (وفقا لبيانات أوبك) إلى 2.1 مليون برميل يوميا في المتوسط، فور إعلان دونالد ترامب أنه “ينوي خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر”.بحلول أكتوبر 2019م، كما ذكرت “بلومبرج” أنه تم تصدير 260 ألف برميل فقط في المتوسط.ومع ذلك، قال محللون إن الرقم قد لا يعكس عمليات التسليم الفعلية بسبب الأنشطة المبلغ عنها من قبل إيران وعملائها لإخفاء المشتريات أو تجنب تتبع الناقلات.

إضافة إلى ذلك، فقدت العملة الوطنية 50٪ من قيمتها مقابل الدولار  الأمريكي في السوق غير الرسمية، منذ أن تخلت الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي. وبحسب مواقع الصرف الأجنبي، فإن استخدام السعر الرسمي الثابت (42 ألف ريال للدولار) يتم في نطاق محدود من المعاملات، بينما يعتمد معظم الإيرانيين على تجار العملات. وقد أفاد موقع  Bonbast.com  أن المتداولين كانوا يعرضون 13650 ريالًا للدولار، مطلع ديسمبر 2019م، ولكن من المهم أن نشير إلى انخفاض الريال يُعزى في الأساس إلى المشاكل البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني، فضلا عن ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية بين الإيرانيين العاديين، الذين رأوا قيمة مدخراتهم تتآكل وتقلصت قوتهم الشرائية بشكل حاد

وقد وصل انخفاض العملة الوطنية الإيرانية في الأول من أكتوبر 2020م، إلى 300 ألف ريال للدولار، بانخفاض قدره عشرة أضعاف؛ منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات القصوى، والتي أدت إلى حرمان الحكومة من مصدر إيراداتها الرئيسي من العملات الأجنبية. مع عجز الميزانية بنسبة 50٪ ومن ثم لم يكن أمام البنك المركزي الإيراني خيار سوى طباعة النقود، مما قلل من قيمة العملة وزاد من التضخم.[7]

ولتلافي تبعات العقوبات، عملت السلطات الإيرانية على تبني حزمة من الإجراءات الصارمة، منها إجراءات تم اتخاذها ضد المتعاملين بالعملات، ومنها محاولة تعويض النقص في السلع والمنتجات المصنوعة من المواد الخام المستوردة، ومحاولة خفض تضخم أسعار المواد الغذائية الأساسية. فضلا عن خفض الدعم على البنزين، الذي أدى إلى ارتفاع سعره إلى 30 ألف ريال للتر (أي بنسبة 50 ٪)  مما تسبب في تدفق الاحتجاجات الغاضبة إلى الشوارع في جميع أنحاء إيران، التي سبق الإشارة إليها، التي أكدت بما لا بدع مجالا للشك أن تبعات العقوبات على مستوى معيشة المواطنين؛ هي بمثابة التهديد الأساسي والمباشر لاستقرار إيران، بل لاستمرارية النظام الإيراني ككل.

فوز بايدن وبادرة أمل

مثل فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية أملا لمستقبل العلاقات الإيرانية-الأمريكية، خاصة أن سبق أن دعا في ابريل الماضي إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران، بقوله: “في خضم هذا الوباء المميت الذي لا يحترم حدودًا”، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات لتقديم ما يمكننا تقديمه من الإغاثة لتلك الدول الأكثر تضررًا من هذا الفيروس – بما في ذلك إيران – حتى عندما نعطي الأولوية للصحة للشعب الأمريكي “منتقدا الرئيس دونالد ترامب لانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران.[8] كما أنه صرح في أكثر من مناسبة بضرورة العودة إلي الإطار الدبلوماسي واستئناف المفاوضات معها وفقا للاتفاق المذكور.[9]

مؤشرات إيجابية

ظهرت بعض المؤشرات الإيجابية على الأداء الاقتصادي الإيراني، مع زيادة احتمالات فوز بايدن، وما يترتب عليه التحسن في العلاقة بين البلدين، ومن ثم تخفيض، إن لم يكن رفع، العقوبات الاقتصادية عن البلاد، ومن هذه المؤشرات:  

  • افتتح سوق الصرف الأجنبي الإيراني (فوركس) بارتفاع في قيمة الريال يوم الخميس 5 نوفمبر.
  • بدأ سعر الدولار (وفق موقع تجارت نيوز، للأعمال والاقتصاد) في الانخفاض في التداولات عبر الإنترنت؛ بمجرد أن أظهرت نتائج فرز الأصوات تقدم بايدن أمام ترامب في ميشيغان
  • ارتفعت بورصة طهران للأوراق المالية بنسبة 2.06 ٪ في ذات اليوم
  • قامت شركة ملي للصرافة (MEX)التي تقود أسعار العملات الأجنبية في إيران، بتخفيض سعر بيع الدولار الافتتاحي بمقدار 20 ألف ريال إلى 268500 ريال ثم خفضته لاحقًا إلى 265500 ريال.

وعلى الرغم من هذا، يعتقد العديد من المحللين أن الأزمة في الاقتصاد الإيراني هي نتيجة لسياسات محلية خاطئة أكثر من كونها نتيجة ضغط العقوبات الأمريكية. وبناء عليه يمكننا القول أن العامل الاقتصادي سوف يلعب دورا مؤثرا في تطويع الموقف الإيراني حيال المفاوضات المنتظرة حول القضايا والملفات السابق تناولها على مدار التقرير.

[1]Joe Biden, “Opinion: Joe Biden: There’s A Smarter Way To Be Tough On Iran”, CNN, 2020, https://edition.cnn.com/2020/09/13/opinions/smarter-way-to-be-tough-on-iran-joe-biden/index.html.

[2]ELIZABETH PALMER and TUCKER REALS, “Why Iran Sees Biden As The “More Promising” Candidate In The U.S. Election”, Cbsnews.Com, 2020, https://www.cbsnews.com/news/iran-us-election-zarif-says-joe-biden-more-promising-candidate-than-donald-trump/.

[3]Op. cit.

[4]Congressional Research Service, U.S.-Iran Conflict And Implications For U.S. Policy, 2020, https://fas.org/sgp/crs/mideast/R45795.pdf.

[5]David Makovsky, “How The Abraham Accords Look Forward, Not Back”, The Washington Institute For Near East Policy, 2020, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/how-the-abraham-accords-look-forward-not-back.

[6]“Party Platform – Democrats”, Democrats, 2020, https://democrats.org/where-we-stand/party-platform/.

[7] Maryam Sinaiee, “Iran Forex, Stock Exchange Edge Upward With Biden,” Iran International, November 5, 2020, https://iranintl.com/en/world/iran-forex-stock-exchange-edge-upward-biden.

[8] Quint Forgey, “Biden Urges Sanctions Relief for Iran amid Coronavirus,” POLITICO (POLITICO, April 2, 2020), https://www.politico.com/news/2020/04/02/biden-sanctions-relief-iran-coronavirus-162016.

[9] Parisa Hafezi and Arshad Mohammed, “Analysis: Biden Would Face Uncertain Path to Detente with Wary Iran,” Reuters (Thomson Reuters, October 28, 2020), https://www.reuters.com/article/us-usa-election-iran-analysis-idUSKBN27D1D2.

شاركها.

التعليقات مغلقة.

Exit mobile version