أثار ممثلوا الحزب الديمقراطي التقدمي في الكونجرس الجدل حول تمويل المليار دولار الخاص بالقبة الحديدية،  وأهميته والعائد على الولايات المتحدة، خاصة في وقت تخصيص مساعدات للشعب الأفغاني.

ولا يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي، بل أرى البعض في هذا التمويل سبباً في المزيد من عمليات الفصل العنصري التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، كما أن هناك حاجة لحماية الشعب الفلسطيني من الهجمات الإسارئيلية وأن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان كما تقوم بجرائم حرب، وعلى الولايات المتحدة  معارضة ذلك وليس تمويله.

 انقسام الحزب الديمقراطي حول الصراع العربي الإسرائيلي:

حدث تغير ملحوظ مؤخر اً فيما يتعلق بموقف التقدميين من الحزب الديمقراطي بشأن الموقف من إسرائيل، فأصبح انتقاد السياسة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وشجب عمليات القمع، ممكنة بعد ان كان كل الحديث مُنصب اً فقط حول أهمية الأمن الإسرائيلي وعدم التحدث عن أي شئ أخر. وهذا ما أدى إلى وجود فجوة بين الرئيس بايدن وبين أعضاء حزبه، فحين أكد بايدن على دعمه الدائم لإسرائيل وسياستها، جاء أعضاء الحزب الديمقراطي وأعلنوا معارضتهم لما يحدث في إسرائيل  وسياستها المتبعة. ومن خلال استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب في مارس 2021، أظهر أن 53% من الديمقراطيين يطالبون بممارسة المزيد من الضغط على الجانب الإسرائيلي لإنهاء الصراع بينهم وبين الفلسطينيين، وهو ما يُعد أعلى ب ـ 20 نقطة عن استطلاع أخر عام 2018. كما أن أصبح من الواضح أن الديمقراطيين التقدميين  باتوا أقل تعاطف اً بكثير مع فكرة دعم الأمن الإسرائيلي، وخاصة بعد ما حدث في غزة في مايو 2021م.

 القبة الحديدية والجدل حول تمويل المليار دولار:

ويعد هذا التمويل جزءً من اتفاقية تم التوقيع عليها مع إدارة أوباما وتقضي بأن تستمر الإدارة الأمريكية في تمويل نظام الدفاع الإسرائيلي والمعروف ب ـ “القبة الحديدية “من عام 2016 وحتى 2028، إذاً فهذا بند من بنود الاتفاق، ما أ راده التقدميون هو البدء في بحث فكرة تقليص حجم المساعدات العسكرية .كما يرى التقدميو ن أنه ليست هناك حاجة مُلحة لمثل هذا التمويل في الوقت الحالي، كما تم الاستشهاد بعدد الضحايا من الجانب الفلسطيني بعد العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل خلال أحداث مايو 2021. وأكدوا على وجود حاجة لدارسة ما يحدث في فلسطين وانتهاك حقوق الإنسان هناك، وقد أصدرت كًل من بتسيلم ويش دين، وهما منظمتان إسرائيليتان لحقوق الإ نسان  تقاريرًا وثقت فيها ما يحدث من انتهاك لحقوق الإنسان في فلسطين وهو ما تم اعتباره فصلاً عنصرياً  تمارسه القوات الإسرائيلية. ومن أمثلته  فرض الحصار على غزة منذ سنوات عديدة .

أبرز أعضاء الجناح التقدمي بالحزب الديمقراطي (The Squad)، من اليمين: راشيدة طليب، ألكسندرا أوكاسيو كورتيث، ألهان عمر، ايانا بريسلي – صورة أرشيفية

 مدى تأثير التقدميين داخل الكونجرس:

ليس للتقدميين تأثيراً كبيراً على قرارات الكونجرس، بل على العكس تأثيرهم ضئيل، لذلك حتى بعد اعتراضهم وعدم تصويتهم على التمويل، تم إرجاء القرار لفترة قصيرة، ثم تم تمريره رغماً عن هذا الاعتراض، لكنه أصبح خارج مشروع قانون الإنفاق الحكومي، وأصبح من ضمن “مشروع قانون مخصصات الدفاع” كما تعهدت رئيسة لجنة المخصصات في الكونجرس روزا ديلورو، بأن مسألة تمويل القبة الحديدية سيتم تناولها في السنة المالية 2022 في هذا المشروع والذي سيجعل الإدارة الأمريكية  أكثر تمسك بالتزامهما بأمن إسارئيل، وفقاً لاتفاقية عام 2016.

 ردود الفعل الإسارئيلية إ زاء الموقف:

رأى مايكل أورين، سفير إسرائيل في واشنطن في فترة الرئيس الأمريكي أوباما، أن على الحكومة الإسرائيلية إعادة النظر في المساعدات العسكرية الأمريكية، على المدى البعيد، فقد أصبح هناك ضغوط على الإدارة الأمريكية من قبل المشرعين في الكونجرس، بخصوص المساعدات وكيفية التعامل الإسرائيلي معها . فالتقدميون يقومون بالضغط عن طريق انتقاد العنف الزائد تجاه الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية ، وهو ما يُضعف الموقف الإسرائيلي في مسألة “حقها المشروع في الدفاع عن نفسها “، كما رأى أن فكرة أن إستدامة تمويل القبة الحديدية سيكون من شأنها التأثير على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية في المستقبل، كما شكر نفتالي بينت أعضاء الكونجرس على دعمهم للموقف الإسرائيلي والالتازم  بتحقيق الأمن.

وأشار إلى التقدميين بقوله أن من حاولوا تحدي هذا الدعم تلقوا رد فعل منتصر، كما أشار وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى أن الموافقة على التمويل هي دليل آخر على العمل السياسي المشترك والجيد . كذلك رد بيني جانتس وزير الدفاع الإسرائيلي ،بشكره للإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس خاصة أنه أنهى  زيارته للأمريكا بعد انتهاء عملية التصويت. وكل هذا لا يُثبت سوى قوة ومتانة التحالف بين الدولتين.

أوباما ونتنياهو بجوار منظومة القبة الحديدية – أرشيفية

 الخُلاصة:

أن تمويل المليار دولار قد تم تمريره رغماً عن الأسباب التي أوردها التقدميو ن في رفضهم لمثل هذا التمويل، الذي ستقوم إسرائيل باستخدامه ضد أبناء الشعب الفلسطيني وحدوث المزيد من العنف والقتل. لكن الأمر لا يقتصر فقط على الجزء الأخلاقي، فهناك العامل الأهم بالنسبة لهم وهو الاقتصاد، فيرى التقدمي ون أن أمريكا تقوم بدفع مئات الملايين من الدولارات مساعدات عسكرية، وكل هذا يُحدث خللاً بالموازنة الخاصة بها، فهناك احتياجات داخلية للشعب الأمريكي .

بالنسبة للجانب الإسرائيلي التزمت الحكومة الإسارئيلية بالثناء على الإدارة الأمريكية والكونجرس، دون الدخول في جدل مع ما صرح به بعض أعضاء الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي ، والاتهامات التي وجهت للحكومة الإسرائيلية بالعنف الزائد تجاه الشعب الفلسطيني والفصل العنصري الذي أقرته حتى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، حيث تجاهلت الحكومة تماماً هذا واكتفت بالشكر، وربما كان هذا بغية عدم الدخول في سجال مع أعضاء الكونجرس الأمريكي وحتى لا يُضعف موقفهم أمام الرأي العام. كذلك لن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي سيتم فيها نقاش مسألة التمويل العسكري لإسرائيل ومدى جدواه  على أهداف الإدارة الأمريكية بعيداً عن هيمنة اللوبي الصهيوني هناك.


المراجع:

  1. https://www.afsc.org/blogs/news-and-commentary/5-things-to-know-about-us-funding-israels-iron-dome
  2. https://www.reuters.com/world/us/military-aid-israel-removed-us-bill-fund-government-2021-09-21/
  3. https://www.timesofisrael.com/ex-ambassador-urges-rethink-on-us-military-aid-amid-iron-dome-controversy/
  4. https://www.inn.co.il/news/505516
  5. https://www.defensenews.com/congress/budget/2021/09/21/new-continuing-resolution-includes-63b-for-afghans-1b-for-iron-dome/
  6. https://www.vox.com/22432247/israel-palestine-gaza-conflict-biden-democrats
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version