وحدة الدراسات الفلسطينية
ولاء عبدالمرضي وإيمان بخيت

أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا رسميًّا خلال مؤتمر صحفي في فندق “سانت جورج” في مدينة القدس، بعنوان ” نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين”. وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت بلقاء بوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد ولكن تم الرفض على طلبها هذا. وقد قالت في تقريرها أن إسرائيل ترتكب جرائم فصل عنصري وأنها متورطة في هجوم واسع النطاق موجه ضد الفلسطينيين.

وقد جاء التقرير في أعقاب تقرير مماثل لمنظمة ” حقوق الإنسان” في إبريل المضي، حيث اتهم تقريرها إسرائيل بالتمييز ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ولكن يتم ممارسة الفصل العنصري فقط في المناطق الواقعة خارج حدود عام 1948، وقد طَبَق أيضًا تقرير منظمة العفو الدولية مصطلح” الفصل العنصري” على العمليات داخل حدود 1948.

ويؤكد التقرير “أن جميع الإدارات المدنية والسلطات العسكرية في إسرائيل تقريبًا متورطة في تطبيق نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة”، وكذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم خارج الأقليم. ويقول التقرير أن إسرائيل تقوم بالاستيلاء على أراض فلسطينية، ومنع لمّ الشمل للعائلات الفلسطينية وارتكاب عمليات قتل وهدم بيوت الفلسطينيين.

أرشيفية- توضيحية

رد الفعل الإسرائيلي

اتهمت اسرائيل منظمة العفو الدولية بـ”معاداة السامية” وقالت أن هذا التقرير الذي تم إعلانه ينفي حق دولة إسرائيل في الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي، وهذه هي بالضبط العناصر التي تنشأ منها معاداة السامية الحديثة. كما أنه تم اتهام المنظمة بأنها تكيل بمكيالين؛ وذلك لنزع شرعية دولة إسرائيل.

وقد صرح وزير الخارجية يائير لابيد عقب اصدار التقرير ” إن منظمة العفو ليست منظمة لحقوق الإنسان، ولكنها مجرد منظمة راديكالية تُردد الدعاية دون البحث فيها، وأنها تستند إلى تقارير تنشرها منظمات إرهابية معادية لإسرائيل، وقال أن إسرائيل دولة ديمقراطية ملتزمة بالقانون الدولي، تَقْبل النقد وحرية التعبير عن الرأي.

وفي بيان رسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية قالت أن التقرير جاء جزء من حملة مضادة لإسرائيل منذ بداية عام 2020 وتهدف إلى إعادة مفهوم “الفصل العنصري” في السياق الإسرائيلي، وذكرت أن الأمين العام للمنظمة قد سبق واتهم إسرائيل دون أساس أو دليل بقتل ياسر عرفات.

وعضو الكنيست ” إيتمار بن غفير” صرح: من السُخف أن تمول الدولة من يضُرها، كل يوم يمر وهذه المنظمة المعادية للسامية تُحول الكذبة إلى مهنة لتستمر في الوجود في البلاد، ويجب على دولة إسرائيل تضييق خطوات المنظمة وإلغاء مزاياها الضريبية”.

كما أن وزير العدل ” جدعون ساعر” شن حملة على المنظمة وقال بأن المنظمة اختارت سياسة الأكاذيب القذرة على حقوق الإنسان. وأنه تم إنشاؤها للدفاع عن السجناء ووسائل التعذيب التي يتعرضون لها ولنها ضلت طريقها.

ورغم رد الفعل الإسرائيلي الرافض للتقريرمن جانب الحكومة يمينها ويسارها وكذلك المعارضة إلا أن المدير التنفيذي لمؤسسة “بتسلم” الإسرائيلية اقر بأن إسرائيل انشأت نظامًا على جميع الأراضي يتمتع فيه المواطنون اليهود بحقوق كاملة، في الوقت الذي يتم فيه تقسيم الفلسطينيين إلى أربعة مستويات مختلفة من الحقوق حسب المكان الذي يعيشون فيه، ولكن دائمًا أقل من الشعب اليهودي. وأن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية، ويجب أن ننظر إلى الصورة الكاملة ونراها على حقيقتها بأنها دولة الفصل العنصري.

رد الفعل الدولي:

رفضت بعض القوى مثل أمريكا وألمانيا تصنيف إسرائيل بأنها دولة الفصل العنصري. والجدير بالذكر أن هذا الرفض يعني انحيازًا للإحتلال وتَبَن لروايته المزعومة. وهو ما دفع الرئيس الفلسطيني أبومازن لمحادثة وزير الخارجية الأمريكي لمطالبته ضرورة وقف اعتداءات المستوطنين، واحترام الحرم القدسي، ووقف طرد السكان الفلسطينيين من بيوتهم، ووقف التنكيل بحقوق الأسرى في السجون، ووقف اقتطاع الضرائب وخنق الاقتصاد الفلسطيني. وقد أكد له وزير الخارجية بأن إدارة بايدن تُدرك جيدًا الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، وإنها ترفض الاستيطان واعتداء المستوطنين، كما أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين وتحقيق وفاق سياسي متبادل، بما يعكس في جمله حرص الإدارة الأمريكية على رفض المصطلح المُستخدم ” الفصل العنصري” مع التعبير من خلال المتحدث الرسمي ، بأن الولايات المتحدة تأخذ جميع المزاعم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بشكل جدي. مما يعني أنها لا تُنكر الأمر بالكامل.

وقد ساهم هذا التقرير بالمساعدة في إعادة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية وانتقاد سياسات دولة إسرائيل وهو ما دفع الاتحاد الإفريقي لتعليق قرار منح إسرائيل صفة مراقب في الاتحاد، بعد أن طالبت ست دول عربية في أغسطس التصويت على إلغاء صفة مراقب لإسرائيل في الاتحاد الافريقي.

كذلك اصدر اتحاد النقابات العمالية الايرلندية ICTU بيانًا يدعم تقرير منظمة العفو الدولية؛ حيث يدين الفصل العنصري الإسرائيلي ويدعو إبى تحرك دولي لإنهاء اضطهاد الشعب الفلسطيني، مع المطالبة بفرض عقوبات دولية سواء بحظر بيع الأسلحة لإسرائيل أو مطالبة المحكمة الجنائية بالتحقيق في الفصل العنصري ضد الفلسطينيين مع دعوة الأمم المتحدة لإنشاء لجنة لمناهضة الفصل العنصري.

وأضاف البيان أن موضع فلسطين ودراسة تقرير منظمة العفو على جداول الأعمال في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (28 فبراير – 25 مارس)، حيث دعا الاتحاد الحكومة الأيرلندية لتوجيه الدعوة لأعضاء مجلس حقوق الإنسان لاتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني.

الخلاصة:

في ضوء ما سبق، فمن المتوقع تزايد الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، وبما يتطلب توظيف السلطة الفلسطينية لهذا اللتقرير الذي يُمثل اعترافًا دوليًّا بجرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، لاستخدامها كورقة ضغط على الجانب الإسرائيلي في المساعي الأممية والمحاكم الدولية، مع تكثيف جهودها للحصول على الحماية الدولية عبر قرار من الجمعية للأمم المتحدة بما يضمن تمريره بعيدًا عن فيتو مجلس الأمن لإلغاء مساعي إسرائيل لفرض واقع جديد في المناطق المحتلة عام 1967.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version