أفادت وكلات الأنباء العالمية والإيرانية على حد سواء أن الولايات المتحدة أغلقت، يوم الثلاثاء الموافق 22 يونيو 2021م، عددا من المواقع الإلكترونية الإيرانية والعربية المحسوبة على “محور المقاومة” على شبكة الانترنت؛ وذلك بموجب العقوبات الأمريكية، وأنه قد ظهرت رسالة بهذا الإجراء على صفحات هذه المواقع مذيلة بختمي مكتب التحقيقات الفدرالي “أف بي آي” ووزارة التجارة، ولكنها أوضحت أن التضليل الذي تعمدته هذه المواقع يقف سببا وراء هذا الإغلاق.
كما أوضحت أن هذا الإجراء الأمريكي شمل: موقع وكالة “فارس” للأنباء، وقناة العالم الإخبارية باللغة العربية، وقناة Press TV باللغة الإنجليزية، وقناة الكوثر، قناة هدهد الموجهة للأطفال. إلى جانب قناة المسيرة التابعة لأنصار الله لحوثية باليمن، قناة اللؤلؤة التابعة للمعارضة الشيعية بالبحرين، وقناة فلسطين اليوم التابعة للجهاد الإسلامي، موقع المعلومة العراقي، قناة النبأ، ووكالة يونيوز اللبنانية. إلى جانب حجب أهم موقعين للتبشير بالمذهب الشيعي هما موقع قناتي الإمام الحسين وكربلاء.
الأمريكية
المباحث الفيدرالية الأمريكية – أرشيفية
ولا تعد هذه الإجراءات الأمريكية جديده في هذا الشأن؛ إذ سبق أن حجبت بتاريخ 3 سبتمبر 2020م، النطاق الخاص للموقع الإلكتروني الخاصة بقناة الاتجاه الفضائية التابعة لـ “كتائب حزب الله، وموقع النجباء، وهما الفصيلان المسلحان العراقيان المواليان لإيران؛ ويتكفل الحرس الثوري لهما بالتدريب والتسليح والتخطيط والتمويل؛ ومن ثم فهما مدرجان على قوائم الولايات المتحدة للمنظمات والجماعات الإرهابية. كما سبق أن حجبت موقع قناة المسيرة الحوثية في أكتوبر من نفس العام.
رد الفعل الإيراني
على الرغم من ذلك فقد قوبل حجب المواقع المذكورة برد فعل تلقائي سريع، يمكن إيجازه على النحو التالي:
– ندّدت وكالة الأنباء الإيرانية فارس، المقرّبة من المحافظين، بالخطوة الأميركية، معتبرة إياها “انتهاكاً صارخاً لحرية الصحافة. كما شددت على أن “الإدارة الأمريكية انتهكت حرية التعبير بهذا التصرف، وأنها تستهدف المواقع الإخبارية في محور المقاومة”.
– أدانت قناة المسيرة إقدام حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بحجب موقعها الرسمي ومواقع صديقة أخرى، وأنه إجراء يكشف مدى زيف شعارات حرية التعبير وكل العناوين الأخرى التي تروج لها أمريكا، ثم أكدت أنها ماضية في أداء رسالتها السامية والتصدي للقرصنة الأمريكية والإسرائيلية على أمتنا بكل الوسائل المتاحة”.
– كتبت قناة اللؤلؤة على تويتر أنّ “الإدارة الأميركية تستولي بطريقة غير قانونية على موقع قناة اللؤلؤة الفضائية وعدد من المواقع الإلكترونية التابعة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية”.
الأهداف الأمريكية
أولا: استهدف الإجراء الأمريكي ترضيه معنوية لبعض الأطراف الإقليمية، من خلال:
– تقويض أهم أدوات التأثير الطائفي الإيراني على الجماهير وربما إحدى وسائل تبادل الرسائل المشفرة بين ركائز محور المقاومة.
– كبح قوة إيران الناعمة التي استخدمتها في تكوين قواعد جماهيرية مؤهلة لاستقبال قيمها الثورية والإيمان بأهدافها.
– تقليص قدرة إيران على استقطاب الأقليات الشيعية الموجودة ببعض المجتمعات العربية، وتحويلها إلى منافذ تسلل إلى هذه المجتمعات، والتأثير عليها.
– تقويض المساعي الإيرانية الرامية لأن تصير وحدها قطبا إقليميا لا تنازعه قوة سياسية ولا تنافسه طاقة روحية.
الاتفاق النووى عام 2015 – أرشيفية
ثانيا: أن هذا الإجراء يعكس عمق الخلافات القائمة بين إيران والأطراف الدولية بشأن ممارساتها الإقليمية المهددة لدول المنطقة، وعلى رأسها إسرائيل والمملكة العربية السعودية. خاصة أنه جاء من حيث التوقيت، في ظل المفاوضات الجارية بين إيران والأطراف الدولية حول إعادة صياغة اتفاق 5 +1 المتعلق بالملف النووي الإيراني، ليشمل الاتفاق حول قدرات إيران الصاروخية ونفوذ إيران الإقليمي الذي أحدث خللا غير مقبول في توان القوى بالشرق الأوسط، بل وأصبح يمثل تهديدا سافرا لمعظم دول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تعرضت منشآتها الحيوية لأكثر من 150 هجوما بالصواريخ أو الطائرات الإيرانية المسيرة التي يطلقها أنصار الله الحوثية من اليمن.
ثالثا: أن هذا الإجراء يعكس أيضا مدى تمسك الولايات المتحدة بسياستها الصارمة حيال إيران ومواصلة الضغوط عليها حتى تستجيب لتسوية جميع الملفات القائمة بما يعيد التوازن النسبي بين الأثقال الإقليمية المهمة. وأنها لن تسمح لها بالخروج عن الإرادة الأمريكية في هذا الشأن، بما يعني حرص إدراة بايدن على الحفاظ على الاستقرار النسبي للمنطقة.
رابعا: أن الإجراء الأمريكي من حيث التوقيت عقب فوز إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية بايام، وبعد مرور 48 ساعة على رفضه علانية عقد لقاء مع نظيره الأمريكي جو بايدن خلال أول مؤتمر صحفي عقده يوم الاثنين الموافق 21 يونيو. بما يعني أن الولايات المتحدة أرسلت رسائل للمرشح الفائز مفادها أن الصورة الذهنية التي أرادت طهران ترسيخها بأن رئيسها القادم سيكون قادرا على إيصال صوته إلى القاعدة الجماهيرية العريض بالمنطقة، عبر أكثر من 150 قناة تابعة أو متعاطفة مع النفوذ الإيراني، لن تجدي؛ لأن حجب المواقع الاليكترونية إلى جانب القيود التي يتم فرضها على حسابات التواصل الاجتماعي واليوتيوب ما هو إلا خطوة على طريق ربما يطول لكبح نفوذها الإقليمي ليشمل إجراءات أخرى، فضلا عن أن إبراهيم رئيسي نفسه سيضل رمزا بارزا لانتهاك حقوق الإنسان حتى إشعار آخر.
شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version